القضايا السياسية تفرض نفسها على أفلام مهرجان كان
تكتسي دورة العام 2018 من مهرجان كان السينمائي صبغة سياسية قوية، مع دعوات موجهة إلى المخرجين المعارضين الإيراني جعفر بناهي والروسي كيريل سيريبرينيكوف وأفلام تتناول أخبار الساعة وشخصيات بارزة مثل نلسون مانديلا والبابا فرنسيس.
ولطالما واكب هذا المهرجان منذ إنشائه سنة 1946 آخر المستجدات ولم تغب عنه جدالات الساعة، من فيلم “هيروشيما مون أمور” الذي استبعد من المسابقة سنة 1959 بسبب ضغوط أميركية إلى “فاهرنهايت 9/11” لمايكل مور الذي ينطوي على نقد لاذع لإدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والذي نال جائزة السعفة الذهبية سنة 2004.
وقال الناقد السينمائي جان ميشيل فرودون إن “السينما تواكب الحساسيات السياسية المعاصرة ويسعى المهرجان إلى تعظيم أثرها وتقديم الدعم للفنانين الملاحقين في بلدانهم”، مع التوضيح “لا يكفي أن يكون المرء مخرجا يقبع في السجن لتختار أعماله في كان”.
وأكد فرودون الذي تولى إدارة مجلة “كاييه دو سينما” الشهيرة وتعاون مع موقع “سلايت” الأميركي، “عندما يكون الفيلم جديرا بالمشاركة في مهرجان كان ويواجه مخرجه مشاكل في بلده، يمثّل الملتقى السينمائي الدولي فرصة لتسليط الضوء على وضعه الشخصي وعمله”.
وفي خطوة تحمل مدلولات سياسية كبيرة، أعلن مدير المهرجان تييري فريمو الخميس الماضي أن السلطات الفرنسية تعتزم الطلب من طهران بالسماح لبناهي بمغادرة إيران لتقديم فيلمه المشارك في المسابقة الرسمية “ثلاثة وجوه”.
ويمنع على بناهي الحائز سنة 1995 جائزة الكاميرا الذهبية التي تكرّم أول عمل طويل لمخرج في هذا المهرجان العريق، السفر أو التصوير في بلده. وقد اعتقلته السلطات في سجن إيوين عندما دعي للانضمام إلى لجنة تحكيم المهرجان عام 2012.
وستوجّه الدعوة عينها إلى المخرج المسرحي والسينمائي الروسي كيريل سيريبرينيكوف الخاضع للإقامة الجبرية في موسكو منذ الصيف الماضي إثر اتهامه باختلاس أموال عامة، وهي تهمة مسيّسية بحسب كثيرين نظرا إلى الرسائل المناوئة للسلطات الروسية المبطنة في أعمال هذا الأخير.
وأشاد منتج فيلمه الأخير “ليتو” (“الصيف”) باختيار هذا العمل للمشاركة في المسابقة الرسمية، واصفا القرار بـ “نصر للسينما الروسية”.
وذكّر فريمو بأن “مهرجان كان لطالما شكل، كما تعلمون، فسحة للحرية، حرية الإبداع وحرية تنقل المخرجين. وتاريخه حافل بأحداث من هذا القبيل”.
ويبقى ذكر المخرج الكردي الأصل يلمظ غوني الحائز العام 1982 على جائزة السعفة الذهبية عن فيلمه “الطريق” الذي تولى إخراجه من خلف قضبان السجن في تركيا، مطبوعا في الأذهان.
ويعرض خارج إطار المسابقة في الدورة الحادية والسبعين من مهرجان كان فيلم “النفوس الميتة” للمخرج الصيني وانغ بيغ المحظور عرضه في بلده.
كما أن المهرجان سبق أن عرض أعمالا للمخرج الإيراني محمد رسولوف الذي يمنع عليه السفر من بلده، كما بناهي.
ومن الأفلام الأخرى التي يتردد فيها صدى الأزمات التي تعصف بعالمنا، فيلم “لي فيي دو سوليي” (“بنات الشمس”) للمخرجة الفرنسية إيفا أوسون حول مقاتلات كرديات من بطولة النجمة الإيرانية غلشيفته فرهاني وايمانويل بيركو.
ويقدّم المخرج الألماني فيم فندرز وثائقيا عن البابا فرنسيس خارج إطار المسابقة الفرنسية. ويعرض أيضا فيلم عن نلسون منديلا بطل الكفاح ضد الفصل العنصري في جنوب افريقيا الذي يحتفى هذه السنة بذكرى مئة عام على ميلاده تحت اسم “ذي ستايت أغينست مانديلا أند ذي آذرز” (“الدولة ضد مانديلا والآخرين”). ويجمع هذا العمل الوثائقي صور أرشيف وشهادات لرفاق سجن سابقين لأول رئيس أسود لجنوب افريقيا.
ويروي فيلم “في مهبّ الريح” للفرنسي ميشال توسكا لقاء سكان منطقة فرنسية بمهاجرين يحاولون عبور الحدود للوصول إلى إيطاليا.
وللرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إطلالة وجيزة في فيلم “لا ترافيرسيه” (“العبور”) السياسي الطابع حول الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها فرنسا في مايو 1968.