مهندس المناظر أنسي أبو سيف: أنا تلميذ شادي عبد السلام
هو أحد أعمدة صناعة السينما المصرية، ورغم أن عمله خلف الكاميرا ولكن نجح في تحويل مهنة مهندس المناظر إلي نجم يترقبه المشاهد على تتر الفيلم، وبمجرد ظهور إسمه فقد وهب العمل جزءا من النجاح يكتمل بعد المشاهدة.
أنه مهندس المناظر القدير “أنسي أبوسيف” صاحب التاريخ السينمائي الطويل يقدر بـ 47 فيلما من كلاسيكيات السينما المصرية مثل؛ المومياء، أرض الخوف، يوميات نائب في الأرياف، إسكندرية كمان وكمان، أحلام هند وكاميليا، السادات، رسائل البحر، عودة مواطن، وابراهيم الأبيض .
في حديث عن السينما والحياة كان لنا لقاء مع أنسي أبوسيف في الاتيليه الخاص به أثناء تحضيره لجوائزة ولوحاته التي سبقته للسفر إلى الجونة استعدادًا لإقامه معرض فني خاص له بالتزامن مع تكريمه في الدورة الرابعة من المهرجان، عن مجمل إسهامه الفني في السينما المصرية.
- في البداية.. لاحظت نُدرة شديدة في لقاءتك الصحفية.. حدثني عن طفولتك ونشأتك وكيف تَركت أثرها على تكوين شخصيتك الفنية؟
أنا من مواليد البوابة الجنوبية لمصر، مركز كوم أومبو محافظة أسوان، وانتمائي للصعيد وجداني ليس لكوني ولدت فيه، ولكن عِشت فيه سنوات الصِبا وكانت بمثابة فترة التكوين التي ادركتها فيما بعد عندما دخلت معهد السينما، عادة تسمعين إجابة علاقة الفنانين بمشاهدتهم لأفلام في الطفولة، ولكن ما حدث هو ودلاتي في “كوم أومبو” وكانت “مدينة كوزموبوليتية” أسسها عبود باشا لتكون أراض واسعة لزراعة القصب وبناء مصنع للسكر عليها، ومن ثَم تكونت ثلاث طبقات في “كوم اومبو”؛ الادارة العليا وكان يهودي أو إنجليزى، موظفون ومهندسون مصريون قادمون من محافظات أخرى، وعمُال وفلاحون من كوم أومبو، وأبي كان من طبقة الموظفين ولكنه تحرر من عبء الوظيفة ليشترى أراضي لزراعة القصب وأصبح ينتمى للبرجوازية المتوسطة، وكان لكل من هذه الطبقات منشآت ذات طابع معماري شديد الخصوصية، مبني الإدارة الإنجليزى من الأسقف القرميد، ومبني الموظفين أشبه بمستعمرة، هكذا كان تكويني الفني الذي ادركته فيما بعد.
- ولكن كمحافظة بعيدة كأسوان.. السينما والفن غير متاحين.. كيف كان اختيارك للمعهد مستقبًلا؟
من قال ذلك.. كان هناك قاعتان للسينما في كوم امبو في الأربعينيات، احداهما كنا نُشاهدها من فوق سطح منزلنا، وكانت عائلتي لديها اشتراك بها جعلنا نشاهد الأفلام أكثر من مرة، وكان طبيعيا وجود سينما فى مجتمع كوزموبوليتاني به أجانب في زمن لم يكن الراديو متاحًا، وعلاقتي بالشاشة لم تكن غريبة عليَ في فترة الصِبا والتكوين، لكن مشاهدتي وانبهاري بالتصوير آنذاك لم يكن يبَحث كيف صُنعت هذه المشاهد، وأبهرني فيلم”شمشمون الجبار”، وهو يهدم المعبد بيده ولكن لم افكر كيف خرج المشهد كذلك.
بالإضافة للسينما، كنت موهوبا جدًا في الأنشطة المدرسية وخاصة الرسم والمسرح، وكنت أمُارس ذلك هربًا من المذاكرة والحصول على الدرجات، عندما ارسُم المُدرس لكي أرضيه فكان يُعجَب بالصورة وينقذني من الرسوب، واتمنى انتباه الدولة لدور حصص النشاط الفني بالمدارس وكيف تساهم فى تكوين الاطفال مبكرًا.
- ولكن لماذا اخترت تحديدًا قسم الديكور في معهد السينما؟
لم يكن معهد السينما أول اختياراتي بعد الثانوية العامة وانتقالنا للقاهرة، ولكني التحقت بكلية الفنون الجميلة، ورفضت الالتحاق بكلية تجارة جامعة أسيوط لكراهيتي للأرقام، وشجعتني العائلة جدًا خاصة أنه كان أخي الأكبر فنان كاركاتير بأخبار اليوم، ولكن أثناء دراستي بفنون جميلة ظهر إعلان جديد عن معهد السينما، ذهبت فقط لمعرفة ماهذا الكيان الجديد ولفت نظرى شرط قبولهم ل 9 طلاب فقط ؟! ذهبت وأبهرني السؤال الخاص عن الأماكن والعمارة وهذا ماخزنته ذاكرتي من “كوم امبو” ومجتمعها الكوزموبوليتان وأجبت بسهولة هذا طراز معماري يوناني وآخر إسلامي إلخ
- هل تتذكر أعضاء لجنة التحكيم ؟
طبعًا، المخرج شادي عبد السلام، الفنان التشكيلي حسن سليمان، والدكتور صلاح عبد الكريم الأستاذ بكلية الهندسة، واكتشفت فيما بعد بالدراسة من أين جاءت المتعة بقسم الديكور وهي دراستي للتاريخ والطرز المعمارية المختلفة، لدينا تاريخ رهيب من الفرعوني حتى الإسلامي والحديث، ساعدنى فيما بعد عند بناء شارع، أن اُدرك جيدًا إلى أي مرحلة تاريخية ينتمي.
