7 ألوان من الرعب ومن كل لون 7 أفلام
تعد أفلام الرعب الأكثر إنتاجا في آلة السينما العملاقة لدرجة تجعل من الصعب حصر الأفضل في قائمة الـ 100 فيلم، أو حتى الـ 200 فيلم. إلا أنني حاليا سأكتفي بفتح علبة الألوان الخاصة بسينما الرعب وسحب 7 أفلام من كل لون في سلسلة مقالات أرجو أن تعجب عشاق السينما عامة وعشاق الرعب خاصة، وإن كنت تبحث عن المزيد من أفلام الرعب التي لم تشاهدها بعد فأعتقد أنك حتما لم تشاهد كل الأفلام التي سأقدمها لك.
الرعب الشيطاني
تحتل الأفلام الشيطانية مكانة بارزة في سينما الرعب. وقائمتنا تحوي 7 من أعظم أفلام تلك النوعية المخيفة. ولكن قبل أن نعرض لهذه الأفلام يجب أن نعرف هذا النوع.
الرعب الشيطاني هو ما يصور الخطر الأعظم على البشرية ونقيض إحدى القيم الثلاثة المطلقة أي الشر متجسدا في صورته الأشهر وهو الشيطان أو في صورة خفية في النفس أو الطبيعة أو في صورة ثالثة وهي الجحيم ذاته.
معظم الأفلام في القائمة من حقبة السبعينات حيث احتلت أفلام الرعب الشيطاني الصدارة بين أفلام الرعب في تلك الفترة من تاريخ السينما وما صاحبها من لعنات نزلت على رؤوس صانعيها.
1- “طارد الأرواح الشريرة”
“طارد الأرواح الشريرة” (1973) أو The Exorcistهو الفيلم الأعظم في سينما الرعب وذلك لأنه الأشهر والأفضل والأقوى. الأشهر لأنه لا يوجد مشاهد أو متذوق أو ناقد لأفلام الرعب لا يعرف الفيلم. والأقوى لكونه أقوي فيلم رعب ومن ينازعه علي هذا اللقب وهو يجسد الشر الأعظم في العالم وعدو الإنسان الأزلي الشر ذاته في صورته المعروفة وهي الشيطان خاصة مع تصوير بشع لمعاناة طفل (الخير) أمام هيمنة الشيطان (الشرّ) ونهاية مأساوية. كما أن به عدة مشاهد نموذجية صارت لوحات في سينما الرعب.
الأفضل على مستوى الإخراج حيث تم توظيف كافة العناصر البصرية والسمعية التي تجلت روعتهما في الصوت والتصوير (فاز الأول وترشح الثاني للأوسكار).
وعلى مستوى الأداء راحت بطلته الممثلة ليندا بلير ضحية أدائها الأسطوري عن شخصية ريجان ماكنيل حيث تضررت أثناء التصوير جسديا ونفسيا.
وعلى مستوى القصة حيث الأصالة القصصية والخلفية الحقيقية والسيناريو العظيم والفائز بالأوسكار الشيطان بازوزو الذي يتلبس جسد الطفلة جين في أبشع صورة استحواذ شيطاني.
فيلم طارد الأرواح الشريرة به جرعة كبيرة للغاية من الرعب والعنف ونهاية صادمة وعدة مشاهد كابوسية ليصير عمل ويليام فريدكن أقوي فيلم رعب في التاريخ بأغلبية النقاد والجماهير ولينتج عنه سلسلة أفلام رعب من العيار الثقيل.
2- “طفل روزماري”
الزوج الذي باع روحه وزوجته للشيطان ليتزوجها الأخير جاعلا من لحظة الولادة كابوسا حقيقيا.
فيلم رعب نفسي من الطراز الأول تغلف بالغموض وسار على وتيرة بوليسية مشوقة حتى نهاية الفيلم الصادمة مع أداء مذهل من مايا فارو عن شخصية روزماري وودهاوس والذي خسرت زواجها بسببه.
القصة هي نموذج آخر لصفقة فاوستية ولكن مع أصالة الرؤية وأصالة الإخراج الذي صنع من تلك أشياء البسيطة واعتيادية لافتات جحيمية والخاتمة مشهد كابوسي يعد من أعظم 100 مشهد رعب في تاريخ السينما حيث تجلى الصراع بين الخير في صورة الأمومة والشر في صورة إبن الشيطان في لوحة فنية مغلفة بستار من الغموض والتشويق.
الفيلم هو الثاني ضمن “ثلاثية الشقق” The Apartment Trilogy لرومان بولانسكي Roman Polanski غير مترابطة القصة ولكن متشابهة التيمة بيوت مليئة بالخوف والكوابيس القاتمة والذكريات المريعة والشقة هي مسرح الرعب الذي تدور فيها أحداث الأفلام الثلاثة.
