أحمد مظهر: تاريخ سينمائي حافل وشخصيات غير نمطية

 في مئوية فارس السينما المصرية أحمد مظهر (8 أكتوبر 1917 – 8 مايو 2002) أجد أنه قام ببطولة أعمال هي من روائع السينما المصرية وتاريخها المجيد، فقد تمكن مظهر من ناصية التمثيل والأداء تمكنا جعله على رأس عمالقة جيل المبدعين، واستطاع بتنوع أدواره أن يرسم خريطة واضحة للمجتمع المصري وصوَّر أنماط شخصياتهم ومهنهم المختلفة تصويرا معجزا جعله ينفرد أحيانا بأداء شخصيات معينة لم يستطع أحد أن يتمكن من أدائها أو يباريه فيها، خاصة دور الشخصية التي تجيد الفروسية كما في فيلم” رد قلبي” 1957، و” غرام الأسياد” 1961  و”الناصر صلاح الدين” 1963 حيث مكنته دراسته وهوايته من ذلك، فقد تخرج في الكلية الحربية عام 1938 وكان ضمن أفراد دفعته الرئيسان أنور السادات وجمال عبد الناصر، وثروت عكاشة الذي عين في منصب وزير الثقافة، وكمال الدين حسين الذي تولى وزارة التعليم، والمشير عبد الحكيم عامر الذي تقلد منصب وزير الحربية، ثم بعد تخرجه ألحق على سلاح المشاة، ثم انتقل لينضم لسلاح الفرسان، وتدرج إلى أن تولى قيادة مدرسة الفروسية التي كان سببا في تأسيسها بصورة عصرية.

ضابط الفرسان

وقد شارك أحمد مظهر في الحرب العالمية الثانية، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، ثم خطا خطواته نحو الحياة المدنية بعد أن ترك الجيش عام 1956 وذلك عندما رشحه الكاتب يوسف السباعي لبطولة فيلم “رد قلبي”، فرفضت وحدته إعطاءه تصريحا للمشاركة في الفيلم، فتوجه مظهر إلى الرئيس جمال عبد الناصر، الذي أقنعه بأن مهمته الفنية لا تقل أهمية عن حياته العسكرية، ومن هنا ترك العمل العسكري واستقال برتبة عقيد، وعمل سكرتيراً عاماً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، إلى أن تفرغ عام 1958 للعمل في السينما، وتواصلت رحلته على الشاشة الفضية، وأصبح نجماً سينمائياً بارزا ليبدع ويتألق أعمال هي من روائع الفن السينمائي المصري والعربي .

   وقد كان أحمد مظهر وطنيا للنخاع، وكان ضمن الضباط الأحرار، وقيل أنه لم يشارك في ثورة 1952 بسبب مشاركته في الألعاب الأولمبية في رياضة الفروسية التي كانت مقامة في هلسنكي عاصمة  فنلندا، ولكن الحقيقة أنه عندما تم  استدعاؤه بشكل عاجل وسريع للمشاركة في الثورة جاء مسرعاً وشارك فيها. ويروي أحمد مظهر في إحدى لقاءاته أنه أثناء عمله بالكلية الحربية، كلفه عزيز باشا المصري بمهمة خاصة، وهي مساعدته في الخروج من مصر لمقابلة القوات الألمانية في العلمين، أثناء الحرب العالمية الثانية، للاتفاق على مساعدة الألمان بشرط إنهاء الاحتلال الإنجليزي، ويؤكد مظهر أنهم أثناء ذهابهم تعطلت السيارة بهم ولم تُنفذ المهمة، الأمر الذي أسعد مظهر كثيرًا، لأنه لم يساعد في دخول الألمان مصر.

 الانفصال

ومما كان يؤلم مظهر بشدة تلك الذكرى المأسوية التي على إثرها انفصل عن زوجته وحب عمره فقد نسي ذات مرة أن المسدس  المبري لديه محشو بطلقات الرصاص الحية، وجاء صديقه ليلعب مع ابنه، فقام ابنه بأخذ السلاح وأطلق عدة طلقات علي صديق الفنان أحمد مظهر؛ مما أدى إلى وفاته في الحال، فحمل زوجته المسئولية عن ذلك ولم تتحمل الزوجة فتم الانفصال. وقد أشيع في فترة من الفترات أن أحمد مظهر على علاقة عاطفية بالنجمة ميرفت أمين لكن الحقيقة أنها كانت من اكتشافه حيث شاهدها تمثل على مسرح الجامعة مسرحية “يا طالع الشجرة” للأديب توفيق الحكيم فأعجب بتلقائيتها وتبنى موهبتها وكانت تتردد على شركته الإنتاجية من أجل الفن فانطلقت الشائعات التي كذبتها ميرفت أمين بنفسها وذكرت أن علاقتها به هي علاقة التلميذة بأستاذها الذي اكتشفها وأدخلها عالم الفن.

