“هاتولى راجل” معادلة للكوميديا الجيدة دون إسفاف
“هاتولى راجل” فانتازيا كوميدية قائمة فى المقام الأول على كوميديا الموقف أو بالأحرى عودة إلى كوميديا المواقف بعيدا عن المغالاة والإسفاف وإنتزاع الضحكات عُنوة من محاكاة بعض عناصر النجاح والتى باتت معروفه فى السوق السينمائى المصرى مثل الإفيهات الجنسية الصريحة – مغنى شعبى- بلطجى- أغنية راب شعبى مسفه وهابطة – راقصة صارخة التضاريس.
نبعت كوميديا الموقف فى فيلم “هاتولى راجل” أساسا من فكرة تبادل الأدوار والتى كانت سمة مميزة لأهم أعمال المخرج المبدع رأفت الميهى كالسادة الرجال وسيداتى أنساتىفى حقية الثمانينات ومن قبل كانت فى حقبة الستينات من خلال المعالجة الكوميدية لفيلم للرجال فقط مثلا ولكن تجربة “هاتولى راجل” مختلفة بعض الشئ فهى بالأساس تعكس الواقع الذى نعيشه ولكن بصورة معكوسة وذلك لتأصيل الفكرة وبلورتها وقد نجح السيناريو فى ذلك من خلال إختيار المفردات المعبرة جدا عن تلك الفكرة سواء مفردات مادية أو حوارية كالتى جاءت فى مشهد المايوه لكريم فهمى وإيمى سمير غانم وأيضا فى مشهد نشرة الأخبار أو مشهد ركوب أحمد الفيشاوى التاكسى بعد تعرضه للتحرش من قبل فتاة أثناء سيره فى الشارع فكما يقال فى اللغة العربية الفصحى التضاد يوضح المعنى ويقويه.
يُحسب لللسيناريو دخوله مباشرة فى موضوع الفيلم دون مقدمات ممله أو طويلة تأخذ من الفيلم ولا تعطيه وأيضا إختيار السيناريست كريم فهمى لهذه الطريقة من السرد وهى حكى الأبطال لقصصهم عن طريق تواجدهم داخل مركزا لتاهيل الرجولة وهو مخل سردى يصلح لهذا النوع من الأعمال ولكن يُحسب عليه العديد من النقاط أهمها من وجهة نظرى الإفراط فى مشاهد تبادل الأدوار خاصة تلك القائمة على مشاهد من أفلام معروفة ومحفوظة لدى شريحة معينة من المشاهدين كمشهد إلقاء ميريت لنفسها فى المياه وهو طبعا محاكاة لمشهد أحمد السقا فى “أفريكانو” وأيضا مشهد رقصة شريف رمزى لدينا على أغنية إستتنى والتى أدتها دينا فى أحد أفلامها ومشهد أحمد الفيشاوى ويسرا اللوزى المحاكى لمشهد حلا شيحة وهانى سلامة من فيلم السلم والثعبان فالبفعل هذه المشاهد من أكثر مشاهد الفيلم إضحاكا ولكنها من بواطن ضعف السيناريو حيث إعتمدت على المفارقة فقط وبالتاكيد ستختلف مشاهدة الفيلم بعد عشرة أعوام مثلا عنها الأن فهل سيربط المشاهد بين تلك المشاهد والمشاهد الأصلية فقد تاتى بأعلى الضحكات والمشاهدات الأن ولكن هذه الضحكات ستخفت مع الأيام وستبقى المشاهد المؤثرة دراميا والتى جاءت أهميتها من ضرورة وجودها الدرامى لا التجارى .
