“نظرة على الصداقة عبر رالف المدمر”

أنيميشن “رالف المدمر” انتجته شركة والت ديزني في 2012 . والفيلم مر عليه الزمن ولكن يستحق المشاهدة مرة اخرى، ومن لم يشاهده فليشاهده تارة اخرى فهو يجلب له المتعة على الادنى.  قصة الفيلم تحوم حول شخصيتين صديقتين من العاب الفيديو ومايطرأ عليهما في مشوار صداقتهما. يشرع الفيلم بلقطة بعيدة مستخدما الكاميرا التي تدني المشاهدين على خط مستقيم الى ليت واكس (قاعة العاب الفيديو) فيولجهم داخلها فيرون اجهزة العاب الفيديو لكن الكاميرا لا تتوقف عن سيرها بل تتمادی فيه متزلفة الی المقابس التي ثبتت في اسفل الحائط بين الجهازين و تتوغل عبر احدها ضمن احد اجهزة العاب. اثناء الحركة قبل الولوغ نسمع على الشريط الصوتي حوار بطلي القصة .ههنا يطرح سؤال نفسه وهو لماذا بالمثل لم ندخل عبر شاشة الجهاز داخل الجهاز؟ و كيف يمكننا ان نلجه من مقبس لا سلك له يربطه به؟

 على اية حال فنحن الآن قرب البطلين الخليلين و رويدا رويدا نتعرف عليهما وملامحهما. احدهما رالف المدمر الضخم الذي يدمرالأبنية و الاخرى فانيليانا القزم التي تشترك في سباق السيارت. الفيلم في الدقائق الاولى يرسم الشخصيات الاصلية والفرعية و كذلك الجو العام للمكان فتتوضح المجريات علينا المشاهدين ثم يرسم الفيلم عقدته بحدوث عطب في الجهاز فتغدو فانيليانا بهذا السبب غير قادرة على مباراة السباق فهذا يجعلها حزينة. رالف حين يجدها مهمومة هكذا يحاول ايجاد طريق لإصلاح لعبتها حتى تسعد فيعتزمان الدخول في الانترنت حتى يجدا بغيتهما الغالية وهي مقود جهاز اللعب(اودريكسيون).

السينما فن المرئيات وبواسطة الصور المتحركة تحزّ في متلقيها فاذا خلت الصوره عن الاحساس او الشعور ضاعت الصورة. بعد وصولهما من خلال السلك الى بطن جهاز واي فاي(WI FI ) نشاهد في البداية فانيليانا على الطرف الايسر من الشاشة/الجهاز في لقطة عامة و ظهرها تجاهنا وهي مسرورة بانها سترى الانترنت الباهر ثم تدير الينا وجهها رافعة يديها الى الاعلى بمثابة الاعجاب ولكن ماذا يحدث؟ انما صانع الفيلم لا يمكث على هذه اللقطة بما فيه الكفاية لنشاهد خيبة الامل في وجهها فنشعر ما شعرت به بل الصانع سرعان ما يصل اللقطة الى لقطة خلفية عامة كي يُرينا ما تراه امامها فنراها تنزل يديها الرافعتين ايذانا باليأس والخيبة مما كانت تتوقعه.

والآن نحن داخل الانترنت نستشف المواقع مبهورين بما فيها مع الصديقين. هما بعد البحث عن (ebay) يجدانه فيبتاعان في المزايدة متاعهما لكنهما يواجهان مشكلة في تسلمه ألا وهي ثمن المتاع بما انه ليست لديهما النقود لدفع المبلغ المطلوب. فيسرقان سيارة فتاة تدعى (شانك) من اجل الحصول على المكافئة المالية فشانك وأصدقائها يطاردونهما فتمنى السرقة بالفشل. بعد ان علمت شانك بحسن النية التي تكمن وراء هذه الفعلة يساعدهما لكسب المال عبر تسجيل الفيديو المضحك عن رالف وارساله الى موقع (باستيوب). في اثناء مسار الذهاب الى باستيوب تتحدث فانيليانا عن المتعة التي حصلت عليها في لعبة المطاردة هذه بالسيارات و كم كانت حلوة! بل كانت آخر حلاوة.