   وشعر أحمد مظهر في فترة من السبعينيات بأن نجمه السينمائي بدأ يخبو، وأن بعض الأسماء قد بدأت تسبقه على الأعمال مثل اسم الفنانة سعاد حسني، كما وجد أن الأعمال السينمائية لم تعد في مثل قوتها وإنما بدأت في الانحدار، ففكر في اعتزال السينما واستثمار إحدى هوايته في ميكانيكا السيارات، وفي عام 1972 افتتح ورشة إصلاح سيارات كبيرة في منزله بمساعدة بعض أصدقائه، لكنه ما لبث أن أغلقها، ثم فكر في افتتاح أستوديو للتصوير الفوتوغرافي بعدما حصل على دورة تدريبية مكثفة في التصوير الفوتوغرافي، ولكنه تراجع عن هذا القرار وعاد للسينما مرة ثانية.

من فيلم “رد قلبي”

وظل في أعماله السينمائية حتى لم يعد يستطيع العمل، واعتزل الفروسية التي كانت أقرب شيء من قلبه بعد أن توفي حصانه الشهير “سيف”، واكتفى بالعزف على العود والرسم إضافة إلى هواية أخرى وهي زراعة النباتات النادرة في حديقة منزله، وابتعد عن الأضواء تماما إلا أنه آثر عطف المصريين عندما تحدث في برنامج تليفزيوني مع مفيد فوزي، ودخل في نوبة بكاء شديدة على الهواء للقيام باقتصاص نصف الفيلا الخاصة به التي يعيش بها أسعد لحظاته مع أحفاده، لصالح طريق رئيسي.

 الحزن والزهايمر

وتدخل الرئيس الأسبق محمد  حسني مبارك لحل تلك الأزمة، وقام بالاتصال بوزير الإسكان حينها وطالبهم بعمل اللازم لحل تلك الواقعة ألا أنهم لم يجدوا لها حلولا وإلا سيتأثر الطريق وينحرف؛ مما قد يسبب الكثير من الحوادث. وعرضت الحكومة حينها عليه مبلغا ماليا كبيرا كتعويض لكنه رفض ذالك بسبب انتزاع النباتات النادرة المزروعة بالفيلا، ثم أصيب بعد ذلك بألزهايمر واعتزل الأضواء تماما حتى توفي في مستشفى الصفا بالمهندسين عن عمرٍ ناهز الرابع والثمانين عاما على إثر التهاب رئوي حاد للغاية. وقد شيعت جنازته بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير، ودفن بمقابر باب الوزير قرب قلعة صلاح الدين الأيوبي.

   وقد نال أحمد مظهر تقدير الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، حيث قلده الأول وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1969، وكرمه الثاني أيضا بوسام آخر رفيع في احتفالات مصر بعيد الفن الذي توقف بعد اغتيال السادات في أكتوبر عام 1981، ونال أكثر من 40 جائزة محلية ودولية على مدى مشواره الفني الطويل، من أهمها جائزة الممثل الأول في فيلم “الزوجة العذراء” 1958، وحصل على جائزة في التمثيل عن دوره في فيلم “الليلة الأخيرة” 1963، كما تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وقد رشح فيلم “دعاء الكروان”1959 لجائزة أحسن فيلم في مهرجان برلين الدولي.

   أفلامه

شارك أحمد مظهر في ما يقارب من مائة فيلم سينمائي، والعديد من المسلسلات التلفزيونية، ومن هذه المسلسلات :”ضمير أبله حكمت” و”ضد التيار” و” برديس”، و” ليالي الحلمية” الجزء الأول، و”رقيب لا ينام” و”لا اله إلا الله” الجزء الأول، و”على هامش السيرة”، و”الفارس الملثم” ج 1و”الفارس الملثم” ج 2، و”نور الإسلام”، و”القضاء في الإسلام” ج6 . وكان أحمد مظهر مولعا بالثقافة والفنون، فكان أحد الأعضاء المؤسسين في جمعية الحرافيش التي رأسها الكاتب نجيب محفوظ، وضمت الجمعية كبار المثقفين والفنانين والكتاب، وأثناء تواجد أحمد مظهر بالجمعية قابله الممثل زكي طليمات، الذي قدمه في مسرحية “الوطن” عام 1948، ومن هنا ارتبط أحمد مظهر بالفن بصورة مباشرة.

كان دخول أحمد مظهر عالم السينما بمحض الصدفة، حيث طلب المخرج إبراهيم عز الدين– ولد بمدينة القاهرة عام 1909، وقدم فيلمه الوحيد ” ظهور الإسلام” 1951عن قصة ” الوعد الحق ” لعميد الأدب العربي طه حسين، وقد توفى عام 1982 – من وزارة الحربية عددا من الخيول والفرسان لعمله بفيلم “ظهور الإسلام”، ولفت أحمد مظهر نظره لوسامته وتميزه بالفروسية، فقرر إسناد دور رئيس بالفيلم له . وقد قام مظهر بتمثيل فيلم أجنبي عالمي مع الفنان “بيتر جريفز” والممثل العالمي “كاميرون ميتشل”، وهذا الفيلم من إنتاج المنتج العالمي “تونى زارانداست” وهو فيلم ” guns and the fury“. وخاض أحمد مظهر تجربة التأليف والإخراج مرتين، فكانت المرة الأولى عام 1968 في فيلم “نفوس حائرة” الذي فشل تماما، وجاءت المرة الثانية في فيلم “حبيبة غيري” عام 1976.

