فيلم “ع الزيرو”.. ميلودراما نمطية ولكن محمد رمضان يؤكد وجوده!
محمد كمال
تختلف مسيرة محمد رمضان في السينما نسبيا عن نظيرتها في التليفزيون، وهذا ما يؤكده أحدث أفلامه الذي طرح في دور العرض خلال شهر أغسطس ويحمل اسم “ع الزيرو”. والفيلم من إخراج محمد جمال العدل وتأليف د. مدحت العدل الذي يعود إلى السينما لأول مرة منذ عام 2010 عندما قدم فيلم “الديلر”، كما يمثل فيلم “ع الزيرو” عودة شركة “العدل جروب” للتواجد على الساحة السينمائية مجدداً، بعد انشغالها لسنوات، في إنتاج الأعمال الدرامية التليفزيونية، ويشارك في بطولة الفيلم، نيللي كريم وجومانة مراد وإسلام إبراهيم والطفل منذر مهران.
يرتكز محمد رمضان في التليفزيون على شخصية نمطية وحبكة شبه ثابتة يكررها لكن بتفاصيل مختلفة في معظم المسلسلات عكس تجربته السينمائية الذي لا تخلو من المغامرة ومحاولات للتغيير بل والتجريب أيضا، وبالعودة مثلا إلى أهم تجربة سينمائية في مشوار رمضان فيلم “الديزل” عام 2018 نجد أنه اقترب فيه كثيرا من روح ملك الترسو فريد شوقي في فيلم “ابن الحتة”، فقدم فيلما على نفس النهج عندما قام بالسخرية من نفسه ووجه بعض الانتقادات للوسط الفني وخاصة حياة الممثلين المترفة بعض الشئ.
المغامرة السينمائية الثانية لمحمد رمضان كانت بعد النجاح الجماهيري الكبير الذي حققه مع نوعية الأكشن الأٌقرب إلى “البلطجة الشعبية” في فيلمي “عبده موتة” و”الألماني” في عام 2012 ثم “قلب الأسد” في 2013، لتأتي المفاجأة في العام التالي مع اختياره في بطولة فيلم كوميدي بطله حارس أمن ساذج، وهو فيلم “واحد صعيدي” في تغيير كبير له وقتها رغم النجاح الذي سبق أن حققه في أفلام الأكشن، وبعد ذلك حقق رمضان النجاح في الدراما التليفزيونية ثم اختار الاختلاف مرة ثالثة في السينما في عام 2017 عندما قدم تجربة تنتمي لنوعية الكوميديا الخفيفة، “لايت كوميدي” في فيلم “أخر ديك في مصر” الذي كتبه أيمن بهجت قمر، وأخرجه عمرو عرفة.
وفي عام 2023 يستمر محمد رمضان في مفاجآته فيقدم فيلمين في عام واحد، الفارق الزمني بينهما أقل من أربعة أشهر، حيث بدأ عرض الفيلم الأول “هارلي” في 21 إبريل ثم يأتي الفيلم الثاني “ع الزيرو” في اليوم الثاني من شهر أغسطس، وقد لا تبدو هذه هي المرة الأولى التي يطرح محمد رمضان أكثر من فيلم في عام واحد فقد سبق وعرض له “عبده موتة” و”الألماني” في 2012. وفي 2017 طرح له 3 أفلام هم “أخر ديك في مصر”، “جواب اعتقال” والجزء الأول من فيلم “الكنز”، لكن على مستوى صناعة السينما في الأعوام الأخيرة وعجلة الإنتاج المتراجعة تجعل من النادر أن يشارك نجم شباك في فيلمين في عام واحد وهي نقطة تحسب لرمضان.
النقطة الأخرى التي تحسب له أيضا أن الفيلمين على مستوى القصة مختلفين تماما حيث أن “هارلي” ينتمي لنوعية الأكشن، أما “ع الزيو” فيميل للدراما الاجتماعية مع جرعة كبيرة من الميلودراما التي تعتبر من الأنواع المفضلة لدى الجمهور خصوصا إذا مع نمط البطل الشعبي المكافح الذي يمتلك صفات “الجدعنة” والمروءة، وهو مأزوم، لكنه يحاول بشتى الطرق علاج ابنه الوحيد بعد رحيل الأم. ويدرك رمضان جيدا أنها تركيبة مؤثرة بعد أن خذله فيلم “هارلي” ولم يحقق النجاح الجماهيري الذي كان منتظرا.
