فيلم “قلب أمه”: خطوة على الطريق الصحيح
بعد انفصال أحمد فهمي عن الثنائي شيكو وهشام ماجد، حقق أحمد فهمي نجاحات ملموسة سواء في مسلسه ريح المدام، أو في فيلمه “كلب بلدي” في حين لم يستطع الثنائي تحقيق نفس النجاح في فيلم حملة فريزر أو في مسلسل “خلصانة بشياكة”. وبدا الأمر وكأن الثنائي (شيكو وهشام ماجد) غير قادرين على الاحتفاظ بنفس الحالة من الجماهيرية بدون أحمد فهمي، بشكل يجعل أحمد فهمي حجر الأساس في نجاحهما السابق. لذلك يكتسب عملهما الثالث “قلب أمه” بعد الانفصال أهمية خاصة، فهو قادر على اثبات أو نفي هذه المقولة.
تدور أحداث الفيلم حول يونس (هشام ماجد) الذي يعاني من تسلط والدته وتحكمها في تصرفاته بسبب حبها الشديد له. تتعرض الأم لأزمة قلبية تنقل على أثرها إلي المستشفى. وفي نفس المستشفى، ينقل مجدي تختوخ (شيكو) زعيم العصابة الشهير بعد مشاجرة عنيفة قام بها، ومن أجل الحفاظ على حياته، ينقل الطبيب قلب والده يونس بعد موتها إكلينيكيا، إلي قلب مجدي تختوخ.
وبعد عملية نقل القلب، يتعامل مجدي تختوخ مع يونس بنفس طريقة الأم الراحلة، فيصبح شديد الحنان عليه ويخاف عليه من أي شيء، مما يفجر العديد من الأحداث الكوميدية.
في الموسم الرمضاني قبل الماضي حقق أحمد فهمي نجاح كبير بمسلسه (ريح المدام) سيناريو تامر ابراهيم وحوار ولاء شريف. لذلك استعان الثنائي بتامر ابراهيم ليكتب لهما فكرة الفيلم، ولم يتعاملوا مع ولاء الشريف لتجربتهما غير الناجحة معه في فيلم حملة فريزر. واسندوا فكرة كتابة السيناريو والحوار إلي أحمد محيي ومحمد محمدي رغم تجربتهما غير الموفقة معه في مسلسل (خلصانة بشياكة).
ويبدو أن رهان الثنائي على أحمد محيي ومحمد محمدي هو رهان في محله، فسيناريو الفيلم موفق جدا وتنبع الكوميديا في المجمل من طرافة الموقف وليس الإفيه.
وتعتبر شخصية (مجدي تختوخ) هي الشخصية الأبرز في هذا الفيلم وأساس نجاحه. فلقد قام شيكو بأداء الشخصية بنجاح كبير بشكل أصبح ظهوره باعث على الضحك في كل مرة سواء بسبب الموقف أو نظراته أو كلامه. وشيكو بشكل عام يوظف بدانته بشكل كوميدي في معظم أفلامه، بشكل يذكرنا بإسماعيل ياسين عندما كان يوظف شفته الضخمة بشكل كوميدي هو الآخر.
لكن لشيكو خصوصية في توظيف بدانته، فهو دائما ما يلعب دور شخصية لا تتناسب مع تكوينه الجسماني ويتجاهل ذلك عن عمد، مما يؤدي إلي المفارقة المفجرة للضحك. فمثلا في (سمير وشهير وبهير) اختار شخصية الجان التي يقع جميع النساء في حبه ونادرا ما يأتي ذكر لبدانته في الفيلم، لكن يذكرها المشاهدين ويضحكوا عليها في كل مرة تعجب الفتيات به. وفي هذا الفيلم، يختار دور رئيس عصابة، ويضحك المشاهدين في كل مشهد عنف عندما يقاتل مجدي تختوخ بشكل غير متناسب مع تكوينه الجسماني.
أما شخصية (يونس) التي أداها هشام ماجد فهي تتشابه مع شخصية بهير التي أداها في فيلم (سمير وشهير وبهير) فهو يلعب دور الفتى المدلل لأمه في الفيلمين وتتشابه أيضا مع إسماعيل التي سبق وقدمها في فيلم (ورقة شفرة) فهو يلعب دور كاتب الأفلام الفاشل في الفيلمين.
وشخصيته في الفيلم ليست بالشخصية المبهرة في حد ذاتها، كشخصية مجدي تختوخ مثلا، لكن تفاعل هذه الشخصية مع مجدي تختوخ، هو الباعث على الضحك والمسبب للطرافة. فلقد سادت بين الاثنان (هشام ماجد وشيكو) حالة من الكيمياء والتوافق جاءت في مصلحة الفيلم. فوراء هذا التفاهم، مجهود كبير في قراءة السيناريو وتحليل نقاط قوة كل شخصية وكيفية ابرازها بالشكل الأمثل لإثارة الضحك المنشود.
ومن النقاط المضيئة في هذا الفيلم، الشخصيات الثانوية، فيوجد عدد من الممثلين ظهروا في مشاهد قليلة لكنهم أضافوا للفيلم كثيرا، بشكل يصعب تخيل الفيلم بدونهم. وعلى رأس هذه الشخصيات الممثل (سامي مغاوري) فرغم أن ظهوره لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، الا أن مشاهده كانت من أكثر المشاهد التي أدت إلي ضحك الجمهور بقاعة السينما.
أيضا من هؤلاء الممثلين أحمد محارب الذي قام بدور كردي مساعد تختوخ. فلقد تسبب في بعث الضحك والابتسام بنظراته المخيفه بأداء سلس دون افتعال. أيضا أجاد محمود الليثي في أداء شخصية الضابط الكوميدي ونجح في إثارة ضحك الجمهور عن طريق الموقف ودون إضافة بهارات لا حاجة لها. هذا فيما يتعلق بالايجابيات، أما السلبيات فتمثلت في الدور الصغير الذي لعبه كل من بيومي فؤاد ومحمد ثروت، فلقد وقعا في فخ النمطية وتقديم نوع من الكوميديا سبق وان قدماه سابقا دون جديد أو أضافة.
أما نور قدري فلقد جانبها التوفيق في تقديم هذه الشخصية، فتميز أداءها بالمبالغة والأداء المفتعل رغبة في إثارة الضحك، فيبدو أنها غير قادرة عن التفرقة بين التمثيل في اسكتش كوميدي والتمثيل في فيلم سينمائي. والشخصية نفسها مرسومة بطريقة سيئة ففكرة إثارة الضحك عن طريق إفيه (الشركة الالمانية لإبادة الحشرات) هي فكرة غير موفقة، فهذا الإفيه تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مرة، ووصل الجمهور إلى حالة من التشبع من هذا الإفيه، بشكل يجعل إعادة استهلاكه مرة آخرى هو نوع من فقر الخيال. أما المخرج عمرو صلاح، والذي يقوم بتجربة إخراج الأفلام لأول مرة، فيبدو أن تجربته الإخراجية في (snl) ساعدته كثيرا في فهم أسرار الكوميديا وجعلته في المجمل، قادر على فك شفرة الجمهور المصري ومعرفة كيفية إضحاكه.
بشكل عام، أدرك الثنائي شيكو وهشام ماجد في إثبات مقدرتهما على تجاوز أحمد فهمي وتقديم فيلم كوميدي بدونه. بل الكيمياء التي ظهرت بين الاثنين في الفيلم، من الممكن أن ترجح كفتهما على أحمد فهمي وتجعل المقارنة تحسم لصالحهما عند نزول فيلمه القادم.