   وكان ظهور أحمد مظهر في فيلم “ظهور الإسلام ” 1951 للمخرج إبراهيم عز الدين، وقصة طه حسين، ومن بطولة ” كوكا”، كأول عمل سينمائي له – كتب في الملصق “الوجه الجديد أحمد مظهر- ” ظهورا موفقا إلى حد كبير، ويتناول العمل حياة شبه الجزيرة العربية قبل أن يظهر فيها الإسلام، ومثَّل مظهر دور “عمرو بن هشام” ( أبو جهل )، وكان يعيبه الأداء المسرحي الذي غلب على أسلوبه وطبيعة حركاته، وتلوين صوته بالمقاطع المختلفة، لكن مع ذلك تمكن من أداء الحوار باللغة الفصحى بصورة جيدة مقنعة، وتقمص الشخصية إلى حد كبير، ونجح في إيصال ما أراده المخرج، فكتب شهادة نجاحه كممثل له مستقبل رائع؛ الأمر الذي لفت رفيق سلاحه الكاتب يوسف السباعي فرشحه للقيام ببطولة فيلمه “رد قلبي” 1956 للمخرج عز الدين ذو الفقار، ومن بطولة مريم فخر الدين، ويتناول الفيلم حياة المصريين في ظل طبقة الباشاوات والإقطاعيين، وما كانوا يعانون من هذه الطبقة، وذلك من خلال قصة حب الشاب الفقير “علي” ابن الجنايني الذي أحب الأميرة “إنجي”، لكن حبهما لا يرى النور في ضوء التفرقة الطبقية، ورفض والدها القاطع لتلك الزيجة. فقام أحمد مظهر بدور شقيق الأميرة الأمير “علاء” الذي تمكن من خلاله التعبير بكل قوة عن طبيعة هذه الطبقة، واستعلائها واستهانتها بالمصريين وأرواحهم، فكان الأداء الهائل من أحمد مظهر بمنتهى الرشاقة والقوة باعثا على نجاح العمل، وكتابة شهادة ميلاد قوية لموهبة هائلة أخذت طريقها للنجاح بعد ذلك، وكان هذا الدور علامة مميزة له في تاريخه لا ينافسه أحد في أدائه وحرفيته.

من فيلم “واسلاماه” 

رحلة غرامية

 واشترك أحمد مظهر بعد ذلك بدور في فيلم ” رحلة غرامية ” 1957 من إخراج محمود ذو الفقار، وتأليف يوسف السباعي أيضا، وبطولة شكري سرحان، ومريم فخر الدين، وتدور حوادثه عن شاب متزوج يضطر أن ينكر زواجه من أجل التحاقه بعمل يشترط عدم الزوج، وفي عمله تحاول ابنة المدير إلقاء شباكها عليه لأنها أحبته وهي لا تعلم أنه متزوج، فيحاول صديق الزوج حل مشكلته بإحضار الزوجة على أنها شقيقة الزوج، لكن شقيق ابنة المدير يقع في غرام الزوجة فتتعقد المشكلة . ويقوم أحمد مظهر بدور “محسن” شقيق ابنة المدير، واستطاع مظهر بكل سهولة أن يؤدي دور ذلك الشاب المستهتر الذي يبحث عن متعته في ظل علاقاته النسائية، ويرمي بشباكه على ما ظنها شقيقة الزوج، فأجاد مظهر الدور وطعمه بروح مرحة، ولغة تظهر الطيش والعربدة . ثم نوَّع أحمد مظهر من طبيعة أدواره فكان دوره في فيلم “بور سعيد” 1957 من إخراج وتأليف عز الدين ذو الفقار، وبطولة هدى سلطان، وفريد شوقي، حيث تدور الأحداث في فترة العدوان الثلاثي على مدينة بورسعيد، من خلال شبكة الجاسوسية التابعة للمخابرات الإنجليزية، وتصدي رجال المقاومة للعدوان والمؤامرات الدنيئة التي يقودها الخونة والجواسيس.

