أحمد بوغابة يدق ناقوس الخطر لمهرجان تطوان السينمائي

ينبغي دق الجرس بقوة هذه السنة حتى يسمعه المنظمون لأن “سوسة” تنخر المهرجان من الداخل منذ ثلاث سنوات وهم عنها ساهون، أو غافلون لا أدري، مع أن أهميتها كبيرة حتى لا يستفيقون وهم تحت أنقاض تظاهرتهم التي ناضلوا بكل الوسائل والإمكانيات الجسدية والفكرية لكي تصمد وتصل إلى هذا البعد الدولي والإشعاع فتذهب سدى. لا ينبغي على إدارة المهرجان أن تهتم بتفاصيل اختيار الأفلام وضبط مسابقاتها الثلاث والندوات بجهد جهيد طيلة السنة لتنخر كل هذا المجهود “سوسة” في غاية الخطورة كالسرطان إن لم يكن أخطر منه بكثير.


أبرمت مؤسسة المهرجان الدولي لسينما بلدان المتوسط مع شركة خاصة إتفاقا على أساس أن تسهر هذه الشركة، طيلة الأسبوع، بالحفاظ على النظام في أبواب القاعات والفضاءات التي تستقبل أنشطة التظاهرة، وكذا استقبال الضيوف وتوفير ما يلزمهم من ضروريات العمل وتنسيق الأنشطة معهم وإخبارهم بها وخاصة بمستجداتها وما يحدث من التغييرات فيها حتى لا يضيعوا في متاهة ما. وهذا العمل الذي هو من البديهيات الأولية، والذي تقوم به شركات كثيرة في المغرب باحترافية عالية، لم تستوعبه الشركة التي تعاملت معها إدارة المهرجان خاصة في السنتين الأخيرتين. فهي بعيدة كل البعد عن الاحتراف بل لا تعرف ما معناه في قاموسها ولا تدرك بأنها تصبح هي واجهة المهرجان وعيونه وأنه غير مسموح لها بالخطأ إطلاقا وبصفة قطعية. 


فقد اعتمدت هذه الشركة منذ وصولها إلى المهرجان، منذ سنتين، على عناصر لم تخرج من طفولتها بعد وتخضع للتدريب والتمرين، ولا تفقه في خصوصية “دولية المهرجان” وخصوصيته الثقافية والفنية وكأنها في مكتب الاستقبالات بأحد المتاجر في غياب المؤطرين أصلا المفروض فيهم الحضور الفعلي. هنا تبدو اللامسؤولية للشركة في ضمان ما إلتزمت به مع المهرجان. يتركون فتيات مراهقات أمام مسؤوليات كبيرة عليهن ولا يعلمن كيف يتصرفن فيفضلن الانسحاب والاختفاء خاصة في الفندق الذي يوجد به المدعوين الأجانب فندق “قبيلة”. يتم استقدام تلك الفتيات من المعهد العالي للسياحة أو مدارس خاصة بالمجان بحجة تدريبهن وقد تدعي الشركة أنها تخصص لهن تعويضا ماليا وهو غير صحيح بتاتا، فقط لضمها إلى الفاتورة النهائية.


وهذا يسري أيضا على السائقين الذين كانوا يعيشون في وضعية مزرية بالمبيت في سياراتهم والاكتفاء بسندوتشات طيلة اليوم فيتصرفون بانتقام تُجاه المدعوين كأنهم هم المسؤولون عن أزمتهم إلى حد توظيف شخص مريض كان دركيا في السابق يهدد بعض الزوار بذلك، وهذا خطير جدا في عُرف المهرجانات. ويرفضون التحرك بسياراتهم بدعوى انتظار التعليمات من مسؤولين غير موجودين أصلا.


حين يجد بعض المدعوين، من جنسيات مختلفة، أنفسهم أمام بعض التساؤلات التنظيمية واللوجيستيكية بدون أجوبة يخلق لديهم نوع من عدم الاطمئنان خاصة لمن هم متعودين على مهرجانات كثيرة. فيتم خلخلة الصورة المغربية التي تروجها وزارة السياحة في وصلاتها الإشهارية بالخارج.


