بسبب الفيلم الجديد: مايكل مور يتعرض لحملة قاسية

مايكل مور مع جيف جيفز وأوزي زهنر مايكل مور مع جيف جيفز وأوزي زهنر

بقلم: كريس ليندال

ترجمة: رشا كمال

يعتبر مايكل مور من أشهر مخرجي الأفلام التسجيلية في الولايات المتحدة، نال شهرته من إخراج وثائقيات تلقت ردودا عنيفة من تيار اليمين السياسي، تراوحت من ضغط تيار المحافظين على شبكات دور العرض لمنع عرض فيلمه “فهرنهايت 9/11-Fahrenheit 9/11، إلي انتاج فيلم بعنوان ” مايكل مور يكره أمريكا-Michael Moore Hates America“. ولكن مور يتعرض حاليا لحملة شعواء من النشطاء والمخرجين الذين دعموه في الماضي وكانوا يبجلون أعماله، مطالبينه بالتراجع عن موقفه وأن يدرك خطأه ويقدم اعتذاراً عن فيلم “كوكب البشر-planet of the humans“.

الفيلم الجديد من انتاج وإخراج جيف جيبس، ومايكل مور هو المنتج التنفيذي له، وقد سبق وتعاون جيبس مع مور في فيلمي “فهرنهايت 9/11، ودحرجة الكرات في كولومبين”، وهو يقدم نقداً لاذعاً للحركة البيئية الجديدة وترويجها لمصادر الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الحيوية.

واعترض بعض المخرجين والنشطاء والعلماء على ما ورد في الفيلم بزعم أنه يعتمد على حقائق منقوصة، ومقابلات سطحية، ومعلومات قديمة لرسم صورة قاتمة ومضللة عن حالة الطاقة المتجددة.

هل تستطيع الآلات التي شيدتها الحضارة الصناعية أن تنقذنا من تلك الحضارة نفسها؟ يطرح جيبس هذا السؤال بعد 17 دقيقة من بداية الفيلم. والإجابة كانت رفضاً قاطعاً، نكتشف خيوط هذه الإجابة من خلال سلسلة من المشاهد لصناعة السيارات الكهربائية التي تعتمد في تشغيلها وتصنيعها على طاقة الفحم، وعدم جدوى ألواح الطاقة الشمسية، وسوء استغلال الموارد الطبيعي، منتقداً بذلك حقيقة أن رؤى المستقبل الأخضر- الذي وعدنا به – ما هي إلا محض خيال. ويجادل أن الاحتياج المتزايد لمصادر الطاقة بسبب انفجار الكثافة السكانية وزيادة معدلات الاستهلاك أكبر بكثير من أن تتحمله الأرض أو التقنيات الجديدة صديقة البيئة. ويستنتج أن فرصتنا الوحيدة لإنقاذ الكوكب ستأتي من مواجهتنا لعواقب تلك الأمور. ورغم ذلك يفشل الفيلم في طرح أي حلول محددة للتعامل مع تلك المشكلات.

ومع تخطي مشاهدات الفيلم عتبة الخمسة ملايين مشاهد، على قناة مايكل مور على منصة يوتيوب، أقام جوش فوكس مخرج فيلم “جازلاند-Gasland” حملته ضد مور وجيبس مطالباً إياهم بالتبرؤ من هذا المشروع بتأييد من مجموعة من المشاهير ومناصري

وصرح فوكس في حديثه مع موقع أندي وير “لقد أخطأوا كثيراً وأثاروا غضب عالم المناخ العالمي كله”.

هذا العالم نفسه الذي يضم كلا من بيل ماكيبن صاحب مؤسسة 350، وشركة سييرا كلوب وآل جور واخرين ممن جاء ذكرهم في الفيلم حيث يناقش جيبس فسادهم وتورطهم لصالح أطماع الشركات الكبرى، بالاضافة إلى صناعة الوقود الأحفوري وأعمال الأخوين كوخ وبورصة وول ستريت وأخرين ممن يستمدون قوتهم من تزايد معدلات النمو والاستهلاك، وبالطبع سيلاحق كل هؤلاء، الأشخاص القائمين على الفيلم حتى يتراجعوا عن أخطائهم.

رفض جيبس ومور التعليق على ها الأمر، ولكن في لقاء له مع جريدة ذا هيل تحدث مايكل مور عن ردود الأفعال العنيفة قائلاً: “الحقيقة أن أصدقاءك هم الوحيدون القادرون على مواجهتك بأخطائك. فنحن من مناصري حركة البيئة الأوائل، وقد اشتركنا فيها انا وجيبس منذ أحداث يوم الأرض الأول، فماذا سيحدث لو لم يعد بمقدورنا قول – إذا لم يكن النصر بأيدينا، فلم لا نتناقش حول ما ينبغي علينا فعله”.

وصرحت منظمة حرية الرأي- PEN America الأمريكية فيما يخص الحملة الشعواء التي شنها فوكس بأن مسألة نزاع احدى جماعات مناصري البيئة ضد حرية اختلاف أراء وأفكار مجموعة اخرى، امر يدعو للقلق.

