أصداء تراجع ‘هاشيت’ عن نشر مذكرات وودي ألين

عائلة ألين شهدت انقسامًا حول مزاعم التحرش عائلة ألين شهدت انقسامًا حول مزاعم التحرش

بعد أيام من الجدل حول مذكرات وودي ألين، قررت دار النشر الشهيرة “هاشيت” في نيويورك التراجع عن نشر الكتاب. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، عندما أعلنت هاشيت عن اعتزامها نشر مذكرات المخرج والممثل الأميركي الشهير، هدد الكاتب رونان فارو بقطع علاقته بدار هاشيت، وطالبها بضرورة التحقق من مزاعم الاعتداء الجنسي المنسوبة لوودي ألين على شقيقته، ديلان فارو. ونظم حوالي 75 من موظفي هاشيت احتجاجا على ألينشر المزمع للمذكرات تضامنا مع أسرة ميا فارو ومع ضحايا الاعتداءات الجنسية عموما.
في البداية أصدرت دار هاشيت للنشر بيانا أعلنت فيه احترامها وتفهمها لوجهة نظر موظفيها الذين قرروا التعبير عن قلقهم إزاء نشر الكتاب، وقالت إنها ستشرك موظفيها في مناقشة هذا الموضوع في أقرب فرصة ممكنة. ولكن في يوم الجمعة الماضي أعلنت هاشيت التراجع عن نشر مذكرات ألين في بيان أرسلته إلى مجلة “هوليوود ريبورتر” قالت فيه:
“قررت مجموعة هاشيت للنشر عدم نشر مذكرات وودي ألين التي كان من المقرر طرحها للبيع في المكتبات في أبريل 2020، وأنها سترد جميع الحقوق إلى المؤلف”. 
وكان رونان فارو، ابن وودي ألين من زوجته الممثلة ميا فارو، الذي ساعد نشر تقريره عن المنتج السينمائي هارفي وينستين على إطلاق حركة #مي يو “أنا أيضا” كما حصل على جائزة بوليتزر، قد هدد بمقاطعة ناشره “هاشيت” بسبب اعتزامها نشر مذكرات والده وودي ألين الذي أصبح عرضة لانتقاداته واتهاماته بالاعتداء الجنسي على شقيقته في طفولتها.
ويتضمن كتاب وودي ألين وعنوانه “دون غرض” سردا شاملا لحياته الشخصية والمهنية، كما يصف أعماله في السينما والمسرح والتلفزيون والنوادي الليلية والمطبوعات. كما يتضمن الكثير من التفاصيل عن علاقاته مع العائلة والأصدقاء والمحبين.

ستيفن كينغ
كينغ: هاشيت تمارس دور الرقيب

لكن ليس معروفا ما إذا كانت المذكرات تتناول مزاعم ديلان فارو، ابنة ألين بالتبني، التي يتردد منذ فترة طويلة أنها تعرضت للتحرش الجنسي من جانبه عام 1992 عندما كانت في السابعة من عمرها.
 وقد داوم وودي ألين على نفي هذه المزاعم، كما تعرض مرتين للتحقيق في تلك المزاعم ولم يثبت صحة شيء منها كما لم يصل الأمر إلى القضاء قط. ولكن مع صعود حركة “مي تو” (أنا أيضا) في ضوء قضية هارفي ونيستين، تعرضت حياة ألين المهنية في الولايات المتحدة لضربة قاضية. فقد أوقفت شركة أمازون عرض فيلمه “يوم مطير في نيويورك” الذي أصبح جاهزا للعرض منذ سنتين، وهو ما دفع ألين إلى مقاضاة أمازون ومطالبتها بدفع تعويض قدره 68 مليون دولار. ولم يتم توزيع الفيلم في السوق الأميركية حتى الآن إلا أن ألين نجح في التعاقد مع شركة اسبانية لتوزيعه في أوروبا.
ومن أهم تداعيات قضية الغاء نشر الكتاب، موقف المؤلف البريطاني الشهير ستيفن كينغ، صاحب روايات الرعب البوليسية الشهيرة التي تحول الكثير منها الى أفلام، فقد وجه انتقادات قاسية الى دار هاشيت بسبب قرارها التراجع عن نشر مذكرات ألين.
ونشرت صحيفة الغارديان” البريطانية يوم الأحد بيانا من كنغ قال فيه: “إن قرار هاشيت بإسقاط كتاب وودي ألين يجعلني أشعر بالقلق الشديد” مضيفا: “إنني لست معنيا بموضوع مذكرات وودي ألين، فليذهب الى الجحيم، لكن المسألة تتعلق بمن الذي سيكون عليه الدور في المرة القادمة”.
ونشرت  صحيفة “الأوبزرفر” البريطانية يوم الأحد مقالا كتبته جو غلانفيل المديرة السابقة لمجموعة الكتاب الإنكليز ورئيسة تحرير مجلة “اندكس أون سنسورشيب” (مراقبة الرقابة) قالت فيه” “إنني أشعر دائمًا بالخوف عندما تمارس جماعة من الغوغاء سواء كانت صغيرة أو كبيرة، السلطة دون أي مساءلة أو تصويب. هذا الأمر يخيفني أكثر بكثير من توزيع السيرة الذاتية لوودي ألين في المكتبات”. ووصفت قرار هاشيت بأنه “مقلق للكتاب والقراء على السواء”.

