عبد اللطيف كشيش يكافح للعودة إلى مهرجان كان

لم يتبق على موعد مهرجان كان السينمائي سوى نحو شهر، وقد أعلن مدير المهرجان رسميا يوم الخميس 13 أبريل عن الأفلام التي ستعرض في الأقسام المختلفة للمهرجان الذي يحتفل هذا العام بالدورة السبعين. وكالعادة يظل الباب دائما مفتوحا لمزيد من الأفلام التي يمكن أن تلحق بالقائمة حتى قبيل أيام من افتتاح المهرجان. ومازال هناك من يأمل في أن يشارك فيلمه في هذا السباق الكبير.

يمكن القول عن حق إن المخرج التونسي الأصل الفرنسي الجنسية عبد اللطيف كشيش هو “مخرج الجوائز”، فقد حصلت أفلامه الثلاثة السابقة على الكثير من الجوائز. حصل فيلمه الأول “لعبة الحب والحظ” 2003) على جائزة أحسن فيلم في المسابقة الوطنية للأفلام الفرنسية (سيزار). وحصل فيلمه الثاني “كسكسي بالسمك” (2007) على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان فينيسيا ثم على أربعة جوائز رئيسية في مسابقة “سيزار” الفرنسية السنوية هي أحسن فيلم وأحسن مخرج وأحسن سيناريو وأحسن ممثلة صاعدة. وحصل فيلمه الخامس “الأزرق أكثر الألوان دفئا” (أو “حياة أديل) على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2013.

رغم كل هذه الجوائز يشكو كشيش في الصحافة الفرنسية من أنه لن يتمكن من عرض فيلمه الجديد “المكتوب هو المكتوب” في الدورة السبعين من المهرجان الشهير. والسبب ليس أنه لم يكمله، فهو يواصل العمل في المراحل الأخيرة من المونتاج، لكنه يقول إن ما يعيق اشتراك الفيلم في مسابقة كان الطرف الإنتاجي الرئيسي للفيلم، وأن المشاكل القانونية التي تحيط بالفيلم تلقي بظلالها بقوة على فرصة عودته إلى الكروازيت.

فيلم “المكتوب هو المكتوب” (هكذا اختار كشيش عنوان فيلمه باستخدام الكلمة العربية “مكتوب”) مقتبس عن رواية الكاتب الفرنسي فرانسوا بيغودو “الإصابة والحقيقة” وهي تروي قصة صبي في الخامسة عشرة من عمره، وهو بصدد الانتقال من المراهقة إلى الشباب. وتقع أحداث الرواية في ثمانينات القرن الماضي. وكان الاتفاق الموقع بين كشيش وشركات الانتاج الفرنسية تقضي بعمل فيلم واحد عن هذه الرواية. إلا أن كشيش انتهى بعد ذلك إلى تصوير فيلمين داخل الفيلم الواحد أو بالأحرى جزئين. وقد تسبب هذا في وقوع مشكلة مع شركة الإنتاج “فرانس تليفزيون” المشتركة في تمويل الفيلم. إلا أن الشركة نفت رسميا أن تكون قد اعترضت على مشاركة الفيلم في الدورة القادمة من مهرجان كان.

كشيش وصف فيلمه بأنه “ملحمة عائلية” ذات أبعاد فلسفية وأنها امتدت لتصبح أكثر شمولية عما في الكتاب الأصلي، وقال إنه كان قد تعاقد بالفعل على تصوير فيلم واحد إلا أنه أمام إغراء المادة لم يستطيع سوى أن يتوسع في رواية القصة ويمدها إلى فيلمين الأمر الذي خلق المشكلة الحالية مع الجهات المتعاقدة وخاصة شركة “فرانس تليفزيون”.

القضية منظورة حاليا أمام القضاء الفرنسي الذي ينتظر أن يحسم الخلاف حول مصير الفيلم، دون أن يكون معروفا تماما الأرضية التي تستند عليها القضية وما يمكن أن ينتج عن حكم القضاء. لكن ما أكدته الشركة عبر متحدثها الرسمي أنها لا تحول بين كشيش وبين إرسال الفيلم للعرض في مهرجان كان إذا أراد ذلك. والمؤكد أن الشركة صادقة فيما تقول لأنها ببساطة ستجني الكثير، أولا من وراء الضجة المثارة حول الفيلم حاليا، ثم من اشتراكه المتوقع بالمسابقة الرسمية في أهم مهرجان سينمائي في العالم، واحتمال فوزه بجائزة أيضا.

المشكلة المثارة حاليا مع عبد اللطيف كشيش ليست الأولى من نوعها التي يواجهها المخرج التونسي الأصل. فعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه فيلمه السابق “الأزرق أكثر الألوان دفئا” الذي يصور علاقة حب مثلي بين فتاتين، وبلوغ كشيش مرتبة عالية واستقباله في قصر الأليزيه من طرف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، إلا أنه تعرض بعد أن زالت نشوة الانتصار، لمشاكل كبيرة، فقد اتهم كشيش بعدم توفير ظروف إنسانية أثناء التصوير، كما وجهت له بطلتا الفيلم الشابتان: ليا سيدوكس وأديل اكسرشوبولوس، اتهامات باستغلالهما كثيرا أثناء تصوير المشاهد الحميمية التي كانت تدور بينهما. وقد خرجت هذه الاتهامات إلى الصحافة الفرنسية فأحدثت وقتها ضجة ارتفعت إلى مستوى الفضيحة.

اما “بيغودو” مؤلف الرواية المقتبس عنها الفيلم الجديد فقد صرح بأنه قابل كشيش مرة واحدة وتناقش معه حول تحويل روايته إلى فيلم سينمائي، لكنه لم يعرف بعد ذلك مصير المعالجة التي أدخلت عليها تعديلات كثيرة وربما يأتي الفيلم نفسه شديد الاختلاف عن روايته في نهاية الأمر.  

الطريف أن كشيش الذي يبدو حريصا على المشاركة بالفيلم في “كان” لا يستبعد أن يصور جزءا ثالثا من الفيلم. ويقول إن الجزء الأول هو بمثابة “بحث عن الضوء” بينما الجزء الثاني عن “فقدان الضوء”. لكنه أكد لصحيفة “نيس ماتان” أن لديه مشروعين لفيلمين قادمين يعمل عليهما حاليا، الأول بعنوان “خروف الإله” والثاني “الأخت مرغريت”.

Visited 42 times, 1 visit(s) today