نظرة على السينما الروائية الفلسطينية في 2014

نجحت السينما الفلسطينية الروائية الطويلة في السنوات الأخيرة ورغم كل العوائق والصعوبات أن تسجل نجاحات خاصة على صعيد المهرجانات السينمائية الرائدة في العالم وأكدت قوة حضورها وتميزها ووضعت اسم فلسطين على خارطة السينما العالمية.

وقد واصلت السينما الفلسطينية خلال عام 2014 تحقيق المزيد من الانجازات، ليس فقط على صعيد إنتاج أفلام روائية جديدة، والتي وصل عددها الى 11 فيلم، بل من حيث التفاعل الذي شهدته في المحافل الدولية على صعيد المهرجانات ايضا. فبعد نجاح فيلم “عمر” للمخرج هاني أبو اسعد عالميا العام الماضي، ووصوله للمرحلة الأخيرة في المنافسة على جائزة الأوسكار، شهد العام الجديد انتاجات مميزة.

وقد اعتمدنا في رصدنا هذا على نظرية أن هوية الشريط السينمائي من هوية المخرج، كون المخرج هو صاحب الراي الحاسم في العملية الإنتاجية وهو غالبا ما يكون صاحب القصة والسيناريو والمسؤول عن كل تفاصيل عمله، من هذا المنطلق تأتي الضرورة لرصد الأفلام الروائية الطويلة التي صورت وظهرت للنور عام 2014 ووقعت بأسماء مخرجين فلسطينيين تناولوا في أفلامهم القضية والمجتمع الفلسطيني، فالسينما الفلسطينية، لا تشبه أي سينما في العالم فهي ليست سينما تجارية ، لا يوجد لها سوق محدد مع انعدام وجود دولة ومؤسسات وصناديق داعمة ودور عرض، فهي لا تطبق قوانين السوق على إنتاجها ومواضيعها وطرق توزيعها واليه عملها مثل السينما المصرية او الأمريكية. معظم الأفلام توثق القضية الفلسطينية  لتشكل سجلا مرئيا للإنسان الفلسطيني وبذلك يمكننا تعريفها كوسيلة سياسية وثقافية ونضالية في آن واحد.

فيلا توما” فيلم المهرجانات
 

حجزت المخرجة وكاتبة السيناريو سهى عراف في فيلمها الأول “فيلا توما” مكانا بارزا في السينما الفلسطينية بل العربية لتقديمها سينما مختلفة، دون الوقوع في تكرار تجارب الآخرين، مبتعدة عن الكليشيهات التي ترافق افلامًا كثيرة، تناولت الفلسطيني كجزء من صراع سياسي، دون التطرق إلى النواحي الإنسانية لشخصية الفلسطيني وبالذات المرأة الفلسطينية.

وتناولت جانبًا مرحليًّا في التاريخ الفلسطيني الحديث، من المهم ان يوثق. واقتحم السيناريو دواخل الشخصيات من خلال أداء لافت للممثلات، نسرين فاعور، علا طبري، شيرين دعيبس وماريا زريق التي فازت بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم من مهرجان حوض البحر المتوسط في ايطاليا، كما حازت مخرجته على جائزة مهمة من مجلة “فارايتي” الأمريكية المتخصصة في السينما  كواحدة من 10 كتّاب السيناريو في العالم الذين يجب متابعتهم في العالم، وجائزة أفضل مخرجة امرأة لعام 2014، من مهرجان المرأة الدولي للسينما والتلفزيون في لوس أنجلوس. وكان الفيلم قد حاز على تنويه خاص من قبل اتحاد جامعات ومعاهد السينما في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.  وكذلك حصل على جائزة الكنيسة لأفضل فيلم في مهرجان ريكفيك في إيسلندا وعرض بأكثر من 40 مهرجانا عالميا.

تمويل اسرائيلي

اعتمد  إنتاج عدد من الأفلام الروائية الفلسطينية الطويلة في السنوات الماضية على التمويل الإسرائيلي في من خلال صناديق السينما الإسرائيلية (درب التبانات، عطش، بدون موبايل وغيرها)  فلم يتحرر المبدع السينمائي فى الداخل الفلسطيني  من الاحتكاك مع الطرف الإسرائيلي، خلافاً للمبدع السينمائي العربي الذي يتفادى كل مظاهر التطبيع . وواجه عدد من السينمائيين الفلسطينيين أزمات عدة بسبب ذلك  فحين رغب المخرج إيليا سليمان عرض فيلمه “يد إلهية” (2002) في مهرجان دمشق السينمائي الدولي، تم رفضه بسبب تلقيه أموالاً من الحكومة الإسرائيلية أو من ممولين إسرائيلين وتكررت إشكالية التمويل مع معظم المخرجين في تجاربهم السينمائية الأولى والثانية.