ولكن بالنسبة لفوكس يعتبر الفيلم فاسد ومضلل لقيم وعقائد الحركة وربما كان للشيطان نفسه يد في إنتاج هذا الفيلم.

“يتناول الفيلم بأسلوب ماكر فكرة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة على الوقود الأحفوري، وعدم جدواها” فوكس في حديثه مع منصة ايندي وير.” كل هذه الامور عارية تماما عن الصحة، فالعلماء في مجال الطاقة المتجددة، أو في مجال المناخ أو من مؤيدي الصفقة الخضراء الجديدة يدركون تماماً حقيقة هذا الأمر.

فمعرفتنا نحن الأمريكيين بمواضيع الطاقة المتجددة قليلة جداً، لذا من السهل عمل فيلم مضلل عنها، كما أن المواضيع المطروحة في الفيلم يجانبها الصواب، وقد أثبت العلماء خطأها العلمي بشأن الطاقة المتجددة”.

وفي تغريدة له على موقع تويتر كتبت نعومي كلاين “كم هو محبط، الضرر الذي سببه هذا الفيلم”.

وجد هؤلاء الأصدقاء أنفسهم لأول مرة في خلاف بسبب موضوع محل اهتمام مشترك بينهم، حيث ان فوكس، مور، جيبس كانوا من أنصار المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز. وفوكس كان يعتبر مور ملهمه في أول افلامه الوثائقية ذات الراوي الشخصي. وأطلق مور على كلاين أنه واحد من أبطاله وذلك في مقابلة أجريت معه في شهر فبراير في برنامج يقدمه كلاين على مدونته الصوتية عبر الانترنت.

مايكل مور يرد على نقاده

وصرح المسؤول الاعلامي لكل من مور وجيبس برفضهم التعليق على أي من هذه الحقائق محل النزاع التي أثارها فوكس في مقالته أو في خطابه مطالباً إياهم بدحض تلك الادعاءات. واشار بدلاً من ذلك الى التقرير الإعلاني الخاص بالفيلم، وملف الاسئلة والاجوبة الخاص بجيبس ورده على شركتي سييرا كلوب واسبريشن، وكذلك رده على ماكيبين، والفيديو المصور لمايكل مور والمنتج اوزي زينر، وايضا اللقاء الذي أجراه جيبس مع جريدة ذا هيل – حيث قدم الثلاثي أجوبة شاملة ردا على انتقادات فوكس.

وقال المنتج اوزي زينر”أعتقد ان الحركة البيئية الحالية ستكون آخر حركة تناولها هذا الفيلم، وسيستمر أعضاؤها في جدالهم القائم حول الخلايا الشمسية ومولدات طاقة الرياح، وأن هذه الوسائل، فهذه الوسائل مبنية على عمليات تكنولوجية تتطلب وقود أحفوري لازم لبنائها. ونحن لسنا بأفضل حال بدونها، بل نحن في حال اسوء بكثير مما بدأنا عليه منذ ثلاثين عاماً”.

وأنكر كل من جيبس ومور ما ورد في تغريدة فوكس على موقع تويتر بأن موقع مكتبة افلام التغيير الاجتماعي كان المسؤول عن توزيع الفيلم وقد تخلى الموقع عن هذه المهمة. ولكن تم حذف الفيلم من الموقع قبل ان يصبح متاحا للعرض مرة اخرى مصحوباً ببيان استنكاري، وكرر المسؤولين عن الفيلم ان شركة مور للإنتاج “رامبل ميديا” هي من قامت بالتوزيع، وان فوكس كان غير محقا بتصريحه هذا.

ورداً على هذا الموضوع، أوضح فوكس في حديثه مع موقع إيندي وير أنه كان مخطأً، وكان يجب عليه توضيح أن موقع أفلام التغيير الاجتماعي هو أحد موزعي الفيلم.

النزاع القائم حول فيلم “كوكب البشر-Planet of the humans” يضع مايكل مور تحت المجهر مرة أخرى. فقد حاز فيلمه “دحرجة الكرات في  كولومبين-Bowling for Columbine” جائزة الأوسكار لأحسن فيلم وثائقي عام 2003 وبعد عام أصبح فيلمه فهرنهايت 9-11-الذي لا يزال حتى يومنا هذا-الوثائقي الوحيد صاحب أعلى إيرادات تجاوزت 222,45 مليون دولار، وهو انجاز لم يتكرر معه منذ ستة عشر عاما حتى الآن. ونال ترشيح لجائزة الأوسكار عن فيلمه “سيكو-Sicko” عام 2007، الذي فضح فيه أنظمة الرعاية والتأمين الصحي بأمريكا، بينما حقق العرض الثاني لفيلمه فهرنهايت 9-11 في حقبة ترامب ايرادات مقدارها 6,67مليون دولار، وحتى هذه اللحظة تجاوزت مشاهدات “كوكب البشر-Planet of the humans” ستة ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب.

Visited 57 times, 1 visit(s) today