إن على إدارة مؤسسة المهرجان، بكل أطيافها، استدراك هذه النقطة السوداء في تنظيم المهرجان لأنها هي إحدى الصور التي يحملها معه الزائر في الداخل والخارج. ينبغي على إدارة المهرجان أن تستوعب هذا الخلل لأنه ينخرها من الداخل خاصة وهناك تواطؤ بين الشركة وبعض أعضاء إدارة المؤسسة نفسها التي لها سوابق في الميدان حيث أتوفر على تصريحات مكتوبة وأخرى مسجلة بالصوت لبعض المدعوين الأجانب وأيضا بالصور لهذا الخلل والتواطؤ.

استرجاع المهرجان

تبين بالملموس المحسوس أن مؤسسة المهرجان أساءت إلى المهرجان بتعاملها مع تلك الشركة مما يلزم الآن وزارة الاتصال التي خلقت لجنة خاصة بالمهرجانات أن تقف عن كثب عند مسؤولية تلك الشركة في تهديم واحد من أهم المهرجانات في المغرب وأقدمها. كما نقترح على “جمعية أصدقاء السينما بتطوان” التي تملك أحقية هذا المهرجان باعتبارها صاحبته شرعا وقانونا وثقافة وسينمائيا وتاريخيا أن تحل “المؤسسة” وتسترجع وطنها السينمائي بنفس الاستقلالية التي كانت لها من قبل ما دامت هذه المؤسسة لم تضفها جديدا أو ترتقي بها بقدر ما جرَّت المهرجان إلى الوراء… وقريبا إلى الهاوية. فلا يمكن ترك هذا المكتسب السينمائي “تلعب” فيه شركة “لا تملك إلا إسما فقط”. فهي تستقدم عند اقتراب المهرجان، كما قلنا أعلاه، فتيات بالمجان للاستقبال دون تجربة أو وعي بأهمية “دولية المهرجان وليس عرسا عائليا ينظمه صاحب الشركة الوهمية”. كما يكتري سيارتين: واحدة من هنا وأخرى من هناك لأكثر من 150 مشارك. ونفس الشيء للميكروفونات التي لا تشتغل أغلبها. وغيرها من الوسائل الضرورية للعمل بمهرجان متوسطي ببعد دولي. فهل يفهم ما معنى مهرجان دولي؟؟؟


يمكن ل”جمعية أصدقاء السينما بتطوان” أن تستغني عن كل ما من شأنه الإساءة لتاريخها وبخلق في المقابل شبكة من المتعاطفين معها والمساندين لها في مختلف الأقطار المتوسطية وهم كثيرون وعلى كامل الاستعداد لمساعدتها بدون حرج من جهة، ومن جهة أخرى أن تعتمد على الفعاليات المحلية من طاقات وكفاءات كُفأة التي بإمكانها أن تحقق لها ما لم تنجزه تلك الشركة الوهمية التي تنزفها ماليا وماديا ومعنويا فضلا عن الإساءة إليها.


إن الدورة المقبلة التي ستصل إلى رقم العشرين (20) ينبغي أن تكون دورة التحول الفعلي نحو الأمام في التنظيم. أما البرمجة فلم تعد مشكلا للمهرجان بقدر ما تتطور سنويا. فلا بد أن يسير على الطريق الصحيح ويتجاوز العطب في التنظيم والإعاقة التي تسببها له الشركة المزعومة.


تأكد بدون جدل بإن “جمعية أصدقاء السينما بتطوان” قادرة على تنظيم مهرجانها باستقلالية عن “المؤسسة” باعتمادها على تجربتها التي راكمتها لأزيد من ربع قرن. وإلا ستكون مسؤولة هي بدورها في جر المهرجان إلى الهاوية إذا لم تُجْرِ عملية جراحية استئصاليه للورم (السوسة) الذي ينخرها من الداخل

Visited 11 times, 1 visit(s) today