“إحكي يا سبيلبرغ”: حبكات الدراما الـ 36 والسينما
(تنويه: تحتوي هذه المادة على شرح نهايات بعض الأفلام الأمر الذي قد يفسد المشاهدة عند البعض)
“طالما أحببت القصص، أحببت مشاهدتها وسماعها وأن أكون جزءا منها، لذلك كان شرفا لي أن أعمل مع ستيفن سبيلبرغ، أعظم راوي قصص على مر العصور”.
هذا ما قاله الممثل مارك رايلانس وهو يتسلم الشهر الماضي “أوسكار” أفضل ممثل في دور ثانِ في فيلم “Bridge of Spies” مؤكدا الفكرة العميقة التي تقول أن الفيلم الناجح هو الذي يقف خلفه شخص يبرع فيرواية القصص.
حاول الكتاب والمؤلفون منذ فترة طويلة تحديد معالم القصة الجيدة ومميزاتها وطرق سردها، وحاولوا تفكيك جوهر القصة وترابط أحداثها وعلاقة البداية بالنهاية، وكان منهم الكاتب الفرنسي جورج بولتي (1867 – 1946) الذي وضع أدبيات عديدة يجزم فيها أن أي قصة في العالم لا يمكن أن تخرج عن 36 حبكة، وكل حبكة لها اسم ووصف ومحاور أساسية تتكون منها، وبناء على نظريته نجد أن الـ36 حبكة تغطي كل القصص بما في ذلك تلك الموجودة في الكتب المقدسة والروايات الرديئة وقصص ميكي ماوس وروايات الجدات عن العفاريت وحتى أفلام الـ “أوسكار” و”كان” و “سندانس”!
ما هو الفرق بين القصة والحبكة؟ بالنظر إلى الأفلام كمجال لبحث حبكات “بولتي” الـ 36، نستطيع القول أن حبكة الفيلم هي سلسلة من الأحداث المنطقية المترابطة أما القصة فهي تفاعل الأبطال نحو هذه الأحداث والذي يختلف باختلاف وجهة نظر الكاتب والمخرج، فعندما نقول “ماتت الملكة ثم مات الملك” فهذه قصة أما عندما نقول “ماتت الملكة ثم مات الملك حزنا عليها” فهذه حبكة، لذلك لا يوجد نهائيا حبكة رديئة وأخرى جيدة، بل هناك فيلم رديء وفيلم جيد.
يتفرع من الحبكة الواحدة عدد كبير من الأفلام “القصص” التي قد تكون أفلام خيال علمي، أو رعب، أو رومانسية، أو كوميدية، فيندرج تحت حبكة “اللغز” مثلا الفيلم العادي جدا “Primal Doubt” والفيلم العبقري “The Name of the Rose” لشون كونري والذي يحكي عن البطل الذي يحاول تفسير الوفاة الغامضة لعدد من قساوسة الدير، وتحت حبكة “المبادرات الجسورة” نجد الفيلم السياسي الاجتماعي “التقرير” من بطولة دريد لحام ورغدة، وكذلكالفيلم الكوميدي “Men in Black” من بطولة تومي لي جونز وويل سميث والرومانسي “Chocolate” عن البطلة التي تفتتح محلا للشكولاتة في قرية متدينة تعتبر تناولها أحد الخطايا، وتحت حبكة “الاختطاف” نجد فيلم ميل غيبسون “Ransom” وفيلم الـ Pornالبريطاني “Behind the Green Door”.
وعليه فإن تصنيف جورج بولتي للحبكات الدرامية مهم جدا لمن أراد العمل في مجال السينما كاتبا أو مخرجا أو ناقدا، أو حتى مشاهدا عاديا لديه رغبة في الاستمتاع أكثر وكشف جانب مهم وساحر من جوانب السينما.
1
Supplication / الرجاء/ التوسل:
حسب “بولتي” فإن هذه الحبكة هي الأولى في قائمة الـ 36، ونحتاج هنا إلى 3 عناصر رئيسية وهي:الشخص الواقع في المشكلة “الضحية”، ومصدر الخطر الذي يهدده، وكذلك الشخص/الشيء الذي يطلب منه المساعدة، هذه من أشهر الحبكات الدرامية التي تستخدم في الأفلام الموجهة للبالغين أو الأطفال على حد سواء، وتأتي في عدة قوالب درامية مثل: طلب العفو والصفح، والرغبة في الخلاص من الذنب، وطلب المساعدة بعد تحطم السفينة ..الخ، ويُعتبر فيلمي ” The Wizard of Oz” و ” Three Amigos” من أشهر الأفلام ، ولكن ليس شرطا أن تكون النهاية دائما سعيدة وهانئة، فهناك فيلم “The Perfect Host” حيث يلجأ المجرم الهاربجون تايلور (كلاين كروفورد) إلى منزل السيد الوحيد المهذب وورويك ويلسون (ديفيد هايد بيرس) ليجد مفاجأة مريعة تنتظره، أيضا فيلم هالي بيري “The Call” عن قصة موظفة تعمل في مركز الطوارئ 911نموذج ممتاز لهذه النوعية من الأفلام.
