مقال رئيس التحرير: “لا يوجد فيلم تونسي في مسابقة مهرجان كان”!
للصحافة الالكترونية الحديثة التي نشأت وازدهرت على شبكة الانترنت في العالم كله فوائدها الكثيرة. ولولا التكنولوجيا الحديثة في مجال النشر الالكرتوني ما كان هذا الموقع يمكنه أن يخرج إليكم يوميا ويظل متاحا (على الهواء مباشرة حسب التعبير الشائع الذي يتفاخر به المذيعون والمذيعات في الفضائيات العربية كأنه اكتشاف!).
لكن يمكنني أن أضيف في الوقت نفسه، أن للصحافة الالكترونية، والعربية منها بوجه خاص، عيوبها الكثيرة أيضا. أخطر هذه العيوب أنها تستنسخ من بعضها البعض الكثير من المواد والأخبار، بسرعة ودون تمحيص أو تدقيق، بل ودون معرفة بالمحيط او المجال المتخصص الذي يقتضي مراجعة المادة قبل نشرها.
نعم الخبر لا ينتظر، ولكن يجب أن يكون مدققا وصحيحا وإلا كنا ننشر الأباطيل، ونستخدم الوسيط الالكتروني المتقدم لنشر الأكاذيب، التي يروج لها البعض أحيانا عمدا وبسوء قصد ونية بالطبع.
ولعل من أحدث ما لفت نظري في مجال الأخبارالسيمنائية التي تشغلنا في هذا الموقع بوجه خاص، ما يمكن لأي متابع للصحافة الالكترونية العربية على الشبكة التي يغرم بعضنا بأن يطلق عليها “العنكبوتية” (والعياذ بالله!) ما نشر أخيرا من أن فيلما تونسيا سيشارك في “المسابقة الرسمية- كذا- في مهرجان كان السينمائي. وهو خبر لو كان صحيحا، لكان قد أصبح مدعاة لاهتمامنا بكل تأكي، ناهيك عن احتفالنا وسعادتنا به. لكن الخبر غير صحيح بكل أسف.
والغريب أن الصحف والمواقع الالكترونية التي نشرت الخبر أو استنسخته من بعضها البعض، هي صحف ومواقع “محترمة”، أي معروفة بطاقم العاملين فيها من المحترفين وهي مواقع تنفق عليها ميزانيات ضخمة وشغل عددا كبيرا من الصحفيين مثل موقع “العربية دوت نت” مثلا.
ولا نعرف كيف جعلت هذه المواقع فيلما تسجيليا تونسيا (73 دقيقة) يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، وينافس على “الكاميرا الذهبية” كما جاء في نفس تلك المواقع العجيبة، في حين أن مسابقة الكاميرا الذهبية تشمل عددا كبيرا هو كل الأفلام المعروضة في أقسام المهرجان الرسمية وقسم “نظرة خاصة) وغير الرسمية مثل نصف شهر المخرجين واسبوع النقاد. والفيلم التونسي سيعرض ضمن احتفالية خاصة تقام تكريما للثورة التونسية، وليس في إطار أي مسابقة من مسابقات المهرجان الرسمية أو غير الرسمية.
ونحن ننشر في الموقع هنا خبرا واضحا عن الاحتفالية التونسية بالمهرجان، ونشرنا اسم الفيلم الروائي الذي يعرض خلالها، أما الفيلم التونسي التسجيلي فهو بعنوان “لا خوف بعد اليوم” من إخراج مراد بن الشيخ. وهذا صحيح. أما ما يروج له منتجه من أنه سيشارك بالمسابقة الرسمية للمهرجان، فهو غير صحيح، بل وغير صحيح أيضا أنه سيشارك ضمن الأفلام المتنافسة على جائزة الكاميرا الذهبية التشجيعية التي تمنح لصاحب الفيلم الأول، لكنها الفهلوة والرغبة في الدعاية التي تدفع إلى الترويج للأكاذيب وتمريرها على المواقع المختلفة. اما أن تنشر هذه المواقع كل ما يصل إليها دون تمحيص خصوصا ما يتعلق بالسينما، فهو يؤكد أن العرب مازالوا يتعاملون مع السينما والأفلام على أنه: وكله عند العرب… أفلام.. أليس كذلك!