فيلم “الشعوذة” ورعب الأرواح المتسللة إلى منازلنا وأرواحنا!

هل رغبة الانسان فى متابعة الآم غيره من البشر يعد الدافع الاساسى لمشاهدته افلام الرعب؟

لماذا يستعين صناع افلام الرعب بالحبكات المعتادة بعينها بدون تجديد على الرغم من نجاح الجزء الاول من العمل نفسه؟

هناك نزق بشرى شاذ بعض الشىء، تم ادراجه فى المشاكل النفسية التى تحتاج الى الفحص والتحليل، فتجد ان الانسان يلجأ الى متابعة افلام الرعب بشغف عجيب وكلما ازدادت جرعة الرعب ازدادت خزانة شباك التذاكر، يقول علماء النفس ان كلما اهتم الانسان بمشاهدة المأسي والكوارث وظواهر مافوق الطبيعة كلما شعر بالرضاء عن حياته واصبح متقبلا لواقعه اكثر من ذى قبل، ربما.

كانت هذه مقدمة لابد منها قبل عرض الفيلم الذى لم يكن من المتوقع اصدار جزء ثان بعد ان تم التعرف على قصة العمل واسنادها لقصص حقيقية،  فيلم The Conjuring  الشعوذة بعد اصدار الجزء الأول منه 2013، نشاهد سياق الاحداث نفسها بالترتيب الدرامى نفسه وبالاستعانة بالحلول الخارقة للطبيعة نفسها بدون تجديد يذكر، وبالطبع اسناد قصة الفيلم  لوقائع حقيقة من شأنه الاستحواذ على اهتمام عشاق افلام الرعب بمتابعة اجزاء القصة الحقيقة على شاشة السينما ولكن باصدار جزء ثان للفيلم يبدأ شعور اعتياد الابطال والسياق المتبع فى دراما العمل  تتوقع ان تكتمل سلسلة افلام “الشعوذة” كمسلسل تلفزيونى يحمل النمط الدرامى نفسه مع تغيرات طفيفة فى مواقع التصوير وحبكة مشهد النهاية الذى عادة مايتشابه فى معظم نهايات تلك النوعية من الافلام.

يدور الجزء الثاني من فيلم “الشعوذة” حول سفر الزوجين “وارين” الى لندن بأمر من الكنيسة لتحرى أمر منزل  عائلة “هادجسون” المكونة من أم وأبنائها اﻷربعة بعد معاناتهم داخل منزلهم الملئ بالأرواح الشريرة ولكشف عن حقيقة ما يزعمون من مطاردة روح مجهولة تطالبهم بالرحيل من المنزل واستعادته زاعما انه يملك المنزل منذ سنوات بعيدة،  وكما في الجزء الأول من الفيلم يستكمل الزوجين تجاربهم في محاربه قوى الشر بعدة طرق مختلفة التى تصل فى نهاية الامر لمحاربة الروح الشريرة بالطريقة الدينية التقليدية ومنها ابراز الصليب امام وجه الروح الشريرة لترتبك فتنتهى بذلك جولة من جولات الحرب القائمة بين اصحاب المنزل والزوجين وارين فى مواجهة الروح.

جاء ذلك في أسلوب سردى تقليدى للغايه من خلال تذبذب الإيقاع الدرامى في منتصف الفيلم ليشعر المشاهد و كأن هناك فاصل بين أحداث الفيلم وبين تمهبد النهاية فجاءت مجموعه من المشاهد الرتيبة التى تتابع ببطء شديد من خلال احداث مطولة بدون هدف، فقط أن يظل المشاهد فى انتظار الحدث التالى بشغف والذى عادة ما يتأخر حتى اعتياد المشهد الحالي وكأنه لن يتطور فيما بعد، ربما قدم الفيلم خطا رقيقا من خيوط الرومانسية بين الزوجين عن طريق الحوار الذى يدور بين الفتاة “الملبوسة” ولورين او عن طريق الحوار المباشر بين الزوجين فى تحذيرات بعضهم البعض لما يشعران به من السوء المحتمل وقوعه للطرف الاخر خاصة عند ملاحظة هذا الدمج بين اجواء الرعب المغلف بلحظات  مؤثرة من الحب ولقطات من الموسيقى والغناء فى منتصف الاحداث والتى من شأنها التخفيف من وقع الصدمات المرعبة التى تثيرها كاميرا المخرج سلسة الحركة، مما يضفى على العمل نوعا من الترابط بين الشريكين على الرغم مما يواجهانه من كائنات غير معروفة الهوية وغير مأمونة العواقب فى التعامل معها، لا يبدو الخط الرومانسى مقحما على الاحداث كنوع من الحليات الدرامية وانما يتداخل مع الحدث الرئيسى كنوع من تدعيم قصة تعاونهما والتى بدأت فى الجزء الاول من الفيلم فى 2013.

بعيدا عن الشخصيات االرئيسية فى الفيلم من المحققان الروحيان فان هناك شخصيات يمكن وضعها فى عداد الشخصيات المهمشة  والتى كان من الممكن اشتخدامها كمساعدين جادين فى كثير من المشاهد التى تتطلب اداء جماعيا مثل شخصية الاخ الاصغر الذى لم ينطق بأكثر من جملتين منذ بداية الفيلم وفى احيان كثيرة كان يختفى حتى انه من الممكن ان يعتقد المشاهد بان الأخ الأصغر ابنا لعائلة الجيران وصديقا لهم.

 شخصيه الأم جاءت مهمشه جدا و كان من الممكن استثمارها بشكل أفضل، أيضا لم يتم استثمار شخصيه الفتاه الصغيرة  بشكل جيد فكان التركيز بأكمله علي شخصيه لورين وادوارد فتم إهمال باقي الشخصيات فظهرت وكأنها مساعدة في الفيلم ليتفرغ المخرج لابراز الزوجين وارين كأبطال الفيلم الحقيقين.

فى حقيقة الامر ان هذين الزوجين قد أديا ادوارهما ببراعة تليق بمشاهد الرعب التى تعرضا لها ولكن الفضل الاساسى فى نقل الرعب الحقيقى للمشاهدين كان من خلال ادء البطلة الحقيقة للقصة التى تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، وهى جانيت هودجسون (ماديسون وولف)، فقد كانت بالفعل المفاجأة الحقيقية فى الفيلم حد الاقتناع بان هناك روح شريرة تسكنها وتبث الرعب فى نفسها وفى نفوس من حولها، يظهر ذلك جليا من خلال ادائها التمثيلى المحترف رغم صغر سنها وقلة خبراتها السابقة فى مجال التمثيل.

تشاهد مع عناوين النهاية اثبات حقيقة قصة الفيلم بالصور التى تحول معظمها الى مشاهد حداثية ويذكر ان القصة مأخوذة عن قضية حقيقة تم اثارتها فى عام 1977 واطلق عليها قضية انفيلد والتى تعد من اكثر قصص الم الشيطانى فى بريطانيا بما انها مستندة على صور وتسجيلات صوتية للاحداث التى وقعت داخلل منزل عائلة هودجسون.

Visited 106 times, 1 visit(s) today