رأي جديد في فيلم “قلب الأسد” وأداء محمد رمضان
بادىء ذى بدء ان كنت تنتظر منى عزيزى القارىء أن أسخط و انتحب و”اكشف رأسى ” على الفيلم وصناعه فاستميحك عذرا.. فلن أفعل شيئا من هذا، بينما عزيزى القارىء الثانى إن كنت تنتظر “زفة ” للمنتج الوحيد – غالبا- الذى لم يتوقف سيل انتاجه فى اقسى ظروف الدولة و تدهور إقتصادها و ارتعاد منتجيها وخوفهم على الجنيه ..فاستميحك انت أيضا عذرا.
الحقيقة انه منذ قرر من قرر أن يكون محمد رمضان بطلا مطلقا فى بدايه سلسلته بفيلم “الألمانى ” لم يكن يحدونى التفاؤل تماما بما سيؤول اليه مستقبل الشاب الموهوب الذى خطف انتباهى خطفا فى مسلسل السندريللا حينما صدقت انه “احمد زكى “و انا أبدا لا أصدق ان أحدا يمكنه ان يصبح احمد زكى.. و مع ذلك فقد تم انتاج “الألمانى ” فى ظروف سيئة انتاجيا والتمست العذر لصناعه فى رداءة ما قدموه فى كافة أوجه الصناعة وحتى الموهبة الأمل التي تتمثل في “رمضان” التمست له عذرا فهو يريد ان يتواجد و ينطلق ويضع اسمه فى الصف الأول و ان احدا ً من اساطين الصناعة لم يقدم له ما هو افضل و لا ما هو على نفس مستوى “احكى يا شهرزاد ” مثلا الذى تألق فيه بنفس الشخصية التى التصقت به و صارت جزءا من بشرته وملامحه فيما يبدو.
قالب متكرر
وبينما يهاجمه الجميع لتكرار شخصية “البلطجى ” ..”السرسجى “.. “الألمانى ” سمها ما تشاء ؛ فى “عبدة موتة ” والاصرار على تقديم اسكتش سينمائى لا يمت للفيلم الروائى الطويل بصلة سوى مدة عرضه، فاذا به و بمنتجه الاثير”السبكى” يفاجأنا من جديد بشخصية “فارس الجن ” فى قلب الأسد وكأنما خلا قاموس الشخصيات و لنماذج المصرية من سواها!
و لأننا اعتدنا منذ الازل ان نقرأ الكتاب من عنوانه هاجم الكثيرون العمل قبل أن يعرض على الشاشات مستخدمين كلاشيهات ومقارنات مع سابق أعمال النجم ومنتجه حتى وصل الأمر إلى مطالبة البعض بمنع السبكى من العمل بالسينما من الأساس!
الا أن واقع الأمر لم يكن تماما كما توقعناه .
فى مدح محمد رمضان
نعم تكررت الشخصية وتكررت الديكورات والأجواء المحيطة الا ان غـُبناَ سيصيب البطل اذا قلنا بأنه لم يقدم جديدا. محمد رمضان هو ممثل شاب متشبع بموهبة حقيقية وخفة ظل مصرىة أصيلة قادرة على النفاذ لقلبك حتى لو لم يتقبلها عقلك تماما. اجتهد بشده على الشخصية التى جسدها عدة مرات من قبل والتى يذهب البعض إلى أنه لم يجسد غيرها من الاساس. إلا أنه هذه المرة قدّم شخصية حقيقية ذات ابعاد وعمق ما. أقصد هنا الاجادة. ومجرد اعتقاد البعض ان محمد رمضان هو “سرسجى” فى الاصل هو نجاح فى حد ذاته ولن احدثكم عن كم من اعتقدوا ان عادل أدهم ومحمود المليجى و توفيق الدقن كانوا أصلا من عتاة المجرمين!
لن تستطيع ان تقول إن القصة التى كتبها حسام موسى جيدة أو غير ذلك، لأنها قصة مستهلكة ذات تيمة مكررة حد الملل،الا ان لمسات موسى على السيناريو والحوار خاصة حوار الشخصية الرئيسية “فارس الجن” ومحادثتها مع شخصية “سيد مسلة ” للموهوب ماهر عصام احد مكاسب الفيلم . الحوار يغلب عليه الطابع الكوميدى غير المسف على عكس ما توقع الكثيرون، وكثير من المشاهد حتى أعتقد ان المؤلف لم يكتبها كوميدية لكن أداء الدويتو رمضان وماهر جعلا منها فاصلا مضحكا و مسليا خصوصا مشهد “أكرهك..أوعدك” كمثال .
ومن مكاسب الفيلم عودة قوية لعايدة رياض في دور يشبه ما اعتادت ان تقدمه الا ان هناك شيئا كان يلمع هذه المرة، وكذلك الظهور الخاص للنجم صبرى فواز الذى أثلج صدر محبيه بطلة سينمائية بعد ظهور رمضانى شديد التميز. كما ان الحضور المميز للفنان الشاب عمر مصطفى متولى و ريهام ايمن كان جديدا على العين فى تلك التركيبات وأحدثا حالة من كسر القالب فى دوريهما.
ليس ملاكا ولا شيطان
فى ظل الركود الكاسح الذى تشهده صناعة السينما المصرية فى هذه السنوات العصيبة اجتماعيا واقتصاديا؛ تجد ان هناك من لا يزال يعمل ويصر على انتاج سينما اتفقت او اختلفت معها فسوف تسمع صوت صفير الهواء فى قاعات العرض بدونها، وتهلك صناعة من اهم الصناعات في مصر ان لم تكن الاهم حاليا. وعلى هذا فلا ترجموا السبكى ورمضان وكل من “استرخص” أو “نحت ” بحجر حتى تستعيد السينما عافيتها و نستطيع الفرز.
كما أن وجود مخرج بعقلية شابة متذوقة للفن ومحتكة جيدا بالسوق مثل “كريم السبكى” الذى شارك والده من قبل فى إنتاج الكثير من الأفلام منها فيلمان من اهم ماأنتجته السينما المصرية فى السنوات القليلة الماضية هما “واحد صفر” و”عزبة آدم”، يجعلنا نستبشر خيرا برؤية بسيطة لكنها واعية و”شعبية ” ان جاز التعبير، تعرف ما يريده السوق وتقدمه بلا ابتذال تقريبا. فعلى الرغم من انه “السبكى” الذى ينعتونه دوما بالراعى الرسمى لأفلام الابتذال الا أن حورية فرغلى فقط هى من حملت الينا بعض المشاهد غير اللائقة فى الفيلم وهي مشاهد قد تكون موجهة لقطاع معين مستهدف من الجمهور. و بناءعلى ما تقدم و بعد مفاجآتى بأن “قلب الأسد” ليس شديد السوء كما توقع كثيرون و توقعت..أتمنى ان نكف عن قراءة الكتاب من عنوانه و لو لفترة.