رالف يسجل فيديوهات شتى كي يكتسبا النقود انقاذا للعبة صديقته. هو يقوم بكل هذا من اجل الصداقة لكي يرى صديقته سعيدة. ثم يفترق الصديقان اشهارا للفيديوهات في المواقع المختلفة حتى يجمعا النقود بسرعة. وتصادف فانيليانا في مسيرتها بعد الافتراق بمجموعة من الاميرات وهذا اللقاء يجعلها تبحث عن الهوية عن الذات وعن الاحلام فترى ان حلمها هو سباق السيارات و إن لم تسابق فماذا سبب وجودها في الوجود؟ و السباق هو الذي ينعش قلبها فتريد البقاء في المكان الحالي ولاتعود الى ليت واكس ولكنها تعلم لو اخبرت صديقها بهذا الخبر لأزعجته بخبرها.

رالف يجمع النقود المجزية فيدفع ثمن الغرض ويخطر فانيليانا على الامر و يواعدها في مكان معين كي يرتحلا. الصديقة تتاخر عن الموعد فيتصل بها رالف و يسمع حينئذ حديثها مع شانك الذي تقول فيه انها تحب البقاء هنا و لا تود الرحيل الى هناك.

رالف يفكر في ايجاد طريق ليجعل لعبتها مملة او اقل تشويقا على الأقل كي تتخلى عنها وترضى بالرحيل. لذا يطلب الى احد ان يذرّ فيروسا غير ضائرا داخل اللعبة جراء إملال صديقته عنها. لكن السفن ما جرت على ما يرومه فالفيروس يفشو فيها فيدمرها. رالف ينقذ صديقته من التدمير الذي كان هو مسببه مخبرا اياها بانه هو من قام بنشر الفيروس زحّا و ردعا اياها عن فكرتها في البقاء. هذا الاعتراف بالجرم والخطيّة يجعلها تستاء من صديقها فتبارحه وتتركه فيحزن الصديق مما صهرجه بحق صديقته .

حقيق ان نتوقف وقفة قصيرة عند الفيروس. ان الفيروس لا يتفشى في شيء او مكان ما الا اذا وجد فيه نقطة ضعف ما فيهاجمه ويغزوه بالتدريج من ذلك الضعف بالذات حتى يُقعده ويصرعه ارضا (حتى الفيروس كورونا لا يستثنى عن هذه القاعدة). وكان موطن النقص في مصادقة الصديقين هو انانية رالف لم يكن راضيا بما كانت راضية به فانيليانا بل كان جاهدا في اعاقتها عن منيتها.

انتشر فيروس رالف المدمر(فيروس الأنانية) في اللعبة ثم نما واتسعت فسحته فكاد ان يشل الانترنت بعُبابه لولا ان تداركه رالف. الفيروسات المستنسخة من رالف تهاجم على فانيليانا لتتخذها صديقة لها فتستحوذ عليها .رالف يشن غزوة عليها لإنقاذ صديقته فينجيها ولكنه هذه المرة هو يسقط اخيذا في قبضته. الفيروس يضغط عليه في قبضته كي يوبقه (يهلكه) فحينئذ تتقدم الصديقة مضحية بنفسها تنجية لصديقها.

ان الشجار الذي يجري بين رالف و فيروس رالف/الانانية ما هو الا مشادة بينه و بين نفسه الانانية و نزواتها فنرى حينما اقلع رالف عن الهوى النفسي مُني للنجاح و نشاهد ذلك المشهد الذي فيه سرعان ما يضمحل الفيروس فيهوي رالف الغالب على انانيته من القبضة المنقشعة للفيروس . فماذا يحدث؟ وماذا يفعل الاصدقاء بحقه؟ صديق يحاول انقاذه فيفشل فيه و بعد ذلك نشاهد مشهدا تكاتفيا خلّابا وبصريا بحتا من قبل الأميرات صديقات فانيليانا اللواتي يردن انقاذ صديق صديقتهن وكانه صديقهن. و الموسيقا التي ترافق هذا المشهد الجميل تزيد جماله و تاثيره في نفوس المشاهدين .

واما مشهد وداع المتحابين في نهاية الفيلم فرالف يقاسمها ميدالية القلب فيضمّان بعضهما في حزن فيفترقان بحزن ثم نراهما في لقطتين منفصلتين في لقطة رالف و في الاخرى فانيليانا يلوحان عليهما بداية بيد واحدة ثم بكلتيهما بوجهين يشوبهما بعض من الحزن، رالف يوادعها ثابتا في مكانه وفانيليانا توادعه متقهقرة فتصل الى درجات السلم فتصعد متقهقرة وكأنهما لا يريدان الفراق.

Visited 17 times, 1 visit(s) today