“الوفد” تناقش: هجرة السينما في عصر الإخوان
نشر علاء عادل تحت هذا العنوان في جريدة “الوفد” المصرية اليومية، تحقيقا يستطلع فيه آراء عدد من السينمائيين والصحفيين في أوضاع السينما المصرية في ضوء سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر وما يتوقع من فرض رقابة مشددة على النشاطات الفنية عموما…
كثيرة هى الأزمات التى تواجه صناعة الفن المصرى فى السنوات الأخيرة وعلى رأسها صناعة السينما مع الصراعات السياسية المتوالية عقب ثورة يناير التى جعلت العامين الماضيين من السنوات العجاف لتعيش الصناعة أسوأ مراحلها فى الألفية الجديدة.
ولكن الأسوأ من هذا هو تكرار سيناريو الطيور المهاجرة الذى شهدته السينما المصرية عقب توقف الإنتاج المصرى بسبب النكسة وسنوات الحرب وهو ما دفع الكثير من صناع السينما للجوء للدول العربية خاصة لبنان وتقديم أعمال سينمائية مع توقف نبض السينما المصرية وهو ما بدأت مؤشراته مع إحجام المنتجين عن تقديم أفلام جديدة وتفكير بعض النجوم والمخرجين فى الهجرة مع حالة التربص التى يعيشها الفن المصرى من قبل التيارات المتشددة التى استحوذت على حكم مصر وهو ما نناقشه فى هذا الملف.
المخرج مجدى أحمد على: لن نترك البلد للإخوان
لست متفائلاً بسلوك جماعة الإخوان المسلمين لأنهم يسيرون عكس المطلق وتقدم البلد، ولكن أزمة الفن فى مصر ليست سياسية بل اقتصادية، وتقديم أفلام خارج مصر هى عملية تعتمد على العرض والطلب وعلى حسب نوع الأفلام التى سوف تقدمها وما مدى حجم التنازلات التى سوف تتخلى عنها مع العلم أنه يوجد بعض الدول لا تريد مصلحة مصر، وظروف البلد الآن تختلف عن أيام النكسة لأنها كان بها قمع وترهيب وهذا ليس موجوداً الآن، فالظروف تغيرت وهذا بلدنا لن نتركه لأحد، والفن المصرى يعبر عن البلد ولن نتخلى عنه أو نترك البلد للإخوان، فالفن هو قوة مصر الناعمة وتاريخنا عمرة 7 آلاف سنة ولن يستطيع أحد أن يأخذ الفن لحسابه، وواهم من يعتقد أنه يستطيع السيطرة على البلد.
الناقد السينمائى مصطفى درويش: مناعة السينمائيين المصريين ضعيفة
فى البداية يجب معرفة سبب هجرة هذه الطيور ولماذا ذهبت للخارج؟ هل هى ظروف سياسية أم إنتاجية؟ فالثقة لم تعد موجودة ودور العرض خاوية على عروشها ولا يدخلها أحد والطريق إليها ملىء بالمخاطر، فالطيور لا تهاجر إلا عند الإحساس بالبرد، والكل أصبح يريد إنقاذ نفسه مثل قوم نوح، والمصريون كما قال نجيب محفوظ “بطبعهم بينسوا بسرعة”هينسوا ماضيهم وهويتهم وهيعتبروا السينما حرام تحت ضغط الإخوان والسلفيين، وأضاف قائلاً: السينما المصرية فى غرفة الانعاش وعاجلاً أم آجلاً سوف تغلق دور العرض لأنه لن يكون هناك إنتاج، بجانب أن بناء السينمات يتم برأس مال أمريكى وذلك للترويج لأفلامهم، والسينمات المصرية تهدم ويحل محلها العمارات الشاهقة، فانحطاط السينما المصرية بدأ منذ مدة وبوادره ظهرت من تكرار الأفكار وتقليد الغرب، فجهاز المناعة عند السينمائيين المصريين ضعيف.
المنتج والمخرج هانى جرجس فوزى: الأفلام المصرية لم يعد هناك من يشتريها
السينما المصرية فى أزمة منذ فترة وهى ليست مرتبطة بالأوضاع السياسية بل مرتبطة بالتوزيع الخارجى، فلم يعد يوجد من يشترى الأفلام التى كانت تباع إلى شركتى روتانا وإيه آر تي الللتين أصبحن لا يشترون الأفلام فإذا وجد من يشترى سوف تنتعش الصناعة مرة أخرى ولن يهاجر أحد، فبالرغم من وجود العديد من القنوات الفضائية إلا أنها لا تعوض التوزيع الخارجى للأفلام حتى لو قمت ببيع الفيلم إلى جميع القنوات الفضائية سوف تجمع ثمن الفيلم على مدار 5 سنوات.
فكانت روتانا أو إيه آر تي تشترى حق البيع لجميع القنوات الفضائية مما يوفر سيولة مادية تصل إلى 80% من قيمة تكلفة الفيلم، وأحيانا كان يتم دفع الأموال قبل بداية التصوير فإذا ظهر مرة أخرى من يفعل ذلك ستزدهر الصناعة حتى لو انقلب البلد رأسا على عقب، والهجرة لن تؤثر على التراث السينمائى لأن الأفلام موجودة على الفضائيات والاسطوانات المدمجة، ومنذ بداية صناعة السينما، والعرب وأهل الشام هم من يشترون أفلامنا وتسويقها الأساسى إليهم، والفنانون المصريون نصفهم مرتب أحواله فى دبى والنصف الآخر فى لبنان ولكن ذلك فى حالة أن يكون البلد وصل لدرجة كبيرة من الفوضى وعدم الاستقرار والهجوم على المواطنين يصل إلى البيوت وذلك لن يحدث بسبب وجود الجيش الذى سوف يتدخل فى الوقت المناسب.
الفنان محمود ياسين: كلنا دول عربية وفى النهاية اسمه “الفيلم العربى”
هذا لن يحدث، وارد أن فناناً أو أكثر تعرض عليه أعمال فى دولة عربية ولكن هذا ليس معناه الهجرة ولا يوجد مانع طالما يوجد عندهم الأجهزة الحديثة، والإمكانيات التى تخرج العمل فى شكل لائق، والفنان الذى يذهب إلى دولة عربية فهو ليس ببعيد عن مصر، ويستطيع من خلال البلد الذى هو فيها التواصل مع التليفزيون المصرى، ففى قلب أستراليا يوجد جاليات مصرية تعرض أفلامنا ففى كل مكان عبر العالم سنجد من يشترى الأفلام المصرية، وموجة الأفلام اللبنانى لم تكن سيئة ربما يوجد نسبة كبيرة منها، ولكنها أساءت لأصحابها، وليست للسينما المصرية، ففى النهاية يطلق على الفيلم مسمى «الفيلم العربى» دون تحديد جنسه لبنانياً أو سورياً أو مصرياً فكلنا دول عربية عندنا نفس المشكلات والعادات ومصر لها الريادة فى تلك الصناعة بحكم تاريخنا والأسبقية فى امتلاك مقدرات المهنة، ويوجد لدينا ما يقرب من قرن معهد عال للمسرح، وأكثر من نصف قرن معهد للسينما، ولكن الزمن يتطور والكل يكتسب الخبرات، فأصبحت لديهم الإمكانيات والتكنولوجيا الحديثة ولا يوجد ما يمنع العمل هناك.