فكان دور أحمد مظهر هو الضابط الإنجليزي الكبير الذي يقود شبكة الجواسيس الإنجليز، وعلى رأس الشبكة مس ” بات ” الإنجليزية التي تتقن اللغة العربية، فتمكن مظهر من أداء الدور بصورة ملفتة للنظر، حيث أقنع المشاهد بأنه بالفعل ذلك الضابط الإنجليزي قاسي القلب، الأهوج الذي يتحدث بالعربية غير الدقيقة، وتميزه نظرات نارية قاسية، وتصرفات حمقاء، ورعونة ظاهرة، خاصة بعدما نجح رجال المقاومة في تنفيذ عمليات مختلفة ضد المحتلين؛ مما جعله يصر على الاتصال بالجاسوس ” شيكو” رغم معارضة رئيسة الشبكة “بات”، وخشيتها من انكشاف أمر “شيكو”، لكن الضابط الإنجليزي أحمد مظهر صفعها بقوة وعنف، واتصل به، فعكس شخصية حمقاء متهورة استحقت كراهية الشعب المصري والمشاهدين، وبالتالي النجاح التام للشخصية ولأحمد مظهر.

  طريق الأمل

 وكان لإقناع مظهر المشاهدين بدور الشاب المستهتر أثره في اختياره لأداء هذه الشخصية مرة أخرى في فيلم ” طريق الأمل” 1957 من إخراج عز الدين ذو الفقار، وتأليف يوسف جوهر، وبطولة فاتن حمامة، وشكري سرحان، ويتناول العمل اضطرار الفتاة “سنية” الفقيرة التي تعيش مع والدتها الخياطة المريضة لأن تنحرف حتى تنفق على مرض أمها، ثم تجد بعد ذلك من ينتشلها من هذا السقوط . وقد قام أحمد مظهر بدور “عباس” الشاب المستهتر الذي يقضي معظم وقته في شقة الدعارة التي تديرها “مدام سطوحي”، وما أن يرى الفتاة ” سنية” التي ذهبت لتوصيل ثوب خاطته أمها “زكية” الخياطة لمدام “سطوحي” حتى يعجب بها، ويريد أن يوقع بها في شباكه حتى يستطيع ذلك بعد أن أعطاها المال اللازم لعلاج أمها، فتمكن أحمد مظهر من أداء دور ذلك الشاب الذي يمثل الشر كله والنذالة بطريقته الفنية في أداء مثل هذه الشخصية التي كرهها المشاهدون . وشهد فيلم “الطريق المسدود” 1958 للمخرج صلاح أبو سيف، وتأليف إحسان عبد القدوس ومن بطولة فاتن حمامة، أول بطولة حقيقية لأحمد مظهر، ومن الطرائف أن اسمه كتب على تتر الفيلم وفي الأفيش ” حافظ مظهر “، ويبدو أنه كان قد أراد تغيير اسمه الفني مع أول بطولة له، لكنه عاد لاسمه الذي عرف به منذ دخوله المجال الفني بعد ذلك العمل .

ويتناول العمل قصة الفتاة ” فايزة ” التي نشأت في أسرة منحرفة بقيادة الأم بعد وفاة الأب، وتجاهد فايزة لتظل على طهرها وعفافها، وتمر بظروف صعبة حتى يستقر حبها على الكاتب منير حلمي الذي بادلها المشاعر . وقد قام أحمد مظهر بدور الكاتب منير حلمي فأجاد القيام بالشخصية اللاهية العابثة ثم الشخصية المحبة المفكرة العاطفية في النهاية.

   ويقوم أحمد مظهر بدور الزوج العاجز جنسيا؛ مما يجعله يشك بشدة في زوجته، وأنها على علاقة بصديقه، فتنقلب حياته والزوجة إلى جحيم، وذلك في فيلم ” الزوجة العذراء ” 1958 من إخراج السيد بدير، وتأليف مصطفى سامي، ومن بطولة فاتن حمامة، وعماد حمدي. وقد أدى أحمد مظهر دور “مجدي” الرجل الثري الذي طمعت في ثرائه أرملة فزوجته من ابنتها رغم حب ابنتها لصديقه، فكان أحمد مظهر في منتهى الإحساس بالشخصية، وأجاد التعبير عن لحظات الشك، وما يعانيه الزوج العاجز جنسيا مع زوجته الشابة الجميلة .

 وفي فيلم ” جميلة بوحريد” 1958 للمخرج يوسف شاهين، وتأليف يوسف السباعي، ونجيب محفوظ، وعبد الرحمن الشرقاوي، وعلي الزرقاني، وبطولة ماجدة، يقوم أحمد مظهر بدور الفدائي ” يوسف” الذي يقوم بعمليات فدائية ضد المحتل الفرنسي للجزائر، وتساند يوسف في تلك العمليات الفتاة الجزائرية ” جميلة” التي يلقي الاحتلال القبض عليها ويعذبها بشدة. وكان أحمد مظهر في دوره هذا مشعرا بروح الوطنية وقوة الفدائي وعزيمته، فنجح في تقديم صورة الفدائي بكل ما تحمله من إصرار ودهاء وقوة شخصية، ومغامرة غير محسوبة أحيانا.