- من الصف الثاني بالمعهد بدأت العمل مع شادي عبد السلام.. كيف أثرت هذه البداية الكبري “المومياء” علي اختيارتك الفنية وعلاقتك بالسينما فيما بعد ؟
كلمة “تأثير” قليلة جدًا ولايمكن أن تصف بدقة ما فعله شادي في حياتي، هو علمني وأنا مشيت على تعليمه، شادى كان بالنسبة لي الكيان الجديد الذي عشت فيه بكل تفاصيله الإنسانية والفنية، تأثرت واعجبت به لدرجة أني اكتشف في وقت ما “إنِي باكل زى شادي ما بياكل؟!” وهربت سريعًا لإني بحبه لكن أرفض أكون نُسخة مصورة منه، شادي يُحب الرسم، وأنا أيضًا ولكن لم يكن معناه إني فنان، ولكن تعملت من شادي كيف أرى الأشياء واعُبر عنها، إثنان عملوني كثيرًا، شادي علمني “إزاى اشوف الجمال حتى فى القبح” وصلاح مرعي “علمني كيف انُفذ ذلك”. اخترت شادي يكون استاذي، ولكن هو أيضًا ضمني لمجموعته ودعمني إلي المُنتهىَ، “تخيلي لأن شادي قريب جدًا مني صعب اتكلم عنه، مثلما تسأليني عيناك عسلية ولا سوداء.. لا استطيع اجابتك لإنها اصبحت جزءا من كياني مثلما كان شادي في حياتي “.
- وفاء جميل أن تتحدث عن استاذك وصديقك وتتجاوز إجابة السؤال الأصلي؟
(يضحك) نحن عملنا سويًا لأكثر من 8 سنوات بعد المومياء- كنت مساعدا فيه لصلاح مرعي وفخور جدًا بهذه التجربة- في مشروع “اخناتون”، وهذه البداية علمتني اختيار الفيلم الذي أستطيع تنفيذه، حتى لو غاب المكسب المادي والأدبي، وتعلمت أن يكون لدي وجهة نظر في اختيار فيلم دون الآخر، ودعم هذا الإتجاه هو اختيار أستاذ توفيق صالح لي للعمل في فيلم “يوميات نائب في الأرياف”، وعندما أبدأ حياتي مع صالح وشادي.. كيف أن قبولي فيما بعد فيلما تجاريا، كان بمثابة خيانة لهؤلاء المخرجين الكبار. خاصة أن مع السبعينيات بدأت موجة “أفلام المقاولات” التي تُصنع في أسبوعين؟! وهنا تساءلت كيف احترم نفسي ولا أهُين هؤلاء المخرجين، فقد شكلوا عجينة بداخلي مبكرًا ترفض قبول أي فيلم، وهذا ليس موقف بطولي ولكني محظوظ بهذه البداية التي جعلتني احترم السينما.
- هل تتذكر أجرك في المومياء ؟
25 جنيهًا مقمسين على دفعتين على عام ونصف من تاريخ توقيع العقد مع مؤسسة السينما انذاك! (يضحك )” كنت هوافق حتى لو ببلاش”.
- قبل الانتقال لأول فيلم تتولي مُهمته “نائب فى الارياف”.. طالب يتخرج من معهد السينما مع نكسة 1967 .. كفنان كيف تعاملت مع هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلد.. لتصنع بصمة سينمائية مميزة جعلت اسم مهندس المناظر نجمًا على التتر؟
لم اصنع ذلك بمفردي، “نحن جيل كانت وقعته جامدة”.. جيل صعدت به الإدارة السياسية للسماء؛ جعلتنا نشعر بقدرتنا على التحكم في مستقبلنا مثلما تحَكمنا في ماضينا وفجأة اتهزمنا. ومن ثَم كنا جيلا مهموما يريد أن يعرف الحقيقة، وكيف يعيش علي أرض جديدة بعد ما اكتشف أن الإدارة لم تكن عظيمة كما تخيل، رغم أنني لستا ناصريا، إلا أن لدي جذورا ناصرية وعشت فترة تغيير هامة، تعلمت في مجانية التعليم، ولا أحد يُنكر أن فترة حكم عبد الناصر كانت مرحلة تكوين مجتمع جديد والرجل كان يمتلك مشروعا قوميا اختلفنا أو اتفقنا معه، لكنه مشروع حقيقي وليس انتهازي..
