هشام أبو النصر: وزارة الثقافة كانت ومازالت مستنقعاً للفساد!

Print Friendly, PDF & Email

حوار مع المخرج المعروف هشام أبو النصر نشرته جريدة الوفد أخيرا، بعد أن غاب هشام طويلا عن الأضواء، وفيه يكشف الكثير عن خبايا العلاقة بين السينما والدولة في عصر مبارك، ويروي تجربته الشخصية.

يبدأ الصحفي رامي تالسكري الذي أجرى المقابلة، كلامه على هذا النحو:

أعرف جيدا فيلم “حمام الملاطيلي”و”قهوة المواردي”و”الغيبوبة”، و”العصابة”، ولكن أعترف أنني لم أكن أعرف من وراء هذه المكتبة العظيمة ولم أكن أعرف أن مخرجها ومؤلف بعضها هو الدكتور هشام أبوالنصر، بل لم أكن أعرف هشام أبوالنصر نفسه.

في البداية ظننت أن هذا جهل مني، وأنني ليس لدي المعلومات الكافية بالمحيط الذي أعمل به، ولكن بعد البحث عرفت أنني بريء من تهمة الجهل ونسبت إلي نفسي تهمة أخري وهي تهمة الغباء،حيث إنني كنت أحد العناصر الذي استخدمها النظام المخلوع للإطاحة بالقامات والرموز والمثقفين المغضوب عليهم، وقام بإقصائهم وتهميشهم بل وتحويلهم إلي شهداء أحياء – كما قال لي أبوالنصر داخل هذا الحوار – وشاركنا نحن بعدم المعرفة والتجاهل والنسيان لكي نساهم في نجاح هذه الخطة الملعونة.


ثم يتحول الصحفي الى التقديم لحواره فيقول: التقيت أستاذ قسم الإخراج بمعهد السينما والمخرج هشام أبوالنصر، الذي درس وتعلم السينما في الولايات المتحدة الأمريكية علي مدار إثني عشر عاماً، ثم عاد ليجلس حبيس منزله البسيط جدا، التقيته ولم أكن أعرف حتي اسمه سوي قبل اللقاء بأيام وعن طريق الصدفة.. وإلي نص الحوار.


*ماذا فعل النظام السابق بهشام أبوالنصر؟


**ما فعله النظام السابق بي منذ عام 86 أقل بكثير من الذي فعله في الكثيرين من أبناء الشعب المصري، فالظلم الذي عشته في ظل هذا النظام لا يساوي نقطة دم واحدة من شهداء ثورة 25 يناير.. هذا النظام جعل العديد من المصريين بمثابة الشهيد الحي.

  • ذكرت أن الظلم بدأ معك منذ عام 86، في حين يري البعض أن الظلم والفساد بدأ في العشر سنوات الأخيرة؟

  • **هذا جهل ومحاولات فاشلة من المستفيدين لإيجاد مبررات لهذا النظام المجرم، فكيف ننسي سليمان خاطر، هذا الجندي الذي قتل الجنود الإسرائيلين علي الحدود وقبض عليه وقتل، وقيل إنه قام بشنق نفسه.. هذا النظام قتل جندياً مصرياً لأنه قتل صهاينة وكان هذا عام 85.. هذا النظام قاتل، عميل، كاذب منذ نشأته.

*ما الذي فعلته عام 86 وأثار غضب النظام؟


**أخطأت خطأ بشعاً، حيث أقدمت علي كتابة وإخراج فيلم “العصابة”الشهير والذي كان يعادي الفكر الصهيوني وطلب مبارك أن يشاهده، في حضور الملعون زكريا عزمي وأسامة الباز وبعض رؤساء تحرير الصحف القومية من المنافقين وآخرين وأثار الفيلم غضبه الشديد وتم منعه من العرض إرضاء لإسرائيل.

* لماذا آثار الفيلم غضبه من وجهة نظرك؟


**لأنه كان رجلاً جاهلاً، لا يفهم ولا يتذوق فناً.

*وما الذي حدث بعد ذلك؟


**ربما يعرف البعض كاتب عالمي اسمه “كافكا”ومن أعماله التي تحولت إلي فيلم بعد ذلك رواية “أشياء لا معقولة”و”المحكمة”، فبطل الأولي استيقظ في الصباح وجد نفسه صرصار يسير علي الحائط، وبطل الثانية رجل انساق لمحاكمة دون سبب، ولا يعرف لمن وأين يعيش، وهذا بدون مبالغة ما حدث لي، فدمروا حياتي.

