مهرجان كان السينمائي الـ 69: عودة الكبار

Print Friendly, PDF & Email

تفتتح الأربعاء الـ 11 من مايو، الدورة الـ 69 من مهرجان كان السينمائي، أهم الأحداث السينمائية في العالم، فهو يجمع بين الفن والتجارة، وبين العروض السينمائية وصفقات الإنتاج، الاحتفال بتاريخ السينما من خلال إعادة مشاهدة “الكلاسيكيات”، والاكتشافات الجديدة وتسيط الأضواء على المواهب الجديدة الشابة، ومن رحمه فيما بعد، تصعد الأفلام التي ترشح لنيل جوائز الأوسكار، والنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد. وينظم مهرجان كان أيضا أكبر سوق سينمائية من نوعها في العالم.

الدورة الـ 69 التي تستمر حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري، تنقسم إلى أقسام ومسابقات عدة، أولها المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة التي تمنح الجائزة الأكثر شهرة في العالم، أي “السعفة الذهبية”، إلى جانب جوائز أخرى في التمثيل والاخراج والسيناريو، ثم هناك تظاهرة “نظرة ما”، التي أصبحت منذ سنوات، مسابقة موازية، ثم قسم العروض السينمائية خارج المسابقة التي تنقسم بدورها إلى ثلاثة عناوين هي “خارج المسابقة”، و”عروض منتصف الليل”، و”العروض الخاصة”، ثم “مسابقة الافلام القصيرة” ومسابقة أفلام الطلاب التي تحمل اسم المؤسسة المشرفة عليها “سيني فونداسيون”.

تشكل الأقسام والمسابقات الخاصة بالأفلام الطويلة ما يطلق عليه منظمو المهرجان “البرنامج الرسمي”، وتبلغ عدد أفلامه هذا العام 55 فيلما، 21 فيلما منها داخل المسابقة الرسمية، و18 فيلما في قسم “نظرة ما”، 4 أفلام خارج المسابقة، و3 أفلام في عروض منتصف الليل، و8 أفلام في “العروض الخاصة”، بالاضافة الى فيلم الافتتاح.

فيلم الافتتاح

يفتتح المهرجان بالفيلم الأمريكي “مقهى المجتمع”، وهو ثالث فيلم للمخرج الأمريكي وودي ألين (80 عاما) الذي يعرض في افتتاح مهرجان “كان” بعد “نهاية هوليوود” (2002) و”منتصف الليل في باريس” (2011). ويروي الفيلم قصة شاب يذهب للعمل في السينما في هوليوود في الثلاثينيات، لكنه يقع في الحب ويجد نفسه مستغرقا داخل عالم مقهى المجتمع بشخصياته المختلفة. ويقوم ببطولة الفيلم كريستين ستيورات وجيسي إيسنبرغ. ويعرض الفيلم خارج المسابقة.

الدورة الجديدة هي بلاشك، دورة الأسماء الكبيرة في عالم الإخراج السينمائي، فإلى جانب وودي ألين يعرض خارج المسابقة أيضا الفيلم الجديد للمخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ “بي إف جي”BFG(اختصار “العملاق الكبير الصديق”) وهو شخصية خيالية تصادقها الطفلة “صوفي”ـ لكي يخوضان معا مغامرة البحث عن الأشرار الذين غزو عالمنا وهم كائنات عملاقة، تأكل البشر، والقضاء عليهم. يقوم بدور البطولة مارك ريلانس. وينتظر أن ينطلق هذا الفيلم من “كان” لكي يغزو الشاشات العالمية ويحقق أرباحا كبيرة.

وحش المال

تعود الممثلة التي تحولت إلى الإخراج، جودي فوستر، إلى المهرجان بفيلم جديد من إخراجها هو”وحش المال” الذي سيعرض خارج المسابقة، وهو من أفلام التشويق والإثارة، يقوم ببطولته جورج كلوني في دور خبير في شؤون “وول ستريت” يظهر على شاشات التليفزيون للتعليق على الأوضاع الاقتصادية والمالية، فيجد نفسه ذات يوم رهينة (على الهواء مباشرة) من قبل رجل فقد كل ثروته في البورصة.

في المسابقة الرسمية 4 أفلام فرنسية، 3 أفلام أمريكية، وفيلمان من بريطانيا، وفيلمان من رومانيا، وفيلم واحد من كل من ألمانيا والبرازيل وكندا وكوريا والدنمارك وهولندا واسبانيا والفلبين وبلجيكا وإيران.