- الهزيمة كانت قاسية جدًا .. ولكن كيف صنعتوا التغيير بالفنا؟
ليست قاسية بل صنعت شرخ.. وعشنا كجيل بهذا الشرخ. وهذا جعلنا نتجاوز خلافنا نتجاوز القوانين والعُرف ونبدأ في التعبيرعن واقع جديد، واقع الهزيمة، وخرج جيل يسجل هذه المرحلة باحباطاتها وبمقاومتها لكن الأحلام كانت بعيدة، لكن بعد فترة بدأ هذا الجيل يُعبرعن أحلامه ويطالب الدولة بوضع برنامج لرد الاعتبار في كل المجالات، فما بالك بالسينما التي حدثت فيها طفرة كبيرة حيث انتقلنا من مرحلة التعبير الرومانسي وإبن الجنايني الذي يُحب بنت الباشا، وخرجت الأفلام تعبر عن الهزيمة والواقع، من خلال مجموعة من المخرجين، وكنت ابنا لهذه الحقبة ولهذه الموجة السينمائية الجديدة لنعبر بها المرحلة .
- كيف اختارك توفيق صالح لفيلم ” يوميات نائب في الأرياف”؟
توفيق كان أستاذي في المعهد، ثم كان متابعا لعملي مع شادي في “استوديو مصر” أثناء تنفيذ ديكورات المومياء، واختارني وكانت تجربة مهمه جدًا لطالب تخرج حديثًا مع مخرج عملاق كتوفيق، وبدأ يظهر أهمية تصميم المناظر في هذا الفيلم، لأن هذه الفترة كان السائد في معظم الافلام إنها تُصنع داخل الاستوديوهات.
- ولكن وقعت أزمة بينك والمنتجة المنفذه للفين، آسيا..
حقيقي، لأن “آسيا” صنعت السينما الفخمة والرومانسية. أفلام آسيا ومحمد كريم كان الفلاح فيها يعيش في بيت أتمنى اعيش فيه وكانوا يغسلون البقرة قبل التصوير، وفوجئت هي بديكوراتي في الفيلم، وخاصة مشهد المحكمة الذي يحكي عن قاضي مُرتشي ينزل الأرياف في عُجاله، وأكبر اهتمامته هو البط والطعام الذي يجمعه وليس الفصل في قضايا الناس. وكان السؤال كيفية بناء هذه المحكمة بطريقة تعكس هذا الظلم وغياب العدل، اقترح توفيق صالح تسويد ميزان العدالة خلف القاضي ولكني رفضت، لا افُضل الرمز في تصميم المناظر؛ لإنها تُخاطب العقل وليس وجدان المتفرج ولكن فكرة النقاش بين تلميذ ومخرج عملاق أعطاني ثقة كبيرة حتى وصلت للحل.
وهنا عدُت لمخزوني المعماري البصري من “كوم اومبو” فالمحاكم بالأرياف عبارة عن غرفة صغيرة جدًا، يجلس فيها القاضي على مكتب وبجواره وكيل النيابة وقفص المتهمين، ومن ثم جعلت القاضي يستحوذ على جزء كبير من الغرفة ويفصله عن باقي الحضور من المحامين لوح بسيط وجعلت الشعب محشور في مساحة ضيقة جدًا في نهاية الغرفة وأغلبه لايجد مكانا وينتظر بالخارج، أما المتهمين جلعت لهم قفص صغير ولكن في ذات مستوى منصة القاضي ليتسأل المتفرج من هو الظالم والمظلوم الخارج أم داخل القفص ؟!
- وكيف كان رد فعل “آسيا” على هذه المحكمة؟
ثارت كثيرا، واستقبلتني صباحًا في الاستوديو سائلة “إيه ده ؟!.. انت عارف إن أصغر غرفة في أفلام آسيا متبقاش كده؟”، لحقني المخرج الكبير توفيق صالح وناقشها واقتنعت، ولكنه جاء متأخرًا “بعد ما أصبحت فرُجة لكل مهندسي استوديو مصر ” لن انسى مهندس كبيرا دخل ديكور المحكمة وسألني “إيه دة” وكان معه قلم رصاص وموس وعندما اجبته قال “محكمة محندقة اوي” وضحك واستمر في براء القلم دون النظر لي” ولكن “آسيا ” أصرت أن أعمل في فيلم “أوهام الحب” فيما بعد (يضحك) .
- “توفيق صالح”.. المخرج المتمرد، هل دفع ثمن ذلك فنيًا؟ فلم تتجاوز أفلامه سبعة افلام فقط ؟
“توفيق” من نوعية المخرجين الذين لايستطيعون تقديم عمل دون اقتناع به؛ لا اقصد هنا أن الفنان صاحب رسالة وقضية. أرفض ذلك، كل إنسان له رسالة حتى الشيطان.. إنه يعربد، لكن لو تريد العمل كمصلح اجتماعي مكانك في الجامع أو الكنيسة وليس السينما، فتوفيق يصنع أفلاما يُحبها، لأنه جزء من نسيج هذا المجتمع، كان أصدقاؤه في هذه الحقبة مثل نجيب محفوظ، إحسان عبد القدوس أنيس منصور.. إلخ، هذا المناخ الذي كان يعيشه كان يصعب عليه قبول فيلم مثل “بمبه كشر” وبالتالي سيكون إنتاجه قليل مثل كل المخرجين المثقفين. ولكن يكفي إنه لم يُقدم فيلما تجارياا وقدم أفلاما تُدرس وتُعبر عن مجتمع كامل. واشتباكه السياسي خاصة مع فيلمه “المتمردون” كانت نتيجته أن النظام السياسي آنذاك لفظه تمامًا، وحتى عندما سافر لبلد جديد لم يتغير وقدم “المخدوعون”.