رغم أن محمد رمضان نجح في اختيار التوليفة التي تساعده على العودة إلى الجمهور على مستوى السينما، إلا أن فيلم “ع الزيرو” جاء خليطا من الميلودراما النمطية، فلم تقدم الحبكة جديدا، سواء على مستوى تطور الفكرة أو خطوط الشخصيات التي جاءت جميعها نمطية شديدة التقليدية بداية من بطل القصة “حمزة دراجون” الذي يعمل “دي جي” ويكتشف ان ابنه الوحيد مصاب بمرض السرطان، ويسعى جاهدا لتوفير نفقات العلاج الباهظة في إحدى المستشفيات الاستثمارية، ثم يضطر إلى اللجوء لمنظمة تعمل في تجارة الأعضاء البشرية ليقوم ببيع كليته للحصول على المال.
الفكرة الأساسية التي ارتكز عليها الفيلم مشوشة وغير مكتملة الأركان لأن مشكلة علاج سرطان الأطفال لم تعد مستعصية ولم يعد علاج السرطان قاصرا على المستشفيات الاستثمارية، مع ظهور كثير من المشروعات الطبية العملاقة التي تعتمد في الأساس على التبرعات وتقدم خدمة مجانية، لذلك كان السيناريو في حاجة إلى تدقيق أكثر أو تغيير في الحبكة حتى يكون مقنعا، لكن يبدو أن فكرة تقديم فيلم انساني يحصل على تعاطف الجماهير كانت المسيطرة على حساب تقديم طرح مقنع ترتكز عليه الحبكة، كما أن الفيلم احتوى على بعض التفاصيل الخاطئة التي كانت تحتاج إلى المراجعات مثل سقوط شعر مريض السرطان قبل تلقي العلاج الكيماوي، وكذلك الشق القانوني في قضية سرقة المستشفى التي تورطت فيها مريم، وغيرها.
تطول الحبكة “الكلاشيهية” كل خطوط الشخصيات، بداية من الطبيبة مريم “نيللي كريم” التي تعاني من الفقر وتحاول الهرب من ضغط والدتها للزواج من رجل يكبرها في العمر، والنقطة الإيجابية الوحيدة التي تربط بين مريم وبين البطل، أن كلاهما يضطر إلى بيع نفسه، وهي فكرة أفسدها المخرج بمشهد ساذج شديد المباشرة.
وتستمر النمطية مع شخصية صديق البطل التي قدمها “إسلام إبراهيم” وأيضا صاحبة الفندق المتواضع التي يلجأ إليها حمزة وابنه بعد طردهما والتي قدمت دورها “جومانة مراد” ولم يكن لها تمهيد أو تأسيس حتى عندما تحدثت عن كيفية امتلاكها للفندق كانت الحبكة تقليدية قدمت في العديد من الأعمال السابقة، بالإضافة إلى وجود شخصية صديقتها التي لم يكن لها دور حقيقي أو تأثير درامي سوى أنها تحب أحد النزلاء. ولزيادة الجرعة الكلاشيهية نكتشف أنها “حامل” من هذا الشخص الذي يدخل السجن فجأة ولا نعرف عنه شيئا!
تظل النقطة الأضعف في الفيلم هي الاستطراد المبالغ فيه أثناء الخروج من الأزمات والتي جاء حلها جميعا، إما عن طريق الصدفة البحتة أو الحلول القدرية، وكأن كل تلك الأزمات يمكن أن تنتهي بهذه البساطة، فالصدفة وارد حدوثها في موقف أو إثنين وكذلك الحلول القدرية، لكن إذا كانت تلك المصادفات هي التي تتحكم في حلول كل الأزمات الدرامية فهذا يفقد العمل جزءا كبيرا من مصداقيته وجودته. وقد جاء المشهد الأخير ليغلف تلك التوليفة الساذجة عندما يتحول حمزة فجأة، من “دي جي” فقير، إلى مطرب يجني الملايين، وأيضا عن طريق الصدفة والحل القدري الذي يأتي بواسطة ضيف الشرف خالد الصاوي.
رغم أن محمد رمضان من أفضل الممثلين الذين قدموا أغنيات، إلا أن توظيف الأغاني في الفيلم كان مربكا ومشوشا وذلك لسببين، الأول عدم وجود ضرورة درامية لوجود كل هذا العدد من الأغنيات، وثانيا عدم منطقية توظيف أغنيتين منهما الأولى “خمسة” التي قام رمضان بغنائها وهو في الطريق لزيارة طبيب في المنصورة، والثانية أغنية “ع الزيرو” التي لم تكن متماشية مع المشاهد أو مع الميلودراما الطاغية في الفيلم، سواء على مستوى الكلمات أو الموسيقى، كذلك عدم الإقناع بتوظيف مشاهد الأكشن رغم انها مقارنة بأفلام محمد رمضان وتحديدا أخرهم “هارلي”، هي الأقل لكن معظم تلك المشاهد لم يكون له تبرير أو ضرورة درامية.