فيلم “نوسفيراتو” الجديد
جون لاركن
Films in Review
30 نوفمبر 2024
من الناحية الجمالية، فإن هذا الفيلم الذي يتناول قصة دراكولا الكلاسيكية هو فيلم بارع، حيث ينضح بأجواء من الرعب المستمر، وفي بعض الأحيان، يردد صدى جميع الأفلام التي تناولت قصة دراكولا تقريبًا، سواء من خلال الجو العام للفيلم أو تصميم الديكورات.
ما يميز هذا الفيلم هو استناده إلى البيئة الثقافية والتاريخية لأسطورة دراكولا. يتعمق المخرج روبرت إيجرز في الجذور الفولكلورية لمصاصي الدماء، ويجلب إلى الحياة عالمًا غارقًا في الخرافات والرعب.
إن ميل إيجرز الواضح إلى الشخصية التاريخية أي شخصية “فلاد” المخوزق كمصدر إلهام لوحشه، يضيف طبقة مثيرة للاهتمام من الأصالة إلى الفيلم.
هذا الاستناد إلى التاريخ الحقيقي يثري القصة دون أن يطغى على الرعب الخارق للطبيعة في قلبها. ومع ذلك، على الرغم من كل التألق التقني للفيلم، فإنه يكافح من أجل التواصل على المستوى العاطفي.
تبدو الشخصيات وكأنها نماذج أولية بدلاً من أفراد متحققين بالكامل، مما يجعل مصائرهم جوفاء بشكل مخيب للآمال على الرغم من الظروف المروعة التي يواجهونها.
والنهج البارد المرضي الذي يتبعه إيجرز في سرد القصص هو سلاحً ذو حدين دائمًا: فهو ينتج عالمًا مصممًا بعناية، وغنيًا بصريًا وموضوعيًا ولكنه غالبًا ما يبدو فاقدا التأثير العاطفي.
وبصفتي مشاهدًا، فمن الصعب أن أستثمر حقًا في الدراما المتكشفة عندما تظل الشخصيات على هذه المسافة. إن التأثير البصري لكوبريك في عمل إيجرز واضح، وقد يشعر البعض بأنه متسلط.
إن الإطار الضيق والتراكيب المسرحية الصارمة، على الرغم من كونها مذهلة، تساهم في الانفصال العاطفي عن الفيلم.
من الممكن أن يبدو اعتماد إيجرز على هذه التقنيات وكأنه تكريم يحد من التقليد، مما يحرم السرد أحيانًا من تدفقه الفريد. ومع ذلك، فإن الأداء يرفع الفيلم إلى ما هو أبعد من عيوبه العاطفية.
تقدم “ليلي روز ديب” دورًا مخيفًا كزوجة لشخصية نيكولاس هولت المستوحاة من رينفيلد، وتغرس شخصيتها بمزيج من الضعف والقوة يبقينا منغمسين. في أحد المشاهد، تستكشف حدود رعب الجسد في القرن السابع عشر، وهو ما يذكرنا بفيلم “طارد الأرواح الشريرة” THE EXORCIST.
إن بيل سكارسجارد – الذي لا يمكن التعرف عليه تمامًا في الدور الرئيسي – مرعب للغاية. ومع ذلك، من الأفضل تصوير شخصيته في الظلام، حيث تعمل لمحات أكثر وضوحًا وإشراقًا على تقليل الانطباع المهدد الذي يبنيه على طول الطريق.
ويظل ويليم دافو، الذي يتعاون بشكل متكرر مع إيجرز، سارقًا دائمًا للكاميرا. ويوفر تجسيده لشخصية طبيب غامض، عدسة فكاهية رائعة يمكن للجمهور من خلالها رؤية أسطورة دراكولا. إن قدرة دافو على موازنة الغرابة مع الجاذبية تجعل شخصيته واحدة من أكثر جوانب الفيلم التي لا تُنسى، حيث تعمل كحضور أساسي وسط الفوضى.
في النهاية، يظل فيلم “نوسفيراتو” NOSFERATU هو العمل الأكثر سهولة من حيث الاستيعاب من أفلام روبرت إيجرز حتى الآن. إن شدة جو الفيلم وأصالته الثقافية وتصميم الإنتاج والديكورات والتصوير السينمائي الماهر، كلها عوامل تجعله فيلمًا بارزًا من نوع الرعب. ورغم أنه قد لا يحقق صدى كاملاً على المستوى العاطفي، إلا أنه ينجح في خلق تجربة سينمائية مرضية، تستحق رحلة إلى دور العرض في موسم العطلات هذا.