2
Deliverance / الخلاص:
تشبه هذه الحبكة سابقتها، غير أن المنقذ يهب للمساعدة دون أن يطلب منه أحد،من أشهر هذه الأفلام “Speed” للجميلة الحائزة على الأوسكار ساندرا بولوك و “The Terminator” لأرنولد شوارزنغر.
3
Crime Pursued by Vengeance/ جريمة يتبعها الانتقام:
إنها الفكرة المفضلة في معظم أفلام “الأكشن” والقصص البوليسية وأفلام الإثارة، وتحتوي على شخصيتين هما: المجرم والمنتقم الذي يريد أن يشفي غليله، وغالبا ما يتعاطف الجمهور مع المنتقم مهما بلغت وحشيته، يحي الفخراني في فيلم “الأوباش” انتقم من المغتصبين الستة بطرق بشعة دون أن يرف له جفن، حتى أنه قامبذبح أحدهم ووضع رأسه داخل أحد الأوعية في دورة المياه ورغم ذلك احتفى المشاهدين بما قام به، هناك أيضا فيلم “Kill Bill” حيث تنتقم البطلة أوما ثورمان من كل من أجهضوها ودمروا حياتها، يندرج تحت هذا التصنيف أيضا معظم أفلام “جيمس بوند” وكذلك الفيلم الهندي ” Aakhree Raasta” لأميتاب باتشان.
4
Vengeance for Kin Upon Kin/ الانتقام بين الأقارب:
لطالما كانت العلاقات بين الأقارب مادة دسمة للتقصي والنميمة، ويزداد الاهتمام كلما تشابكت واحتقنت وخرجت عن الأطر الاجتماعية المرسومة لها، لذلك كانت قصص الانتقام بينهم مشوقة ولافتة للغاية، ولكن في السينما العالمية لم تعد هذه الحبكة ذات رواج كبير لكونها تنتشر أكثر في المجتمعات التي مازالت تحتكم لسلطة القبيلة والعشيرة، فيلم ديزني ” The Lion King” هو أشهر الأفلام المبنية على هذه الحبكة، ومثله كل التنويعات على مسرحية “هاملت” الشكسبيرية، هناك أيضا فيلمي “Winter’s Bone” و الفيلم الأسترالي “The Proposition” لراي وينستون وغاي بيرس.
5
Pursuit/ الملاحقة:
أن يكون البطل هاربا من العدالة أو اللاعدالة، فأحيانا نتعاطف مع البطل حتى لو كان مذنبا كما تعاطفنا مع ليام نيسون في ” “Les Miserables”، أو قد يقدم المخرج فيلمه مقلوبا فيجعلنا نحتشد ضد الهارب ونقف مع من يلاحقه، كما حدث في فيلم “The Silence of the Lambs” حيث نتابع بأنفاس محبوسة المتحرية الخاصة كلاريس ستارلنغ )جودي فوستر(وهي تلاحق القاتل المتسلسل بوفالو بِل )تيد ليفين(، وجدير بالذكر أن هذا الفيلم هو أحد الأفلام الثلاثة في تاريخ هوليوود التي نالت الخمس الجوائز الأساسية في “الأوسكار” وهي “أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل سيناريو، هناك أيضا الفيلم الأسترالي “X:Night of Vengeance” حيث تتعرض بائعتا هوى إلى ملاحقة طويلة ومميتة.
لقطة من فيلم “روكي”
6
Disaster/ الكارثة:
هي ببساطة أن تقع كارثة سواء كانت بيئية أو طبيعية، أو كارثة انقلاب عسكري أو الإطاحة بملك البلاد، هناك فيلم “2012” الذي يتحدث عن نهاية العالم، وفيلم “Troy” الذي يتناول القصة التاريخية عن سقوط المدينة الشهيرة.
