حول الفيلم الياباني “اعترافات”.. التربية والجريمة والانتقام
“اعترافات” هو فيلم ياباني انتاج عام 2010 من اخراج تيتسويا ناكاشيما وحاز على عدة جوائز منها جائزة الأكاديمية اليابانية لأفضل فيلم وجائزة الفيلم الأسيوي لأفضل فيلم وافضل مخرج .
يطرح الفيلم المشاكل المتعلقة بطلاب إحدى المدارس في فئه معينه منهم ممن لهم مشاكل أسرية أو نفسية وما يتعلق بالقانون تجاه مرتكبي الجرائم، كما يطرح الفيلم الجانب السلبي للتكنولوجيا بشكل غير مباشر، والعنف بين الطلاب، كل ذلك من خلال موضوع يدور حول جريمة قتل.
ينكشف للمتفرج كل شيء في الفيلم في أول نصف ساعة منه، وهي طريقة غير تقليدية لافتتاحية فيلم، وخلالها يبدو للمتفرج ان الفيلم قد انتهى.. فالتدرج في استخدام التفاصيل في أول نصف ساعة من حديث المعلمة داخل احد الفصول مع الطلبة عن الصحة الخاصة بطلاب المدرسة، ثم الحديث عن اهمية التعليم ودور المعلم تجاه الطلاب ومساعدتهم. ومن الناحية الأخرى معاملة الطلاب للمعلمين بشكل سيء ثم الحديث عن الحياة ثم عن مرض الايدز، ثم عن حياتها، وما مرت به من ظروف، ثم عن مقتل ابنتها، ثم الحديث عن ان القتلة هم من طلاب هذا الفصل ثم عن كيفيه انتقام المعلمة منهم.. وخلال كل ذلك تظهر تفاصيل أخرى عن شخصيات الطلاب.
يحدث كل هذا بأسلوب غيرتقليدي في تنفيذ المشاهد كما يتضح من خلال طريقة القطع بين اللقطات بشكل ناعم مع المزج بين اللقطات واستخدام الحركة البطيئة لنقل حالة الملل لدى الطلاب، مع عزل الصوت وأحيانا لتعزيز الحدث دراميا او للتشويق مع استخدام الموسيقى واللقطات الصامتة والفلاش باك وطريقة تتابع المشاهد واسلوب و نبرة صوت المدرسة.. يأتي كل ذلك في اتجاه معاكس لإحساس الموقف الذي يروى في اول نصف ساعة عن الحياة التي تمثلها بشكل خاص الطفلة الصغيرة، والقتل الذي يمثلة بعد ذلك اعترافات الموت وهي اعترافات الجناة التي تُسرد بعد ذلك على شكل فصول.
الفصول
تكشف فصول الاعترافات تكوين شخصيات الطلبة واسباب ارتكابهم الجريمة ويتضح في نفس الوقت، انهم أيضا مجني عليهم من خلال دور المنزل في التربية وايضا الجانب السلبي للتكنولوجيا. وتتعاقب الفصول من خلال اكثر من راوِ، وتتابع للمشاهد غير تقليدي، فأحيانا تظهر لقطات تسبق الحدث وتكون غير مفهومة بمعنى ليست في سياق المشهد وتثير الفضول، ولكن يظهر معناها بشكل واضح في مشاهد لاحقة عندما تُعرض من جديد، لتأكد المعنى او المغزى، ونفذت بعض اللقطات بشكل مسرحي كصورة لتعزيز الغموض واحيانا بتسليط الإضاءة على الشخصيات بشكل مسرحي صريح.
وبما ان الفيلم يتناول جريمة قتل تأتي من بعدها الاعترافات والانتقام، فإننا امام الغاية والمبرر والوسيلة لدى كل شخصية، والمعنى المبني على كل تصرف من الشخصيات من قرارات بشكل مباشر أو غير مباشر. و تُظهر المرآة المحدبة المستخدمة في بعض المشاهد لتشويه المنظور لبعض اللقطات فهو تشوه نفسي داخلي للشخصيات في اللقطة. واحيانا تعبر عن المشهد التالي له من تشوه للتفكير أو نية الشخصية في فعل أمر ما مشوه، وتظهر تلك المعاني بشكل مباشر واحيانا بشكل غير مباشر ليظهر معناها بعد ذلك.
القتل والانتقام ببرود
شخصية المعلمة غايتها الانتقام ممن قتلوا طفلتها، فالشرطة في التحقيق قالت انها توفيت نتيجة غرقها في حمام السباحة ومن وجهه نظر المعلمة حتى اذا اكتشفوا الحقيقة التي عرفتها من خلال القتلة، فالقانون لن يعاقبهم لصغر سنهم، ووسيلتها كانت بث الذعر والخوف في نفوس من قتلوا ابنتها عن طريق اخبار الطلبة انها وضعت في الحليب الذي تناولوه دما ملوثا بفيروس الايدز. وأيضا قامت بذلك لتعليم جميع الطلية معنى كلمه الحياة.
المتهم (أ) أو (شويا واتانابي) غايته لفت الانتباه اليه ومبرره عامل نفسي نتيجه ما تربى عليه منذ صغرة على يد والدتة فظهر يعد ذلك بشكل سلبي عن طريق الايذاء من خلال نشر كيفيه ايذاء للحيوانات عبر موقع له على الانترنت، وبعد فترة لم يعد يشعر بالتفات الأنظار اليه، وجاءت وسيلتة للفت الانتباه من جديد، محفظة ضد السرقة قام باختراعها وهي في فكرتها أيضا إيذاء للآخرين، وهي التي تم بها إيذاء ابنة المدرسة والسبب في سلوكه طريقة تربية الام له في صغرة التي أتت نتائجها بشكل غير مباشر وعكسي والنتيجة لسلوكه وتفكيره قام بقتل زميلته الني لها قصة اخرى.
المتهم (ب) او(ناوكي) غايته ايذاء معلمته عن طريف ابنتها. ومبررة في ذلك معاقبة المعلمة لعدم اهتمامها بهم كطلبة ووسيلته اقناع (شويا واتانابي) بالاشتراك معه في إيذاء الفتاة. وسبب سلوكه يكمن في طريقة تربيته وضعف شخصية أمه امامه. ولذلك فقد قتل الطفلة كما قتل والدته.
تستمر الاحداث بشكل متداخل عن طريق فصول أخرى الى ان نصل الى النهاية التي تُظهر مدى قسوة الانتقام بطريقه نفسيه متصاعدة قوية وصعبة وغير متوقعة مما جعل الفيلم مشوقا حتى آخر لحظة مع جملة الحوار الأخيرة