ماريان خوري: برنامج خاص لأفلام الثورات في بانوراما الفيلم الأوروبي
فى الوقت الذى الغيت فيه معظم المهرجانات السينمائيه فى مصر هذا العام فى ظل حاله التغيير واعاده ترتيب الاوراق ثقافيا وسينمائيا خاصهة فيما يتعلق بسياسه المهرجانات والفاعليات السينمائية، تفتتح اليوم الأربعاء 23 نوفمبر في القاهرة، فاعليات الدورة الرابعة لبانوراما السينما الاوربية وسط اجواء من التصعيد السياسى فى الشارع المصرى مع احتشاد الجماهير بميدان التحرير في سط القاهرة.
ولعل هذا يطرح تساؤلا بديهيا حول ما يمكن ان تتعرض له هذه الدورة خاصة بعد نجاح البانوراما عبر أعوامها الاربعه فى اكتساب ثقه الجمهور.
لذلك كان هذا اللقاء مع المخرجة والمنتجة السينمائية المصرية ماريان خوري، مديرة شركة أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين وشركاه) التي تصدت قبل أربع سنوات بمبادرة شخصية منها لإقامة هذه البانوراما.
* وكان من الضروري بالتالي أن نوجه لها في البداية سؤالا بخصوص الأجواء السياسية التي تخيم على الوضع العام في القاهرة وقد تتاثر بها البانوراما.
ماريان: البانوراما تقام فى موعدها الطبيعى كما في العام الماضى أي في نهايه العام، وذلك لاعتبارات كثيرة منها عدم التزامن مع مهرجانات أخرى، وأيضا لأنها تكون فترة مناسبة لوقت الشباب بعيدة عن الانشغال بالامتحانات.
ورغم أن الظرف السياسي يفرض نفسه هذا العام إلا أننا صممنا على أن تتابع البانوراما استمراريتها، ولم يكن فى اعتبارنا أنها ستأتي في نفس الوقت مع الانتخابات البرلمانية في مصر، لأن العمل فى البانوراما يبدأ تقريبا من بداية العام خاصة فىما يتعلق بالاتفاق على السينما التي ستكون ضيف الشرف وهي مثلا السينما الفرنسيه هذا العام، كما أن الاتفاق على الافلام تسبق البانوراما بأشهر، وبالتالى لم يكن يمكن تأجيل الموعد أو تعديله طالما قررنا اقامة الدورة. وقرار الدوره هذا العام مرتب له من قبل ثوره يناير وتجهيزاتها ايضا كذلك.
أفلام الثورات
* تشهد البانوراما اهتماما خاصا بالسينما التسجيلية. وهذا العام اضيف ايضا قسم “أفلام الثورات”.. كيف تم اختيار افلام هذا القسم وهل كان الاختيار يخضع لموقف سياسى معين؟
ماريان: من بدايه بانوراما السينما الأوروبية كان لدى هم كمنتجة ومخرجة للأفلام التسجيلية يتلخص في أهمية عرضها جماهيريا ومحاولة تثبيت وجودها لدى الجمهور بشكل تدريجى من خلال البانوراما.
وبالفعل نجحت الافلام التسجيليه فى دوره العام الماضى وأثبتت ان لها جمهورا يمكن ان يتابعها ويهتم بها سينمائيا. ويأتى قسم افلام الثورات هذا العام تماشيا مع المناخ العام فى العالم العربى وحاله التغيير السياسى التى تسود المنطقة، وبالتالى بدأنا فى اتصالات مع صناع الافلام حول العالم من الدول التى كانت لها تجارب مماثله فى ثورات التغيير، وساعدتنا المراكز الثقافية والسفارات فى هذا المجهود للحصول على افلام مهمة ترصد تجارب التغيير فى اماكن هامة فى العالم. ومن هذه الأفلام فيلم “كوبا اوديسا افريقية” لجيهان الطاهرى، التي تعيد من منظور جديد تصوير ما حدث خلال ثلاثين عاما من الحرب الباردة: وكيف تجمع 500 ألف كوبي لمساعدة شعوب الدول الأفريقية على التحرر من الإستعمار.