7
Falling Prey to Cruelty or Misfortune/ الوقوع فريسة لسوء الحظ:
تعني هذه الحبكة باختصار أن الأمور كانت يسرة وعذبة ثم ولسبب ما لا تعود كذلك، يندرج تحت هذا التصنيف عدد كبير من أشهر وأجمل الأفلام العالقة في وجدان الجماهير رغم مرور سنوات على إنتاجها، من أشهرها “Misery” عن قصة الكاتب ستيفن كِنغ و”Cast Away” لتوم هانكس و “The Color Purple” الذي يُعد اول بطولة سينمائية لأوبرا وينفري.
8
Revolt/ الثورة:
في هذه النوعية من الأفلام، يجب أن يكون هناك “طاغية/طغاة” و “متآمر/متآمرين”، وموقفنا من الأبطال يعتمد على رؤية المخرج فقد نتعلق بالمقاتلين من أجل الحرية ضد النظام المستبد، أو نشعر بالتعاطف مع رجال القانون/الأمن/الفضيلة الذين يحاولون إعمال العدالة، هذه النوعية من الحبكات هي المفضلة للمراهقين، لأنها تمثل لهم الخلاص ونقض سلطة الكبار وهو ما يمثل تهديد صريح للوالدين /المعلمين/رجال الدين/الحكومات وكل فئة سلطوية تتعامل مع النظام الذي يتعاملون معه كونه قانون يجب ألا يخرق، من أشهر هذه الأفلام : “the Matrix”، و “Fight Club” و “One Flew Over the Cuckoo’s Nest” حيث يحاول صاحب السوابق راندال ماكمِرفي (جاك نيكلسون) تغيير نظام “الاستبداد” في مؤسسة التأهيل النفسي الواقع تحت إدارة مسز راتِشد (لويز فلِتشر) حيث قدم كلاهما أفضل ما لديه ليستحقا الـ”أوسكار” بجدارة بجانب طاقم العمل العبقري الذي جعل الفيلم تحفة فنية حقيقية لم يخف وهجها رغم مرور أكثر من 40 عاما على صدوره.
9
Daring Enterprise / المشاريع الجسورة:
في فيلم ديزني “A Bug’sLife” يحاول النملة “فلِك” أن يحرر قرية النمل الطيبة من سطوة الجراد وأن يتقرب كذلك من ملكتهم الجميلة “آتّا” فيعرض مشروعه الشخصي لها والذي قد يكلفه حياته وحياة قريته إذا أخفق، في نفس العام قدم ستيفن سبيلبرغ إحدى تحفه السينمائية “Saving Private Ryan” حيث يقوم الكابتن مِلر “توم هانكس” ومعه فصيلته بالبحث عن الملازم ريان وقد كانت فكرة مجنونة تماما وسط نير الحرب العالمية الثانية، ما يربط الفيلمين هو وجود قائدا شجاعا يواجه “عدوا “من أجل الحصول على “الهدف” الذي قد يكون وطنا أو فكرة أو ثروة أو شخصا، وهذا بالضبط هو جوهر حبكة “المبادرات الجسورة” التي قد تكلف البطل حياته في حال فشلها، ويندرج تحت هذه الحبكة بعض أفلام الحروب ورحلات المغامرات منها ما هو جيد كالأفلام آنفة الذكر ومنها الرديء مثل “Inglorious Basterds” لكونتِن تارانتينو الذي قد يُعد أسوأ فيلم صُنع عن الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر شخصية بالطبع.
10
Abduction/ اختطاف:
كما يبدو جليا فهذه الحبكة تحتوي على “الخاطف” و”المخطوف” وربما “الحارس” الذي يقوم بمنع أي محاولات لإنقاذ الرهينة الذي قد يكون اُخذ بمحض إرادته، هذه حبكة شهيرة ومرغوبة ويمكن أن تصنع أفلاما عظيمة إذا اهتم صانعوها بباقي عناصر النجاح، من أشهرها سلسلة أفلام “Taken” و”A Life Less Ordinary”.
لقطة من فيلم “إسم الوردة”
11
The Enigma/ اللغز/ الأحجية:
حبكة “اللغز” من أشهر الحبكات وأكثرها شيوعا وشعبية بين الجماهير وكلما كانت قصة الفيلم محكمة ومدروسة كان الفيلم أكثر نجاحا وتأثيرا، يعمد صناع أفلام “اللغز” إلى إخفاء القرائن عن كل من بطل القصة والمشاهدين الذين يشعرون أنهم جزءا من الفيلم و جزءا من مهارة البطل وحذاقته، تكمن خطورة هذه الحبكة في أن أي استستهال أو إخفاق في “هندسة” الفيلم فإن الفشل هو مصيره دون شك خاصة أن الجماهير اكتسبت خبرة مع مرور الزمن في حل أحاجي الأفلام ولم تعد ترضى إلا بما هو بارع وغير مألوف، هناك أفلام كثيرة تقع تحت هذه الحبكة مثل “Rear Window” من بطولة جيمس ستيوارت وغريس كيلي و”Se7en” لبراد بيت وكيفن سبيسي، والفيلم الإسباني “El Orfanato” حيث تحاول الأم، ونحن معها، حل لغز اختفاء ابنها سيمون محاولة ربط ذلك مع الظهور الخاطف للطفل ذي القناع في أرجاء قصرها الشاسع.