من الأسماء الكبيرة التي تعود بأفلامها إلى مسابقة المهرجان المخرج الأسباني بيدرو المودوفار بفيلمه الجديد “جوليتا” (لم يشارك ألمودوفار في كان منذ أن شارك بفيلمه “الجلد الذي أعيش في داخله” عام 2011)، والمخرج البريطاني كن لوتش (80 سنة) المعروف بأسلوبه الواقعي، وهو من المشاركين بانتظام في مهرجان كان، وفيلمه الجديد “أنا دانييل بليك” سيكون الفيلم التاسع عشر له الذي يشارك في مسابقة “كان”منذ عام 1970، وهو يدور حول شخصية رجل متقاعد مريض يكافح من أجل التماسك بما يحصل عليه من اعانة حكومية محدودة، وكان قد تردد أن لوتش (79 سنة) قد اعتزل الاخراج السينمائي بعد فيلمه “صالة جيمي” الذي عرض في مسابقة كان عام 2014، كما حصل لوتش على السعفة الذهبية عام 2006 عن فيلمه الشهير “الريح التي تهز الشعير”.

ومن الأسماء الكبيرة أيضا المخرج الفرنسي أوليفييه أسايس الذي يعود بفيلم “المشترية الخصوصية” بطولة كريستين ستيوارت (وهي نجمة فيلم الافتتاح أيضا)، والمخرج الإيراني أصغر فرهادي (صاحب فيلم “الماضي”) ويعود بفيلمه الجديد “البائع”، والمخرج الأمريكي جيم جارموش الذي يشارك في المسابقة بفيلم “باترسون” بطولة آدم دريفر في دور شاعر يعمل سائق حافلة، كما يشارك بفيلم تسجيلي طويل هو “جيم دينجر” نجم فرقة موسيقى “ستودجز” للبانك (ضمن عروض منتصف الليل)، وتعود إلى مسابقة المهرجان المخرجة البريطانية أندريا أرنولد بفيلمها الأمريكي الأول “عسل أمريكي” وهي التي سبق أن حازت على جائزة لجنة التحكيم عن فيلميها “الطريق الأحمر” و”حوض الأسماك”.

الوجه الأخير

 ويشارك المخرج والممثل شون بن بفيلمه الخامس كمخرج وهو فيلم “الوجه الأخير” في المسابقة ويقوم بدوري البطولة فيه خافيير بارديم وتشارليز ثيرون، وتدور أحداثه في أوساط وكالات الإغاثة في افريقيا والمشاكل التي تواجهها هناك. أما المخرج الهولندي بول فيرهوفن (الذي ذاع صيته عند عرض فيلمه “غريزة أساسية” في “كان” بطولة شارون ستون عام 1992) فيعود بفيلم “إيل” الذي تقوم فيه الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير بدور مديرة شركة لألعاب الفيديو تتعرض لهجوم من رجل داخل مسكنها، وكيف تسعى للامساك بالمعتدي، ويعود المخرج الدنماركي نيكولاس ويندنغ ريفين بفيلم ثالث له داخل المسابقة (بعد “سائق”- 2011، و”الله فقط من يغفر”- 2013) هو فيلم “نيون الشيطان” الذي يدور في عالمه السريالي الغريب المليء بالدماء، فهو يصور عالم مصاصي الدماء ولكن داخل مجموعة من عارضات الأزياء في لوس أنجلوس.  أما المخرج الكوري بارك- تشان ووك، فيشارك في المسابقة بفيلم “الخادمة” وهو مقتبس عن رواية بريطانية تصف وقوع سيدة أرستقراطية ورثت ثروة عن والدها، في حب لص محتال.

من الأفلام الفرنسية الأربعة بالمسابقة فيلم الممثلة والمخرجة نيكول جارسيا “من أرض القمر” وهو مأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للكاتبة ميلينا أغوي وتدور أحداثه وقت الحرب العالمية الثانية، وفيلم “الخليج العائم” للمخرج برونو ديمون الذي سبق له الفوز بالجائزة الكبرى في كان عن فيلميه “الإنسانية” (1999) و”الفلاندرز (20016) ، وفيلم “البقاء أفقيا” للمخرج  آلان غويرودي، ويصور كيف يتولى مخرج سينمائي تربية طفل بينما يبحث عن فكرة لفيلمه الجديد.