لقطة من فيلم “الموجة الخضراء” الايراني
ومن الأفلام المهمة أيضا في هذا القسم فيلم “الموجة الخضراء” عن حركة الاحتجاج الواسعة في إيران عام 2010 في اعقاب الانتخابات. وهو يعرض مجموعة من الصور واللقطات من قلب الأحداث كما يعرض لقصص عدد من المتظاهرين الذين كانوا يناضلون بشجاعة في ظل هيمنة نظام الرئيس محمود احمدي نجاد.
وهناك ايضا الفيلم المصرى “التحرير 2011” الذى عرض فى مهرجان فينيسيا، ويأتى عرضه فى البانوراما كبداية لعرضه التجارى فى مصر وهو ما يعد تجربة جديدة فى حد ذاتها.
* يلاحظ فى برنامج البانوراما هذا العام وجود عدد كبير من الافلام المتميزة التى عرضت فى مهرجان كان فى الدوره السابقة؟
ماريان: بالفعل لدينا علاقات طيبة مع ادارة مهرجان “كان”، ودوما نحاول الحصول والاتفاق على الأفلام التى تحقق نجاحا فى كان ولكن الأمر ليس سهلا وهو يحتاج لمفاوضات وترتيبات كثيرة لأن هذه الأفلام نحصل عليها بعدد مرات عرض محددة فى فترة البانوراما وبعدد ايام محددة ايضا، لذا حينما يتساءل البعض عن لماذا لا تعرض بعض الافلام الناجحة فى البانوراما بعد ذلك تجاريا اقول دوما ان شروط عرض الافلام التى نحصل عليها صعبة ومحددة جدا. وعلى الرغم من هذا استطعنا هذا العام الحصول على حق عرض اثنين من الافلام الفرنسية تجاريا خارج البانوراما.
ولو كان الامر سهلا لعرضنا افلاما اكثر لكن جمهور البانوراما سيحظى بنخبة من الافلام المتميزة فعلا لصناع سينما كبار مثل بيدرو المودوفار بفيلمه “الجلد الذى اسكنه” وايضا فيلم “ميلانكوليا” لللارس فون تراير، وعدد كبير من الافلام الاخرى الى جانب افلام من هولندا التى نتمتع معها بعلاقات طيبه فى مجال التبادل السينمائى الثقافى هذا الى جانب معرض الصور الفوتغرافية والقسم الخاص بالأفلام الفرنسية.
* البعض يتساءل عن الدعم الذى تتلقاه البانوراما والجهات المانحة؟
ماريان: الاتحاد الأوروبي هو الجهة المانحة للدعم الرئيسى للبانوراما لكننا نحصل أيضا على دعم من جهات متنوعة فى صورة خدمات وتظهر هذه الخدمات من خلال اسماء الرعاة الذين نضعهم على ملصق المهرجان بالفعل ومنهم المركز الثقافى الفرنسى والمركز الثقافى البريطانى، وشركة مصر للطيران، وهناك رعاة جدد هذا العام مثل قناة اون تى في، وقناة أيه أر تي، والأهرام أون لاين. وها الدعم يتمثل في فى تسهيلات وخدمات مختلفة للبانوراما.
وزارة الثقافة
* وماهو دور وزارة الثقافة؟
ماريان: الثقافة تقدم دعما فى صورة تسهيلات مع الجمارك والرقابة لا أكثر ولا تقدم دعما ماديا من أى نوع.
* وهل يعنى هذا ان البانوراما لا تواجه المشكلات المعروفة التي تواجهها المهرجانات مثل تأخر الأفلام فى الجمارك واعتراض الرقابة على بعضها مثلا؟
ماريان: على العكس، فنحن نعانى احيانا من تأخر الأفلام لكننا نعمل قبلها بفترة مناسبة لتلافى هذا، وحتى الآن الافلام مازالت تصل لادارة البانوراما كما ترين بنفسك. اما الرقابة فيأتي اعتراضها على مشاهد العرى فى اغلب الاحيان، ولم نتعرض لحجب فيلم بسبب أفكار سياسية او فكرية لكن لنا سابقة أو اكثر في منع أفلام من العرض بسبب مشاهد فيها عري.