12
Obtaining/الظفر /الكسب:
هي أن تفاوض جهة ما جهة أخرى للحصول على مكسب أو هدف، وكلما كان الطرف الأول عنيدا والطرف الثاني متشبثا حصلنا على فيلما باهرا شريطة توفر باقي عناصر نجاح الفيلم، و تتخذ هذه المفاوضات أشكالا مختلفة فقد تتم في قاعة محكمة أو نادي تعرِ أو حتى داخل أسرة واحدة، ومع وجود طرف ثالث يصبح لدينا فرصة خصبة لتكوين عشرات القصص خاصة لو كان هذا الوسيط مستغلا وفاسدا، من أشهر الأفلام “There Will Be Blood” والفيلم البديع “Amistad” حيث المحامي روجر بولدوِن (ماثيو ماكونهي) يحاول جاهدا مفاوضة الحكومتين الأمريكية والإسبانية كي يحصل مجموعة من العبيد على حريتهم.
13
Enmity of Kin/ العداوة بين الأقرباء:
هنا نجد تشابها مع الحبكة المذكورة أعلاه “العداوة بين الأقرباء”، فهذه أيضا لم تعد رائجة كثيرا في أفلام ما بعد الحداثة، رغم أن لها جذورا قديمة مذكورة في الكتب المقدسة مثل قصة “قابيل وهابيل” والنبي يوسف وإخوته، من أهم الأمثلة: الفيلم الشهير ” Kramer vs. Kramer” من بطولة ميريل ستريب وداستِن هوفمان و “Ordinary People” و “The War of the Roses”.
14
Rivalry of Kin/ التنافس بين الأقرباء:
تستلزم هذه الحبكة وجود شخصين أو أكثر يتنافسون لتحقيق هدف واحد، وقد يكونوا أقارب أو أصدقاء، تولد هذه المنافسة قدرا من البغض لكنه لا يتحول إلى عداوة على الإطلاق، أحيانا يكون أحد الطرفين محبوبا أكثر من الطرف الآخر، أو مدعوما أو مرغوبا بشكل من الأشكال كما حدث في “Grumpy Old Men” و”Legends of the Fall” و “Becket”.
15
Murderous Adultery/ جرائم نتيجة الخيانة الزوجية:
في هذه القصص يوجد عاشقان وشريك مخدوع، تُصنع هذه الأفلام بحيث تنتهي بمقتل الشريك، أو أحد العاشقين، أو ثلاثتهم، وكل كاتب “وشطارته” في تحويل قصته ودفع المشاهدين إلى التعاطف مع أحد الأبطال الثلاثة أو جميعهم، وفي كل الأحوال يجب أن يجتهد صناع الفيلم لتقديم فيلم احترافي بعيدا عن أجواء الابتذال والرخص، من أشهر الأفلام “Diaboliqu” و”Match Point” و “A Perfect Murder” و “Unfaithful” لديان لين وريتشارد غير و”Dial M for Murder” من إخراج هيتشكوك حيث يكتشف الزوج خيانة زوجته فيتفق مع زميله القديم لقتلها غير أن الأمور تخرج عن سيطرتهما للأبد.
16
Madness/ الجنون:
في فيلم “the Shining” تعلق العائلة في فندق خالٍ في الجبال ويبدأ الزوج بفقدان عقله رويدا رويدا وتتعرض زوجته إلى سلسلة من التوترات المتصاعدة التي صنعت فيلما ممتازا، جدير بالذكر انه ليس بالضرورة أن يتواجد شخصان في هذه النوعية من الأفلام، فقد يكون البطل هو ضحية نفسه ومخاوفه وأفكاره، إن “الجنون” حبكة ثرية جدا، وفيها عالم واسع من الخيارات لصنع أفلام خالدة، فالنفس البشرية لطالما كانت منجما للقصص والأساطير: “Psycho” و “Madhouse” و”Apocalypse Now” و “Moby Dick” من أبرز الأمثلة وأهمها.
