عادل إمام: فوبيا الأرقام.. وهوس الفلوس!

Print Friendly, PDF & Email

كان من المفروض أن يلعب عادل إمام بطولة واحد من أشهر وأهم أفلامنا المصرية “سواق الأوتوبيس” الذى كتبه بشير الديك وأخرجه عاطف الطيب. نور الشريف كان الترشيح الثانى لدور حسن السواق الذى حصل من خلاله على أهم جائزة عالمية فى مشواره السينمائى “الطاووس الفضي” من مهرجان نيودلهى عام 83. ولم تكن المرة الأولى، فبعدها بنحو ثمانى سنوات تكرر الموقف مع “الكيت كات” للمخرج داوود عبد السيد، حيث ذهب أولا داوود إلى عادل فى الاستوديو ولم يتحمس، فما كان منه إلا أن التقى محمود عبد العزيز فى البلاتوه المقابل فوقّع على بياض وصار الشيخ حسنى هو العنوان الرسمى لمحمود عبد العزيز.

الفيلمان ليسا فقط أهم ما قدم النجمان ولا المخرجان ولكنهما صارا من بين الأشرطة السينمائية الأفضل فى السينما المصرية طوال تاريخها، وفى كل استفتاء يتأكد ذلك.

وللحقيقة فإن عادل إمام حرص على الإشادة بنور ومحمود وبالفيلمين فى عديد من المناسبات، ولكن لماذا يضحى نجم كبير بدورين؟ إنها الأعراض الجانبية للنجومية الطاغية، التى تحدد قيمة النجم بمقدار ما تحققه أفلامه من إيرادات. والمؤكد أن ترمومتر عادل خانه فى الاختيار لأن الفيلمين أيضا كان لهما نصيبهما من الإيرادات المرتفعة، والشباك فى السينما هو الذى يحدد الأجر.

قل لى كم هو أجرك أقُل لك مَن أنتَ . مع الأسف صارت هذه هى القاعدة فى تقييم النجوم، بل فى الحياة كلها، صحيح أن كل شىء فى الدنيا من الممكن إحالته إلى رقم، ولكن ليس صحيحا أن كل ما فى الدنيا تزداد قيمته كلما ارتفع الرقم.

وغالبا فإن نجاح العمل الفنى الأخير هو الذى يدفع شركات الإنتاج إلى التعاقد مع الفنان بأجر أكبر، إلا أن الأمر لا يخلو بالتأكيد من قفزات وتراجعات، قد يرتفع أجر الفنان مرة واحدة إلى رقم لم يكن يحلم به، ثم يأتى عمل فنى آخر تنهار فيه إيراداته فيعيش فى هذه الحالة كابوسا يهدده بفقدان أعز ما يملك.

عدد لا بأس به من النجوم صاروا يلجؤون إلى الوصفات السحرية من أحجبة وذبح عجول مع تخميس أياديهم فى الدماء النازفة على الأرض، وذلك لدرء أى تهديد رقمى محتمل، ولكن يظل عادل إمام بتسيّده قمّة الإيرادات أكثر من ثلاثة عقود من الزمان حالة استثنائية أظنها غير قابلة للتكرار!!

ألم تلحظوا أنه ابتعد للعام الخامس على التوالى عن السينما بعد فيلمه ألزهايمر ؟ صار موطنه الأصلى حاليا هو مسلسلات التليفزيون، تلك النقلة لا تعنى بالضرورة حبًا للدراما التى هجرها قبل 30 عاما، ولكن ما حدث بعد ثورة 25 يناير أن إيرادات السينما تراجعت لأسباب أمنية ونفسية واقتصادية، فكان لا بد أن تنخفض فى المقابل الأجور، وعادل لا يسمح أبدًا أن يهتز رقمه، وهكذا توجه عدد من النجوم إلى الدراما التى شهدت استقرارًا بعد الزيادة الملحوظة فى الفضائيات التى صارت تتوالد بمقياس الفيمتو ثانية .

رقم عادل فى الدراما يتجاوز ضعف ما يحصل عليه نجوم الصف الأول، تجاوز فى مسلسله الأخير صاحب السعادة 30 مليون جنيه، وأظنه فى مسلسله الرابع أستاذ ورئيس قسم سيقفز إلى رقم أعلى.

نجوم هذا الجيل، لكى يواصلوا بقاءهم على الخريطة السينمائية خفضوا أجورهم أو أنتجوا أو قرروا الحصول على نسبة من الأرباح فى الشباك كحلّ مؤقت حتى تستقر الأوضاع. شركات الإنتاج الكبرى صارت تتحسس خطواتها الإنتاجية لأن العائد غير مضمون، الخوف من انخفاض الإيرادات الوجه الآخر له هو الخوف من انخفاض الأجر. عادل يُعرض عليه عديد من الأفلام، والمؤكد أن بعضها مع الزمن سيصبح مثل حسن السواق والشيخ حسنى الكيت كات ، ولكنها الأعراض الجانبية لـ فوبيا الأرقام.

Visited 46 times, 1 visit(s) today