“مرحباً بكم في دونغ ماكجول” كوميديا كورية عن الحرب
مرحبا بكم في دونغ ماكجول Welcome to Dongmakgolهو فيلم ختام مهرجان الافلام الكورية الذي أقيم بدار الاوبرا المصرية مؤخرا وقد عرض الفيلم في بريطانيا تحت عنوان اخر هو “أرض المعركة 625” Battle Ground 625
ينتمي الفيلم الى نوعية الكوميديا والدراما والحرب وهو من اخراج بارك كوانغ هيون وبطولة جونغ جاي يانغ، شين ها كيون، كانغ هاي جونغ وستيف تاسكلر.
تدور أحداث الفيلم خلال الحرب الكورية في عام 1950بين كوريا الجنوبية وكوريا الشماليةمن خلال مجموعتين من الجيشين يقودهما القدر الى قرية دونغ ماكجول فيتغير مفهومهما في الحرب.
إحدى مزايا الفيلم المهمة والقوية هي نماذج الشخصيات فمنها المبتكرة كشخصية الفتاة (يوايل) وما تحملةمن اسرار، ومنها المختلف وغير التقليدي في تقديمة على المستوى الدرامي لشخصية البطل، تلك الشخصيات المرسومة بدقة نجحت في توصيل هدفها للمتفرج وذلك من خلال القرية التي ايضاً لها دور مهم لا يقل عن الشخصيات.
سر القرية
نموذج البطل في هذا الفيلم مغاير للأسلوب التقليدي فهو ليس فردا أو مجموعة أفراد أمام عدو بل مجموعتان بينهما صراع واهداف متضاربة، فهناك جنديان من الجيش الكوري الجنوبي وثلاثة جنود من الجيش الكوري الشمالي. وما جعل المجموعتين يُمثلان (البطل) في الفيلم رغم صراعهما هو أن إحدى نماذج البطل درامياُ تقوم على تغير مفهومه والوصول لهدف ما لم يكن في الحُسبان في نهاية الفيلم. هنا أفراد المجموعتين تحولوا الى ابطال بعد مواجهات من خلال رحلتهم فما مروا به من احداث بالقرية عملت على تغيير وتوحد المفهوم والرؤية والوصول لهدف مشترك والهدف هنا ليس ما يريدونة (الدافع الخارجي وهو انتصار طرف على الاخر) وانما ما يحتاجونة (الدافع الداخلي في اللاوعي وهو توحيد صفهم ليشتركوا في هدف واحد) وقد تحقق ذلك بعد التخلص من الأنا التي كانت تُسيطر عليهم بعد انفصالهم عن مجموعتهم اثناء الحرب واقامتهم بالقرية التي أدت بشكل تدريجي إلى إظهار دوافعهم الداخلية ونمو الشخصيات بشكل ايجابي.
لم يتحقق ذلك الا بتمهيد تمثل في التشابة بين جنديين من المموعتين: (لي سوهوا وهيون تشول) في عدم تنفيذ اوامر قادتهما فالأول لم يستطع تفجير جسرعلية مدنيين من نساء وأطفال والأخر عصى امراً بقتل المصابين من زملائة لكي يتمكنوا من السير بشكل اسرع. يقود ذلك لنتيجة واحدة هي اتحادهما لتوحيد قوتهما من اجل الوقوف أمام من يُريد تقسيم وطنهما من قوات التحالف فعلى البطل تصحيح خطأ ما أو تعويض الإحساس بالذنب اتجاة شئ ما. تحقق ذلك من خلال القرية (التي تُمثل معادلا للوطن) قادهم القدر اليها لتبدأ منها رحلتهم وتنتهي، بدفاعهم عنها بأرواحهم.
دونغ ماكجول قرية كورية نائية على الفطرة مُسالمة لم يصل اليها مفهوم الشر.. اهلها لا يعلمون شئ عن العالم الخارجي ولا عن الحرب القائمة بين الجيشين ولا عن الأسلحة والعنف فهي نموذج ساحر بشخصياتها.. عالم مُعاكس لعالم الجنود من قتل ودمار لتبدأ منها رحلتهم مع السلام النفسي والداخلي بين اهل القرية.
سر الفتاة
من يقوم بحماية القرية من اي أعداء قبل حضور الجنود الكوريين هي الفتاة (يوايل) تقوم بذلك بطريقة ساحرة من خلال الفراشات. هي لا تعرف واهل القرية لا يعرفون لا احد يعرف ذلك فهي اداة للقدر خُصصت من اجل حماية القرية بعدة طُرق فهي من اتت بمجموعة الجيش الكوري الشمالي وعملت على تغيير مفهوم المجموعتين وتجميع صفوفهم بشكل غير مباشر وتدريجياً من خلال حدثين (مشهدين) كانا بمثابة اختبار لهم.
