توجو مزراحي.. سفير الضوء

توجو مزراحي مع زوجته توجو مزراحي مع زوجته
Print Friendly, PDF & Email

هند الرباط


إن قصة سفير الضوء وأمير السينما الحالم، توجو مزراحي مُلِحّة جدًّا وهامة للغاية. حيث كان مزراحي واحدًا من أكثر السينمائيين غزارة في الإنتاج في عصره. على امتداد مسيرته المهنية المثمرة التي دامت ستة عشر عامًا في صناعة الأفلام المصريّة، من 1930 حتى 1946، قام بإخراج وإنتاج ثلاثين فيلمًا باللغة العربية، وقد كتب معظمها. بالإضافة إلى مساهماته في السينما المصريّة بالعربيّة، قام في الاستوديو المصري العائد له بإنتاج أربعة أفلام باللغة اليونانيّة بين 1937 و1943.

كان تطوّر صناعة سينما وطنية مصدر فخر وطنيّ للسينمائيين المصريين، وللنقّاد وللمشاهدين معًا في وسط مرحلة كفاح ضد الاستعمار. ولقد اعتبر مزراحي نفسه ملتزمًا بهذا الجهد الجماعي. ورحبّ معاصروه بمساهماته في بناء قطاع سينما وطني. وتمكَّن مِن التوصل بعبقرية إلى التماهي مع الصراع الوطني المصري، لأنه كان مصرياً صميماً وأصيلاً، حيث كان مصري الروح والوجدان.
ولد نوج ومزراحي في 2 يونيو عام 1901، بمدينة الإسكندرية، لأحد أغنى عائلات اليهود في الإسكندرية وقتذاك، تعود أصول العائلة إلى إيطاليا. وكان الثالث بين 8 أطفال؛ وجاء ثمرة زواج السيدة ماتيلدا والسيد چاك مزراحي (غالبًا هاجرت عائلته من تركيا إلى مصر)، كلاهما من مواليد الإسكندرية، السيد جاك يكبر السيدة ماتيلدا بخمس سنوات، لكنهما غادرا الدنيا في نفس العام؛ 1935.السفارديم هم: اليهود الذين اختاروا النسخة البابلية من اليهودية، وهم معروفون بانفتاحهم على الحضارات الأخرى على عكس الأشكيناز، ومن بينهم السيدة ماتيلدا طويل؛ والدة الفارس النبيل توجو التي تنتمي إلى عائلة أجيون؛ ذات الثراء والنفوذ، التي هاجرت من إيطاليا إلى مصر في القرن الثامن عشر. بدأ توجو مزراحي عمله في السينما.

وكان توجو قد ولد في لحظة تقدس الحرب، وتضع جنرالاتها في مصاف العشاق الأسطوريين ولهذا بعد 4 سنوات من ولادته اختارت العائلة لإبنها چوزيف إيلي مزراحي اسمًا جديدًا من وحي الإعجاب بالأدميرال الياباني توجو هيهاتشيرو، الذي انتصر على الأسطول الروسي في بحر البلطيق. ولم يُسجَّل الاسم “توجو” في السجلات الرسمية إلا عندما أعادت الحاخامية الكبرى في الإسكندرية إصدار شهادة ميلاد چوزيف مزراحي لتحل محل الأصل، الذي كانت الجالية اليهودية أصدرته وصدَّقت عليه القنصلية النمساوية والمجرية.

عاش توجو 19 سنة وهو يحمل جنسية نمساوية مجرية، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حصل اليهود السفارديم الذين يعيشون في شرق المتوسط وكانوا على صلة بشبه الجزيرة الإيطالية، على جنسية إيطالية، بحقوق محدودة.

قرر مزراحي تغيير اسمه في البداية لأحمد المشرقي، ليكون اسماً سهلاً على أسماع المصريين، وبعدها قام بإنشاء شركة إنتاج سينمائي
في عام 1928، وقرر العودة إلى مصر، وعرض على أسرته مشروعه السينمائي، فتم استقباله بالرفض أول الأمر قبل التراجع أمام إصرار الشاب المغرم بالسينما. فقدمت له الأسرة يد العون بالاتفاق مع صديق الأسرة الثرى إدوارد بهنا على منحه قرضاً لمشروعه فكانت البداية كبيرة وقوية بقدر شغف توجو وأحلامه


الكوكايين (الهاوية)

في عام 1930 وفي أول تجربة سينمائية له، قام مزراحي بإخراج فيلم “الهاوية”، وعرضه في الإسكندرية، ليغير الاسم فيما بعد ليصبح “الكوكايين” ثم عُرِض بالقاهرة، وحقق نجاحاً كبيراً، وكان يعالج مشكلة الإدمان.

