آراء النقاد حول فيلم “الفيل الأزرق”: بين الإشادة واللعنة!

رصدنا في موقع “عين على السينما” عددا من الآراء التي نشرها نقاد من أجيال مختلفة حول فيلم “الفيل الأزرق” الذي أحيط بضجة إعلامية غير عادية خصوصا في أجهزة الاعلام المرئية من خلال البرامج التلفزيونية التي خصصت فقرات كاملة للاشادة بالفيلم وصناعه.

وفيما يلي مقتطفات من هذه الآراء التي يرى القاريء أنها تعكس خلافات شديدة ما بين الاعجاب النطلق بلا تحفظات والرفض التام.

محمود عبد الشكور في “الدستور”

“نجح الفيلم فى تنفيذ أكثر خيالات الرواية جموحا، بل لعلى أعتبر أن مشاهد الجرافيك فى الفيلم هى الأفضل منذ دخلت هذه الإمكانية الى السينما المصرية، شركة عالمية متخصصة نفذت عالم الأحلام والهلاوس، فى نفس الوقت الذى أتاح الفيلم مباراة فى التشخيص بين ثلاثة ممثلين مميزين: لم أتخيل عندما قرأت الرواية أن يكون كريم عبد العزيز مرشحا لدور يحى راشد، الشخصية صعبة وأقرب الى الكآبة التامة، بينما ارتبط كريم بأدوار خفيفة أو شعبية، لكن كريم يبدو هنا مفاجأة حقيقية، دوره هو الأصعب فى رأيى لأنه لايعتمد على الإنفعال الظاهر، ولكنه ينقل إليك طوال الوقت شعروا بأنه مكسور كسرا لايمكن أن يلتئم، فى حياته بصيص أمل وحيد، حكاية حب قديمة، خالد الصاوى كان رائعا فى شخصية ملتبسة ومزدوجة، إنسان يقوده شيطان، نيللى كريم بأداء هادئ وبسيط وغير مفتعل، حياتها معلّقة بشقيق ينتظر الموت، وحبيب سابق ينتظر الإنهيار فى أية لحظة، ودوران مساعدان مميزان لشيرين رضا ومحمد ممدوح.


طموح مروان حامد هذه المرة أعلى بكثير من تجاربه السابقة، والمبهج أن نجاحه هنا أكبر، تابعته منذ فيلمه القصير عن قصة يوسف إدريس “أكان لابد ياليلى أن تضيئى النور؟” ثم فى “عمارة يعقوبيان” و”إبراهيم الأبيض”، كانت لديه دوما حلولا تقنية للتعبير التابوهات، وجاء ذلك أفضل فنيا ورقابيا، كان يمكن أن يكون “الفيل الأزرق” شديد العنف، القصة تسمح بذلك، ولكنه اعتمد كثيرا على “لغة الجسد” ، وهى إحدى مفاتيح الفيلم، بديلا عن الحركة المباشرة، حتى الجريمة الأساسية لم نرها إلا عبر صور فوتوغرافية، المستوى التقنى للفيلم يثير الإعجاب، صورة أحمد المرسى، موسيقى هشام نزيه، الديكورات الكثيرة لمحمد عطية، مونتاج أحمد حافظ، كلها عناصر تستدعى التحليل التفصيلى فى مقال نقدى طويل.


سيقولون إن “الفيل الأزرق” ينتصر للخرافات، الحقيقة إنه لاينتصر سوى للفن وللإنسان، اللعبة كلها عن ذلك الخيط الفاصل بين الحقيقة والخيال، عن قدرة الإنسان على الميلاد الجديد، معيار نجاح الفن هو أن تعيش فى تجربة لا تخصك، بهذا المعيار فإن الفيلم نجح فى أن يجعلنا نعيش فى الحقيقة وقسوتها، بنفس الدرجة التى نعيش فيها عالما غرائيبا يستعصى على الفهم، شكراً للفيل الأزرق وصناعه الموهوبين.

