ضبابية الرؤية في الفيلم المغربي “حجاب الحب”

Print Friendly, PDF & Email

“حجاب الحب” للمخرج عزيز السالمي فيلم أثار جدلا. فيلم مرتبك الرؤية وغير ناضج، وحواراته تتداخل فيها اللغة الفرنسية والدارجة المغربية. فضيلته الوحيدة هو أنه يصور المجتمع المغربي باعتباره، كما هو بالفعل، مجتمعا معقدا ومركبا وذا تحديات فكرية واجتماعية عنيدة ويعيش اختناقات عدة.

موضوع الفيلم هو الحجاب حينما يرتبط بالحب وبالجنس تحديدا، وهو بذلك  يحيل على معطى ذي  إحالات اجتماعية ودينية، وله امتداداته في الحياة اليومية وفي معيش الأسر ويجعلنا نطرح هذه الأسئلة المترابطة: ما معنى ارتداء الحجاب في مغرب اليوم؟ هل هو اختيارأم استسلام؟ مناورة أم تقية؟

تتعدد الإجابات بتعدد الحالات، لكن فيلم “حجاب الحب” عجز عن الإمساك   بتعقد الظاهرة، واختار الحل السهل المتمثل في الإثارة (أجساد أنثوية جميلة متخففة من الثياب، رقصات متكررة وموسيقى صاخبة بحانات أنيقة) وفي تقديم شخصيات مسطحة تنتقل من موقف إلى آخر ومن ارتداء الحجاب إلى عدم ارتدائه، بالنسبة للشخصيات النسائية، دونما تبرير ودون منطق موجه لتصرفاتها. فالباتول الطبيبة الوديعة والشخصية الرئيسية تعلقت  بحمزة الدون جوان المتمرد،  وستهديه عذربتها دون أن تخبره بالأمر في مشهد فاتر وستربطهما بعد ذلك علاقة متوترة  ترددت فيها الباتول بين ارتداء الحجاب أو خلعه وانتهت بأن حملت.

وحينما مات أخوها في حادث اصطدام وهو يطارد سيارتها ألح عليها إحساس  بالذنب، وفي الأخير سيظهر أنس، قريبها المتدين، الذي سينقذها من ورطة الحمل ويقبل أن يتزوجها بعد أن صدته أكثر من مرة وبعد أن رفض حمزة الحداثي تحمل مسؤوليته.

  والملاحظ أن باقي  شخصيات الفيلم النسائية هي إما شخصيات متذبذبة تائهة تبحث عن زوج بأي ثمن، أو ترغب في نسيان تجربة مرة عبر الخمر والعلاقات العابرة. ولا نعثر على من تعيش حياة طبيعية ومتزنة. ويمكننا في هذا السياق  أن نتذكر  فيلم “نساء …ونساء” لسعد الشرايبي، لأن شخصياته الرئيسة هن نساء من مغرب تسعينيات القرن الماضي ولم يكن الحجاب لهن بالمرصاد.

ويذكرنا “حجاب الحب” أيضا بالفيلم المصري “يا دنيا يا غرامي” لمجدي علي فهما يلتقيان في طرح إشكاليةالتوازن العاطفي والإشباع الجنسي في مجتمعات تقيد حرية المرأة في هذا المجال وتراقبها، رغم أن هذه المجتمعات أصبح يميزها تأخر سن الزواج مقارنة مع فترات أخرى. إن الموضوع المطروق، إذن، هو موضوع شائك وجدي، لكن المخرج عزيز السالمي تناوله بخفة وسذاجة وأصر على جعل الحداثة رديفا  لارتياد الحانات وممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج،  وتبنى في نهاية الفيلم التصور الديني للعالم، مع ما يتضمنه من ثنائية الجزاء والعقاب  ودفاعه عن  شهامة المتدينين، دون غيرهم، ومن جعله من  الدين ملاذا أخيرا وآمنا، ومع ذلك تمت مهاجمة  الفيلم من طرف بعض الفقهاء.

    إن الأسئلة  المتوجب طرحها هي ما الذي يحجبه الحجاب الذي يتنامى استعماله في مجتمعنا؟ وهل يقر المجتمع المغربي بأن للفرد حقوقا بقدر ما له من  التزامات تجاه الآخرين؟ وهل يمكن للمغربية أو للمغربي أن يطالب بّمجال حيوي” خاص به لا يتم ولوجه إلا بعد استئذان؟ وأين تنتهي الحرية  ليبدأ الاستفزاز؟ أسئلة افتقد فيلم “حجاب الحب” للزاد المعرفي والتمكن الجمالي لإضاءتها، لذا كانت خيبتن،نحن المتلقين، خيبة من العيار الثقيل.

Visited 146 times, 1 visit(s) today