“الشرق الأوسط”: السينما العربية تعيش وضعا معقدا
في جريدة “الشرق الأوسط” كتب الناقد محمد رضا تقريرا يلخص فيه حصاد العام 2012 من وجهة نظره تطرق فيه إلى وضع السينما في العالم العربي، التي يرى أنها تعيش حالة مأزومة معقدة في الوقت الحالي خاصة بعد ثورات “الربيع العربي” مستثنيا من ذلك دولة الإمارات…
هنا ما قاله محمد رضا عن السينما العربية في عام 2012..
السينما العربية ما زالت وضعا معقدا زادته “ثورات الربيع العربي“تعقيدا. السينما مهددة اليوم في موقع القلب من هذه السينما أي في مصر ذاتها. ليس أن السائد لا يزال أفلاما جماهيرية لأن هذا التوجه لن يضمحل أو يتراجع، بل لأن عدد الأفلام المنتمية إلى النوع الترفيهي بات أقل من سابقه كذلك نوعية الفيلم التجاري ذاته: هناك، كما الحال في “أنا بضيع يا وديع”(على سبيل المثال) معالجة جديدة – لكن هل هي أفضل من المعالجات الكلاسيكية في الإطار ذاته، هذا أمر مختلف.
إلى جانب ذلك، هناك ما يتربص بالسينما المصرية في المستقبل المنظور فيما لو وصلت بعض الأطراف السياسية إلى السُلطة. فليس من بين برامجها ما هو دفع للثقافة أو للفن. لذلك، ولو عمدنا إلى نزع القناع الذي وضعه بعض صانعي السينما والمشتركين في التهليل لكل جديد، جانبا، لبدت السينما العربية على حقيقتها العارية: تجارب في السينما أكثر منها السينما ذاتها. ومع أن بعض النقاد يغدق في تفاؤله مستنجدا بحسنات أفلام قليلة، فإن السينما ليست الأفلام والأفلام ليست السينما. هذا التفريق الغائب بين الناحيتين كفيل بتفسير سبب من أسباب سوء الفهم الذي يقع فيه هذا البعض.
بالإضافة إلى هؤلاء، هناك الذين يكتبون محيين سينما في بلد واحد معرضين عن البلد الآخر (أو قطاع كبير من البلدان الأخرى في الواقع) وهذا حسب موقعه على خارطة المصالح. في الحصيلة، لغط كبير يتّخذ غالبا صفة الدعاية ويتصف بلغة الطمأنينة ويهدف إلى تصوير نهاية سعيدة، تشبه تلك التي غلفت معظم أفلام هوليوود الثلاثينات.
الواقع أن السينما العربية أبعد ما تكون عن الوضع الجيّد بمفهومه العلمي. نعم هناك أفلام جيّدة من هنا وهناك (تصوّر لو لم تكن) لكن بضعة أيام ماطرة لا تعني أن فصل الشتاء قد أزف. وفي حين أن بعض النقاد يدركون أن السينما (في كل مكان) تتطلب عناصر أساسية لكي “تحدث“فإنهم حين يصلون إلى موضوع السينما العربية نجدهم غير ملزمي أنفسهم بالبحث عن هذه العناصر بل إغفال أهميّتها لصالح رصد الناتج. وبما أن عدم اكتمال العناصر يؤثر على الناتج، فإن هذا الناتج لا يمكن أن يكون جيّدا وفي حالة وجود فيلم جيّد فإن ذلك وضع ذاتي لا يشمل السينما ككل. أي مخرج حقق فيلما جيّدا في حياته يعلم ذلك.
والأمر يزداد تعقيدا مع حدوث “ثورات الربيع“.
التطوّر المستمر الوحيد هو هذا الحاصل في منطقة الخليج وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة أكثر تحديدا. ليس فقط أن الدولة أدركت أهمية السينما كوسيط ثقافي وفني وحضاري وأمدّته للآن بما يلزم من دعم،بل يُسجّل أيضا إقبال كبير على دور العرض وعلى ما يعرض في مهرجانات السينما المتوفّرة في أبوظبي ودبي ما يعزز أرضية هذه النهضة.
باقي المنطقة عموما يتقدّم ولو تبعا لظروف بعضها المختلفة عن ظروف بعضها الآخر. بعض الأسواق العربية ما زالت متراجعة عما كانت عليه، وبعض صناعات دول هذه المنطقة من العالم ما زالت متوقفة علما بأنه من الطبيعي عدم التوقّع، ضمن الظروف الاقتصادية والسياسية لعدد من هذه الدول، طفرة كبيرة من الانتاجات.