 يعود إلى المسابقة المخرج الكندي إكزافييه دولان (27 سنة) الذي فاز فيلمه الأول “أمي” قبل عامين بجائزة لجنة التحكيم الخاصة مناصفة مع فيلم جون لوك غودار “وداعا للغة”. وفيلمه الجديد يقوم بأدوار البطولة فيه فنسنت كاسيل وماريون كوتيار ولي سيدو. ومن الأسماء الكبيرة التي تعود الى مسابقة المهرجان المخرجان الشقيقان جون بيير ولوك داردين من بلجيكا، وسبق لهما الحصول مرتين على”السعفة الذهبية”.

ويعرض بالمسابقة فيلمان من رومانيا لاثنين من المخرجين المرموقين هما كريستيان مونجو الحائز على السعفة الذهبية عام 2005 عن فيلمه “4 أشهر و3 أسابيع ويومان”، وكريستي بيو، كما يعود المخرج الأمريكي جيف نيكولز بفيلم “الحب”، والمخرج الفلبيني بريلانتي ميندوزا بفيلم “زهرتي”. وفي المسابقة فيلم ألماني واحد وفيلم برازيلي، ولكن تغيب تماما السينما الايطالية التي شاركت في المسابقة العام الماضي بثلاثة أفلام، ورغم أن الفيلم الجديد “أحلام سعيدة” لماركو بيللوكيو قد أصبح جاهزا للعرض، وهو ما دفع الصحفيين للتساؤل عن سر غياب هذه السينما الأوروبية المهمة خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن برنامج المهرجان، وكان رد المدير الفني للمهرجان تيري مريمو أن أساس الاختيار كان المستوى الفني فقط وأنه جرى اختيار العشرين فيلما المشاركة بالمسابقة من بين أكثر من 1869 فيلما. وقد ذهب الفيلم الإيطالي على أي حال إلى تظاهرة “نصف شهر المخرجين” الموازية.

يغيب عن البرنامج الرسمي الفيلم الروائي الجديد “عديم الوزن” لتيرنس ماليك (حائز السعفة الذهبية عن “شجرة الحياة”- 2011) وفيلمه التسجيلي الطويل “رحلة الزمن”.

لجنة التحكيم

تتكون لجنة تحكيم المسابقة الرسمية من المخرج الاسترالي جورج ميللر (رئيسا للجنة)، وعضوية كل من المخرج الفرنسي أرنو ديسبلاشن، والممثلة الإيطالية فاليريا غولينو، والممثل الدنماركي ماد ماكيلسون، والمخرج المجري لازلو نيمتش، والمنتجة الإيرانية كاتايون شهابي، والممثلة الفرنسية فانسيا بارادي، والممثلة الأمريكية كريستين دانسيت، والممثل الكندي دونالد سوذرلاند. 

الأفلام العربية

تغيب السينما العربية عن المسابقة، لكن هناك أربعة أفلام لسينمائيين عرب في البرنامج الرسمي للمهرجان ففي “نظرة ما” هناك الفيلم المصري “اشتباك” وهو الفيلم الثاني للمخرج محمد دياب (بعد فيلمه “678” (2010) الذي ستفتتح به هذه التظاهرة، ويقوم بدور البطولة فيه نيللي كريم وهاني عادل، وفيلم “أمور شخصية” للمخرجة الفلسطينية مها حاج التي تقيم داخل الخط الأخضر، ولكن الفيلم يأتي تحت إسم إسرائيل، وهي الإشكالية التي تواجه عادة بها الأفلام الفلسطينية التي تنتج داخل إسرائيل وتحصل على دعم من صندوق الدعم الإسرائيلي.

وفي قسم “العروض الخاصة” (خارج المسابقة) الفيلم التونسي- الفرنسي “شوف” للمخرج كريم دريدي.  وفي مسابقة الأفلام القصيرة يتنافس الفيلم التونسي “صوف على الظهر” للمخرج لطفي عاشور. وهو من الإنتاج المشترك مع فرنسا شأن الغالبية العظمى من أفلام بلدان المغرب العربي.

وخارج البرنامج الرسمي ضمن تظاهرة نصف شهر المخرجين هناك الفيلم الجزائري القصير “قنديل البحر” لداميان أونوري، والفيلم الفرنسي الطويل “إلهيات” للمخرجة المغربية الأصل هدى بنيامين. وفي “أسبوع النقاد” هناك فيلم لبناني- فرنسي بعنوان “تراماتون” (أو ربيع) للمخرج اللبناني من أصل أرميني، فاتشي بولغورجيان، وفيلم “دورة فرنسا” لرشيد جدياني وهو مخرج فرنسي من أصل سوداني- جزائري.