17
Fatal Imprudence/ الحماقة المدمرة:
هنا يبدأ الموضوع بمزحة أو تصرف غير مسئول أو تجربة علمية مجنونة أو مجرد فضول ينتهي بكارثة، كارثة تصلح أن يُصنع منها فيلم، هذه من الحبكات الرئيسية في بعض أفلام الرعب وأحيانا الخيال العلمي، في “المكالمة القاتلة” تقوم رانيا فريد شوقي بتسلية نفسها وصديقتها بالاتصال على أرقام عشوائية لتخبر من يرد عليها أن لديها الدليل أنه قام بقتل زوجته، ليرد عليها مصادفة رجلا متورطا بمقتل زوجته بالفعل، في فيلم “The Fly” يقوم العالم سِث براندِل (جيف غولدبلم) مدفوعا بفضوله العلمي الشديد بتجربة كل ما يخطر في باله في معمله المعزول لتكون النتيجة مسخا مريعا لا يقبل أن يتحكم به أحد، هناك أيضا الأفلام التي تتناول قصص المراهقين الملولين الذين يودون تجربة أشياء مشوقة وجديدة والنتيجة تكون مدمرة في الغالب.
18
Involuntary Crimes of Love:/ آثام الحب اللاإرادية
يندرج تحت هذه الحبكة عددا من القصص بدءا بعاشقين يتضح لهما لاحقا أنهما من المحارم إلى قصة عاشقين يتضح لأحدهما أن الآخر متزوجا دون علمه، وتختلف الحساسية من مجتمع إلى آخر حسب معاييره للشرف والعفة والـ “تابوهات”، ويتصاعد التوتر الدرامي عند المشاهد نتيجة حيرته بين رفضه للعلاقة التي تتصادم مع مفاهيمه وآدابه من جهة و تعاطفه مع الأبطال في ظل هذا التغيير الدراماتيكي من جهة أخرى، فيلم “Oldboy” أحد أهم الأمثلة، كما أن قائمة طويلة من الأفلام الهندية التي ارتكزت بشكل كامل على هذه الحبكة خصوصا في السبعينات والثمانينات حتى غدا الأمر مادة للتندر عند غيرهم من الشعوب.
19
Slaying of Unrecognized Kinsman/ قتل القريبدون قصد:
هذه حبكة محدودة الخيارات وغالبا ما تُدمج مع غيرها، ويمكن تلخيصها في وجود البطل الذي يخطط لقتل أحدهم غالبا بغرض الانتقام، ليتضح له أن ضحيته المرتقبة فردا من عائلته، قد يكون أخ أو ابن ..الخ، وكلما اقترب البطل من تحقيق هدفه كلما توتر المشاهدين وتمسكوا بأطراق مقاعدهم، ويزداد احتدام الصراع الدرامي في حال أرادت الضحية المرتقبة توصيل رسالتها للبطل الحانق قبل فوات الأوان، على سبيل المثال في “الباطنية” تقوم وردة (نادية الجندي) بالتخطيط لقتل حفيد حميها السابق انتقاما منه ليتضح لها أنه ابنها الذي أخبروها أنه توفي بعد الولادة مباشرة وينتهي الفيلم وقد فقدت عقلها محتضنة جثته في وسط حديقة “الأورمان”، جدير بالذكر أن فيلم “الباطنية” من أهم الأفلام المصرية التي تناولت قضية تجارة المخدرات في مصر، وكانت سبب في لفت نظر الحكومة إلى أساطين تجارة المخدرات في الحي الشهير، بجانب فيلم “الباطنية” هناك “Halloween” و الفيلم الإيطالي “Edipo re”.
20
Self-Sacrificing for an ideal/ التضحية من أجل المبدأ:
إنها من أكثر الحبكات وضوحا، هناك شخص يؤمن بعقيدة ما ويضحي من أجلها بأي شيء ثمين قد يكون حياته نفسها، كل القصص التي تُعد تنويعا على قصة “المسيح” تندرج تحت هذه الحبكة، لذا من الطبيعي أن يكون فيلم” The Passion of the Christ” أحد الأمثلة البارزة، هناك أيضا الفيلم المصري “ديسكو..ديسكو” حيث تبذل ناظرة المدرسة نجلاء فتحي مجهودا كبيرا لتنقذ طلاب مدرستها من الانحراف فتضطر في النهاية أن تتصرف بطريقتها لحمايتهم، التضحية في هذه الأفلام ليس بالضرورة أن تكون بالنفس، قد تكون بالطموح، أو بالوظيفة، أو بالحرية.