مشهد انفجار مخزن الطعام الذي تسبب فيه الجنود الكوريون نتيجة شجارهم وتفكيرهم السلبي بعد أن قامت (يوايل) بإزالة حلقة الامان من القنبلة ادى ذلك الانفجار الى اقامتهم بالقرية من اجل مساعدة اهلها في ملئ المخزن من جديد فكلا المجموعتين قاموا بالزراعة والحصد والاكل ليجمع بينهم مفهوم الإحساس بالأرض والوطن لتأتي مرحلة جديدة من خلال مشهد للفتاة (يوايل) يطاردها الخنزير البري الضخم لتأتي به اليهم ليهم احد افراد الجيش الكوري الشمالي بقتلة ولكنه يفشل ويكاد الخنزير ان يقتله ليقوم بإنقاذه احد جنود الجيش الكوري الجنوبي وفي النهاية يتوحدون جميعاً في قتلة ليأتي بعد ذلك مشهد يجمعهم بالجندي الأمريكي وهم يقومون بشي الخنزير وأكله.
المهمة الأخيرة للفتاة كانت بإبعاد جنود مظلات الجيش الامريكي عن القرية بالفراشات فهي تنطلق من خلالها عند الإحساس بالخطر على القرية ففي المشهد الأول للفيلم نشاهد سقوط طائرة الجندي الأمريكي بسبب الفراشات والطائرة المُحطمة التي وُجد بها أسلحة كانت فوق الصناديق فراشة، لتكون هذه اللحظة التي تُنهي بها مهمتها بعد أن اتمت توحيدهم وتموت بعد اقتحام ما تبقى من جنود المظلات للقرية لتأتي مهمة الجنود الكوريين (المجموعتين) من اجل حماية القرية (الوطن) فيقومون بالتجهيز لعمل تموية لطائرات الجيش الأمريكي بعيدا عن القرية التي سيستهدفونها بالقصف بعد معرفتهم بذلك، ويرمز خروج الجندي الامريكي من بين صفوفهم الى انها اصبحت حربهم وحدهم الان وبموت الفتاة.
لم تعد هناك فراشات تنطلق لتجبر الطائرات على الهبوط أو الاصطدام لم يعد الا محاولاتهم الباسلة والمستميتة في الدفاع الى ان تظهر ابتسامة النصر على وجوههم وهم يدركون انهم على وشك الموت وانفجار القنابل من حولهم كأنها العاب نارية احتفالاً بإنتصارهم فسر الابتسامة تكمن في وصولهم لما يحتاجونة وهوحماية القرية (الوطن).
نقاط قوة
الفيلم يحمل الكثير عن مفهوم الانتماء والتضحية من اجل الوطن وهو موضوع يمس شعوبا أخرى ايضاً فاستطاع توصيل الهدف المراد منه بشكل بسيط ودقيق للمتفرج من خلال عدة نقاط ساعدت في ذلك منها مكان الاحداث التي تدور في موقع واحد (القرية باستثناء بعض المشاهد القليلة) مما جعل المتفرج يشعر بالشخصيات وبانتمائة إليهم وبالمشاكل التي احلت بهم والمشاركة فيما تفعلة كل شخصية ورؤية عالمها من خلالها إضافة الى ان السيناريو كان محايدا لأبعد حد، فلم يُفضل جانب على آخر في الجيشين، كما استخدم المالجة الكوميدية في فيلم عن الحرب بين افراد بلد واحد لكنه نجح في استخدامها في توصيل المضمون من خلال مفارقات تركت التأثير المطلوب على المتفرج.
تميزت شخصية الفتاة (يوايل) التي تحمل الورد كرمز للحب ووفق السيناريو في رسم معالم شخصيتها لدرجة كبيرة، كما استغل بارك كوانغ هيون المناظر الطبيعية في تصوير مشاهد خلابة اضافت لنوعية الفيلم من خلال الألوان التي تحتاجها الكوميديا، وصُنع مشاهد جمالية من خلال بعض الاحداث مثل انفجار مخزن الأطعمة والتي حولت الذرة الى فيشار متساقط من السماء اضافت لجو القرية الساحر، ومشاهد اخرى ايضاً مميزة.