لقطة من الفيلم الفرنسي “الحرب أعلنت”
* ماذا عن ضيوف المهرجان هذا العام؟
ماريان: اختيار ضيوف المهرجان هذا العام جاء من الاسماء الجديدة نسبيا على عالم المهرجانات وان كانوا من اصحاب التجارب المهمة والخبرات ومنهم المخرج رومان جوبيل الملقب بالمخرج الناشط وصاحب فيلم الافتتاح، وكذلك المخرج المصرى احمد عبد المحسن وهو صاحب تجربه مميزة فى المجال التسجيلى خاصة بفيلمه “الى الله” الذى يتناول الاحتفالات الدينيه فى مصر، بالاضافة الى عدد من الاسماء المختلفة والمهمة فى مجالات مختلفة منها الترميم السينمائى للافلام والنقد والتحليل النفسى. وراعينا ان تكون لهم لقاءات مع الجمهور لمناقشة افلامهم فى ندوات يومية فى الثالثة والسادسة من بعد ظهر كل يوم وذلك بسينما جالاكسى.
* البعض يتساءل لماذا لم تتوسعى فى فكرة اقامة البانوراما فى المحافظات حتى الآن على الرغم من نجاحها فى استقطاب الجمهور المتعطش لمتابعة سينما مختلفة وجديدة عن السينما الامريكية؟
ماريان: البانوراما مجهود مضنى يعمل عليه قرابة عشرة اشخاص على مدار العام، لكن لا الامكانيات ولا القدرات البشرية تساعدنى على هذا التوسع الذى يطلبه الجمهور، كما ان البانوراما تغطى تكاليفها بالكاد، والمشكله ليست مالية فحسب بل ايضا مشكلة وجود طاقات بشرية قادرة على تنفيذ هذا التوسع بمهنية للحفاظ على مستوى البانوراما الذى حققته فى اعوامها الاربعة.
هل لهذه الأسباب من الصعب ان تتحول البانوراما إلى مهرجان بمدة اطول وعدد اكبر من الافلام؟
ماريان: الحقيقه ان البانوراما حدث استطاع ان يثبت وجوده. وبعض المهرجانات الكبيرة على الخريطة العربية تعتبرنا منافسا لها على الرغم من انه لا تجوز المقارنة بسبب الميزانية الهائلة التى تعمل بها هذه المهرجانات مقارنة بنا، ولكن تحويلها لمهرجان يحتاج لجهد وتخطيط اخر، والبانوراما فى حد ذاتها الآن حدث يهتم به محبى السينما وهدفنا الفعلى تقديم السينما المختلفة للجمهور الذى يبحث عنها.
التطورات السياسية
* هل لديك خوف ما على البانوراما هذا العام بسبب الاأداث الجارية والتصعيد الجارى الان بشدة فى ميدان التحرير وانشغال الجمهور بما يحدث فى الشارع اكثر من اى حدث اخر؟
ماريان: كلنا منشغلون بالشارع وبمستقبل مصر، لكننا بدأنا فى حالة من اعتياد المناخ الجديد للحراك السياسى الذى تشهده مصر والذى اعتقد سيكون سمة واضحة لفترة طويلة نسبيا، لكننا هنا نعمل فى المكتب لا تفصلنا الا خمسمائه متر عن ميدان التحرير ولكن الكل يأتى ويمارس عمله ويشارك فى الأحداث السياسية أيضا، وانا اراهن على ان برنامج البانوراما هذا العام جزء من تنمية وعى الجمهور ليس فقط سينمائيا لكن بثورات اخرى حدثت حول العالم تجعله يقترب من تحليل ومعرفه المناخ العام الذى يحياه الآن.