لقطة من فيلم “حياة بقة” Bug’s Life
21
Self-Sacrifice for Kindred/ التضحية بالنفس من أجل الآخرين:
تشبه كثيرا الحبكة السابقة غير أن هدف التضحية ليس “المبدأ” بل شخص آخر، قد يكون حبيبا أو زوجا، أو فردا من العائلة أو ببساطة شخص يرتبط مع البطل برابط وطني أو آيدلوجي، وقد لا تكون التضحية من أجل حياة هذا الشخص، بل من أجل سمعته أو صحته أو مستقبله، من أفلام هذه الحبكة الياباني “Harakiri” و“Man of Fire”والفيلم الفرنسي “Cyrano de Bergerac”.
22. All Sacrificed for a Passion/ التضحية بكل شيء في سبيل الشغف:
غالبا ما يكون الشغف هنا أمرا قاتلا وغير محمودا، قد يكون من أجل خطيئة “حسب التعبير الديني” أو شخصا أو عادة سيئة مثل الإدمان، كما حدث مع نيكولاس كيدج في ” Leaving Las Vegas” الذي يخسر كل شيء بسبب إدمانه على الخمور ثم يموت تاركا بائعة الهوىسيرا (إليزابيث شو) تبكيه وحيدة في غرفة موحشة، ويتجلى عميقا تعلقه بهذا “الشغف” عندما تضطر في أحد المشاهد لسكب الـ”ويسكي” على جسدها لترغيبه في علاقة حميمية معها، ومن أبرع ما قدمته السينما في معالجة هذه الحبكة الفيلم البريطاني “Cracks” بطولة النجمة الجميلة إيفا غرين المعلمة الفاتنة الموهوبة في مدرسة داخلية لفتيات الطبقة الأرستقراطية حتى تأتي الطالبة فييما (ماريا فالفيردي) ويتغير كل شيء.
23
Necessity of Sacrificing Loved Ones/ الحاجة الملحة للتضحية بالآخرين:
في واحدٍ من أشهر أفلام الثمانينات” لا تسألني من أنا” تقوم شادية بالتنازل عن ابنتها زينب (يسرا) لسيدة المنزل التي تعمل عندها كي تعيش حياة لائقة وقد ضاقت بتربية أبنائها وهي الخادمة العفيفة، قصة التضحية بأحد الأقرباء لهدف أعظم وأسمى مألوفة جدا في الكتب المقدسة، كقصة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل واعتبار ذبحه أمرا ربانيا لا يمكن أن يُرد، هناك أيضا الفيلم الألماني “The Seventh Continent” والفيلم الصربي المريع “A Serbian Film” الذي منعت عرضه فرنسا وإسبانيا وألمانيا والنرويج وسنغافورة وماليزيا ودول أخرى وحُذف منه 19 دقيقة قبل عرضه في الولايات المتحدة، ويحكي قصة بطل الـPorn”التائب” الذي يضطر للعودة إلى العمل بسبب أوضاعه المالية.
24
Rivalry of Superior and Inferior/ التنافس بين الجيد ,والأكثر جودة:
دائما ما تفوز هذه الحبكة بتوتر المشاهدين واستمتاعهم في آن في حال جاءت في أفلام مُشتغلة بشكل محكم، من أشهرها ” Rocky” و “the Karate Kid”، وقد تأتي المنافسةبين غني وفقير، بين ساحر ورجل عادي، بين رجل شريف وآخر غير ذلك، بين سيدة وخادمتها، هناك أيضا الفيلم الكوميدي “Death Becomes Her” حيث تتنافس البطلتان بضراوة للحصول على إكسير الشباب الذي لا يشيخ
25
Adultery/ الخيانة الزوجية:
عاشقان وشريك غافل، لا يهم جنس الخادع والمخدوع، فقد يكون الشريك المخدوع رجل أو امرأة، الكثير من القصص قد تنبثق من هذه الحبكة، وعلى حسب القصة وأطرافها وعلاقاتهم ودوافعهم ممكن لنا كجمهور أن نتعاطف مع الشريك المخدوع أو العكس، هناك مثلا “the Bridge of Madison County” و”نهر الحب” لعمر الشريف وفاتن حمامة و”The English Patient” والهونغ كونغي “In the Mood for Love”.