إنني أشعر دائمًا بالخوف عندما تمارس جماعة من الغوغاء سواء كانت صغيرة أو كبيرة، السلطة دون أي مساءلة أو تصويب

وقالت غلانفيل عن موظفي هاشيت الذين خرجوا الأسبوع الماضي في احتجاج جماعي على الشركة التي يعملون لها، أنهم كانوا يعتقدون بوضوح أنهم “يقومون بالشيء الصحيح من الناحية الأخلاقية، احتجاجًا على نشر كتاب لرجل اتُهم بإساءة معاملة طفلته”. إلا أنها أشارت إلى أنه تم التحقيق مع ألين في مناسبتين ولم توجه إليه أية تهمة، وقالت إنه “لا يوجد سبب مقبول” لعدم نشر الكتاب. ووصفت موظفي هاشيت بأنهم لم يتصرفوا تصرف ناشرين مسؤولين، بل مثل أي رقيب”.
وكان رونان فارو قد تحدى والده مرات عدة كما تزعم حملة ضده ترمي الى محاكمته مثل هارفي وينستين، وأصبح رونان في أنظار قيادات حملة “أنا أيضا” بطلا ورائدا من المطالبين بمكافحة التحرش الجنسي من قبل رجال يتمتعون بالنفوذ على النساء الأضعف.
وقد رد رونان فارو على خبر اعتزام هاشيت في البداية نشر الكتاب بتغريدة على موقع تويتر، انتقد فيها هاشيت بإخفائها القرار بينما كانت تستعد لنشر كتاب “أمسك واقتل” أعده مع مجموعة من الكتاب، يكشف كيف يفلت الرجال الأقوياء من المحاسبة عن تصرفاتهم المشينة إزاء النساء ومن بينهم وودي ألين. وقال إن هاشيت لم تتصل بشقيقته مطلقًا للتحقق من روايتها للأحداث. وصرح فارو بأنه لم يعد بإمكانه العمل مع هاشيت “بضمير مرتاح”، معتبرًا أن سلوك هاشيت “يظهر نقصًا في الأخلاق تجاه ضحايا الاعتداءات الجنسية”.
ويرى الكثيرون أن الخلاف حول إسقاط كتاب السيرة الذاتية للمخرج السينمائي الشهير، هو تطور جديد في وضع معقد بالفعل، حيث شهدت عائلة ألين انقسامًا حول مزاعم بأن المخرج تحرش بابنة زوجته السابقة الممثلة ميا فارو بالتبني، ديلان فارو عندما كانت في السابعة من عمرها. وهو ما نفاه باستمرار الين البالغ من العمر 84 عاما. والسجال لايزال مستمرا!

نشر هذا التحقيق أولا في موقع “ميدل إيست أونلاين”

Visited 58 times, 1 visit(s) today