عن الراحل أحمد الحضري أستاذ كل الأجيال
فقدت مصر وفقد فن السينما أول يناير العالم الكبير أحمد الحضرى (١٩٢٦ – ٢٠١٧) قاعدة المثلث الذهبى للثقافة السينمائية العربية فى القرن العشرين الميلادى مع أحمد كامل مرسى (١٩٠٩ – ١٩٨٧) وفريد المزاوى (١٠١٣ – ١٩٨٨).
لا يوجد سينمائى أو ناقد أو باحث أو عاشق السينما فى كل العالم العربى، ومن كل الأجيال من الشباب فى عشرينيات العمر إلى الكهول الذين تجاوزوا السبعين لا يدين للراحل الكريم ببعض مما يعرفه عن فن السينما، وكل ناطق بالعربية فى كل الدنيا.
هو معمارى تخرج فى قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة، القاهرة عام ١٩٤٨ واستكمل دراسته للعمارة فى جامعة لندن حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا عام ١٩٥٦، ولكنه كان محباً للسينما فدرس التصوير السينمائى فى نفس الجامعة، وقام بتصوير أكثر من فيلم من أفلام الهواة، وعندما عاد إلى مصر التحق بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وترقى حتى رتبة البكباشى، والتحق فى نفس الوقت بندوة الفيلم المختار التى أقامها يحيى حقى (١٩٠٥ – ١٩٩٣) عندما كان رئيساً لمصلحة الفنون فى حديث قصر عابدين فى أغسطس عام ١٩٥٦ وأسند إدارتها إلى فريد المزاوى. وكانت هذه الندوة نقطة تحول فى تاريخ السينما المصرية لا تقل عن إنشاء ستوديو مصر عام ١٩٣٥، وغيرها من نقاط التحول الكبرى.
اجتمع فى ندوة الفيلم المختار أغلب صناع ونقاد السينما الذين صنعوا ما يمكن اعتباره «ثورة» حقيقية، فكان منهم عدد من طلبة وطالبات الدفعات الأولى فى معهد السينما الذى بدأ عام ١٩٥٩، وكان منهم بعض من أساتذة تلك الدفعات، وكان منهم أيضاً النقاد الجدد وقاموا بتطوير البعد السينمائى بمفاهيم علمية حديثة، وفتح لهم يحيى حقى صفحات مجلة «المجلة» عندما كان يرأس تحريرها، وأبرزهم أحمد الحضرى الذى نشر أول مقالاته فيها عام ١٩٥٧.
وكان من أعضاء ندوة الفيلم المختار كذلك مترجمو أول سلسلة كتب عن صناعة السينما رأس تحريرها فريد المزاوى وأصدرتها وزارة الثقافة، ومنها أول كتاب ترجمه أحمد الحضرى بعنوان «صناعة الأفلام من الفكرة إلى الشاشة» عام ١٩٥٩، وقد ترجم أستاذ الأجيال الراحل ١٥ كتاباً آخرها «توجيه الممثل فى السينما والتليفزيون» عام ٢٠٠٤ كلها من المراجع التى لا غنى عنها. وذلك إلى جانب مؤلفاته الستة، من «فن التصوير السينمائى» عام ١٩٧٧ إلى «مائة عام من الإنتاج السينمائى، مع آخرين عام ٢٠٠٨، وأهمها «تاريخ السينما فى مصر» من جزأين عامى ١٩٨٩ و٢٠٠٧.
(عن “المصري اليوم” بتاريخ 3 يناير 2017)
أسس الحضرى جمعية الفيلم عام ١٩٦٠ وكان أول رئيس لها، وتولى عمادة معهد السينما عام ١٩٦٧، وشهد المعهد تحت قيادته إنتاج أفلام الطلبة لأول مرة فى تاريخه، وأدار نادى سينما القاهرة منذ بدايته عام ١٩٦٨، وجعله من أهم نوادى السينما فى العالم، كما أدار مركز الثقافة السينمائية عام ١٩٧٢، والمركز القومى للسينما عام ١٩٨٠ وصندوق دعم السينما عام ١٩٨٤. رحم الله أستاذنا وأستاذ كل الأجياب بقدر ما أعطى.