26
Crimes of Love/ آثام في سبيل الحب:
تتناول هذه الحبكة العلاقات الجنسيةالمحرمة في إطار الدين و/أو المجتمعات مثل: الحب بين المحارم، والمثلية، وعشق الأطفال “بيدوفيليا”، بل وحتى العلاقات الجنسية مع الحيوانات، و قد تتناول هذه الحبكة الأفلام التي يرتكب بها أحد العاشقيْن جريمة لإرضاء الطرف الآخر حتى لو كانت علاقة جنسية طبيعية، لدينا هنا “Chinatown” لرومان بولانسكي، و”Brokeback Mountain” للمخرج آنغ لي الذي نال عنه “أوسكار” أفضل مخرج، والفيلم المرشح للأوسكارمؤخرا”Carol” عن علاقة حب بين سيدتين إبان الحرب العالمية الثانية، وبالنظر إلى الطبيعة “المحرمة” لهذه الحبكة فهي بالتالي الهيكل الأساسي لعدد مهول من أفلام الـ Porn.
27
Discovery of a Loved One’s Dishonor/ اكتشاف حقيقة مشينة عن أحد الأقارب:
هنا يكون كل شيء على ما يُرام إلى أن يكشف شخص ما عارا ونقيصة في ماضي أو حاضر شخصا آخرا قريب منه، وقد يبالغ المخرج هنا في تصوير سعادة الأبطال قبل هذا الاكتشاف لنشعر كمشاهدين بكارثية الموضوع، قد يكون هذا العار عبارة عن تاريخ مهني مشين لأحد الوالدين، أو اكتشاف حياة سرية آثمة لأحد الزوجين، أو يتضح بعد الارتباط الشرعي أن للشريك شخصية مريعة وسيئة كما حدث في فيلم “Deceived”، ومن الأمثلة أيضا “the Godfather: Part 3” و” Road to Perdition”.
28
Obstacles to Love/ عقبات في وجه الحب:
هذه الحبكة يندرج تحتها كل الأفلام التي تتحدث عن العقبات أمام العشاق، هناك من يستطيع أن يقاوم للظفر بمن يحب بأي ثمن، وهناك من تنتهي قصتهما بنهاية مأساوية مثل “روميو وجولييت”، قد تكون العقبات بسبب اختلاف الأديان كما في الفيلم الهندي “Veer-Zaaraأو بسبب خلاف بين العائلتين، أو لاستحالة الزواج كأن تقع علاقة حب بين ملاك وبشر كما في فيلم “City of Angles” أو كعاشقين من عالمين موازيين كما في ” Upside Down”، الأفلام هنا كلما غرفت في الميلودراما وبكي الجمهور كلما نجحت أكثر وتصدرت شباك التذاكر.
29
An Enemy Loved/ الوقوع في حب العدو:
بعد مقتل هنادي (زهرة العلا) على يد خالها ثأرا لشرفه المهدور، تقرر آمنة (فاتن حمامة) الانتقام لشقيقتها من مهندس الري (أحمد مظهر) الذي اعتدى عليها، تذهب للعمل في بيته ولكنها تجد نفسها واقعة في حبه، في Twilight”تقع بيللا (كريستين ستيورات) في هوى مصاص الدماء إدوارد (روبترت باتِنسون)، في معالجة درامية شبيهة ولكنها أعمق وأكثر وجدانية نجد الفيلم السويدي “Låt den rätte komma in” عن علاقة حب بين طفلين من عالمين متضادين، كل هذه الأفلام بُنيت على حبكة الوقوع في حب من لا يجب الوقوع في حبهم، ويتباين موقف المشاهدين بين التعاطف والازدراء حسب القصة والأبطال وباقي عناصر الفيلم.
30
Ambition/ الطموح:
هنا قد يكون الطموح محمودا وبالتالي يتعاطف المشاهدون مع البطل وهو يناضل ضد من يحاولون النيل من حلمه، أو قد يكون الطموح مدمرا فيكون البطل هو من يجتهد للحيلولة دون تحقيقه وهو بالتالي من يحظى باهتمام الجمهور وأمنياته الطيبة، من أشهر الأفلام “Jerry Maguire” و “Wall Street”.
31
Conflict with a God/ الصراع مع الآلهة:
الصراع مع الآلهة، أو الصراع بين المرء ومعتقداته، أو الصراع مع قوى عليا شريرة، أو الصراع مع عدو بقوة قاهرة، كل ذلك يندرج تحت “الصراع مع الآلهة”، هناك نموذج كلاسيكي لهذا الحبكة كما في فيلم “Clash of the Titans”، وهناك صراع مع عالم الماورائيات كما في “Rosemary’s Baby” و ميا فارو التي تكافح من أجل الحفاظ على حياتها وطفلها بعد أن تعي حقيقة أنها تسكن في بناية تعج بالسحرة وشياطينهم، أو قد تأتي الحبكة بطريقة أكثر فرادة كما في فيلم “The Truman Show” الذي يقدم صراعا بينالمواطن العادي جيم كاري و كريستوف (إيدي هارِس) الذي يتحكم بكل ما يحيط بترومان محولا حياته إلى جحيم.