مجدي الطيب في “المصري اليوم”

قليلة هي المرات التي ينجح فيها فيلم مصري في تحقيق المعادلة الصعبة، التي يجمع فيها بين النجاح الجماهيري والاستحسان النقدي، لكن فيلم «الفيل الأزرق» فعلها لأن طاقمه أخلص للتجربة، ولأن عناصره اكتملت، ولأنه، وهي النقطة الأهم، لم يتعال على الجمهور، وكان صادقاً طوال الوقت، فما كان من الأخير سوى أن رد له الجميل، وتفاعل معه بصدق وحب، ولم يتعامل معه بوصفه فيلماً ساذجاً لا يستهدف سوى “الضحك على الذقون”؛ فقد رأينا مئات الأفلام المصرية التي تقدم نماذج وحالات من مرتكبي جرائم النفس في مستشفى العباسية للأمراض النفسية لكن الحقيقة المؤكدة أحد من مدمني الفرجة على السينما المصرية لم ير رونقاً في الرؤية، وبلاغة في السرد، وإبهاراً في الصورة، واحتراماً في الشكل واختيار لغة التخاطب مع الجمهور، بالطريقة التي رأيناها في فيلم “الفيل الأزرق”؛ فالجرعة الجنسية مقننة بشكل يثير الإعجاب، والإتقان محسوب برصانة تستدعي الدهشة، والنهاية السعيدة لن تمنع المتلقي من مجاراة البطل “يحيى”، والاقتداء به في سلوكه الإنساني المرهف، وحبه للمعرفة، وقناعته المطلقة بأن “بين الحقيقة والخيال باب اسمه الفضول” ينبغي أن نطرقه باستمرار!

عصام زكريا- البوابة نيوز

قليلة هي المرات التي ينجح فيها فيلم مصري في تحقيق المعادلة الصعبة، التي يجمع فيها بين النجاح الجماهيري والاستحسان النقدي، لكن فيلم “الفيل الأزرق” فعلها لأن طاقمه أخلص للتجربة، ولأن عناصره اكتملت، ولأنه، وهي النقطة الأهم، لم يتعال على الجمهور، وكان صادقاً طوال الوقت، فما كان من الأخير سوى أن رد له الجميل، وتفاعل معه بصدق وحب، ولم يتعامل معه بوصفه فيلماً ساذجاً لا يستهدف سوى “الضحك على الذقون”؛ فقد رأينا مئات الأفلام المصرية التي تقدم نماذج وحالات من مرتكبي جرائم النفس في مستشفى العباسية للأمراض النفسية لكن الحقيقة المؤكدة أحد من مدمني الفرجة على السينما المصرية لم ير رونقاً في الرؤية، وبلاغة في السرد، وإبهاراً في الصورة، واحتراماً في الشكل واختيار لغة التخاطب مع الجمهور، بالطريقة التي رأيناها في فيلم “الفيل الأزرق”؛ فالجرعة الجنسية مقننة بشكل يثير الإعجاب، والإتقان محسوب برصانة تستدعي الدهشة، والنهاية السعيدة لن تمنع المتلقي من مجاراة البطل “يحيى”، والاقتداء به في سلوكه الإنساني المرهف، وحبه للمعرفة، وقناعته المطلقة بأن “بين الحقيقة والخيال باب اسمه الفضول” ينبغي أن نطرقه باستمرار!

يضيف عصام زكريا:

المشكلة ليست في احتمال وجود السحر والعلم معا بشكل متواز، ولكن في اختلاط الخطين والعالمينداخل عمل واحد وداخل رأس واحد، خاصة إذا كان هذا الرأس، مثل يحيى بطل الرواية والفيلم،غارقا في المخدرات والكحول.

نحن هنا أمام حالة من التشوش التام، من حق صاحب العملأن يعبر عنها بالطبع، ولكن الخطر يبدأ عندما يمتد هذا التشوش من عقل الشخصية إلى عقل كاتبها وإلى بناء الرواية والتأثير النهائي لها على ذهن القارىء والمشاهد.

ليست المشكلة في أن “الفيل الأزرق” يضم نساء شهوانيات يركبهن الجن ورجال يرون الغيب تحت تأثير المخدرات.

المشكلة في الخلط بين هذا الخيال وبين المعلومات والمصطلحات العلمية التي يتباهى بها المؤلففي كل صفحة، ليلغيها كلها بجرة قلم وقميص مسحور في النهاية.

ينتهي “الفيل الأزرق” بالبطل وهو يبتلع قرصا آخر من مخدر “الفيل الأزرق” ليدخل مرة أخرى إلى عالم الغيب حيث تتضح له الحقائق ويرى الماضي والمستقبل وعالم الجن وكل اللي قلبك يحبه.