   ويتخذ أحمد مظهر في فيلم ” العتبة الخضراء ” 1959 للمخرج فطين عبد الوهاب، وتأليف جليل البنداري، ومن بطولة صباح، وإسماعيل ياسين، نمطا مغايرا للشخصيات التي يؤديها، حيث يقتحم مجال الكوميديا الراقية في عمل يدور حول وقوع شاب من الصعيد ساذج التفكير بين براثن نصاب محترف يقنعه بأن يشتري منه العتبة الخضراء، وفي النهاية يعيد البوليس أموال ذلك الشاب له، ويتم القبض على النصاب المحتال، فأجاد أحمد مظهر أداء دور النصاب بصورة كوميدية متقنة جعلت المشاهدين لا يغضبون منه بل بعضهم يتعاطف معه، فكان نصابا خفيف الظل معبرا عن الذكاء والحركة السريعة وسرعة رد الفعل التي يتميز بها تلك الطبقة من الناس.

دعاء الكروان

وكان أحمد مظهر في فيلم ” دعاء الكروان ” 1959 للمخرج هنري بركات، ومن تأليف طه حسين، وبطولة فاتن حمامة، هو مهندس الري الشاب في إحدى قرى صعيد مصر الذي يتسلى بإقامة علاقات جنسية مع الخادمات حتى يتسبب في مقتل خادمة فتقرر شقيقتها الانتقام منه لكنها تحبه بالفعل ويبادلها الحب الصادق ويموت بعد ان يفديها بنفسه من القتل، فاستطاع أحمد مظهر أن يعطي للشخصية العمق المناسب الذي أراده طه حسين لها، وأن يكون بالفعل هو ذلك المهندس العابث في البداية ثم المحب المخلص المعذب في حبه حتى يقتل بسبب هذا الحب، فينال إعجاب وتعاطف كل المشاهدين، وتنجح الشخصية نجاحا مبهرا.

من فيلم “رحلة حب” 

وفي نمط مختلف جدا عن طبيعة الشخصيات التي أداها أحمد مظهر، بل وطبيعته هو الشخصية، نجده يقوم بدور سائق قطار بسيط الثقافة من الطبقة الشعبية في فيلم  ” لوعة الحب ” 1960 من إخراج صلاح أبو سيف، وتأليف جليل البنداري، وبطولة شادية، حيث يدور العمل حول آمال الفتاة التي تزوجت من سائق قطار كان يعاملها بالغلظة، فمالت لمساعده، لكن السائق عاد إلى رشده وحنانه فعادت لحبه، فكان أحمد مظهر في دور “محمود” السائق مميزا بدرجة كبيرة؛ لأنه تمكن من تلوين الأداء ليبرز شخصية ذلك السائق الشعبي عن طريق لهجة هذه الطبقة الشعبية، واستخدام المفردات الخاصة بها، مع طبيعة الحركة ونظرات العين، فتشعر بأن ذلك البرنس المثقف هو بالفعل أصبح السائق محمود، فتقتنع بالشخصية وتعايشها، ولا تنتقد أن يقوم بها أحمد مظهر بوجاهته وثقافته، فكان هذا الدور من أدواره التاريخية في سجل أعماله الرائعة.

   ويقوم أحمد مظهر بدور أقل بكثير من إمكانياته، فلا يبرز ولا يتميز، ويكون أداؤه على غير المستوى الذي يميزه، وذلك في فيلم “مع الذكريات” 1961 من إخراج وتأليف سعد عرفة، وبطولة نادية لطفي، حيث يقوم بدور الممثل شريف الذي يعاني من حالة نفسية سيئة بعد إطلاقه الرصاص الحقيقي على خطيبته في أثناء تمثيل مشهد بينهما عن طريق الخطأ؛ لاستبدال أحد الأشخاص الرصاص الحقيقي بالرصاص “الفشنك”، فكانت الشخصية مرسومة من الأساس بطريقة مملة مثيرة للسخرية، فأداها أحمد مظهر كما هي، فجاءت جامدة دراميا، فنرى شريف يقف وقتا طويلا أمام بحيرة قارون ينظر للموج، أو يقف في البيت ينظر لصور حبيبته ، في محاولة للتعبير عن أزمته، دون تطور درامي مناسب، فجاء الأداء نمطيا أقل من مستوى أحمد مظهر.

   وفي فيلم ” غرام الأسياد ” 1961 من إخراج رمسيس نجيب، وتأليف يوسف السباعي، وبطولة لبنى عبد العزيز، يؤدي أحمد مظهر دور الشقيق الكبير تحت اسم أحمد مراد، وكان شقيقه عصام قد حاول اغتصاب عاملة لديهم فطردها ونهره، ثم أحب بعد ذلك هذه العاملة التي كانت تحبه من البداية، وقد كان هذا الدور يتطلب أن يكون من يقوم به متمكنا من ركوب الخيل، وصفات الأنفة والكبرياء، ثم يتلون الأداء بعد ذلك ليتحول إلى الشخص العاطفي المعذب بحبه؛ لذا تمكن أحمد مظهر من أداء الدور بكل مهارة، فهاهو يقفز فوق الحصان بمهارة الفارس التي يجيدها، ويتحدث مع الخادمة بأنفة وكبرياء، وعندما يصفع شقيقه الذي حاول الاعتداء على الخادمة تنبض نظراته بالعنف والشدة والحزم، وعندما يصارح الخادمة في النهاية بحبه تنطق لهجته بالمشاعر الفياضة والحب الحقيقي.