هناك بعض المشاهد أيضا التى أراها مقحمة على العمل كالمشهد الذى ظهر فيه الفنان أحمد عز فقد كان من حيث أراد له السينارسيت ألا يكون فبدا مباشرا جدا يتضمن حوارا طنانا رنانا عن إمكانية وجود دكتور فاسد أو محامى فاسد داخل مجاله وأنه ليست هناك مهنة منزهه من الفاسدين وهو حوارا من الممكن أن تسمعه فى التلفزيون من خلال إجابة أحد الفنانين فى أحد برامج التوك شو عن سؤال (هو ليه الناس واخده فكرة غلط عن الفنانين؟) وأيضا مشهد ظهور سمير غانم وتكرار الفنانة شرين لإفيه من أهم إفيهات تاريخنا المسرحى الحديث من مسرحية المتزوجون (مسعودى) فلا أجد له مبررا سوى المجاملة كظهور شرين نفسها أيضا فى مشهد أو مشهدين بالفيلم.
اضطراب الخيوط الدرامية
ظل السيناريو متماسكا حتى شارف الفيلم على نهايته فإضطربت الخيوط الدرامية فيه فظل السيناريست يبحث عن حلول لإنهاء قصص الفيلم الثلاث فجاءت نهايات القصص فى منتهى التقليدية على عكس فكرة الفيلم وبدايته وطريقة عرضه الأولية وتعتبر قصة أحمد الفيشاوى هى القصة الوحيدة التى لم تنته النهاية التقليدية وهى القصة الأكثر واقعية فى نهايتها فأصر البطل على عدم العودة للخجل والسذاجة التى كان عليهما قبل تجربته مع يسرا اللوزى التى ظهرت مُلمة جدا بأبعاد الشخصية وتفاصيلها كمكياجها الصارخ الألوان فى معظم مشاهدها بما يتناسب مع تلك الشخصية الجريئة المتحررة زير الرجال وتعتبر شخصية الفيشاوى هى الشخصية الدرامية الوحيدة التى إنتهت على عكس ما بدأت وفق مبررا دراميا وليست بشكل تقليدى متوقع مثل ما حدث مع باقى الشخصيات لذلك أراها أنجح شخصيات الفيلم وأنجح الشخصيات التى أداها أحمد الفيشاوى حتى الأن.
ظهر المخرج محمد شاكرا واعدا ومُلما بأدواته رغم كونها تجربته الأولى ووُفق المخرج فى إظهار العديد من جوانب التميز فى ممثلين عرفناهم وخبرنا طرق أدائهم من خلال العديد من أعمالهم السابقة ليظهروا فى هاتولى راجل بشكل مغاير ومميز كشريف رومزى ويسرا اللوزى وأحمد الفيشاوى فيما لم يُوفق فى الشئ نفسه مع سيناريست العمل كريم فهمى فقد ظهرا معظم الوقت جامدا باهتا قد يحتاج لمزيد من التدريب على الأداء وأيضا إيمى سمير غانم فقد جاء أدائها مشابها بعض الشئ لأدائها فى فيلم غش الزوجية وميريت التى ظهرت فى مشاهد عديدة غير مقنعه منها مثلا مشاهد الأكشن.
تميز كل من مها بركه وخالد عبد العزيز فى التعبير عن شخصيات العمل من خلال إختيار الملابس وخصوصا شخصية أحمد الفيشاوى وتحولاتها الدرامية وأيضا مصطفى الحلوانى فى وضع موسيقى تصويرية ملائمة لمواقف الفيلم فى معظم مشاهده، فيما يُعتبر ظهور كريم محمود عبد العزيز فى دور ثانوى بفيلم يعتبر تجربة مهمة ومحترمة كهاتولى راجل مؤثرا عن ظهوره فى أدوا بطولة فى أفلام من نوعية حصل خير وعش البلبل .
الفيلم فى مجمله تجربة محترمة ومهمة تكمن أهميتها فى إثبات فشل “مقولة الجمهور عايز كده” ففور وجود الجمهور للمنتج السينمائى أو الثقافى الجيد فيتجه له فورا والدليل النجاح الذى مازال يحققه الفيلم فى دور العرض السينمائى حتى الأن