 يُعد الفيلم باكورة إنتاج الفنان توجو مزراحي، وهو فيلم روائي صامت طويل، وقام مزراحي ببطولة الفيلم باسم “أحمد المشرقي”. ولاقى الفيلم استحسان الحكومة المصرية وقتذاك، إذ أرسل له حكمدار القاهرة الإنجليزي “رسل باشا” خطاب شكر عن صناعة هذا الفيلم الذي يعالج قضية اجتماعية كبيرة ألا وهي الإدمان، وفي عام 1934 أصبح فيلم “الكوكايين” .

ناطقاً ومصحوباً بالموسيقى التصويرية.


شالوم

ابتكر مزراحي شخصية شالوم، للممثل ليون أنجل، والذي غير اسمه بالفعل ليصبح شالوم. وهو ممثل كوميدي مصري يهودي لمع في الثلاثينات من القرن الماضي من خلال مجموعة أفلام أخرجها له الفنان الراقي توجو مزراحي. وقدَّم مزراحي فيلم 5001 بطولة شالوم، ثم قدَّم معه عدداً من الأفلام الناجحة منها “المندوبان”، “شالوم الرياضي”، “شالوم الترجمان” و”شالوم بائع ورق يانصيب “، وكان شالوم هو الممثل المصري الأول الذي سميت أفلام باسمه الحقيقي، والممثل الثاني كان الفنان الكوميدي خفيف الظل إسماعيل ياسين.


علي الكسار

ارتبطت معظم الأفلام التي أخرجها توجو مزراحي بشخصية بأداء الفنان الكوميدي الراحل علي الكسار، وبالفعل حقق الكسار نجومية كبيرة مع توجو، ليقدما عدداً من الأعمال السينمائية الرائعة والخالدة منها “الساعة 7″، “سلفني 3 جنيه”، “ألف ليلة وليلة “،”خفير الدرك “، “نور الدين والبحارة الثلاثة “،”علي بابا والأربعين حرامي”، ” عثمان وعلي”، وهي أفلام نحبها جداً ونتابعها بشغف حتى يومنا هذا. وقد رأى مزراحي في علي الكسار نموذجاً للشخصية المصرية النوبية خفيفة الظل، والتي حقق بها الكسار نجاحاً مذهلاً في السينما والمسرح معاً

من فيلم “ليلى بنت مدارس”

مع ليلى مراد
من بين الوجوه التي اكتشفها مزراحي، ليلى مراد، التي تبناها فنياً وجعل منها نجمة سينمائية ذائعة الصيت في مصر فصارت من أبرز الممثلات والمطربات في تاريخ السينما المصرية. ولم يقتصر دوره على ترشيحها للأدوار الفنية فقط، ولكنه حرص على تقديمها للجمهور في صورة سيدة رقيقة ورومانسية، فضلاً عن مساعدتها في انتقاء أدوارها بعناية، ففي عام 1939، قدَّم معها فيلم ” في ليلة ممطرة ” كما قدَّم معها فيلم “ليلى بنت مدارس ” و” ليلى بنت الريف” عام 1941، وفيلم ” ليلى” عام 1942 المأخوذ عن رواية غادة الكاميليا، ثم فيلم ” ليلى في الظلام ” عام 1944.

ثنائيات السينما

من فيلم “سلامة

يُعتبر توجو مزراحي أول من جلب فكرة الثنائيات إلى السينما المصرية وذلك من خلال فيلم “المندوبان” الذي عرض في عام 1934م بطولة الثنائي فوزي وإحسان الجزايرلي، وفيلم “الدكتور فرحات” الذي صدر عام 1935م. حيث تألق النجمان فوزي وإحسان الجزايرلي، وفيلم “الفرسان الثلاثة” الذي عرض عام 1941، وهو مِن بطولة الثنائي فوزي وإحسان الجزايرلي.
حقق مزراحي نجاحات كبيرة ومتميزة جداً في مجال صناعة السينما، سواء من ناحية التمثيل، الإنتاج، الإخراج، والمونتاج، واكتشاف المواهب، حيث كان له دور بارز وكبير في اكتشاف مواهب فنية مثل إبراهيم حمودة، حسين ونعمات المليجي، حسن صقر، محمد عبد المطلب، إسماعيل ياسين، زوزو لبيب، وبهيجة المهدي.

في عام 1945، قام مزراحي بإخراج وإنتاج تحفته السينمائية ” سلَّاَمة “، لكوكب الشرق أم كلثوم، وضمن أحداث الفيلم جعلها تتلو آيات قرآنية كريمة.

Visited 1 times, 1 visit(s) today