“خيال مآته”.. ليس بالضحك وحده تنجح الأفلام

ليس بالضرورة أن يحقق كل فيلم النجاح الساحق المتوقع منه، سواء لانتمائه لنجم شباك أو مخرج معروف بجودة فنياته أو حتى لكاتب معروف بكتاباته المتميزة، هذا ما حدث مع فيلم “خيال مآته”، للمخرج خالد مرعي وتأليف عبد الرحيم كمال وبطولة أحمد حلمي ومنة شلبي، صدر الفيلم منذ حوالي أسبوعين لكنه لم يحقق المرجو منه سواء للجماهير التي انتظرت عودة “حلمي” بفيلم جديد بعد ابتعاد عن السينما لحوالي ثلاث سنوات، كذلك لم يستسيغه الحقل النقدي كثيرا، فإلى ماذا يعود هذا التراجع وخيبة الأمل؟

حتى نفهم مأزق فيلم “خيال مآته” علينا بالنظر إلى واقع المشهد السينمائي في موسم عيد الاضحى، رافق فيلم “خيال مآته” في دور العرض بل وسبقه في العرض فيلم “الفيل الأزرق” الجزء الثاني، “ولاد رزق” الجزء الثاني و”الكنز” الجزء الثاني، الأفلام المذكورة حققت نجاحات ملحوظة في شباك التذاكر وكذلك على المتسوى النقدي حتى وإن تفاوتت ردود الفعل حولها في أجزائها الأولى، لهذا فالأجزاء الثانية منتظرة من قبل الجمهور بشكل ما، ما جعلها محط أنظار الجمهور والنقاد والإعلام أيضا.

كما أنها تتماشي مع ذوق السواد الاعظم من جمهور السينما، حيث توفر للمشاهد عالم من التشويق والحبكات المتداخلة وقدر من الابهار البصري، في حين جاء فيلم “خيال مآته” على عكس هذه المعالم السينمائية السائدة في الأفلام التي رافقته، فحبكته بسيطة وإيقاعه متراخي بعض الشئ، كما أن الأداء التمثيلي لم يحقق المستوى الأفضل، لهذا لم يكن سعيد الحظ مثل الأفلام التي رافقته في موسم العيد.

ماذا انتظر الجمهور من فيلم “خيال مآته”؟

إن كنت من مريدي سينما “أحمد حلمي” كنجم شباك لديه خفة دم يتم توظيفها من خلال سينما كوميديا الموقف، فإن الفيلم قد فقد هذه السمة، فسيناريو “عبد الرحيم كمال” لم تتخلله الكثير من الكوميديا، وإن كان بوستر الفيلم يبشر بداخل الشخصيات كما حدث في فيلم “كده رضا”، فهذا لم يحدث أيضا فالشخصياتان اللاتي قدمهما “حلمي” افتقرت للعمق والرسم الجيد لها كما هو حال شخصيات الفيلم الأخرى، فالشخصيات سطحية لا تحمل خلفيات تدعمها أو تبرر أفعالها.

غاب الترابط عن كتابة عبد الرحيم كمال، فلا نعرف هل يركز على “بروش أم كلثوم” أم على مسيرة حياة “يكن” أم التحول الذي طرأ على شخصية “عزيز” الحفيد، هذا التحول السريع غير المفهوم، وكأننا أمام فيلم ميلودرامي في بداية القرن العشرين يتحول به الشرير إلى خير والعكس بمجرد التنقل بين المشاهد، وهذا ما حدث مع “بروش أم كلثوم” ونوستاليجيا “أم كلثوم” بصورة كاملة في الفيلم، فلم يضفي الفيلم هذا القدر من النوستاليجيا في بناء حبكته، وتحولت أغاني الست وبروشها إلى تفاصيل مقحمة على الفيلم دون جدوى.

الفن به أكثر من الضحك

حاول سيناريو عبد الرحيم كمال” إضفاء أكثر من الضحك على فيلم “حلمي” الجديد، وأن ينقل “حلمي” نفسه من مجرد فنان يقدم فيلم كوميدي اجتماعي إلى فنان يقدم فيلم أعمق من الضحك، لكنه لم ينجح في هذا أيضا، فالسيناريو كما الذي رقص على السلم، لم ينجح في إضحاك الجمهور ولم يفلح أيضا في تقديم حبكة تشويقية لشئ ثمين مسروق، فجاء فارغا دون أعمدة تدعمه، والشخصيات باهتة دون حضور متعادل.

يعتبر فيلم “خيال مآته” هو التعاون الخامس بين المخرج “خالد مرعي” و”أحمد حلمي”، فقدموا سويا “أسف على الإزعاج، عسل اسود، بلبل حيران ولف ودوران”، ويعتبر “أسف على الإزعاج” أكثرهم فنية من حيث حضور المخرج ووضوح ملكاته.

جاءت كاميرا “أحمد يوسف” سهلة في أغلب الاحيان غير محققة لعنصر المتعة البصرية، وكأنها تلاحق الشخصيات، دون استغلال لطابع المغامرة، فالفيلم يدور حول جريمة سرقة تمت عن ما يزيد عن أربعين عام، كذلك مونتاج “خالد سليم” لم يمنح الفيلم الحيوية المطلوبة فاتسم اليلم بالمماطلة والتطويل، ما زاد من أزمات الفيلم. فيما نجح المكياج في خلق ملامح لشخصية “يكن”، وكذلك الموسيقى التصويرية لخالد داغر بنغماتها الناعمة.

الأداء التمثيلي في الفيلم كان عاديا بل وباهتا في بعض الأحيان، فلم يحقق “حلمي” ما كان متوقع منه، كما حدث مع باقي الشخصيات، وذلك لغياب أبعاد الشخصيات التي تمنح الممثل فهم أعمق لدوافع الشخصية وتوظيفها في أدائه التمثيلي، ويعتبر أداء لـ “خالد الصاوي”و”حسن حسني” هما الأفضل رغم قلة مشاهدهما، كذلك “عبد الرحمن أبو زهرة”،”إنعام سالوسة”، رشوان توفيق” و”لطفي لبيب” الذين أضفوا على الفيلم روح خفيفة بأدائهم السلس.

السينما فن تجريب وامتاع، وحيث تتفاوت الأذواق ومراد المشاهدة، وعدم نجاح فيلم لا يعني النهاية وإنما هي خطوات تصيب أحيانا وتخفق أحيانا أخرى، ويبقى الفيلم حتى وإن لم يحتفظ بأعلى الإيرادات. 

Visited 155 times, 1 visit(s) today