32
Mistaken Jealousy/ الغيرة في غير محلها:
الغيرة قد تكون قاتلة، خاصة إن كان لا أساس لها من الصحة، في فيلم “العذاب امرأة” تقوم الزوجة المتشككة إيناس (نيللي) بالإيحاء لزوجها د.جلال (محمود ياسين) بأنها زوجة خائنة للانتقام من خيانته ولكن يتضح لها بعد فوات الأوان أنها مخطئة تماما، في فيلم “My Best Friend’s Wedding” نرى جوليان تكاد تجن بسبب زواج صديقها من حبيبته، ولكن بعد مرور الوقت تكتشف هي أنها لم تكن غيرة فعلية هي فقط تخشى أن تظل وحيدة بعد زواجه، في فيلم “O” الذي يُعد نسخة حديثة من مسرحية “عطيل” يتم إقناع البطل بأن حبيبته تخونه مع رجل آخر عن طريق صديقه الواشي الغيور منه ومن نجاحاته.
33
Erroneous Judgment/ الأحكام الخاطئة:
هذه الحبكة يندرج تحتها الفيلم صاحب أعلى تقييمفي موقع “IMDb”، بالطبع نحن نتحدث عن فيلم ” the Shawshank Redemption” المحاسب الموهوب آندي دِفرين “تيم روبنز” يتم سجنه بتهمة قتل زوجته الخائنة، وفي السجن يتعرف على رِد (مورغان فريمان) وعدد من السجناء الذين يبدأ معه حياة تؤثر عليهم وعلى مستقبل المعتقل الشهير، هناك أيضا “The Fugitive” والفيلم البديع “The Contender” والفيلم المصري “وعد ومكتوب”.
34
Remorse/ الندم:
هو أن يرتكب البطل جرما ثم يندم ويرغب في التكفير، ولذلك بؤرة التوتر ليست في كيفية اكتشاف هذا الخطأ أو من المسئول عنه، بل عن كيف سيتصرفالمجرم /النادم نحو خطئه، هذه الأفلام تحمل شحنة غير عادية من المشاعر، لا يملك أمامها المشاهد سوى التعاطف غير المحدود، ” Seven Pounds” وكذلك “Atonement” من أفضل الأفلام التي تندرج تحت هذا التصنيف.
35
Recovery of a Lost One/ استعادة المفقودين:
هذهإحدى أبسط الحبكات في الدراما، شخص مفقود، يحاول آخر البحث عنه بشتى الطرق، مثل الفيلم الكوميدي ذائع الصيت “Baby Day out”وفيلم “The Deep End of the Ocean” ولكن قد يجتهد البعض لإنتاج فيلما باهرا ومعقدا رغم حبكته البسيطة، مثل فيلم “Gone Baby Gone” الذي يُعد واحدا من أروع الأفلام على الإطلاق، وكذلك الفيلم الإيطالي المذهل ” La Sconosciuta” حيث البطلة خائرة القوى تجتهد لاستعادة حياتها المسروقة منها.
36
Loss of Loved Ones/ خسارة الأحباء:
هذه الحبكة هي آخر تصنيف للقصص الدرامية حسب “جورج بولتي”، وتتناول الأفلام هنا قصص الذين يشهدون أو يسمعون خبر فقدان من يحبون، ما قبل هذا الخبر وما بعده غير مهم على الإطلاق، إنها أفلام عن الفقد ذاته، وهناك قائمة من الأفلام الرائعة تندرج تحت هذا التصنيف مثل “Griffin and Phoenix” الذي يحكي عن عاشقين مصابين بالسرطان، و فيلم ” Sweet November” حيث يفقد كيانو ريفز حبيبته ويراها، ونحن معه، تذوي أمامه كل يوم، وكذلك الفيلم الساحر “Dear Zachary: A letter to a son About His Father”” والذي يقول عنه الناقد بوب هنتر محرر موقع “Film School Rejects”أنه شاهده ثلاث مرات وردة فعله هي نفسها في كل مرة حيث ينفجر باكيا كطفلة صغيرة.
* كاتبة وناقدة من اليمن