الوفد: تصفية الحسابات بالثقافة تدفع “القاهرة السينمائي للمحاكم
يبدو أن مهرجان القاهرة السينمائي أصبح لا يقوي علي عقد دوراته إلا بعد الخروج من قاعات المحاكم فبعد تأجيل دورة 2011 لظروف ثورة 25 يناير وإسناد المهرجان لمؤسسة يوسف شريف رزق الله دخل المهرجان لقاعات المحاكم.
ليتم وقفه علي يد ممدوح الليثي ثم يعاد فتح باب التقدم ويسند لنفس المؤسسة مرة أخري قبل أن يعيده الوزير الأسبق والحالي في الوقت نفسه محمد صابر عرب لنفس إدارته القديمة التي طالما أفشلته علي مدار سنوات ليقيم عزت أبوعوف وسهير عبدالقادر دورة هزيلة اصطبغت سجادتها الحمراء بدماء المعتصمين الرافضين لاستحواذ الإخوان علي مصر بمساعدة مندوب مكتب الإرشاد في الرئاسة المعزول محمد مرسي.
ويبدو أن سيناريو تخريب مهرجان القاهرة السينمائي يتكرر للمرة الثانية مع وزير الثقافة الجديد القديم الذي هدم الدورة الماضية وخربها وعاد للوزارة مرة أخري ليكرر نفس الجريمة في حق المهرجان بتفكيك ما تم بناؤه والبدء من جديد بعد إقالة الناقد أمير العمري وتكليف الناقد سمير فريد برئاسة المهرجان ليلجأ الأول للقضاء مطالبا بحقه المادي والأدبي الناتج عن تعاقد الوزير السابق علاء عبدالعزيز معه وهو الأمر نفسه الذي قام به النقاد رامي عبدالرازق وأسامة عبدالفتاح وأحمد شوقي بعد التعاقد معهم لرئاسة أفرع المهرجان ومسابقاته المختلفة ومنعهم من قبل شرطة السياحة من ممارسة عملهم ليعود المهرجان لقاعات المحاكم مرة أخري ويضيع الوقت في نزاعات وهجوم يؤدي لهجوم مضاد بين الأطراف المتنازعة وكأن أهواء الوزير أهم من مصلحة المهرجان التي لا يمثلها أمير العمري في حد ذاته ولكن تمثلها التحضيرات التي أجراها طوال الشهرين الماضيين وإذا كان عرب لا يصفي حسابات قديمة مع العمري فلماذا لم يقم بإقالة فتوح أحمد الذي عينه الوزير السابق رئيسا للبيت الفني المسرح أو يلغي اتخاذ الدكتور أحمد سخسوخ خبيرا وطنيا للمسرح أو تعيين الدكتورة ناهد رستم لرئاسة قطاع الفنون.
ناهيك عن إهدار المال العام الذي تسبب فيه قرار الوزير الحالي بعد المصروفات التي تمت في التحضير لدورة السادسة والثلاثين بالإضافة للرواتب والتعاقدات التي ستدفعها الوزارة رغما عنها لأن العقد شريعة المتعاقدين وهو الإهدار نفسه الذي قام به صابر عرب في الدورة الماضية بعد أن صرفت مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي 600 ألف جنيه كدفعة تمويل أولي لم ترد لخزينة الدولة بعد إنفاقها في التجهيز للدورة وتجاهل ما تم تحضيره ويبدأ عزت أبوعوف وسهير عبدالقادر من جديد لتخرج الدورة في أسوأ صورها.
وبغض النظر عن تهم إهدار المال العام التي يجب أن يواجهها وزير الثقافة وتحال قراراته للنائب العام للتحقيق فيها بدلا من إحالة ملف مهرجان القاهرة للتحقيق مع أمير العمري لحصوله علي 15 ألف جنيه باعتباره مبلغا فلكيا بالنسبة للوزير فهناك إهدار لمئات الآلاف التي تسبب فيها صابر عرب بقراراته غير المدروسة والتي تأتي دائما في الوقت الخطأ يجب أن نلتفت الي الدورة السادسة والثلاثين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة بعد ترشيح سمير فريد لرئاسة المهرجان وقبوله المنصب وتأكيده علي حسم موقف الدورة بعد دراسة موقف المهرجان للتأكيد علي استمرار الإعداد للدورة أو تأجيلها للعام القادم.
ويواجه سمير فريد بعيدا عن إدارته لمهرجان القاهرة السينمائي في عام 1985 واقعا جديدا يتمثل في إحجام شركات الإنتاج والتوزيع السينمائي عن مساندة مهرجان القاهرة سواء بعدم مده بأفلام لتحقيق التمثيل المصري وتفضيل المهرجانات العربية الوليدة عليه لما تمنحه لهم من دولارات أو برفض الموزعين منح المهرجان دور عرض سينمائي تستوعب عروضه وهي الأزمة التي عصفت بدوراته الثلاث الماضية مع بطلة دور العرض وضعف الإنتاج والإقبال علي المنتج السينمائي الذي يقدمه المهرجان وهذا يقودنا الي الأزمة الثالثة وهي أننا أمام مهرجان دولي كبير بلا جمهور حقيقي باستثناء بعض المعنيين بالشأن السينمائي من صغار السينمائيين فحتي الكبار يختزلون المهرجان في حفلى الافتتاح والختام.
ومع ما يحمله سمير فريد من خبرة طويلة في عالم المهرجانات السينمائية التي يعرفها عن ظهر قلب لن يخفي عليه انعدام الثقافة السينمائية في مصر وهو السبب الذي قد يكون وراء كافة أزمات المهرجان بداية من غياب الجمهور وانتهاء بضعف إقبال الرعاة الذين لا يمنحون المهرجان ما يوازي حجم إعلاناتهم في يوم واحد علي شاشة التليفزيون لأنهم ببساطة يبحثون عن جمهور يروجون له سلعتهم وهو ما يفتقده المهرجان وفي حالة تحققه قد نخرج من أزمة سوء التنظيم التي تضربه دورة تلو الأخري من خلال الاستعانة بشركة خاصة لتنظيم فعالياته ليبقي لرئيس المهرجان الجوانب الفنية التي كثيرا ما يهملها القائمون عليه لانشغالهم بالبحث عن تذاكر طيران أو تسول ضيوف أجانب بدون مقابل أو بمقابل مادي زهيد أو تنظيم الإقامة والتنقلات وكلها أشياء مهمة ولكن ليس علي خبراء السينما أن يقوموا بها.
وتبقي أزمة المهرجان الكبري في سوء التنظيم الذي قد يختفي بإقامة قصر للمهرجانات علي غرار كثير من المهرجانات العالمية خاصة أن تجربة إقامة المهرجان في دار الأوبرا أثبتت فشلها لعدم جهوزيتها من حيث آلات العرض السينمائي وأنظمة الصوت وأعتقد أن هذا يتوافق مع الرؤية التي طرحها فريد بوضع خطة لتحويل المهرجان الي مؤسسة من مؤسسات وزارة الثقافة ولن يتأتي هذا إلا بتجاوز هذه الدورة والبناء علي ما سبق لا هدمه كعادة وزير الثقافة الحالي الذي يتفنن في إهدار المال العام ونتمني أن يستعيد سمير فريد ذاكرة 1985 أثناء إدارته للمهرجان مع سعد الدين وهبة الذي أضاف الي تاريخه الكثير قبل أن تضربه مصالح منتفعي فاروق حسني.