وجهة نظر: يسألونك عن السينما المصرية
دائما يحب صناع السينما المصرية خلق بعبع او وحش ليحاربوه ويبرروا به أزمة السينما المصرية وتردي احوالها، فقبل الثورة كان الكلام عن تسريب الافلام وسرقتها من دور العرض او هجمة الحركات الوهابية من السعودية بمساعدة المتأسلمين في مصر، علي الرغم من ان معظم شركات الانتاج يشارك فيها رجال اعمال من دول خليجية (وهابية)!
وبعد الثورة كان الكلام عن المتأسلمين فقط بمشاركة القنوات الي اصبحت تعرض الافلام المسربة من علي الانترنت علي شاشتها مع اعلانات المقويات الجنسية و غيرها.
قبل هذا احب ان اوضح لكم الوضع السينمائي في مصر حاليا من الناحية الاقتصادية البحتة:
أولا معظم دور العرض موجودة في مولات تجارية شهيرة مع انحسار لدور العرض المستقلة واقتصارها علي منطقة وسط البلد وبعض المناطق الاخري وقبل العيد مباشرة تم افتتاح مجمعين لدور العرض في مدينة 6 اكتوبر مع وجود شاشات ذات التقنية الحديثة (اي ماكس) ولا ادري السبب الرئيسي في دخول هذه التقنية مصر في ظل ازمة اقتصادية قد تعصف بمصر.
تبع هذا الافتتاح للمجمعين زيادة في اسعار التذاكر لتصل الي 20 جنيه صباحا و 35-40 جنيها مساءا وهي زيادة مرتبطة بقرار غلق المحلات في العاشرة مساءا والذي تم ايقافه. اذن معظم دور العرض في المولات مع قلة مستوي دور العرض الخاصة الاخري او اندثار بعضها وتحولها لجراجات، هذا غير ان المحافظات الاخري غير القاهرة تشكو أساسا من قلة دور العرض.
فاذا أرادت أسرة من 4 أفراد أن تشاهد فيلما يجب أن تدفع 140 جنيها غير تكلفة ركن السيارة في جراج المول خوفا من البلطجة والسرقة ولا مانع من وجبة عشاء من أحد المطاعم الشهيرة في هذا المول،فأنت أمام رحلة للسينما تكلف في حدود من 250-300 جنيه في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومرتبات تكاد تكفي لأساسيات المعيشة.
ويسألونك عن القرصنة:
في ظل هذه الظروف والتقدم التكنولوجي واستغلال الحالة الاقتصادية للعاملين في دور العرض انفسهم الذينلا تتعدي رواتبهم 300 جنيه، تنشط القرصنة علي الافلام والتي تبدأ بذهاب البعض بكاميرات متطورة الي السينما وتصوير الفيلم ليتم بيعه الي احد مواقع رفع الافلام او يتم طبعه علىاسطوانات (دي في دي) ويباع أمام دور العرض نفسها أو يرفع علي موقع (يوتيوب) الشهير ويخرج منتج والفيلم يشكونمن هذه السرقة ويطالبون بتدخل الدولة ممثلة في وزارة الثقافة للحفاظ علي الصناعة، ويطالبون بحق العمال الذين للاسف هم يأكلون حقهم وتبدأ الاسطوانة المشروخة والخوف من بعبع المتأسلمين.
يسألونك عن الدولة:
نرجع الي بداية عام 2000 او قبلها عندما بدأت بعض التكتلات الانتاجية مستغلة قوانين هذه الدولة (الرخوة) وفساد وزارة الثقافة في أكبر عملية شراء للتراث المصري من الافلام والاغاني والكتب، متعللة بالحفاظ علي هذا التراث من الضياع والاهمال بل ومحاولة ترميمه، مستغلة الاحوال الاقتصادية السيئة لهؤلاء الورثة في عهد الرئيس السابق واشتروها مقابل التنازل عن جميع حقوق هذه الافلام مدي الحياة بدون ادني تدخل من الوزارة للحفاظ علي التراث في الوقت الذي كان التلفزيون المصري يشتري هذه الافلام بأسعار قليلة جدا مع استغلالها لمدة طويلة .
كان أول من بدأ هذه المبادرة هو الشيخ صالح كامل (مالك قنوات راديو وتلفزيون العرب) الذي اشتري حوالي نصف التراث المصري والتي حرص ان تكون بها افلام زوجته الفنانة المعتزلة صفاء ابو السعود ليحتكر عرضها في شبكات قنواته ذائعة الصيت آنذاك مع حذف جميع المشاهد التي يراها غير مناسبة ولا مانع ايضا من منع عرض افلام الفنانة المعتزلة شمس البارودي بناءا علي طلبها هي الاخري!
ثم في عام 2000 بالتحديد تأسست الشركة القابضة فنون والتي ترأس مجلس ادارتها احمد هيكل (ابن الاستاذ محمد حسنين هيكل) التي نجحت في الاجهاز علي بقية التراث السينمائي بل والموسيقي بنفس الحجج الواهية القديمة ولكن سرعان ما انفضت هذه الشراكة (المنتجة اسعاد يونس كانت احد المشاركين) ليتم بيع معظم التراث الي الشيخ الوليد بن طلال هذا بعد ان كانت هذه الافلام طبعت عليأسطوانات( دي في دي) وبيعت في الكثير من دول العالم بدون ان يكون للدولة حق في كل هذا البيع من مستثمر الي اخر.
نحن امام استغلال لحالة هذه الدولة الرخوة التي هي الاخري كانت تمارس رقابة علي الافلام بشكل مرضي تحت رحمة موظفين لاعلاقة لهم بالسينما ليتم التعامل مع الافلام كسلع يجب ان تخلو من الجنس والقبلات والعيب في الذات الرئاسية! ووضعت هذه الافلام في علب كأي كراكيب مما ادي الي سرقتها ووأكل الفئران لها.
اذن سرقة الافلام والقرصنة رد فعل طبيعي لدولة رخوة سمحت في وقت من الاوقات لنفس هؤلاء المنتجين بسرقة التراث السينمائي وبيعه لشيوخ الخليج، ولم تكلف غرفة صناعة السينما (المنتجين أنفسهم هم اعضائها) بمخاطبة الدولة للحفاظ علي الصناعة سواء من بيع التراث او القرصنة او محاولة تغيير القوانين الفاسدة الذين هم انفسهم استغلوا ثغراتها في يوم من الايام ويعلنون اليوم في جميع الصحف ووسائل الاعلام انهم كانوا اول من نادوا بالثورة ! ولا ندري عن أي ثورة يتحدثون؟!