- صرحت بأن ثاني شخص بعد المخرج يقرأ السيناريو مُهندس المناظر.. ولكن هذه كيف توافقت مع شخصية “يوسف شاهين” الحاضرة بقوة في كل تفاصيل الفيلم؟
بالتأكيد كانت مشكلة ولم نتفق في البداية. وكنت محظوظا بما زرعه شادي عبد السلام في عقلي وعن أخلاق الفنان حيث دعم بداخلي حرية التمسك برأيي طالما ما اقوله صحيحًا ودرسته جيدًا، أحيانًا كان يعرض حسن الإمام أفلاما علي، وعندما أعود لشادي كان يقول لي “لو مقتنع بالفيلم اعمله” ولكني تعلمت رفض ما لا يناسبني وأصبح ذلك جزءا من سلوكي، وشاهين شاهد “ديكوراتي” أثناء تحضير فيلم الصعاليك، وطلب مني التعاون معه في” وداعًا بونابرت”، وطلبت السيناريو رفض وقال مساعدوه إن شاهين لايرسل سيناريو لأحد، وهو هيقولك بالتحديد مايحتاجه!
بدوري ايضًا رفضت وقُلت “ليس لدي رغبة لأكون ترزي يعمل فتحتين للجاكتة وأقول حاضر”، حتى جاءني “يسرى نصر الله” وكان مساعدا لشاهين آنذاك، وأوضح لي أن “جو” يكتب سيناريوهاته بالفرنسية، واتفقنا على الجلوس مع شاهين وسمعت منه الفيلم مشهدا مشهد، ولكن سيناريوهات شاهين مختلفة فهو يصنع الديكوباج على الورق نفسه.
- “وداعًا بونابرت”.. كيف اختلفت علاقة شاهين وشادي عبد السلام بالتاريخ؟
يوسف شاهين لايهتم بالتاريخ فهو يُسخره لرؤيته الفنية والإخراجية، لكن شادي يستخدم التاريخ بحذافيره وبمصداقية شديدة، وحقيقي لا اعرف هل حظ شاهين كان سىء ليستعين بمهندس مناظر مذاكر تاريخ إسلامي بطريقة جيدة أم لا، وحصلت بعض التعديلات منه اغضبتني وقتها ولكن استمرت صداقتنا وتعاونا مجددًا في “إسكندرية كمان وكمان” .
- ولكن يبدو إنك لم تغفر هذه التعديلات لـ” جو” واعتذرت عن “المهاجر” رغم جزء كبير منه يتحدث عن “اخناتون”.. هل كان ذلك وفاءًا لأستاذك ؟
“وفاءًا للتاريخ” . لإن من تجربتي في” وداعًا بونابرت” شاهين بيستعمل التاريخ من وجهة نظره؟! وإن هو من يصنع التاريخ عكس شادي كانت قضيته أهمية معرفتنا بقيمة تاريخنا وأنه لا يُزور، أما ” جو” كان يصنع فيلم ” الناصر صلاح الدين ” وهو يقصد جمال عبد الناصر، و”المهاجر” عندما كلمني مدير الانتاج قائلا “الاستاذ بيقولك تعمل مجري مائي في مكان معين لتصويره غدًا” وكان السيناريو لم يصلنى كالعادة، صراحة كنت ابحث عن اي فرصة للإعتذار عن الفيلم لأنه فيلم كبير سوف يُسجل في التاريخ، “ولكني كنت هعمله غلط من وجهة نظر شاهين ورفضت تقديم شخصية إخناتون بطريقة خاطئة”.
- داود عبد السيد .. رفيق العمر.. جعل أول ما يُصافح أعين المتفرج في شريط ” الكيت كات” إهداء يصفك بـ”فنان السينما المصرية”.. كيف نجحت في بناء هذه الحارة التي لايعرف الكثيرون حتى الآن إنها ديكور في ظل ظروف انتاجية متعثرة لهذا الفيلم؟
عندما يكون خلفي مخرج مثل “داود عبد السيد” يواصل لمدة 5 سنوات في البحث عن منتج مُتحمس للفيلم يتمسك بالتصور الإخراجي والديكورات دون الانصياع للمنتجين الذين كانوا يطلبون التصوير في حارة ستديو نحاس الجاهزة، ولكن يرفض “داود” ذلك ويُصر على حارة “الكيت كات”؛ فالإهداء ينبغي أن يكون لـ”عبد السيد” نفسه وليس لي، لمدة 6 شهور نذهب سويًا للوصول لمعايشة صادقة لحي “الكيت كات ” نراقب بدقه ونتأمل سكانه ومعيشته.
