كتاب جديد: السينما الافريقية والبحث عن هوية خاصة

في كتاب أصدره هذا الاسبوع أول مهرجان للسينما الافريقية بمصر يرى كاتب نيجيري أنالسينما الافريقية لعبت دورا ثوريا في مرحلة الاستقلال ورغم تأثرها بأساليب فنية غربية فانها عبرت عن الحماس لبناء الدولة الوطنية واحياء التراث والبحث عنالهوية.

ويقول نواشوكو فرانك أوكاديك ان الدول الافريقية رغم استقلالها السياسي فيستينات القرن العشرين فانها لم تحقق استقلالا ثقافيا واقتصاديا يسمح بانتاج سينماافريقية الهوية حيث ظلت اثار الاستعمار القديم تحول دون ظهور “سينما قومية حقيقية قادرة على التعبير عنهم ولهم” باستثناء أفلام قدمها مخرجون أفراد ولكنها لم تمثلتيارا فنيا افريقيا.

ويضيف في كتابه “سينما افريقيا السوداء” الذي ترجمه الباحث المصري محمود علي أن السينما الافريقية سعت “لاحياء التراث الثقافي بحثا عن هويتها المفقودة” موضحا أنها ليست هوية واحدة اذ تمتلك افريقيا ثراء انسانيا وثقافيا يختلف من بلد لاخر بأشكال تسمح بتنوع التجارب السينمائية التي تأثر بعضها باستعارة تيارات فرنسية وايطالية.

يقع الكتاب في 400 صفحة كبيرة القطع وأصدره مهرجان الاقصر للسينما الافريقية الذي افتتحت دورته الاولى الثلاثاء الماضي بمدينة بالاقصر الواقعة على بعد نحو 690 كيلومترا جنوبي القاهرة بمشاركة 34 دولة افريقية.

ويقول أوكاديك ان افريقيا كانت ضحية للخيال الاستشراقي منذ اكتشاف السينما اذ كانت أفلام الاخوين لوميير عام 1897 “تدمغهم بالغرائبية” وفي مرحلة لاحقة أضفت السينما الاوروبية نزعات العقلانية على الاستعمار وشوهت الافارقة باعتبارهم “برابرة متوحشين وكائنات غريبة وتتنكر للاوروبيين الذين جاءوا لارشادهم وحمايتهم” ووضعت تلك الافلام صورة ذهنية لافريقيا في السينما الاوروبية حتى ظهور السينما الافريقية بعد الاستقلال.

ويضيف أن المخرجين الافارقة سعوا الى ابراز صورة لبلادهم “أكثر واقعية لمواجهة الصورة الايديولوجية والفنية السائدة” وأن حكومات افريقيا السوداء أدركت أهمية السينما كأداة لنشر الثقافة التقليدية وما تواجهه من مشكلات كالجهل والمرض والنزاعات العرقية ولكنها لم تستطع تشجيع الاستثمار في السينما كصناعة قابلة للازدهار.

ويحيي أوكاديك “كفاح المخرجين الافارقة” بسبب السياق المعقد الذي يحيط بهم سياسيا واقتصاديا ونفسيا. ويسجل أن السينما الافريقية حققت نضجا جماليا وفنيا وان لجأ بعض مخرجيها الى الاقتباس من السينما الاوروبية والامريكية.

ويضيف أن السينما الافريقية السوداء قدمت في سنواتها الاولى “أفلام الوعي القومي” التي تندد بالاستعمار وتنتمي الى دول كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي ومنها السنغال وموريتانيا وبوركينا فاسو وساحل العاج. أما الدول التي كانت خاضعة للاحتلال البريطاني مثل غانا ونيجيريا فقدمت أفلاما ذات نزعة تجارية.

ورغم هذا التباين فان أبطال حركة التحرير الافارقة ممن نادوا بالتحرر التام عن ميراث الاستعمار ربطوا الاستقلال عن الاحتكارات الدولية بالنهضة الثقافية الافريقية كأداة لتحرر الذات والمجتمع.

ويقول أوكاديك ان رواد السينما الافريقية السوداء اعتبروا السينما “أداة مهمة للتنمية الثقافية لشعوب افريقيا… أداة تحريض ثورية من أجل التنوير اجتماعيا وسياسيا وفنيا… لعبت دور المحرض في تشكيل الوعي الثوري” لرفع مستوى الوعي لدى الجماهير.

ويرى أن هذه السينما تحفل بقضايا وأساليب مختلفة مثل حياة الشعوب الافريقية رافضا التعميم بوجود سينما افريقية واحدة بل اتجاهات وأساليب تتباين وفقا للخلفية التاريخية والثقافية لكل شعب.

ويضيف أن مرحلة ما بعد الاستعمار ربما تدل على حدوث “الاستقلال الشكلي… لاعتماد دولها على حكومات استعمارية… افريقيا واجهت صراعات قاتلة بايعاز دولي وانقلابات واقتصاد مضطرب بسبب أساطين المال في الغرب الذين يحددون أسعار صادراتالعالم الثالث اضافة الى سوء الادارة الداخلية.”

ويقول المؤلف “أضرت التبعية الاقتصادية والعجز السياسي بالثقافة الافريقية” التي تتضمن تفاصيل ورموزا وثقافات تستعصي شفراتها على المشاهد الغربي “وتتحدى المناهج النقدية الشائعة في السينما الغربية.”

ويختتم مهرجان الاقصر للسينما الافريقية الثلاثاء القادم بتكريم المخرج الاثيوبي هايلي جريما الذي عرض فيلمه (تيزا) في حفل الافتتاح.

Visited 11 times, 1 visit(s) today