وقد واجهت المخرجة سهى عراف نفس الإشكالية مع فيلمها “فيلا توما” حيث لم يقبل للعرض في أي مهرجان في الدول العربية رغم انها عرفته كفيلم فلسطيني مما جعل إسرائيل تطالبها بإعادة التمويل الذي حصلت عليه من الصناديق الإسرائيلية.

“عرباني” الحرمان والانتماء

واعتمد المخرج عدي عدوان على صناديق التمويل الإسرائيلية في إنتاج فيلمه “عرباني” الذي عرض بدور السينما في البلاد خلال شهر مايو المنصرم  حيث خرج مندائرة الأفلام السياسية التي تتناول القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ورصد في فيلمه الروائي الأول قضيةً شائكةً وهي الحرمان الذي يقع على ابن من أبناء الطائفة العربية الدرزية ومشكلة الهوية والانتماء. الفيلم من تمثيل: تمثيل :اياد شيتي،زهيرة صباغ، محمود أبو جازي ولوسي هريش.

“فلسطين ستيريو”الانقسام والهجرة

وعرض خلال العام المخرج رشيد مشهراوي فيلمه “فلسطين ستيريو” الذي صور عام 2013 في عدة مهرجانات من أبرزها: دبي والقاهرة وتورونتو وهونج كونج وفاز بـ 9 جوائز منها جائزة حقوق الإنسان في مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر المتوسط في المغرب، وهو من انتاج المنتج الفلسطيني عبد السلام أبو عسكر وجهات دولية مختلفة.

رشيد مشهراوي يعتبر أول مخرج فلسطيني صور فيلما روائيا طويلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فيلم “حتى إشعار آخر” (1993)، يتناول في فيلمه الجديد “فلسطين ستيريو” الانقسام الفلسطيني والهجرة وتناقضات الشارع الفلسطيني من خلال  الشقيقين ستيريو وسامي اللذين يقرران العمل على تأجير وتشغيل معدات صوت لجميع المناسبات السعيدة والحزينة كوسيلة سهلة لتوفير المال للهجرة إلى كندا . الفيلم من تمثيل: محمود ابو جازي، صلاح حنون، عرين عمري وميساء عبد الهادي.

“عيون الحرامية” بنجوم عرب

أسندت المخرجة نجوى نجار في فيلمها الروائي الثاني “عيون الحرامية” الأدوار الرئيسية لنجوم عرب في سابقة في تاريخ السينما الفلسطينية هما المصري خالد أبو النجا والجزائرية سعاد ماسي وأسندت أحداثه من قصة حقيقية لشاب يدعى طارق نفذ عملية مسلحة عام 2002 في واد يعرف باسم “عيون الحرامية” ليخرج بعد عشر سنوات من السجن ويبدأ رحلة بحث عن ابنته. وقد رُشَّحَ الفيلم ليمثل فلسطين في  جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي ولكنه لم يتأهل للمرحلة الأخيرة. وقد فاز بطل الفيلم خالد ابو النجا بجائزة أفضل ممثل عن دوره، في ختام مهرجان القاهرة الدولي الأخير. ويشارك في التمثيل بالفيلم: سهيل حداد، عرين عمري ونسرين فاعور.

لقطة من فيلم “زرافاضة”

“زرافاضا” في الصالات الفرنسية

استقبلت في شهر أبريل المنصرم دور السينما الفلسطينية فيلم “زرافاضا” للمخرج راني مصالحة الذي كتب سيناريو الفيلم مع اكزافي مينو، عنوان الفيلم هو دمج لكلمتي  (زرافة)، و(انتفاضة) وتدور إحداثه  على خلفية قصة تجري أحداثها في حديقة حيوانات قلقيليا. تقتل الغارة الإسرائيلية إحدى الزرافتين، وتجنباً لموت الأخرى حزناً، يصير لزاماً على الطبيب وصحفية اجنبية جلب زرافة أخرى ولو من حديقة حيوان إسرائيلية  فينجح الطبيب  البيطري وابنه المحب للحيوانات بإنقاذ الزرافة من ‏موت محتم. الفيلم تمثيل: صالح بكري، محمد بكري، احمد بياطرة، لطف نويصر، دريد لداوي.

