دعوة إلى تحرير مهرجان مراكش من “الاستعمار الفرنسي”


عندما ننتقد مهرجانات أخرى ونحن نفتخر بمهرجاننا الدولي الكبير بمراكش، يجب أن يكون هذا المهرجان فعلا يعبر عن حقيقية مستوانا. ينظم هذا المهرجان بشكل يقدم عنا صورة وكأننا ما زلنا قاصرين أو كأننا من بين إحدى دول الخليج، لا تاريخ لنا ولا ثقافة، فنضطر أن نستورد مهرجانات من الغرب على المقاس، من المدير الفني حتى عامل النظافة في قاعة السينما مرورا بالجمهور بإغراء البترودولار.

يُنظم في المغرب ما يقرب من ستين مهرجانا سينمائيا بكل المستويات، وقد يلاحظ المتتبع أن أغلب هذه المهرجانات متطور من ناحية التنظيم ولا يحتاج لاستيراد فاشلين من فرنسا لتصل إلى المستوى الذي وصلت إليه.

لماذا في هذا البلد الذي ما زال في الحقيقة مستعمرا فكريا ولغويا فقط ترتبط القدرات الذهنية والذكاء والتقدم باللغة الفرنسية فقط، مع العلم أن دولا أخرى تتحدث لغة لا يتحدث بها غيرها، أصبحت متقدمة على جميع المستويات وتدرس العلوم الحقة والطب والهندسة وحتى النووي بلغتها القومية، ويتحدث مواطنوها لغتهم خارج حدود دولهم.. وحتى أُمنا فرنسا تعترف بهم وتساهم في تسويقهم أكثر من بلدانهم. كمثال، المخرح الذي أحتفي به هذه الدورة عباس كياروستامي الذي تضطر المهرجانات إلى استقدام مترجمين له رغم أنه يفهم الفرنسية ويتحدث بها بشهادة مترجمه، رغم أن الاعتراف الذي حظي به من طرف فرنسا و من خلالها أوروبا لم يسبق أن استفاد منه أي مخرج مغربي أو عربي.

لا يحركني هنا رد فعلعلى كون أن الفيلم المغربي غاب عن المسابقة الرسمية، عنوان هذه الدورة جدلا، يمكن أن نبرر ما حدث هذه السنة، بأننا عندما نقبل باللعبة نقبل قانونها، لعبة أن هناك لجنة الاختيار، نكون مضطرين أن نقبل أيضا بأن لا نُختار كما نقبل بالعكس، أما من منطق آخر، أظن أنه من المعقول أن البلد المنظم من حقه أن يكون له نوع من الامتياز والتفضيل، بغض النظر عن اعتبارات فنية، على الأقل ليفهم المدعوين أن هذا البلد الذي يستضيفهم هو أيضا يتوفر على إنتاج سينمائي وليس متطفلا عليها، وأن تنظيم المهرجان بمبادرة سامية جاء نتيجة وجود نشاط سينمائي يعرفه المغرب على مستوى استقبال الإنتاجات الأجنبية لتوفر ديكورات جميلة ولتوفر أمن وخبرات في المجال وكذلك لتوفر إنتاج محلي.

يحق لنا كبلد منظم أن نغير المدير الفني متى شئنا، متى تعرض عمل الأخير للانتقاد من طرف الرأي العام الوطني، ومتى أصبح عمله دون المستوى المطلوب وأصبحت برمجته رتيبة، حتى إذا اضطررنا إلى الاستعانة بمدير فني أجنبي اخر ومع العلم أنه يمكن  الاستعانة بمديري إحدى المهرجانات الوطنية التي أثبتت فاعليتها من خلال تنظيم مهرجانات بمسابقة دولية.. لما لا؟

يجب أن نطالب، وهذا من حقنا ودون أن يكون ذلك عيبا، أن يتم كما ينص دستور2011 على ذلك، أقصد أن تكون اللغة الرسمية للمهرجان اللغة الأمازيغية أو العربية مع توفير الترجمة بالإنجليزية أولا كما هو الشأن حتى في المهرجانات الفرنسية ذاتها التي يغيب اسم ميليتا أو رمون بار عن أهمها.

المغرب ينظم مهرجانا في حجم “مهرجان موازين” الذي يستقبل اكبر نجوم الموسيقى عالميا وعربيا بدون استثناء ويكلف ربما أكثر من مهرجان مراكش وينظم تظاهرات دولية كالكوب 22 وكان لمرات قد قدم ترشيحه لتنظيم كأس العالم فكيف له أن يعجز عن تنظيم مهرجان سينمائي ولو كان في حجم مراكش ويضطر أن يستعين بالأجانب في أبسط المهام . لماذا عندما يستعان بخبرات هؤلاء الأجانب تُوفر لهم كل الإمكانيات، كل ما يُسهل مهامهم وعندما يتعلق بـ “كحل الراس” يطلب منه أن يكون عبقريا بأبسط الإمكانيات ورغم ذلك يثبت “كحل الراس” فاعليته حتى بأقل وبأبسط الإمكانيات كما هو الشأن في المهرجان الوطني والمتوسطي بطنجة ومهرجان تطوان وسلا وخريبكة والرباط ومكناس واللائحة طويلة.

يجب ببساطة تحرير مهرجان مراكش من الاستعمار الفرنسي والدفاع عن الوحدة الترابية للوطن سينمائيا. وليصبح مهرجان مراكش واجهتنا بكل المقاييس نسوق فيه بلدنا ونحتفل مع ضيوفنا بالسينما وليكن المغرب مول الدار بسينمائييه ومثقفيه وفنانيه  بإمتياز وليس فقط بجيبه. 

مخرج سينمائي من المغرب

Visited 23 times, 1 visit(s) today