هذه الأفلام هي: “نفور”Repulsion- 1965، “طفل روزماري” Rosemar’s Baby-1968، “المستأجر” The Tenant-1976 تشكل أقوى ثلاثية رعب في تاريخ السينما كما أن كل فيلم في ذاته يعد تحفة خالدة من كلاسيكيات سينما الرعب. جدير بالذكر أنه يمكن إضافة فيلم “البوابة التاسعة” (1999) The Ninth Gateرابعا في تلك السلسلة السينمائية.
3- “لا تنظر الآن”
“ريبيكا” (1940) Rebecca و”الطيور” (1963) The Birds و”لا تنظر الآن” (1973) Don’t Look Now روائع الكاتبة دافني دو مورييه Daphne Du Maurierالتي تم إقتباسها سينمائيا فصارت في قمة أفلام الرعب والغموض.
إثنان منها لملك أفلام الرعب ألفريد هيتشكوك Alfred Hitchcoc والثالث للمخرج والمصور نيكولاس روغ Nicolas Roeg.
فيلم شيطاني بلا شياطين إلا أن للقوي الشيطانية حضور واضح ولكن بشكل روحاني في الفيلم متمثل في القسوة العاتية للحياة فالخوف يطل علينا من كل الجهات والشرّ موجود تحت كل حجر والكوابيس لها تأثير قوي وملموس.
افتتاحية قوية ونهاية صادمة وما بين البداية والنهاية تجد أن كل صورة وكل تفصيلة في الفيلم ذات معني حيث يظهر الشر بصورة مستترة في وحشية الطبيعة وعبثية القدر فالشر شران الشر في صورة الشيطان والشر الخفي وهو يظهر في صورتان إما في الطبيعة الكاسرة أو في النفوس القاهرة الأول تم تصويره في فيلم “لا تنظر الآن” 1973 والثاني تم تصويره في فيلم الأبرياء The Innocents.
4- “سلم يعقوب”
الفيلم كابوسي بالمعني الحرفي للكلمة وينتمي لفئة الأفلام الأكثر تعقيدا حيث يمتلئ بالكثير من الرموز والإسقاطات أهمهم الصراع الدائر بين الخير والشر في صورة الصراع بين الملائكة والشياطين على روح بشرية مع تناوله الكثير من المواضيع الأخرى كالحوادث المأساوية وفظائع الحرب وأفكار فلسفية أخري.
الفيلم يمتلئ بالشياطين في صورها المسخية العديدة من بوستر الفيلم حتى الستار الأسود للخاتمة وجرعة كبيرة من الرعب والغموض والجنون.
الجو العام لفيلم “سلم يعقوب” (1999) Jacobs Ladder يتكرر في فيلم آخر رائع هو التل الصامت مع حبكة مختلفة بالطبع ويُقال إن للفيلم تأثيرا أيضا على فيلم “لحوم قطار منتصف الليل”.
يقول أحد النقاد أن أهم ما في الفيلم المشهد الإفتتاحي فهو ما يشد لمتابعة باقي الفيلم ويقول آخر أن أهم ما في الفيلم خاتمته فهي ما تعلق بالذاكرة بعد النهاية والحق أنه يجب وضع الفيلم بين الإثنين والإبداع في الفيلم ككل وهذا تقريبا ما فعله هذا الفيلم فالمشهد الأول هو تجسيد لكابوس راود الكاتب والمشهد الأخير هو بضع ساعات أو دقائق صنع منها المخرج ملحمة فلسفية.
مع سيناريو محكم لبروس جويل وإخراج مميز لأدريان لاين Adrian Lyne وأداء رائع لتيم روبنز وضع الفيلم نفسه بين أعظم أفلام الرعب الشيطاني والنفسي ومن أفضل الأفلام الفلسفية أيضا.
5- “موت الشيطان”
“الشيطان جاء إلى أرضنا” في فيلم طارد الأرواح حتى وإن نحن من أحضرناه (تمثال بازوزو) ولو من غير قصد. (نحن ذهبنا إلي أرض الشيطان) هذا في فيلم “موت الشيطان” (1981) The Evil Dead حتى وإن نحن من استدعيناه (كتاب نكرونوميكون) ولو من غير قصد أيضا.
إن عبث الإنسان يودي به إلى التهلكة ولا يدرك الموقف بحق إلا وهو محاصر بقوي الشرّ. هكذا أبطال الفيلم (خمس طلاب جامعيين) محتجزون في كوخ في غابة نائية يفصلها عن العالم هوة سحيقة تدمر الجسر الذي يعبر من عليها بينما يقبع الشيطان بالخارج.
