لويزا غافاسا: السينما المتوسطية سينما حميمية أكثر

بدأت الممثلة الإسبانية المخضرمة لويزا غافاسا خطاها السينمائية مع المخرج سيزار أردافين في فيلم “السيدة الكاملة”، كما عملت مع ألمودوفار وميغيل بيكازو وفيليبي فيكا، منذ السبعينيات، قبل أن تصبح اليوم ممثلة كاملة الأوصاف، وواحدة من المتوجات بأهم جوائز السينما الإسبانية، وفي مقدمتها جائزة غويا، إلى جانب عشرات الجوائز والتكريمات الأخرى، آخرها تكريمها في مهرجان تطوان للسينما المتوسطية.

لويسا غافسا واحدة من الممثلات الإسبانيات الشهيرات، سطع نجمها فوق خشبة المسرح في مدينتها سرقسطة، قبل نصف قرن تقريبا، مثلما لمع اسمها في روائع السينما الإسبانية، ومع كبار مخرجيها. وقد حازت على لقب “الابنة الأثيرة” لمدينة سرقسطة، مؤخرا، مثلما حظيت بتكريم في مدينة عربية هذه المرة، هي مدينة تطوان. هنالك حيث التقينا بها، على مدى ثلاثة أيام، فكان هذا الحوار عن مساراتها وتتويجاتها ونظرتها إلى السينما والتمثيل.  

غويا وأخواتها

عن تتويجها بجائزة غويا، مؤخرا، ترى لويزا غافاسا أنها مدينة للشخصيات التي تتقمصها، في مختلف الأدوار التي تسند إليها، مثلما هي مدينة لشخصية الأم في فيلم الخطيبة، “هذا الدور الذي بفضله حصلت على أرقى الجوائز الممنوحة في إطار السينما الإسبانية، وهي جائزة غويا”، تقول الممثلة، مشددة على أنها ستظل دائما “مدينة لمخرجة فيلم الخطيبة باولا أورتيز ألفاريز، معترفة بجميلها الفني”. وكانت غافاسا قد شاركت مع باولا في فيلمها الآخر “من نافذتك إلى نافذتي” الذي أخرجته سنة 2010. وقبلها، حظيت بأدوار البطولة في أفلام خوسي ماريا فوكي وخافيير بالاغير وخوان فيسنطي كوردوبا وسالفادور غارسيا رويز، وسينمائيي آخرين ينتمون إلى مختلف طبقات المخرجين الإسبان.

وتكشف لنا النجمة الإسبانية السر وراء نجاحها في أداء دور سينمائي، سواء أكان دورا رئيسيا أم ثانويا، على غرار دورها في فيلم “الخطيبة”، حيث يكمن السر، حسبها، “في عوامل عديدة، من بينها أداء الممثلة أو الممثل، والحب الذي يشد الفنان إلى الشخصية، وكما قال مخرج مسرحي كاطالاني، عملت معه في عدة أفلام طوال سنوات عديدة: “ليس هناك أدوار صغيرة، بل ممثلون صغار”. وتفخر لويسا غافاسا بمهنة التمثيل، وتعتبره عملا رائعا، “نمارسه، على الأقل على المستوى النظري، ونحن واعون كل الوعي أننا نتقمص شخصيات. وهذا ما يسمح لنا بأن نكون آخرين ونلعب دور شخصيات أخرى دون أن نكف عن أن نكون نحن. وتبعا لذلك، نسعى إلى المحافظة على الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال”.

وإلى جانب جائزة غويا، فازت الممثلة الإسبانية بثلاث جوائز أخرى، عن بطولتها في هذا الفيلم، لتصبح أول ممثلة إسبانية تحصل على أربع جوائز كبرى في سنة واحدة، وهي جائزة مهرجان فروس، وجائزة دائرة الكتاب السينمائيين، وجائزة سيمون التي تمنحها أكاديمية السينما بأراغون، وجائزة أحسن أداء نسائي في المهرجان الدولي للإسكندرية.

ممثلة محظوظة

ترى لويسا غافاسا أنها ممثلة محظوظة، لأن ميلادها في شاشات السينما جاء مع فترة الانتقال الديمقراطي في إسبانيا، وزوال الحقبة الفرانكاوية. وعن هذه الفترة، تقول محدثتنا: “خلال الحكم الديكتاتوري للجنرال فرانكو، كانت الرقابة مسلطة على الرقاب، متشددة في سعيها إلى فرض الوصاية على كل المواضيع ذات الصلة بالسياسة والدين والجنس. ولحسن الحظ، انقضت هذه الفترة المظلمة في تاريخ إسبانيا مع الانخراط في الانتقال السياسي”. لذلك، تضيف غافاسا: “شخصيا لم أصادف مشاكل من هذا القبيل، ولم أعان بتاتا من الرقابة وأنا أمارس عملي ممثلة”.

ومن تجربة الانتقال الديمقراطي إلى تجربة الانتقال من المسرح إلى السينما، ترى الممثلة أنها محظوظة أيضا، لأنها صقلت موهبتها على خشبة المسرح، مع كبار المخرجين المسرحيين. وتتذكر غافاسا معنا بطولاتها في مسرحيات شهيرة، مثل “دورة الموت في سنيرا”، لسالفادور إسبيرو، وفي مسرحية “فاوست” لغوته. قبل أن تنتقل إلى مدريد، سنة 1976، لتتألق مع ميغيل ناروس وأدولفو مارسلاش فوق مسارح العاصمة. كما شاركت خلال هذه الفترة في مسلسلات تلفزيونية كثيرة، وفي مقدمتها “رامون وكاخال”، وفي مسلسل “صيدلية الحراسة”، و”الكانغورو” و”إخوان في الرضاعة”، و”الأمير اللعين” و”الحب في أزمنة مرة”، و”القضية” و”فتيات الكابل”.

غير أن نجاح غافاسا في السينما لم يثنها عن العودة إلى المسرح، باستمرار، لكي تعيش ما تسميه “التمثيل الحي”. وهي ترى أن “هنالك فترات تستسلم فيها لنداء السينما وغوايتها، وهناك فترات، تنتقل فيها بين الاثنين، وفترات أخرى لا تعرض عليك خلالها أعمال تثير اهتمامك”.

سينما حميمية

ترى الممثلة الإسبانية أن قيمة السينما المتوسطية في حميميتها، وهي سينما الأسرة والعائلة، والعلاقات العاطفية مع الأفراد والأوطان. فالأفلام حسبها “مرآة تعكس المجتمع بكل تناقضاته وأحداثه، وتعبر عن الثقافة والجمال. ويبقى أن طريقة الأداء والتصرف ونوع الحكايات المسرودة تختلف باختلاف اللغة التي تعتمدها، أكانت الإنجليزية أم الإيطالية أم الأمريكية وغيرها”. ويبقى الأهم بالنسبة إلى ممثلتنا هو الحكي وكيفيته، على أساس أنه “كلما تعددت وجهات النظر، كانت النتيجة أكثر ثراء وعمقا”. ومقارنة بالسينما الأمريكية، بكل ما تتوفر عليه من إمكانات تجعل منها صناعة ضخمة وقوية، فإن سينما البحر الأبيض المتوسط هي “ذات بعد حميمي واجتماعي أكثر من غيرها”، حسب هذه الممثلة المتوسطية، التي عانقت منصات التتويج والتكريم في مهرجانات الإسبان، وفي المهرجانات العربية من الإسكندرية إلى تطوان.

Visited 30 times, 1 visit(s) today