- ولكن تظل تجربة “الكيت كات” فريدة جدًا وتُدرس في أي أكاديمية سينمائية.. ما لسبب في رأيك ؟
“الكيت الكات” صنع تغييرا في شكل الحارة بالسينما المصرية ولا اقول ذلك من منطلق “الغرور”. الحارة المصرية قبل “الكيت كات” كان شكلها مختلف تستوعب كل الناس في الشارع، وكانت الحارة العبقرية في فيلم “العزيمة” تستوعب علاقات واضحة فالحلاق يرى الجزار والفتاة تحب الموظف، وفي أول مشهد في الفيلم تستطيع ان تكتشف كمشاهد هذه العلاقات، ولكن في الحارة الشعبية في “الكيت كات” كانت العلاقات تتضح بالتدريج، لما الشيخ حسنى يذهب لبائع الفول وثم بائع الذهب عن طريق شارع فيه ضريح يقسمه لنصفين احدهما يؤدى الى خرابة لبيع البيرة، الفكرة كانت جرئية في “الكيت كات” أنه قدم رؤية واقعية لسكان هذا الحي العشوائي وعلاقاتهم ولكن على الشاشة، وهم يصافحون بعض عبر البلكونات في شوارع ضيقة للغاية لايستطيع اثنان المشي بجوار بعض فيها، وهذا العالم المتداخل في علاقاته نراه بعيون “كفيف” يعرف كل الخبايا لأن الشارع كان بمثابة البيت له، ومن ثم كسر “الكيت الكات” الشكل التقليدي للحارة في السينما المصرية، وسنلاحظ ذلك في تجارب لاحقة مثل ” دم الغزال “.
- ولكننا نرى الحي العشوائي بصورة مختلفة في “سارق الفرح” مع عبد السيد.. شعرنا بالبهجة في تصميم الديكور رغم صعوبة المعيشة ؟
لإنها أصل دراما الفيلم “رجل يريد أن يتزوج من امرأة”.. حدوتة فيها فرح وبهجة، سيمفونية حب رغم المعاناة، مجموعة اشخاص تقطن في حي عشوائي يبحثون عن البهجة والحياة بدون أذي للأخرين، و”سارق الفرح” و”الكيت كات” كلاهما يكسر الواقع بأسلوب ساحر، وهذه هي سينما “داود”، ومن ثمَ اخترنا بناء ديكور للحي في “سارق الفرح” فوق هضبة المقطم، وأن يطُل سكانه على القاهرة المزدحمة الكئيبة المليئة بالغابات المعمارية، وبالتالي كان سكان الحي يعيشون رغم فقرهم في ربوه عالية حجراتهم المتراصة أشبه بفيلات صغيرة فقيرة تُربى فيها البط والاوز، ويُشاهدوا من أعلي القاهرة القبيحة وصراعات سكانها، وبمانهم مسالمين وأحلامهم بسيطة كان الديكور يشمل بعض العناصر المبهجة مثل مكان لصبغ الأقمشة ليلقي بألوان اتواب القماش الفاقعة بالحيوية والفرح على المكان هم فقراء ولكن يحبوا الحياة .
- ماهو أقرب أفلام “داود عبد السيد” إليك ؟
كل أفلامه لأنها وضعتني كل مرة في تجربة مختلفة، وهذه نظرة داود عمومًا لمشروعاته السينمائية، وصممت ديكورات معظم افلامه ماعدا فيلم وحيد هو “البحث عن سيد مرزوق” حينما كنت مشغوًلا بالعمل في “إسكندرية كمان وكمان”، ولكن الفيلم الذي اعتز به جدًا هو “أرض الخوف” رغم إنه صور بدون ديكورات، بل في مواقع حية، ولكني اعتبره أهم فيلم في تاريخ السينما المصرية بعد “المومياء “، فيلم غير تقليدي وتجربة فنية ليست سهلة على الاطلاق.
- فيلم “عيون لاتنام” للمخرج رأفت الميهي ذو الرؤية الإخراجية المليئة بالفانتازيا .. ولكن نري تجربة شديدة الواقعية ؟
حدوتة هذا الفيلم ليست نزاع بين أخوة على الميراث، ولكنه عن الانفتاح والمجتمع المصري ومَن يَكسب مَن ؟!، تم تصميم ديكورالورشة أسفل كوبري 6 اكتوبر الذي يطل على المدينة والبيت غرفة فوق سطح جمعية الشبان المسلمين، نحن لا نلوي عنق الدراما ولكن نبحث للتعبير عنها بطريقة غير تقليدية .
- تعاونت مع محمد خان في أربعة أفلام. والمعروف عن خان وأزماته مع الممثلين بإنه مخرج الشوارع والكباري وإنها بطل الكادر.. أي تصوير خارجي دائمًا.. ما تأثير ذلك على عملك؟
“هايل .. هذه هي مهنة مهندس المناظر بالفعل”، أنا لا اصنع ديكورا، واعتبر نفسي مهندس ديكور فاشل، لا اعرف التذويق ولكن التعبير؛ كل اهتمامي بكل ما هو داخل الكادر سواء تم تصويره فى شارع أو شقة، وأن يُعبر دراميًا عن الشخصيات والحكاية، مثلا “أرض الخوف” تصويره بأكمله بالخارج ولكن عدَلنا وأضَفنا على الأماكن التي تم اختيارها للتصوير، فيلم “أحلام هند وكاميليا” مكتوب بالسيناريو التصوير في حي بين مسطرد والمطرية يناسب العاملتين بالمنازل، ولكني قمت كمهندس مناظر باختيار حي مصر الجديدة، لأنه حي له طابع أصيل وخاص يتناسب مع طبيعة هند وكامليا كشخصيات من هذه الطبقة الفقيرة ولكن لهن خصوصية، مفقودة في حي المطرية الحديث.
