“ولاد رزق 2”: إبداع في استثمار نجاح سابق

Print Friendly, PDF & Email

تجارب السينما المصرية مع الأجزاء الثانية للأفلام لم تكن ذات سمعة جيدة ليس بسبب قلتها فقط بل لأن تلك التجارب القليلة لم تحقق نجاحات الأجزاء الأولى، وفي موسم عيد الأضحى الحالي نحن أمام أجزاء ثانية لثلاثة أفلام “الفيل الأزرق”، “الكنز” و”ولاد رزق” والثالث يعتبر الجزء الأول منه أفضلهم فنيا والذي قدم الجزء الثاني منه بنفس فريق العمل المخرج طارق العريان والمؤلف صلاح الجهيني والأبطال أحمد عز وعمرو يوسف وأحمد الفيشاوي وأحمد داوود وكريم قاسم ومحمد ممدوح مع وجود خالد الصاوي كأحد أبطال لجزء الثاني ومشاركة عدد من ضيوف الشرف تحت مسمى “عودة أسود الأرض”.

اعتمد المخرج طارق العريان في فيلم “ولاد رزق 2” على نفس التيمة والحبكة والأسلوب السردي الذي ظهر في الجزء الأول مع استحداث تفاصيل وشخصيات جديدة محدودة بعضها مؤثر والبعض الآخر غير مؤثر بالمرة لكن الخطوط الرئيسية التي تسير فيها الأحداث واحدة وكذلك الملامح الرئيسية لطبيعة الأبطال لم تتغير.


يمكن اعتبار “ولاد رزق” سيناريو واحد نفذه إثنان من المخرجين كل منهما استغل التيمة الرئيسية بطريقته وقدم رؤيته التي تختلف الأحداث فيها عن الأخرى، فنجد ان الفيلم الثاني على مستوى الحبكة وطريقة السرد متشابها مع الفيلم الأول لكن فقط حدث تبادل الأدوار، ففي الأول من يروي التفاصيل هو رجب منتحل شخصية عاطف “أحمد الفيشاوي” للضابط رؤوف حمزاوي “محمد ممدوح”، أما في الفيلم الثاني كان الراوي عاطف الحقيقي “أحمد داوود” يحكي لكمال “خالد الصاوي”.

تسلسل الأحداث في الفيلمين واحدفي البداية تظهر رواية الهدف منها كشف أمر ما، ينطلق من خلالها حكايات تبرز نشاط ولاد رزق، ثم انسحاب رضا “أحمد عز” بعد الفشل في عملية كبيرة، ثم يتولى ربيع “عمرو يوسف” مسئولية القيادة ثم تحدث الورطة ويتم اختطاف أحد منهم في الفيلم الأول كان شقيقهم رمضان “كريم قاسم” وفي الثاني كانت حنان زوجة رضا “نسرين أمين” وإبنه، ثم اللجوء لرضا مرة أخرى لإنقاذهم من الأزمة.

تدور أحداث الفيلم الثاني بعد مرور أعوام قليلة من عملية صقر التي انتهى بها الجزء الأول، يبدأ الجزء الثاني بمشاهد مطاردة بين ولاد رزق وأشخاص مجهولين في أحد الفنادق تنتهي بهروبهم واختطاف عاطف عن طريق رجل دبلوماسي يدعى كمال والذي يقوم باستجواب عاطف الذي بدوره يسرد له التفاصيل لتأتي الأحداث فلاش باك على لسانه لنكتشف الفاصل الزمني بين الفيلمين أن ولاد رزق الان في حالة فقر وتقشف بعد أن توقفوا عن العمل بسبب عهدهم مع رضا الذي أنجب طفلا أسماه رزق.

