“عين على السينما”.. حلم .. وتحقق
ننشر هنا مساهمة الناقد الأستاذ محمد كمال في مناسبة الاحتفال بمرور أكثر من عشر سنوات على انطلاق موقع “عين على السينما”…
عدة أعوام منذ بداية مسيرتي المهنية المتواضعة ظلت فكرة الكتابة لمجلة عين على السينما حلم راودني دائما، فهو المكان الذي ساهم بشكل كبير في تشكيل فكرتي عن النقد السينمائي، من خلالها قرأت مقالات لكبار النقاد وتابعت العديد من المهرجانات السينمائية، وجدت انها ساهمت في سطوع أسماء لنقاد من جيل الشباب.
وفي عام 2016 شعرت باقتراب التحقق بعد المقابلة الأولى مع الأستاذ أمير العمري رئيس تحرير ومؤسس المجلة في مهرجان فينسيا لكن سرعان ما تباعد مرة أخرى اعتقد لعدم قناعته بي وقتها رغم إعجابه بخطوتي في تحمل نفقات السفر إلى فينسيا ومقالاتي الكروية فقد قال لي وقتها (انت بتكتب في الكورة كويس) وهنا علمت أن الحلم تبدد إلى أن عاد من جديد في العام قبل الماضي 2019 عندما تلقيت الدعوة لأكون ضمن الكتاب المشاركين وهي الخطوة التي اعتبرها الأهم لأنه المكان الوحيد الذي أتاح لي هذا الأمر كما اتاح لغيري من زملائي النقاد.
تجربتي المستمرة مع عين على السينما حتى كتابة هذه السطور اعتبرها الأفضل في مسيرتي على المستوى المهني والفكري فالكتابة في عين على السينما كان لها الفضل في تطوير طريقتي في الكتابة السينمائية والارتقاء بالمستوى العام وتوسيع الأفق الذي كان بدأ يضيق شيئا فشيئا في الكتابة الصحفية، فلا أنكر أن تجربتي في عين السينما ساهمت في تغيير نظرة الأستاذة والزملاء في شخصي والتعامل معي كناقد وليس كصحفي فقط.
تأثير مجلة عين على السينما في المشهد السينمائي والنقدي كبير فهو الموقع الوحيد الذي مازال محافظا على هويته والتزامه تجاه القارئ بتقديم محتوى سينمائي متخصص في عصر “السوشيال ميديا” وثقافة “الترند” والأخبار السريعة والانتشار السريع لبرامج ما يطلق عليها “مراجعات الأفلام” على اليوتيوب، في زمن أصبحت القراءة فيه بشكل عام عملة نادرة وهو ما يقودنا إلى تراجع أكبر في المشهد النقدي بشكل عام برغم بروز جيل جديد من شباب النقاد يتمتعون بالموهبة والحرفية والموضوعية لكن لسوء الحظ تواجدهم جاء وسط تراجع المجلات والمواقع السينمائية المتخصصة، وهنا تكمن قدرة عين على السينما في المحاولة والمحاربة ليظل دور النقد متواجد بقوة الذي يعتبر جزء مهم وركيزة أساسية في صناعة السينما وتشكيل رؤية القراء.
يحسب لمشروع عين على السينما أنه يحارب ليس للحفاظ على مستقبله ككيان فقط بل للحفاظ على هوية النقد السينمائي في الوطن العربي، لذلك مستقبل المجلة في الحفاظ والاستمرار في هذا الدرب ستكون من خلال محاولة استقطاب هؤلاء النقاد الشباب الذين لا يجدون الفرص الحقيقية وما أكثرهم حتى يكون المحتوى أكثر ثراء وهذا الأمر سيساعد إلى معاجلة أهم سلبيات المجلة وهو قلة المحتوى المقدم لأننا ككتاب غير ملتزمين بعدد معين من المقالات في توقيت معين فعن نفسي أغيب لفترات لأسباب مختلفة لكن عند اتساع القائمة بانضمام أسماء جديدة ستتسع الاختيارات أكثر.
ساهمت عين على السينما بدور كبير في حركة النقد السينمائي على مستوى الوطن العربي وخلال الاحتفال بعشريَّتها نتمنى لها الاستمرار في القيام بنفس الدور لأن المهمة الآن أكثر صعوبة من الماضي في ظل اختلاف المعايير الثقافية الحالية والاهتمامات الخاصة بالمتلقي التي تغيرت كثيرا عن السابق تظل عين على السينما صامدة للحفاظ على هوية الكتابة النقدية في الوطن العربي.