من الغرب أشاد الملك ستيفن كينج Stephen King بهذا الفيلم ومن العرب أشاد العرّاب أحمد خالد توفيق بفيلم طارد الأرواح ويتميز الفيلمين بنهاية قوية ومكياج بشع وتصوير متميز وسلسلة أفلام مخيفة. إضافة إلي إخراج سام رايمي الممزوج بالفكاهة في هذه الثلاثية (بحر بين هذا وطارد الأرواح) إلا أن نموذج الفتاة الممسوسة يتكرر في الفيلم بصورته المرعبة.
يسير الجزء الثاني Evil Dead II1987 علي ذات الوتيرة في الصراع من أجل البقاء بينما الجزء الثالث والمعنون بإسم “جيش الظلام” (1992) Army Of Darkness أقرب إلي الفانتازيا. ليأتي فيلم “موت الشيطان” (2013) Evil Dead ليتميز بثلاث نقاط:
الأولي: إعادة إحياء لقطعة رعب كلاسيكية أي الجزء الأول من السلسلة.
الثانية: توظيف جيد ومفرط للعنف والدماء والوحشية والتخلي عن الهزلية المعهودة بالسلسلة.
الثالثة: التصوير على الطريقة القديمة بالتقنية الحديثة.
6- “النذير”
أكبر عائق لهذا العمل هو: ما الجديد الذي سيقدمه لتلك النوعية من الأفلام؟
إستحواذ شيطاني في طارد الأرواح إبن الشيطان في طفل روزماري وتجسيد روحاني في لا تنظر الآن ومغامرة بوسيدون The Poseidon Adventure1972. لتخرج تلك الفكرة ماذا لو أن إبن الشيطان هو المسيخ الدجال؟ وهو بيننا! لتسرد لنا السلسلة حياة المسيخ من طفولته حتى بلوغه والصراع الدائر لكشف حقيقته والقضاء عليه ويمكن اعتبار الفيلم بشكل ما تتمة لطفل روزماري.
الشيطان في هذا الفيلم هو الشيطان ذاته لكن الفيلم لا يتناوله بشكل مباشر بل يركز علي ابنه الذي هو المسيخ الدجال وقد أتى لعالمنا في صورة طفل يوحي كل شيء بأنه هو المسيخ الدجال. منذ ولادته والعلامة في رأسه والشرّ في عيونه والكثير من الدلالات الأخرى وكل من يكتشف السرّ يتم التخلص منه بواسطة قوي خوارقية (أباه بالطبع) الذي يتصرف كأي أب يحمي ولده ولأن نهاية العالم متوقفة علي حياة او موت الولد البريء في عيون الجميع (وهم غافلون).
المخرج ريتشارد دونر Richard Donner والممثل جريجوري بيك ينجحا في توظيف الطفل هارفي سبينسر ليقوم بأداء داميان ثورن عبر فيلم النذير الذي يقدم خلال سيناريو محكم ومؤثرات فعالة أهم نموذج لتيمة (الطفل القذر) لا ينافسه على ذلك سوى جين ماكنيل من طارد الأرواح.
الفيلم هو ثلاثية كلاسيكية خالدة تناولت حياة المسيخ من مولده إلي شبابه:
النذير (1976) The Omen-النذير الجزء الثاني والمعنون بإسم داميان The Omen 2: Damien1978- النذير الجزء الثالث:الصراع الأخير The Final Conflict1981.
تم إعادة إنتاج الجزء الأول في فيلم The Omen2006 الذي لم يضف شيئا عن النسخة الأصلية.
الفيلم له نصيبه أيضا من اللعنات التي يصبها على رؤوس صانعيه كباقي أفلام هذه النوعية.
7- “أبواب جهنم السبعة”
أو “الماوراء” ) The Beyond1981) يعد واحدا من أقوى عشرة أفلام رعب شيطاني ومن أقوى عشرة أفلام عن الفنادق المسكونة أي أنه من النخبة على قمة الرعب السينمائي.
الفيلم يحكي قصة فندق مهجور أسفله بوابات جهنمية تؤدي إلي عالم اللاوجود وهو مبني على فكرة أن الجحيم ليس في السماء ولا في الأرض وإنما هو خلف عالمنا أو موازي له وقد قدم الفيلم الأموات بصورة مخيفة ليست كالزومبي وإنما بشكل آخر. ناهيك عن أنه أحد الأفلام القليلة والمخيفة التي قدمت تصورا للجحيم.
الفيلم هو الثاني من ثلاثية الجحيم للمخرج وكاتب السيناريو لوسيو فولكي Lucio Fulci: “مدينة الموتى الأحياء” (1980) City of The Living Dead- الماوراء-The House by The Cemetery1981.
الآخران هما مدينة الموتى الأحياء والبيت جوار المقبرة إلا أن كل فيلم يعد مستقلا عن الآخر.