ويتناسب دور أحمد مظهر في “لن أعترف” 1961 من إخراج كمال الشيخ، وتأليف إستيفان روستي، وزكي صالح، وبطولة فاتن حمامة، مع طبيعته الجادة العصبية أحيانا حيث يقوم بدور المهندس أحمد الذي يجد نفسه متورطا في جريمة قتل يهدده بها رجل فاسد، وتظن زوجته أنه القاتل، فتنقلب حياته إلى عصبية وعنف وسلوكيات عدوانية تجاه الزوجة، فاستطاع أحمد مظهر أن يؤدي الشخصية ببراعة منقطعة النظير، ويدرك أبعادها النفسية وحيرتها، ويبثها على الشاشة بسهولة ويسر .

ويتخذ أحمد مظهر في فيلم ” غصن الزيتون ” 1962 من إخراج السيد بدير، وتأليف محمد عبد الحليم عبد الله، وبطولة سعاد حسني، من شخصية “عبده” المدرس الذي يتزوج من تلميذته، ويشك في سلوكياتها نمطا للشخصية التي يؤديها ويبرع في أدائها، فيستطيع أن يشعر المشاهد بالزوج الغيور الذي تنتابه سلوكيات الشك والغيرة، فيكاد يدمر حياته بسبب ذلك، ويقتنع المشاهد به، ويعايش أزمته النفسية حتى يصل معه إلى حل مريح للأزمة، وعودة حميدة للزوجة، فكان من أدواره التي علقت بأذهان المشاهدين فترة طويلة، وسببا من أسباب نجاح العمل.

واسلاماه

   وعلى أساس من فروسيته وبنيته الرشيقة يأتي دوره في فيلم ” وا إسلاماه ” 1962 من إخراج أندرو مارتون، وتأليف علي أحمد باكثير، وبطولة لبنى عبد العزيز، حيث يقوم بدور محمود أو قطز قائد مماليك عز الدين أيبك، والذي فرقته الظروف عن حبيبته جهاد، وقد قًدِّر له أن يصبح حاكم مصر ليواجه التتار وينتصر عليهم، فكان في هذا الدور التاريخي الوطني قمة في الإقناع والحزم والفروسية وحب الوطن، كما أنه المحب الصادق والمدافع عن وطنه، الواقف بقوة ضد التتار في رده على رسولهم بتمزيق رسالته بسيفه، حيث بلغ في تأدية المشهد حدا جعل المشاهد يعتقد أن التاريخ قد أُحيي بالفعل، وأن أحمد مظهر هو قطز، كما كان في رده على رسول التتار عندما سأله عن صفته التي يرد بها على رسالة التتار، فقال في عبارة بليغة، وبتلوين صوتي رائع جعل المشاهدين جميعا يتحدون مع الشخصية: “مواطن من شعب مصر”، فرسم هذا الدور صورة رائعة عن الأداء التمثيلي المقنع في تاريخ السينما المصرية.

 وكان هذا الدور إرهاصا بالدور الذي يعد درة أدوار أحمد مظهر، وهو دور القائد التاريخي صلاح الدين وذلك في فيلم ” الناصر صلاح الدين ” 1963 من إخراج يوسف شاهين، وتأليف عبد الرحمن الشرقاوي، ويوسف السباعي، ونجيب محفوظ، وبطولة نادية لطفي، حيث ساعدت المؤهلات الخارجية لأحمد مظهر، من فروسية ورشاقة، وقدرة على التعبير بالعربية الفصحى بسهولة ويسر، وضبط لمخارج الألفاظ، مع المؤهلات الداخلية من معايشة الشخصية، وإخراج كل مكنوناتها حية على الشاشة، ووطنية تغلف الأداء للشخصية القومية الوطنية، كل ذلك كان العامل الأساس في نجاح فيلم ” الناصر صلاح الدين”، واتخاذه مكانة يكون فيها درة للأفلام السينمائية المصرية والعربية، وكم كان أحمد مظهر عملاقا في مشهد عظيم من مشاهد العمل، وهو عندما علم الجنود باستشهاد ابنه إسماعيل، وكان قلقا في معمله، فأخذ عيسى يصرخ بأن إسماعيل حي، وفجأة يزيح صلاح الدين باب خيمته لينادي على عيسى قائلا : “عيسى .. جفف دموعك، نحن هزمنا العدوان يا أبنائي، نحمد الله لعودتك سالما يا حسام، عودوا إلى احتفالكم بالنصر”، يقول هذه الجمل رابط الجأش، فينصرف الجنود ويعود لخيمته في قمة الحزن، وعندما يهم أن يمسك بقارورة تسقط على الأرض فيجثو على المائدة ممسكا بغطائها، داعيا في قمة التأثر :  ” ربي هب لي القدرة على الصبر” فجسد أحمد مظهر كل مشاعر صلاح الدين بصورة تكاد تكون هي الحقيقة بالفعل .