يظهر الضابط رؤوف حمزاوي الذي تم فصله من الخدمة ويطلب من ولاد رزق تنفيذ بعض العمليات المشبوهة لحسابه وبالفعل ينفذوا مجموعة منها بنجاح، قبل الفشل في واحدة، برغم تطابق الإطار العام والحبكة للفيلمين لكن يحسب للمؤلف صلاح الجينيهي الحفاظ على قوة الحوار وحرفية المخرج طارق العريان في تنفيذ مشاهد الأكشن الذييعد أفضل مخرج في مصر ينفذ تلك المشاهد ويجيد توظيفها في الأحداث، وأيضا براعته في تنفيذ المشهد المصورة بالكاميرا الطائرة “الدرون”، ويظل تمييز العريان الأهم في الفيلمين تغيير وضع زوايا التصوير وأماكن الممثلين في المشاهد التي ينتقل فيها من الفلاش باك إلى الاحداث الحالية التي تعتمد على وحدة المكان لكن بتنقلات وتقطيعات سريعة في المشاهد.

نجح طارق العريان بلغة شباك التذاكر في استثمار نجاح الفيلم الأول وقدم للمشاهد كل التفاصيل التي أحبها في الفيلم الأول حتى على مستوى ترتيب تسلسل الأحداث في الحبكة المتطابقة وبالطبع الحفاظ على القوام الأساسي من خلال الخمسة أبطال واستخدام نفس طريقة التشويق والإثارة ثم الخدعة التي تظهر في النهاية التي تعتبر من أهم عامل في نجاح الفيلم الأول فنيا فمن قبلها نحن أمام فيلم مشوق مثير مصنوع جيدا لكن بعد اكتشاف الخدعة بأن عاطف كان في الأصل رجب جعلت الرؤية الفنية للفيلم تختلف تمام.

النهاية وإن كانت متشابهة في الحبكة مع الفيلم الأول فمن شاهده سيكون لديه يقين بأن عاطف يسرد الحكايات لكمال بهدف خداعه وأن هناك مخططا محددا يقوم به ولاد رزق مع ذلك كانت النهاية في الفيلم الثاني قوية ونالت نصيبا من المساحة الزمنية عكس الفيلم الأول الذي يظهر فيه أطراف الصراع بوضوح (ولاد رزق- المعلم صقر- الضابط)، لكن في الفيلم الثاني  يبدو الصراع أكثر تعقيدا لكن وقع بعض الاضطراب في اللحظات الأخيرة المشاهد في حيرة فقد أًصبح ولاد رزق في مواجهة مع الثلاثي الضابط والدبلوماسي وعباس الجن “باسم سمرة”، المواقف معقدة والخطوط متشابكة ولا نعرف من يعمل لصالح الآخر ومن يخون الآخر وكيف سينجو ولاد رزق هذه المرة.

على المستوى التمثيلي يحافظ أيضا الخماسي أبطال الجزء الأول على مستواهم وأدائهم في الجزء الثاني الذى شهد تواجد عنصري قوة للفيلم هما خالد الصاوي وباسم سمرة وكلاهما قدم حضورا مميزا خصوصا سمرة الذي قدم  أحد أفضل الادوار في مسيرته، على النقيض ضيوف الشرف الذي جاء ظهورهم باهت بلا أي تأثير وخصوصا الرباعي يسرا وأصالة وماجد المصري وسوسن بدر،أما غادة عادل وإياد نصار وجودهما لم يحقق إضافة للفيلم ولا إضافة شخصية لهما، ونفس الحال سيد رجب ومحمد لطفي وآسر ياسين فوجودهم فقط يؤسس لفكرة وجود ولا رزق 3.

يعد ولاد رزق بجزئيه مثل اللحن الذي يقدمه المطرب بتوزيعين مختلفين، إذا تم تقديمه في نفس الألبوم فهو يعكس حالة إبداع خاصة لوجود رؤيتين مختلفتين، أما إذا قدم التوزيع الآخر بعدها بأعوام وقتها يكون إما فقر فني أو استثمار لنجاح سابق، وفي حالة ولاد رزق 2 نجد الأمر خليط بين الإثنين إذ إنه إبداع في استثمار نجاح سابق.

Visited 100 times, 1 visit(s) today