بعيدا عن القضية والصراع

شهد هذا العام عرض أول فيلم فلسطيني ناطق باللغة العربية الفصحى وهو فيلم ” المخلص” للمخرج روبيرت سافو (يوسف قمر)الذي يتتبع حياة السيد المسيح منذ ولادته الى لحظة تعميده من قبل يوحنا المعمدان لتتطور الأحداث في خضم رحلته باختياره نحو 12 رجلاً قوياً ليكونوا تلامذته لثلاث سنوات، حتى يتوجه للقدس بغية تخليصها من الرومان، لكنه لاقى التعذيب فضحي بنفسه لخلاص شعبه وأتباعه.

وشارك في التمثيل نخبة كبيرة من الممثلين الفلسطينيين إلى جانب ممثلين من الأردن وسويا وهم : شريدي جبارين – حنان حلو – محمد بكري، يوسف أبو وردة، لطفي نويصر، نسرين فاعور، عدنان طرابشة، اشرف برهوم ، ميساء عبد الهادي، نادرة عمران، عبير عيسى، ناريمان عبدالكريم وإيهاب حمام. وخاض أحمد سويدان وميسم كنعان تجربة الإنتاج الخاص والذاتي دون الاعتماد على تمويل من صناديق دعم او شركات انتاج في فلمهما الأول “محكمة الذئاب”  الذي يروي واقع اليم وعنيف لأشخاص يسقطون ضحية لمجتمع يعاني من الإجرام. الفيلم تمثيل محمد سلامه، بلال جرجوره، اسماعيل قدوره، نور مغربي وأحمد سويدان.

أفلام لم تر النور بعد

صور عدد من المخرجين أفلاما خلال العام لم ترى النور بعد ومنهم المخرج عمر الشرقاوي الذي صور في الأردن فيلم “المدينه” الذي تدور احداثه حول رجل يعيش في قاع المدينه وشارك بالتمثيل به عمر الشرقاوي، اشرف فرح، مكرم خوري، حازم محمود وصالح عليان وصورت في عمان ايضا المخرجة مي المصري فيلمها 3000 ليلة  الذي تدور إحداثه  حول عن معاناة “ليال” داخل سجن إسرائيلي والتي  تسجن ظلماً  وهي حامل بطفلها الأول وهو من تمثيل: ميساء عبد الهادي، نسرين طافش ورائدة ادون.

ويرصد المخرج  نورس أبو صالح، في فيلمه “معطف كبير الحجم”، الواقع الفلسطيني في الفترة ما بين 1987 وحتى العام 2011 من خلال ذلك الطفل الذي يصبح شابا والذي يقرر خدمه وطنه عن طريق الإعلام  هو من تمثيل : سامي متواسي، أشرف طلفاح، عاكف نجم، أحمد العمري، خليل شحادة، عبد الكريم القواسمي، سناء أيوب، رفعت النجار، وأحمد المدني. على صعيد آخر انتهى علي سليمان من تصوير الفيلم الجديد “المريخ عند الشروق” للمنتج باهر اغبارية  والذي عرض في مهرجان قرطاج في تونس ويلعب علي في الفيلم شخصية “خالد” وهو فنان تشكيلي فلسطيني وقد استوحت قصة الفيلم من قصة الفنان خالد زروب، حيث يحاول جندي إسرائيلي تجنيده وبعد رفضه يلاحقه ويصل الأمر به لان يحاول قطع يده التي يرسم بها.

ويستعد عدد اخر من المخرجين لتصوير أفلامهم الجديدة التي سوف ترى النور خلال 2015 ومن ابرزهم المخرج هاني ابو اسعد الذي سيروى قصة نجاح محمد عساف وتستعد كذلك المخرجة مهى أبو العسل لتنفيذ اول أفلامها الروائية الطويلة. كما يواصل المخرج مصطفى حسين تصوير مشاهد فيلمه “حرمان” الذي تدور احداثه حول عائلة يعاني رب اسرتها من الادمان وهو من تمثيل: محمد عبد الرؤوف، طاهر نجيب،  عماد جبارين وبروين عزب – محاميد.

Visited 45 times, 1 visit(s) today