   وفي فيلم ” النظارة السوداء” 1963 من إخراج حسام الدين مصطفى، وتأليف إحسان عبد القدوس، وبطولة نادية لطفي، يتخذ أحمد مظهر من شخصية الرجل الجاد المهندس “عمر” إطارا له، حيث يدور العمل حول الفتاة الأرستقراطية التي تعيش بلا هدف، حتى تجد في “عمر” منقذا لها من هذه الحياة، ويجد فيها ما يبحث عنه فيرتبطان سويا برباط الحب رغم الصعوبات والعقبات، وقد نجح أحمد مظهر في أداء الدور، وكان هو بالفعل شخصية عمر التي أرادها إحسان عبد القدوس، وإن كان قد أضاف السيناريو للشخصية أبعادا أخرى لم تكن لدى إحسان، فأداها أحمد مظهر بأبعادها الجديدة في قمة الإتقان، وعكس مشاعر الحب والغيرة والحيرة بكل سهولة ودقة وروعة .

من “الناصر صلاح الدين”

كان نجاح دوره في فيلم ” الليلة الأخيرة” 1963 من إخراج كمال الشيخ، وتأليف يوسف السباعي، وبطولة فاتن حمامة، متوقعا، نظرا لامتلاكه ناصية أداء الشخصية الجادة الحازمة المفكرة، فأدى دور الدكتور مجدي بحنكة وقوة ومهارة، فالفيلم يدور حول محاولة أحد الأزواج أقناع شقيقة زوجته التي كانت في غيبوبة بأنها زوجته التي ماتت، لكنها لا تستسلم وتبحث في الأمر، ويساعدها الدكتور مجدي على الوصول للحقيقة، فكان بالفعل هو الطبيب الذي ينشغل بمشكلة مريضة، ويستعين في ذلك بطبيب أمراض نفسية وعصبية، ويظل يحاول المساعدة رغم رفض الزوج لذلك، لكن أحمد مظهر يبدي من خلال الشخصية تصميما من الصعب على غيره أن يؤدي الشخصية بمثل هذا التصميم والعزيمة والتفهم التي تظهر من خلال أحمد مظهر، فكان دورا بارعا ينضم لقائمة أعماله غير النمطية والمبدعة.

الى الكوميديا مجددا

   ويلون أحمد مظهر أداءه ليتخذ من اللون الكوميدي مرة ثانية بعد فيلم ” العتبة الخضراء” إطارا له من خلال فيلم ” الأيدي الناعمة ” 1963 من إخراج محمود ذو الفقار، وتأليف توفيق الحكيم، ويوسف جوهر، وبطولة صباح، ومريم فخر الدين، الذي يدور حول أحد الارستقراطيين الذي انتزعت أملاكه وأصبح فقيرا، لكنه يظل يعيش أيام أرستقراطيته ولا يريد أن ينظر للواقع ويعمل ليكسب قوته، حتى يقتنع في النهابة بعد أن أحب إحدى الفتيات بضرورة العمل والاجتهاد في الحياة، فكان أحمد مظهر في دور البرنس “شوكت حلمي” سببا رئيسيا في نجاح العمل بالتمثيل، ومعرفة أبعاد شخصية البرنس التي تتصف بالتعالي والغرور في البداية، ثم ما تلبث أن تتحول للواقعية وتفهم الحياة، كما تتصف بصفة جعلت تلك الشخصية محببة لدى المشاهدين وهي خفة الدم في المواقف المختلفة، فقد كانت كلمة ” خونة ” التي يصف بها البرنس كل من لا يوافقه رأيه أو يساعده في مأزقه حاملة روح الدعابة أكثر ما تحمل الضيق والألم.

وكان حوار البرنس مع محمود حول حرف الجر حتى والسمكة من أبدع الحوارات الكوميدية التي تدل على ثقافة الشخصيتين وصفاتهما وسلوكياتهما الباعثة للضحك من المفارقة بين كل منهما . ويستكمل أحمد مظهر اللون الكوميدي من خلال شخصيته في فيلم ” لصوص لكن ظرفاء ” 1969 من إخراج وتأليف إبراهيم لطفي، وبطولة عادل إمام، الذي يتناول محاولة لصين، أحدهما “حامد” الذي هو أحمد مظهر سرقة مجوهرات من أحد محلات الذهب، وذلك من خلال شقة أعلى المحل، ويسكنها زوجان يعيشان حياة غير مستقرة، فيبدع أحمد مظهر في شخصية اللص خفيف الظل الذي يؤدي الكوميديا من خلال الموقف والحوار وليس من خلال الابتذال والخروج عن النص المكتوب، فتراه يضحك المشاهد رغم أنه لا يبتسم أو يضحك، وتراه بخفة ظله يحوِّل الأداء والمواقف الجادة إلى مواقف كوميدية يتقبلها المشاهد ويحب بطله اللص رغم لصوصيته؛ لتمكنه من الأداء الراقي، والكوميدي في الوقت نفسه.