- أظن أن الأفلام التاريخية تقتضي بحثًا وجهدًا أكثر عن غيرها من الأفلام؟
لو ذهبت إلى فرن بلدى احتاج للبحث، أي فيلم يتطلب دراسة، ليس لدي معني لكلمة ” الإرهاق”، ولكن عدم الإرهاق يعنى أن تصنع ديكورا عاديًا وتكسب امواًلا سريعًا! الجهد الكبير يعني المتعة. لكن الأفلام التاريخية تتطلب وقتا أكبر في التحضير والتنفيذ. في فيلم “السادات” كسيرة الذاتية اعتمدنا على المراجع العديدة والسلطات سمحت بالتصوير في منزل السادات، ولكن مشاهد مجلس قيادة الثورة تم تصويرها في سجن مثلا وهذه هى المهنة.. قدرتك على تطويع المكان حسب ما تريد ، مثل الاستعانة ببعض من طرقات مستشفي القصر العيني في مسلسل “الجماعة”.
- مسلسل “الجماعة” وفيلم “إبراهيم الأبيض” تجربتان رفضتهما في البداية.. لماذا ؟
الجماعة المسلسل الوحيد الذي صنعت له الديكور، وكان تجربة جديدة بعد العمل في السينما، ولكني رفضت الجزء الثاني فقط لإنني لا استطيع تكرار التجارب، أما “ابراهيم الأبيض” فقد رفضته في البداية لعدم رغبتي إنشاء حارة شعبية صنعتها في “الكيت كات” ولكني جلست مع المخرج مروان حامد كثيرًا، وعثرت على دراما مختلفة في هذه التجربة، حيث حي شعبي مختلف فيه “سلطة وشعب”، شخصية “عبد الملك زرزور”( محمود عبد العزيز) .
- على ذكر “عبد الملك زرزور”.. لقد اسست بصريًا بالديكور في التعريف بهذه الشخصية في أول لقطة لها وهو يصرخ على قمة الجبل قائًلا ” حد له شوق في حاجة”؟
هذا ماقصدته بالضبط، هو السلطة المتحكمة في الشعب؛ ومن ثم جأتني فكرة أن يكون منزل “زرزور” فوق جبل المقطم والشعب والحي العشوائي كله بأسفله، وهذه السلطة لها عيون وتراقب كل نفس في الحي، فنجد منزل “عبد الملك زرزور” قادر على اختراق حجرة هند صبري وهكذا، بالمناسبة هذا الفيلم الوحيد الذي لم احصل على جائزة عليه وسعيد للغاية بذلك، لأن الجميع يعتقد أن الحي حقيقي وليس ديكورا. وقابلني أحد ابرز النقاد في مصر بمهرجان أسوان وسألني أين يقع هذا الحي الذي يمر بجانبه باستمرار.
- “القادسية” لصلاح أبو سيف عام 1981.. هذا الفيلم المُثير للجدل الذي تبرأ منه صُناعه لاكتشافهم استغلال المخابرات العراقية لهم في الحرب ضد إيران .. ماذا عن تجربتك فيه؟
(يصمت).. قاسية جدًا، اعتذرت في البداية، ولكن صلاح ابو سيف مخرج كبير له قيمته ليس سهًلا الاعتذار، وحقيقة التراجع يعود لعدة أسباب جعلتني بحاجة للسفر؛ المناخ العام كان المناخ خانقا بعد كامب ديفيد وزيارة السادات للقدس كأننا انتصرنا وفِرحنا ورجعنا “بعنا البلد تاني”، ثانيًا لأنه فيلم تاريخي وتحمست له، وكنت مصمم الملابس والاكسسوار والدكتور مختار عبد الجواد مهندسًا للديكور، وثالثًا تم إخبارنا انذاك إن وزارة الثقافة العراقية تريد هذا التعاون من أجل تدريب ابنائها علي ايدي صناع السينما المصرية.
وبالفعل سافرنا للعراق، وحقيقي أنا راضي بنسبة 90% عن شُغلي بالفيلم، ولكن فوجئت أثناء التحضير بدخول صلاح أبو سيف قائلا هنصور بعد اسبوع، بالرغم من عدم انجازنا لكل التحضير الذي يحتاج لشهرين تقريبًا، ولكن صمم مفسرًا بزيارة صدام حسين وافتتاحه للموقع، واقنعنى بإمكانية الاستغناء عما سيتم تصويره في show وقتها واعادته من جديد، فوافقت ولكن فوجئت بعد ذلك أن هذا لم يحدث؟! ومن هنا اصابني القلق وفهمت بعدها إنه تم استغلالنا كفنانين في حرب صدام ضد إيران، ولكن لم نكن نستطيع التراجع هناك “فى حاجات ملهاش حل كده”! لم أكن ارغب في الإجابة!