في نهاية “الفيل الأزرق” يخرج المشاهدون من دار العرض وقد زاد رفضهم للعلم والطب النفسي و قويإيمانهم بوجود الجن النكاح وتعمق خوفهم من الجنس وتمتن ربطهم بين النجاسةوالجنون…ولاحظ أن الحروف واحدة في الكلمات الأربعة: جن، جنّ، جنس، نجس. يعني الثقافة نفسها تعاني من هذاالخلط والخطل القادم من العصور الوسطى وما قبلها

أحمد السنكري في موقع السينما دوت كوم:

عد خروجي من مشاهدة فيلمالفيل الأزرق  في السينما تذكرت على الفور إصرار نجيب محفوظ على عدم كتابته لسيناريو أي رواية من رواياته على الإطلاق رغم قدرته الكاملة على كتابة السيناريو، حيث قام بكتابة السيناريو لأكثر من عشرة أفلام منها المنتقم ولك يوم يا ظالم وريا وسكينة) مع المخرج صلاح أبو سيف) السبب ببساطة أن نجيب محفوظ كان يدرك جيدا أن الروائي في حاجة إلى عين ثانية تشاهد عمله من جانب مختلف عند كتابته لشاشة السينما، عين تخرج أجمل ما فيه وتعالج أسوأ ما فيه، وتتناوله بوجهة نظر مختلفة عن التي يراه بها.

هذا هو بالضبط ما كان أحمد مراد في حاجة إليه عند تحويل روايته إلى فيلم سينمائي، كاتب سيناريو آخر يقوم بمعالجة الرواية وكتابتها لشاشة السينما، وحينها ربما كان سيضع الأمور في نصابها بدلا من البناء المتهالك الذي خرج عليه الفيلم، بناء زاهي المظهر الخارجي وخاوي الحجرات، بناء هو مزيج عجيب من التخبط السينمائي، والصدف المتعددة التي لا تقيم قصة أو حبكة أو سيناريو، والفذلكة والاستعراض بأساليب سينمائية عفا عليها الزمن أضرت بالفيلم كثيرا جدا، وعدم ارتباط بين محاور الفيلم من أي نوع، وغياب الدافع والهدف لدى بعض شخصيات الفيلم في أفعالهم.

نادر اسامة في موقع السينما دوت كوم:

يرصد عشرة أسباب يجعلها الأسباب التي تجعل فيلم “الفيل الأزرق” لا يستحق ثمن التذكرة على حد قوله. ومن هذه الأسباب:

المط والتطويل والملل.. ثم المزيد من المط والتطويل والملل.. مشاهد بلا طعم أو لون أو رائحة لنيللي كريم وكريم عبد العزيز وهما يسترجعان ذكرياتهما سويًا أثناء الجامعة، ثم مشاهد أكثر إملالًا وهي تحكي له قصة زوجها، ومشهد لا لزوم له تشرح فيه كيف أنها ستموت إذا افترقا! إيقاع الفيلم عامةً بطيء ومترهل للغاية، والمونتير الذي قطّعه يحتاج إلى مراجعة منهج المونتاج من جديد. هذا هو أكبر عيوب الفيلم وأشدهم فداحة.. كيف من الممكن أن تمل في فيلم رعب؟ من الممكن جدًا أن تبتذله، من الممكن أن تستسخف حبكته وتمثيل أبطاله ورؤية مخرجه.. لكن أن تشعر بالملل يزهق روحك لهو مستوى جديد في الإخفاق لم أسمع به من قبل.

الاستسخاف بعقل المشاهد.. في المشهد الذي يقتحم فيه يحيى ولبنى مسرح الجريمة سمعت تعليقًا من أحد الصفوف الخلفية (هو مش الشقة متشمعة ولسه على ذمة القضية..دخلوا ازاي؟) قلت لنفسي تعليق ذكي لكن دعنا (نعديها) فهي ليست بالمبالغة الفادحة من النوع الذي يكسر إيهامك بالعمل، ثم إن هذا إكليشيه محفوظ تكرر في عشرات الأفلام الأمريكية. لكن أن يعثر يحيى – وهو طبيب نفسي وليس محقق- على التليفون الخاص بشريف، وعلى كتاب الجبرتي، وعلى الرقم الغامض المكتوب بالدماء والمخفي ببلاهة وراء المكتبة، وعلى عنوان الواشمة، كل هذا في الظلام وعلى كشاف الهاتف المحمول، إذًا فلابد أن رجال الشرطة والمعمل الجنائي الذين قلبوا المكان رأسًا على عقب بالتأكيد كانوا مجموعة من العميان. ثم يأتي أحدهم ويقول لك (عديها)! كيف أتساهل مع كل هذا الاستسخاف بعقلي؟ ألم يجد الكاتب الهُمام أي شيء أذكى من هذا! لأن هذا لا يكسر الإيهام فقط، لكنه يكسر منطق العمل ذاته.

Visited 141 times, 1 visit(s) today