*كيف؟


**تهميش، اغتيال شخصية، إبعاد عن الإخراج، إقصاء المنتجين عني، قمع بكل وسائله.

*كيف تم قمعك؟


**بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ولكن لا أريد التحدث عن تلك المرحلة..ولكن حرمت من المناصب وهمشت من كل المناسبات والندوات والمهرجانات وذلك لأن علاقتي بأمن الدولة لم تكن كما هو واضح علي ما يرام.

*كيف تري مستقبل الثقافة بعد اندلاع ثورة 25 يناير؟
** لا أري أي تغيير في وزارة الثقافة لكي يكون للثقافة مستقبل، فوزارة الثقافة كانت ومازالت مستنقعاً للفساد.. ومع احترامي لعماد أبوغازي وزير الثقافة الآن، إلا أنه يبدو أن حكومة الدكتور شرف تعطي إجازة للثقافة امتداداً لنهج النظام السابق.

* ما أبرز جرائم وزارة الثقافة في عصر النظام المخلوع من وجهة نظرك؟
**خراب، جهل، تراجع، جذب الفاسدين والجهلة للمناصب، البعد عن الثقافة المصرية.

*ماذا سيكتب التاريخ الثقافي عن نظام مبارك؟


**هذا النظام أصغرمن أن يذكره التاريخ، ولكن لو ذكره سيذكره بأنه مجرم، قاتل، لص،فنظام مبارك خليط عفن من كل تلك الصفات، كانوا مجموعة من غير الشرفاء، يفبركون للشرفاء أسوأ الشائعات ويقتلوهم أحياء.


*ما الفرق بين عصر مبارك وعصر عبدالناصر والسادات؟


**مبارك رجل لا يتذوق فناً، ولا يحب الثقافة لأنه لا يعرفها، فلم نسمعه مرة يتحدث عن فيلم أو أي عمل فني، بينما كان عبدالناصر والسادات ذواقا له.


*هل اشترك المثقفون والسينمائيون في تدمير الثقافة المصرية؟


**لا تلوم السينمائيين أرجوك،  فكل شيء أنحدر في عهد مبارك، فلماذا تطلب من السينما أن تشذ عما وصلنا إليه من تراجع.

* لم يعجبك فيلم واحد في العصر الماضي؟


**بالطبع هناك العديد من الأفلام الجيدة والمواهب المكتومة مازالت حية تتنفس، فقد أعجبني فيلم “الفرح”و”حين ميسرة”.

*ما رأيك في أفلام ما بعد الثورة؟


**أنا أؤكد لك أنها أفلام معادية للثورة، وبها من الإفيهات الخفية التي تسخر من ثورة 25 يناير، فتلك الأفلام وعلي رأسها “شارع الهرم”أفلام جاهلة وغبية.

*كيف تري دور الفنانين أثناء الثورة، خاصة النجوم منهم؟


**أغلب ما يلقبون بالنجوم هم في حقيقة الأمر أنصاف فنانين، وتافهون، تم صنعهم من النظام الذي أحسن استخدامهم.

*لماذا وقف أغلب الفنانين ضد الثورة من وجهة نظرك؟
**لأنهم كما قلت لك أنصاف نجوم، لا يبحثون سوي عن مصالحهم الشخصية ولا يشعرون بالمسئولية تجاه من صنعوهم وهو الجمهور.

*كيف نعيد لمصر ثقافتها؟


**علينا أن نأتي بأهل الخبرة في الناصب المهمة وألا تكون الاختيارات بناء علي المصالح الشخصية والمقربين والمضمون عدم خروجهم عن “الشلة”فقد جاءت عظمة الوفد عندما ترأس الحكومة عندما أتي بطه حسين كوزير للمعارف رغم أنه لم يكن عضواً في حزب الوفد، ولكن كان التوجه في هذه الفترة للمصلحة العليا للبلاد، وجاءت الحكومة بالرجل المناسب في المكان المناسب وليس العكس كما يحدث منذ ثلاثين عاماً.

Visited 93 times, 1 visit(s) today