- ولكن يتبقى خيط من هذا الفيلم هو منع الأزهر لعرضه في مصر لتجسيده سعد بن أب وقاص.. وهنا اتحدث عن استمراية سياسة المنع التي دخلت الكنيسة على خطها الآن بعد 40 سنة.. بمنع تجسيد البابا شنودة، بل شاهدنا جدلا حول هل يقوم بالدور ممثل مسلم أم مسيحي.. ما تعقيبك؟
“هتجنن عمر ده ما كان عندنا” . ولدي سؤال للكنيسة كم فيلما خرج عن السيد المسيح وليس البابا شنودة؟!وأنا لن اتحدث عن موقف الأزهر من تجسيد الصحابة على الشاشة، اعتقد أنه مرتبط بالثقافة الاسلامية وسأحترمه إلى أن تتغير الأفكار، ولكن لماذا ترفض الكنيسة؟ !كم فيلما جسد الرُسل، وهذا حدث في العالم كله لأن ببساطة هذه الأفلام لم تتحدث عن الآلهه قدر ما تناولت الرسالة. “البابا شنودة” كان عضوا في مجتمع ناضج جدًا يُطالب بالمواطنة، له مواقف سياسية واضحة جدا ودفع ثمنها وثبت علي موقفه من منع المسيحيين من الذهاب للحج في القدس، لا افهم موقف الكنيسة الحالي:ا أنت تصنع فيلم عن شخص أم عن دور البابا شنودة وهو ليس إلها بل شخص جاءت على لسانه مجموعة ثقافات ورسالات؟ لو شيخ الأزهر ممثل سأرحب به فى دور البابا شنودة.
- ماذا يعني التكريم من مهرجان الجونة السينمائي لفنان مثلك امضي حياته شغوفًا بالتجربة السينمائية المختلفة فقط ؟
صحيح أن قمة سعادتي بخروج العمل بشكل أرضى عنه، “عمري مافكرت اشتغل من أجل جائزة”، لو كان ذلك هدفي كنت احضرت كاتولوجات وشاهدت الافلام التى تحصد جوائز واقوم بتقليدها، “لكن كل فيلم أشتغله حتى الآن أكون حائرا حرفيًا كما لو كنت سأبدأ من جديد، لكن يختلف التكريم عن الجائزة وهي عن عمل واحد أعجب النقاد ولكن تكريم الجونة مختلف لأنه في حقيقته هو لاي كرم انسى ابوسيف ولكن يكرم الصناعة، وهذه أهميته لي، لأن الصناعة لو تكرمت عن طريقي سأكون سعيدا جدًا، وتقدير المهرجان للصناعة شىء يسعدني واعتباري جزءا منها يقول لي أنيِ وصلت للهدف المرجو.
- ولكن هناك آراء تعتبر “الجونة” مهرجان رجال الأعمال الذين يروجون لمنتجعهم السياحي.. مارأيك ؟
يضحك.. لا شأن لي بهذا لكن سأقول لك، مَن الذي أنتج أفلام سينما العصر الذهبي سوى مُنتجين محترمين خرج منهم رجل صناعة وتجارة كطلعت حرب الذي دشن أستوديو مصر؟ أي ليس وصمة عار إن رجال الأعمال يدخلون صناعة السينما، ولكن يتوقف السؤال علي هل رأس المال يدخل الصناعة من أجل تحويلها لتجارة ولا تكون صناعة فن، ومشكلة السينما هي إنها صناعة وتجارة وفن.
المُنتج يصنع فنانا ويختاره من أجل شىء يتاجر به، فمثلا منتجو العصر الذهبي سخروا الأدب، روايات نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وآخرين لخدمة صناعة السينما، وقبلهم شاهدنا فيلم “لاشين” بمثابة طفرة في تاريخ السينما المصرية، ولكن هذه الطفرة التى حققها المنتجون الرواد هبطت للأرض في مرحلة الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات.. عصر الفيلات التي تحولت لعمارات والحدائق التي اصبحت مساجد وكنائس، هذا الدمار برز مع فئة تجار وكالة البلح الذين أنتجوا أفلام المقاولات، وهو شكل من أشكال استغلال رأس المال الخاضع لمناخ سياسي غير ثقافة البشر لمناخ اجتماعي آخر مريض، اصبح صناعة وجمهوره ينتمون لعصر المقاولات.
- أنت إذن لا ترى تعارضا بين رأسمالية آل ساويرس وصناعة السينما مُمثلة في مهرجان الجونة؟
مهرجان كان يقام على ذات فكرة الترويج لمنتج سياحى ولكن يعرض افلاما هامة أيضًا، وحضرت الدورة الثانية للجونة وتابعت برمجة جيدة لأفلامه، فالجونة لايعرض أفلاما ساقطة وأتمنى أن يكون فى كل شِبر في مصر مهرجان كما يحدث في شرم الشيخ، الأقصر، أسوانا، ورُبما لو وزارة الثقافة دشنت مهرجانا في أسيوط والمنيا هناك لانخفضت معدلات العنف والاحتدام الطائفي!