“نظرة ما”

يفتتح هذا القسم- كما ذكرنا- بالفيلم المصري “اشتباك” لمحمد دياب، ويشمل القسم 18 فيلما، سبعة منها هي الأفلام الأولى لمخرجيها، من فرنسا وايطاليا وإيران ومصر وإسرائيل وفنلندا وسنغافورة وإيطاليا وهولندا واليابان والولايات المتحدة وروسيا ورومانيا. هناك فيلمان يمثلان إسرائيل هما “وراء الجبال والتلال” ثالث أفلام المخرج إيران كوليرين، مخرج فيلم “زيارة الفرقة الموسيقية” (2007)، و”أمور شخصية” لمها حاج، وفيلمان من فرنسا، وفيلمان من اليابان، وفيلمان من أمريكا، وفيلم واحد من باقي الدول. من الأفلام المنتظرة في هذا القسم الفيلم الإيراني “التبادل” لبهنام بهزادي، والفيلم الياباني “بعد العاصفة” لكوريدا هوروكادو، والروماني “كلاب” لبوغدان ميرسا.

نصف شهر المخرجين

تنظم “جمعية المخرجين الفرنسيين” منذ 1969 تظاهرة “نصف شهر المخرجين” (أو “إسبوعا المخرجين”) كما يطلق عليها، قبل أن تتقلص إلى عشرة أيام فقط، وهيلا تنظم التظاهرة مسابقة. ويتضمن 18 فيلما طويلا، و11 فيلما قصيرا. ولحسن الحظ فقد تضمنت قائمة الأفلام الطويلة عددا من أفلام كبار السينمائيين التي لم تجد طريقها إلى المسابقة الرسمية، مثل فيلم “شعر بلا نهاية” للمخرج الشيلي المرموق أليخاندرو خودوروفسكي (87 عاما)، ًصاحب “الطوبو” و”الجبل المقدس” و”رقصة الواقع”.

تفتتح التظاهرة في الثاني عشر من مايو، بالفيلم الإيطالي “أحلام سعيدة” لماركو بيللوكيو (79 سنة). وهناك أيضا الفيلم الأمريكي الجديد للمخرج الكبير بول شرايدر “كلب يأكل كلبا” بطولة نيكولاس كايج، وهو فيلم الختام. ويعرض أيضا الفيلم الجديد للمخرج الشيلي بابلو لارين “نيرودا” عن الشاعر الكبير، وفيلم “اقتصاد لاثنين” للمخرج البلجيكي جواكين لافوس، والفيلم الهندي أنوراب كاشياب بفيلم “رامون المختل”.

أسبوع النقاد

أما تظاهرة “أسبوع النقاد” التي تنظمها جمعية نقاد السينما الفرنسيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية (فيبريسي) وتنظم مسابقة للأفلام الأولى والثانية للمخرجين، فتشمل هذا العام عرض 7 أفلام من تركيا وكمبوديا وفرنسا واسبانيا إسرائيل ولبنان وسنغافورة، بالإضافة إلى خمسة أفلام من العروض الخاصة خارج المسابقة منها فيلم الافتتاح “في الفراش مع فيكتوريا” للمخرجة الفرنسية جوستين ترييه، وهو فيلمها الثاني.

الفيلم اللبناني في مسابقة أسبوع النقاد هو فيلم “ترامونتان” للمخرج فاتشي بولغورجيان، وهو في الحقيقة فيلم فرنسي الإنتاج محسوب على لبنان ربما نسبة إلى جنسية مخرجه. ويشارك بالمسابقة الفيلم الأول للمخرج الإسرائيلي عساف بولونسكي “أسبوع ويوم” كما يعرض فيلم إسرائيلي آخر خارج المسابقة هو “من يوميات مصور أعراس” للمخرج ناداف لابيد.

الدورة الـ 69 من مهرجان كان تشهد أيضا كما هي العادة، تنظيم السوق الدولية للأفلام الذي يعرض خلاله نحو 1200 فيلم في عدد كبير من قاعات العرض السينمائي موزعة ما بين دور العرض التجارية في المدينة وقاعات خاصة صغيرة داخل قصر المهرجان، والغرض من السوق بيع وشراء الأفلام، واختبار المشاريع السينمائية الجديدة والبحث عن تمويل لها. وتزخر سوق كان عادة بعشرات الأفلام الجديدة الجديرة بالاهتمام، كما أنها تتيح الفرصة للموزعين الذين يتوافدون على المهرجان بالآلاف، لمشاهدة الأفلام المشاركة في البرنامج الرسمي.
تعليقات القراء

Visited 31 times, 1 visit(s) today