إلى متى تستمر فوضى المهرجانات المصرية؟

منذ ثلاثة أعوام أصدر رئيس الوزراء قرارا بتنظيم المهرجانات السينمائية، تضمن تشكيل اللجنة العليا الدائمة لتنظيم إقامة المهرجانات والاحتفالات برئاسة وزير الثقافة وممثلين عن ثمانى وزارات، لدراسة طلبات إقامة المهرجانات، ومتابعة آليات تنفيذها، وتقييمها بتقديم تقارير دورية عنها تتضمن توصيات بشأنها لوزير الثقافة، بالإضافة إلى تحديد الدعم المادى من الدولة (مالى أو لوجيستي) بشرط ألا يتجاوز نسبة ٤٠ ٪‏ من موازنة المهرجان.

فهل التزمت وزارة الثقافة بتطبيق القرار الذى منحها حق الإشراف الكامل ـ ماليا وإداريا ـ على المهرجانات؟ أم استمرت الحياة كما كانت قبل القرار؟

هل تشرف الوزارة وتتابع المهرجانات حقا؟ هل تراجع أوراقها؟ لتتأكد من مصادر تمويلها وحجم إنفاقها؟ هل تأكدت اللجنة العليا للمهرجانات، وأعضاؤها لهم الاحترام، من ميزانيات المهرجانات، وتنفيذ قرار رئيس الوزراء بألا يتجاوز الدعم الحكومى ٤٠٪‏ من هذه الميزانية؟

فى 21 يونيو اختتم مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة ـ هو ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى تقيمهما الدولة وتتحمل أعباء تنظيمهما ـ وأعلن رئيس مهرجان الإسماعيلية الناقد عصام زكريا أن المهرجان ميزانيته ثلاثة ملايين ونصف المليون جنيه، وهو ما أكده السيناريست محمد الباسوسى رئيس المركز القومى للسينما الذى يقيم المهرجان.

وكان اللافت للنظر حصول مهرجان أسوان لسينما المرأة على دعم من وزارات الدولة يقترب من هذا الرقم! فهل تنبهت وزارة الثقافة واللجنة العليا للمهرجانات إلى أنه من غير المنطقى أو المقبول أن تمنح مهرجانا كأسوان دعما يساوى ميزانية مهرجان دولى عريق، وتفترض أن هذا الدعم ليس إلا ٤٠٪‏ فقط من ميزانيته؟!.

فهل يقام مهرجان محدود بأفلامه ولجان تحكيمه وأقسامه وضيوفه بأكثر من سبعة ملايين جنيه؟! ألم يكن على المهرجان أن يدبر موارده المبالغ فيها من جهات مختلفة وبشكل قانوني؟!

فى حفل افتتاح المهرجان، الذى يرأسه رجل ويديره رجل ويديره فنيا رجل ويطلق عليه مهرجان سينما المرأة فى سابقة غريبة، قالت وزيرة الثقافة إنه المهرجان الوحيد لسينما المرأة فى مصر، متجاهلة مهرجان القاهرة الدولى لسينما المرأة الذى تقيمه وترأسه المخرجة المصرية أمل رمسيس منذ عام ٢٠٠٨ دون دعم من الدولة، فلماذا تجاهلتها الوزيرة ؟

وفى حين يدعم الرئيس عبدالفتاح السيسى حقوق المرأة وتمكينها فى كل المجالات، تتغافل الوزيرة عن هيكلة مهرجان لسينما المرأة كل مسئوليه من الرجال، اعتمادا على منتدى «نوت» لقضايا المرأة الذى ترأسه الدكتورة عزة كامل لتمنحه مصداقية، ولا ترأس المهرجان طبعا هى أو غيرها من النساء، وكأن مصر عدمت صانعات السينما المحترفات.

فى أمريكا قاطع الجميع رابطة الصحافة الأجنبية بهوليوود المانحة لجائزة الجولدن جلوب، أشهر وأكبر جائزة سينمائية بعد الأوسكار، بعد اتهامات بالفساد المالى والإدارى وجهتها لها صحيفة لوس انجيلوس تايمز؛ فأجبرت على إلغاء حفلها السنوى الشهير العام القادم، وربما الذى يليه لحين إعادة هيكلة الرابطة والقيام بإصلاح داخلي. وتواجه الرابطة التى تبلغ من العمر ٧٥ عاما عددا من قضايا الفساد المالي، رغم أنها لا تتقاضى دعما من الدولة، بل إن حفلها السنوى يسهم فى اقتصاد لوس أنجيلوس بأكثر من ١٠٠ مليون دولار، لكن إعفاءها من الضرائب فقط ـ كمهرجانات المجتع المدنى فى مصر ـ كان كافيا لمحاسبتها وكراهية صناع السينما والشعب الأمريكى لها!

قرار تنظيم المهرجانات كان هدفه القضاء على مهرجانات خارج المحاسبة، وبعيدا عن الرقابة على الأموال العامة، فهل ننتظر تعليمات بالتحقيق فى هذا الملف.

عن جريدة “الأخبار” المصرية الثلاثاء، 29 يونيو

Visited 15 times, 1 visit(s) today