- على ذكر المهرجانات رفضت تكريم مهرجان القاهرة الدولي عام 2012 فى عهد جماعة الاخوان المسلمين؟
لم ارفض تكريم المهرجان العريق، ولكني اعتذرت عن الجائزة وتسلُمها من وزير الثقافة محمد صابر عرب بصفته الوزارية فى حكومة الإخوان، لأنني شعرت بازدواجية من القيام بذلك، لإنه طبع الإعلان فوق الدستوري للرئيس محمد مرسى على ميزانية وزارة الثقافة، وكان يُقتل الشباب الرافض للاعلان على بعد خطوات من دار الأوبرا في ميدان التحري ، كيف اصافح الوزير اذن؟!
- نعود للسينما.. وصفت حالها في تصريح للجريدة الكويتية عام 2008 بإنها تعيش في نكسة.. كيف تراها الآن؟
السينما دائمًا ما تقاوم، جيلنا عاش النكسة ولكن لم يستسلم لموجة أفلام المقاولات وخلق تجربته، والآن هناك شباب واعد في الصناعة، وآمالي فيه بلاحدود، ولا يقارن بالجيل القديم، بل هو جيل ناضج كثيرا عن جيلنا، لأنه جيل منفتح على العالم، يمتلك الذكاء، يصنع أفلامًا تبدو غير صدامية ولكنها هامة جدًا، ولو اقدر اتعاون مع هذا الجيل سيشرفني جدًا.
- ما هو أخر فيلم شاهدته، وهل تري شباب المخرجين الحاليين قادرين على صنع موجه جديدة كعاطف ودواد وبشارة وخان ؟
قادرون يصنعوا موجة جديدة، مثلا” أخضر يابس” لمحمد حماد ، فيلم عظيم جدًا، هذا الجيل فيه عمق وبساطة، كما شرُفت مؤخرًا بالعمل مع المخرج الشاب إسلام عزازي في فيلمه “عنها”.
ومارأيك في موجة أفلام محمد رمضان وأسطورة نمبر (1) ؟
“مفيش حاجة إسمها نمبر (1)” الفنون لاتعترف بمقولة أعظم واحد مخرج / ممثل مهندس مناظر، هناك عمل ناجح بين مجموعة أعمال ولا نقول عليه كفنان إنه ناجح؛ عليك فقط أن تعطيه كل طاقتك وخبراتك ولا تتخلي عن جذورك هذا ما طالب به شادى عبد السلام، أما موجة “أفلام رمضان” لابد أن تكون موجودة ، بدونها لا تستطيع التمييز بين الجيد والردىء. السينما تجارة بالفن، لو غاب الفن أصبحت تجارة مرفوضة الإ لنوع معين من الناس، وخطورة أفلام رمضان فقط في تربية جيل كامل على هذا الذوق!
- أنت إذن لست مع الرقابة والمنع لحماية قيم الأسرة والذوق العام كما يحدث مع أغاني المهرجانات وغيرها؟
تمامًا، “زمن الرقابة انتهي”، دعم المشروعات الفنية الجيدة فقط وهي ستلفظ الردىء، ترغب في حماية الذوق عليك أن تترك الحرية لتكوين رأي عام ناضج .
- وماذا عن دور الدولة ودعمها للسينما .؟
اتمنى دعم الدولة للسينا مثلما تبني منشآت عليها بناء الإنسان من خلال الفنون .
- ولكن لم تكن راضيا عن تجربتك في فيلم “المسافر” آخر أفلام عمر الشريف؟
ولكني راض عن شغلي في الفيلم ، ولكن أحمد ماهر مخرج شديد المهارة واستطيع وضعه في مصاف مخرجين كبار أمثال يوسف شاهين، لكن شاهين يعرف جيدا كيف يمسك حكايته ويصل بها للجمهور، لكن تجربة “ماهر” مختلفة، السيناريو كان جيدا ولكني لم اشاهد ذلك على الشاشة!
- من بين 46 فيلما .. تعاونت مع مخرجة واحدة فقط هي أسماء البكري في فيلم “شحاذون ونبلاء” عن رواية ألبير قصيري، هل يعود ذلك لعدم الثقة في صانعات الأفلام أم أن المناخ كان مقيدًا لهن؟
(يضحك) اطلاقًا، ليس له علاقة بالثقة، “البكري” من جيل السبعينات والمنتج التقليدي كان لا يثق في المرأة كمخرجة انذاك لذا كانت هناك ندره في أعدادهن، واظن نجاح تجربة “أسماء البكري” في هذا المناخ الضيق بُناء على انتاج شركة يوسف شاهين للفيلم، فهي الشركة الوحيدة الذى التي كانت تتلقى تمويلا من فرنسا لدعم شباب المخرجين، حتى الثمانينيات والتسعينيات بدأ ظهور مخرجات كإيناس الدغيدى ونادية حمزة يقتحمون المجال بقوة .
- ولكن ماهو تقييمك لموجة المخرجات الشابات ؟
مناخ مختلف تمامًا، ناجحات جدًا سواء هالة خليل، كاملة أبوذكري، وهالة لطفي وفيلمها البديع “الخروج للنهار”.. جمعيهن صنعن تجارب ناضجة جدًا أضافت للصناعة.