مهرجان سينما الحقيقة للأفلام الوثائقية.. ضرورة ثقافية في ظلّ التحديات الراهنة
يعدّ مهرجان سينما الحقيقة الدولي للأفلام التسجيلية من أبرز التظاهرات السينمائية المختصّة بعالم الواقع والحقيقة في المنطقة، تظاهرة كانت محطّ أنظار كبار صنّاع الوثائقيات منذ انطلاقها منذ أربعة عشر عاماً.
من المقرر أن تقام الدورة الرابعة عشر من مهرجان إيران الدولي للأفلام الوثائقية السنوي المعروف باسم “سينما الحقيقة” بإدارة “محمد حميدي مقدم” في طهران في 8-14 ديسمبر 2020 عبر الإنترنت، من خلال استخدام المنصة الوطنية لعرض الاعمال السينمائية في ايران بسبب انتشار فيروس كورونا.
يحاول هذا الحدث السينمائي الدولي المرموق الذي يعرض أفضل فيلم وثائقي في العالم سد الفجوة بين الواقع والحقيقة.
في هذا الصدد، لن يكون الحديث عن إقامة فعاليات يسيرة لهذا المهرجان سهلا، وعلى الرغم من أن تفشّي كورونا يمثل مشكلة خطيرة في البلاد، إلا أنه من خلال اعتماد أسلوب الإنعقاد عبر الإنترنت يدخل سينما الحقيقة آفاقًا جديدة دون أن يفقد مزاياه.
ورغم أن قرار المضي قدماً بإقامة هذا الحدث السينمائي في الوضع الحالي كان صعباً للغاية على القائمين عليه، إلاّ أن نظرة متمحّصة لآخر المستجدات الثقافية حول العالم تكشف لنا أنه ليس فقط إيران، ولكن هناك مهرجانات سينمائية أخرى في العالم عقدت العزم على مواصلة فعالياتها “أون لاين”، من قبيل، “نيوزيلندا، بوسان، مدريد، بلفاست، ملبورن، طوكيو، بولندا، ستوكهولم، إلخ”.
يمكن لإقامة مهرجان سينما الحقيقة بشكل “أون لاين” أن يستقطب السينما الوثائقية والقضايا والأولويات الثقافية والفنية في ايران على أحسن وجه، كما يستطيع أن يوصلها إلى منازل المواطنين، والتفاعل مع الناس والجماهير والمساعدة في زيادة رأس المال الاجتماعي.
إذ تعدّ سينما الحقيقة منصّة جيدة لإنتاج رأس المال البشري للسينما الوثائقية (الفنانين وجمهور هذه السينما) ووسيلة لتحقيق التميز والنجاح.
في وقت يعاني فيه العالم من تبعات فيروس كورونا ونازعت العديد من الأحداث للبقاء على قيد الحياة، ستمهّد إقامة مهرجان سينما الحقيقة عبر الإنترنت الطريق لنجاح السينما الوثائقية والحفاظ عليها، الأمر الذي يزيد من حماس النشطاء الثقافيين.
وبحسب مدير المهرجان محمد حميدي مقدم، فإن الشاغل الرئيسي للحدث كان مستقبل الأفلام الوثائقية باعتباره ضرورة ثقافية وانسانية لابد من عرضها في اطار زمني معيّن، خصوصاً إن كان موضوع الافلام يتحدّث عن آخر مستجدات كورونا.
يعتقد “حميدي مقدم” أن هذا المهرجان هو فرصة لخلق السعادة في المجتمع والتأكيد على أهمية السينما الوثائقية ودورها في توعية المجتمع، إذ يرى أن البرامج التلفزيونية تحاول إزاحة خيبة الأمل من نفوس البشرية ليس فقط في إيران ولكن في جميع أنحاء العالم.
لطالما كان هذا المهرجان صوت جميع الفنانين الوثائقيين من مختلف أرجاء العالم، ومظهر من مظاهر التعاضد البشري الفني في مجال السينما الوثائقية.
في كل عام، يحاول هذا المهرجان خلق منصّة لتعزيز التفاعل بين صانعي الأفلام الوثائقية في الفئات “البيئية، الأزمات والسياسية والاجتماعية” وغيرها من الفئات، وصانعي الأفلام والمنتجين الذين يركزون على القضايا الاجتماعية، وكذلك الوثائقيين الشباب وذوي الخبرة.
يعد مهرجان سينما الحقيقة أيضا، مهرجانا جادا ومؤثرا يلعب دورا محوريا في تدريب جيل الشباب الراغبين في دخول عالم السينما الوثائقية.
في هذه الدورة من المهرجان (الرابعة عشر)، سيتم حذف التجمعات والجلسات المباشرة وجهًا لوجه، وسيتم استبدالها بالتواصل في المساحات الاجتماعية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا المنعرج الخطير الذي سبّبه فيروس كورونا، استحدث مهرجان سينما الحقيقة لهذا العام قسماً وثائقيا خاصاً بالأعمال التي تسلط الضوء على تداعيات الفيروس على البشرية.
كما يتضمن المهرجان عدة أقسام، بما في ذلك الجائزة المحلية والدولية وجائزة الشهيد أفيني (احد شهداء ايران السينمائيين)، والمسابقة الوثائقية لريادة الأعمال، والقسم الخاص بفيروس كورونا، علاوة على الاقسام الفرعية والندوات التي تقام عبر الانترنت.
في غضون ذلك، سيتم عقد العديد من ورش العمل المتخصصة والمحادثات الرئيسية بالإضافة إلى فصول الماجستير في هذا الحدث السينمائي الدولي عبر الفيديو كونفرانس أيضاً.
يتألف قسم المسابقة المحلية من الأفلام الوثائقية القصيرة والمتوسطة والطويلة، وسيعقد القسم الدولي من هذه النسخة بشكل غير تنافسي بسبب انتشار فيروس كورونا.
يتمتع القسم الدولي من المهرجان أيضًا بالعديد من الأقسام غير التنافسية من ضمن: العروض الخاصة، ومرآة المهرجان، والبورتريه، ومنظور السينما الوثائقية لدولة واحدة، والسينما الوثائقية التشيلية، والماجستير لعام 2020 بالإضافة إلى 13 إصدارًا و 13 فيلمًا.