   ويتقمص أحمد مظهر شخصية رجل الأعمال الجاد في حياته من خلال فيلم ” إمبراطورية ميم ” 1972 من إخراج حسين كمال، وتأليف إحسان عبد القدوس، وبطولة فاتن حمامة، والذي يدور حول الأم التي ترعى أسرة كبيرة العدد بعد وفاة زوجها، وتحب “أحمد رأفت” رجل الأعمال، وهو يتمنى الزواج منها لكن الظروف العائلية تمنع من إتمام الارتباط، فيكون أحمد مظهر هو بالفعل أحمد رأفت رجل الأعمال المنشغل بأعماله وسفرياته، لكنه لا يغفل قلبه وحبه لمنى ربة الأسرة، ويُكسِب أحمد مظهر الحوار حيوية وتدفق منقطع النظير، فتميل إلى التعاطف معه وحب شخصيته، وتتمنى أن تتزوجه منى من أجل هذا التعاطف الذي أكسبه أحمد مظهر للشخصية.

 وعلى الرغم من عدم محورية شخصية العميد “شريف” التي أداها أحمد مظهر في فيلم ” كلمة شرف ” 1973 من إخراج حسام الدين مصطفى، وتأليف فريد شوقي، وبطولة فريد شوقي، إلا أن هذه الشخصية كانت من أعظم أسباب نجاح العمل وقوته، فالعمل يدور حول محاولات أحد السجناء الهرب من السجن من أجل أن يثبت براءته أمام زوجته من تهمة لا دخل له فيها، وأخيرا يسمح له مأمور السجن العميد شريف بالخروج ساعات قليلة على مسئولية ذلك المأمور ليلتقي السجين بزوجته قبل موتها، ويعطيه السجين كلمة شرف على ذلك، ويحدث أن يأتي تفتيش مفاجئ على السجن، فيظن المأمور أن مستقبله انتهى حتى يفاجئ بوجود السجين في زنزانته، فاستطاع أحمد مظهر أن يلعب شخصية مأمور السجن بكل حرفية وبطريقة لم يسبق إليها، فقد طعم شخصية المأمور الرسمية بما أعطاها البعد الإنساني الذي يغيب في أغلب الأعمال التي تظهر فيها شخصية المأمور، واستطاع هذا المأمور أن يكتسب حب جميع المشاهدين وتعاطفهم معه على عكس الاتجاه الغالب للمشاهد الذي يقف دائما مع السجين ضد السجان، وتمكن أحمد مظهر من أداء الصرامة اللازمة للدور مع التفاهم والتعاطف الإنساني الذي يخص الشخصية؛ لذا سيظل هذا الدور من علاماته الفارقة في تاريخه السينمائي.

   وفي فيلم ” رحلة العمر ” 1974 من إخراج وتأليف سعد عرفة، وبطولة شمس البارودي، يؤدي أحمد مظهر نمطا آخر للشخصيات التي أعتادها وهو نمط الرجل الذي تصيبه نزوة عاطفية بالمصادفة، فيعيش فيها فترة من حياته، لكن لأنها غير طبيعية تنتهي تاركة بصماتها على حياته الزوجية، وتمكن أحمد مظهر من أداء شخصية محمود مدير أحد البنوك الذي يقيم علاقة عاطفية حميمة مع الفتاة سلوى التي عرفها بالمصادفة، رغم أنه متزوج منذ فترة طويلة، وقد استطاع أحمد مظهر أن يقدم النواحي النفسية للشخصية وما تعانيه هذه الشخصية من مشكلات داخلية أدت بها للوقع في النزوة العاطفية، وما عكسته عليها هذه النزوة في حياتها.

 ويعد دور “كوستا” في فيلم “النمر الأسود” 1984 من إخراج عاطف سالم، وتأليف أحمد أبو الفتح، وبطولة أحمد زكي، والذي قام به أحمد مظهر من أدواره الرائعة التي تركت بصمة كبيرة على الأداء السينمائي لشخصية المدرب، فكوستا مدرب يوناني يتقن العربية لحياته الطويلة بمصر التي يعشقها، ويتبنى كوستا موهبة شاب مصري مهاجر إلى ألمانيا يجيد الملاكمة، فيساعده حتى يفوز ببطولات كبيرة، فاستطاع أحمد مظهر أن يجعل من شخصية كوستا شخصية حقيقة تعيش بين الناس، فهو بالفعل المدرب المتحمس العملي جدا الذي يستطيع من خلال توجيهاته التأثير في الشاب المصري، وانتزاعه من الإخفاقات ورفعه للبطولة.

Visited 105 times, 1 visit(s) today