“الرأي”: مهرجانات السينما العربية.. إثراء لإبداع الصورة

غدت المهرجانات العربية تتكاثر بشكل مضطرد في اغلبية البلدان العربية وهو ما يتفق مع الحالة الثقافية التي يعيشها العالم المعاصر بفعل الثورة المعرفية وتقدم وسائل الاتصال وهو ما استدعى بروز تيارات فكرية تنشد الحوار بين الثقافات الانسانية، وكانت المهرجانات السينمائية الفضاء الرحب لهذه التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي جعلت الفرصة متاحة لان يلتقي عشاق الفن السينمائي بعيدا عن الصالات الدارجة في السوق السينمائية لتصبح امكانية عرض الافلام بشقيها الوثائقي والروائي والطويل والقصير والتجريبي جنبا الى جانب ضمن برامج واقسام متنوعة في المهرجانات السينمائية.

ومع ان صناعة الافلام في الاردن ما زالت تسير من خلال محاولات وجهود شابة من ذوي المواهب الذين استعانوا بامكانيات كاميرا الفيديو الرقمية ما وفر لهم الفرصة في التواجد بالعديد من المهرجانات الدولية على قدم المساواة مع قامات رفيعة في الفن السابع، بل ان البعض من الشباب الاردني اسعفه الحظ وظفر بجوائز رفيعة مثل الفوز الاردني غير المسبوق في مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي كان من نصيب افلام “كابتن ابو رائد” لامين مطالقة، “مدن ترانزيت” لمحمد الحشكي، “الجمعة الاخيرة” ليحي العبدالله وقبل ذلك فوز الفيلم الاردني القصير (مشهد) بجائزة افضل فيلم روائي قصير في مهرجان ابو ظبي السينمائي، وقس على ذلك حصيلة الجوائز العالمية لأفلام طويلة: “الشراكسة” لمحي الدين قندور، “اعادة خلق” لمحمود المساد، “لما ضحكت موناليزا” لفادي حداد وسوى ذلك كثير “اسماعيل” لنورا الشريف، “موت ملاكم” لناجي ابو نوار»، “طرفة” لماجدة الكباريتي، ومجموعة اشتغالات المخرجين دارين سلام، عبدالسلام الحاج وساندرا ماضي.

من هذا المنطلق يتبين قيمة المهرجانات السينمائية في العمل على تعزيز المعرفة بالفن السابع وتوظيفه في تكريس ثقافة وهوية الامم، خاصة اذا تم التعامل معها باحترافية.
هناك العديد من المهرجانات التي تقدم برغم امكانياتها المادية البسيطة الكثير من الوان الدعم والاسناد لصناع الافلام العرب في تجاربهم المتباينة، بل وقادتهم الى عوالم جديدة في السينما، من هنا نذكر دور مهرجان ايام قرطاج السينمائية، ومهرجان تطوان السينمائي، حيث يحتفي الاول بالسينما في القارة الافريقية، والاخر في سينمات بلدان حوض البحر المتوسط، والى جوارهما الدور الذي لعبه مهرجان الاسماعيلية للافلام التسجيلية والروائية القصيرة الذي تكرس كمهرجان دولي بالمنطقة متخصص بالافلام التسجيلية والقصيرة والتجريبية.

لكن الثابت ان العديد من البلدان العربية وعلى رغم هذا التواجد المحسوس للمهرجانات الكبيرة دبي، ابو ظبي، القاهرة، مراكش فهي ما زالت بحاجة الى تنظيم مهرجان يكرس لكافة الافلام العربية والناطقة بالعربية المنجزة طوال عام، ومن ثم يجري منح جوائز قيمة تقررها لجنة تحكيمية لافضل فيلم عربي، وافضل مخرج، وافضل ممثل، وافضل منتج، وافضل ممثلة، الى جوار جوائز للتقنيين بحقول الموسيقى والمونتاج والتصوير والتجريب والرسوم المتحركة وصولا الى جائزة افضل فيلم اجنبي (ناطق بغير اللغة العربية)، بحيث يجري توزيعها في احتفالية سنوية تنظم بالتداول بين البلدان العربية، على غرار ما يجري في جوائز الاوسكار باميركا وغويا باسبانيا وسيزار بفرنسا.

جريدة “الرأي”- الخميس 2014-01-23

Visited 11 times, 1 visit(s) today