ناتالي بورتمان تتقمص شخصية جاكلين كنيدي
بعد فيلمه عن الشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا الذي عرض في تظاهرة “نصف شهر المخرجين” بمهرجان “كان” الأخير، جاء المخرج الشيلي المرموق باولو لارين بفيلمه الجديد “جاكي” إلى مهرجان فينيسيا الـ 73، حيث يعرض للمرة الأولى عالميا في السابع من الشهر الجاري، داخل المسابقة الرسمية التي تضم 20 فيلما تتنافس على جائزة “الأسد الذهبي”.
بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم “النادي” (2014) وترشيحه لنيل جائزة أحسن فيلم أجنبي في مسابقة “الأوسكار”– سبق لنا تناوله على هذه الصفحة- وبعد “نيرودا” الذي أنتجه في شيلي، حصل لارين على فرصة لإخراج فيلمه الأمريكي الأول الكبير “الوجه ذو الندبة” (سكارفايس) الذي كان سيصبح بمثابة عودة إلى قصة قديمة من خلال رؤية عصرية جديدة تدور في الزمن الحالي في لوس أنجليس، بطلها مهاجر مكسيكي يصبح من كبار بارونات المخدرات، وهو الموضوع الذي سبق أن أنتج في فيلمين، الأول عام 1932 (من إخراج هاوارد هوكس وبطولة بول موني)، والثاني عام 1983 (من إخراح بريان دي بالما وبطولة آل باتشينو). غير أن لارين أهمل هذه الفكرة أو تركها معلقة إلى وقت آخر، مفضلا إخراج فيلم “جاكي”، الذي يصور وقع الصدمة العنيفة التي تعرضت لها جاكلين كنيدي بعد اغتيال زوجها الرئيس الأميركي الأسبق جون كنيدي في نوفمبر 1963. والحقيقة أن الفيلم ليس أحد أفلام السير الشخصية للمشاهير، فهو لا يروي قصة حياة جاكلين التي كانت تحظى بشعبية كبيرة كما أحيطت بهالة إعلامية ضخمة في بدايات عصر “الانفجار” التليفزيوني الهائل في الستينات، فأحداثه تقع خلال الأيام الأربعة التي أعقبت الحادث التراجيدي الذي أودى بحياة كنيدي بينما كانت جاكلين تجلس بجواره في السيارة المكشوفة وهي تمر في موكب شعبي في مدينة دالاس.
ما الذي حدث تماما بعد ذلك، وكيف تعاملت “جاكي” مع هذا الموقف الصعب، وأين ذهبت، وكيف غادرت البيض الأبيض لتتركه لنائب كنيدي “جونسون”، الذي كان قد أقسم اليمين القانونية في الطائرة التي حملته من دالاس حيث كان برفقة الرئيس إلى العاصمة واشنطن؟ وماذا قالت للقس الذي أشرف على تفاصيل الدفن؟ وكيف تعاملت مع أبنائها من كنيدي الذين شاهدوا الحادث؟ وغير ذلك من تفاصيل لاشك أنها تثير خيال الكثيرين ممن عاصروا الفترة، ومن يشعرون بحنين خاص إلى ثقافة الستينات التي تعد من أكثر فترات التاريخ الأمريكي والعالمي، خصوبة، خاصة أن كنيدي يمثل الأمل – ليس فقط للأميركيين- بل للعالم كله، في أن تتجه أميركا الغنية القوية، إلى نصرة الشعوب المقهورة وتكف عن التدخل في شؤون الآخرين.
ناتالي بورتمان كما تظهر في مشهد الجنازة
في مهرجان كان الأخير، الذي أقيم في مايو الماضي، عرض لارين الذي شارك في إنتاج الفيلم من خلال شركته الخاصة في شيلي “فابيولا” مع شركات أخرى أميركية، سبع دقائق من فيلم “جاكي” على الموزعين والمشترين المحتملين للفيلم، وحضر العرض عدد محدود من الصحفيين الذي كتبوا معربين عن إعجابهم الشديد بطريقة تقمص الممثلة الأميركية (الإسرائيلية الاصل) ناتالي بورتمان دور “السيدة الأولى” جاكي، وكيف أنها بدت قريبة منها في ملامحها بعد عمل الماكياج اللازم، والأهم حسب التقارير (فلم نشاهد الفيلم بعد)- أنها نجحت كما يقولون، في التقمص وأتقنت محاكاة نغمة صوت وطريقة حديث جاكلين كنيدي.
يشارك في بطولة الفيلم إلى جانب بورتمان، بيتر سارغارد الذي يقوم بدور شقيق الرئيس، روبرت كنيدي (الذي سيغتال بدوره بعد 5 سنوات في نيويورك!)، وغريتا جرويغ التي تقوم بدور كبيرة موظفي البيت الأبيض. أما المخرج جارين أرونوفسكي الذي سبق أن أخرج لناتالي بورتمان فيلمها الشهير “البجعة السوداء” (2010) الذي حصلت عنه على الأوسكار، فقد تولى هذه المرة، إنتاج الفيلم.
بعد 22 سنة من وفاتها مازالت جاكي تثير الاهتمام بعد أن كانت قد أصبحت “أيقونة” من أيقونات الأناقة مع حرصها على القيام بواجبها كأم تجاه أطفالها، غير أنها وجدت أيضا من يعربون عن استيائهم منها بعد أن تزوجت من الملياردير اليوناني أوناسيس وظلت معه الى أن توفي.
الفيلم الجديد يستخدم حسب المعلومات المنشورة، بعض لقطات الأرشيف (بالأبيض والأسود) يمزجها باللقطات السينمائية كما يظهر فيه بعض الشخصيات التي أحاطت بكنيدي وعائلته في تلك الفترة.