لوكا برزاي.. القاتل المحترف في “الأب الروحي”

رغم عدم اتساع دوره في فيلم “الأب الروحي” إلا أن ليني مونتانا الذي جسد دور لوكا برزاي استطاع إثبات نفسه في مشاهد ولقطات معدودة، فالمشهدية لديه حاضرة بقوة، فهو في حقيقة الامر أحد رجال العصابات الأشداء في تاريخ الاجرام في العالم وفي الولايات المتحدة، فجاء ظهوره في الفيلم مفأجاة غير متوقعة علي الاطلاق، رغم أن كوبولا خطط كثيرا للفيلم، ومن المعروف أنه يعتبر المصارع المنحرف والذي عمل كحارس خاص لرال العصابات جو كولومبو في عالم الواقع.

مشهدية بالصدفة

جاء الدور حقيقيا كما أنه لا يمثل، فهو في الواقع لم يقم بأداء تمثيلي، فكان علي طبيعته، فالدور يناسبه الي حد التمام، ويتضح ذلك خلال ظهوره في اهم المشاهد التي تركت تأثيرا في تاريخ مشاهدة الفيلم وهو مشهد زفاف كوني ابنة دون كورليوني، فنراه ينتظر الدخول الي كورليوني بينما يتدرب علي تحيته له في توتر شديد.

هذا المشهد الذي صوره كوبولا بعد أن رأي مونتانا في الواقع قبل التصوير واقفا أمام براندو متعلثما في الكلام ومرتبكا تماما وهو ما استغله كوبولا وصور مشهد الانتظار من أجله خصيصا للإيحاء بأن هناك رجلاً واحداً فقط يخافه هذا العملاق وهو دون كورليوني.

هناك مشهد آخر ترك أثرا كبيرا لدى مشاهدي الفيلم، وهو مشهد دموي جدا وذلك خلال مقابلته عائلة تاتاليا ورجل العصابات سولوز بأمر من دون كورليوني حيث تم خنقه من الخلف مع غرز سكين فى يده لتثبيته على البار لشعورهم انه اتي ليس للعمل مع العائلة وانما لمعرفة معلومات والعمل لصالح عائلة الدون وليس معهم.

الوحدة القاتلة

شخصية لوكا برازي في مساحتها المحدودة في الفيلم هي شخصية معقدة جدا، وعلي المستوي السيكولوجي نادرة التكرار، وهو ما اوضحته المشهدية فهو يعيش لوحده منفردا في حجرة وصالة، ولا يتضح ان هناك حماية قوية له، فهو حارس شخصي لرجال العصابات، ويقوم بتنفيذ المهام الصعبة جدا، دون ان ينتمي فعليا الي عصابة، أو تجمع اجرامي، يجعله يشعر بالأمان والثقة، فهو وحيد تماما، وهو تصدر المشهد اثناء استعداده للقائه الصعب الذي سيتم تصفيته فيه وهو لقاءه بسولوز التركي وعائلة تاتاليا الذي رتبه له الدون كورليوني لمعرفة نوايا الطرفين بعد ان رفض عرض سولوز بمشاركة الدون في تجارة المخدرات في الولايات المتحدة. هذه عبقرية المشهد القصير جدا والمختصر جدا ايضا، وهي ملاحظة دقيقة وحاسمة بوحدة وقسوة حياة لوكا برازي وسط عالم العصابات والجريمة.

الخائف المخيف

الخائف المخيف، مقولة اطلقت علي لوكا برزاي في هذا الدور باقتدار، فرغم ضخامة جسده وقوته الواضحة، وشكله المخيف وشخصيته المفزعة والمرعبة، فهو في الواقع مصارع محترف، وأحد رجال عصابات المافيا الأكثر شراسة في تاريخ الإجرام وفي الولايات المتحدة، ورغم ذلك هناك براءة وطفولة شاردة بداخله، ينتج عنها خوف شديد، فرغم مظهره الخارجي المخيف، إلا انه خائف من الداخل، فهذا التناقض يصنع منه سيكولوجية معقدة مرتبطة بالعدوان والبراءة، والقوة والضعف، تناقض واضح وضع في عدة ثوان ودقائق معدودات في اربع لقطات شخصية مبهرة جذبت الكثير من المشاهدين للتعرف علي هذا العملاق الغير سوي، المجرم اللطيف والطفل الكبير.

تجذبنا طرافة الشخصية وقسوة الحضور، وخفة الكلمات التي تحدث بها، ونهايته الخفيفة ايضا، فدوره في الفيلم ليس كبيرا، وأنما ظهر كبسمات الاطفال وسعادة الفرح واختفي كالفراشة وهي تحتضر بخفة.

وهو مصنف في تاريخ الاجرام او حسب دوره في الفيلم، بأنه قاتل محترف، متخصص في العمليات الصعبة، ومساعدة الاخرين في تنفيذ جرائمهم ومخططاتهم العدوانية ضد الاخرين، فهو رجل حاد الذكاء وشخصية جادة، لا يهاب الموت، ولا يتوقف عن قتل الآخرين بأوامر من العائلات والعصابات التي يعمل لحسابها، وهو لا يتحدث جيدًا بأي حال من الأحوال، وهو من الشخصيات المخلصة والبريئة جدا.

مهام صعبة

اتضح من خلال الفيلم ان لوكا بارازي هو رجل المهام الصعبة، وهو يظهر لتنفيذ الاوامر في العمليات الخطرة في المافيا والاجرام فقط، فهو ليس صاحب تخطيط كبير لتحريك الامور، او رئيسا لعصابة، انما قوة ضاربة تعتمد عليها العائلات الكبيرة في المافيا ومنها عائلة دون كورليوني. وخلال الفيلم هناك عملية يقوم بها مع الدون حكاها مايكل كورليوني لحبيبته في مشهد الفرح في اول الفيلم، عندما ذهب الي قائد موسيقي الذي ألزم بعقد احتكاري مع جوني المقرب للعائلة، حيث هدد لوكا بتصفيته إذا لم يوافق هذا القائد علي الغاء العقد الإلزامي، والمهمة الثانية، هي التسلل إلى صفوف عائلة تاتاليا والحصول على ثقتهم وبعض المعلومات منهم لصالح عائلة كورليوني، ومعرفة رد فعلهم خاصة بعد رفض دون كورليوني عرض سولوز بتهريب المخدرات الي بلده، وكان المشهد الاخير بتصفيته في اول لقاء مع هذه العائلة.  

سيرة ذاتية

لينى مونتانا Lenny Montana ممثل امريكى ولد فى بروكلين في بولاية نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية فى ١٣ مارس ١٩٢٦، وتوفى فى ١٢ مايو من عام ١٩٩٢. وهو طويل القامة، متين البنيان مما أهله للعمل كمصارع محترف ايطالى أمريكى، قبل احترافه العمل السينمائى. ورغم قصر اول دور له على الشاشة وهو دور لوكا برازى الحارس الشخصى لدون كورليونى فى فيلم الاب الروحى عام ١٩٧٢والذي يتحذث عنه المقال .

Visited 128 times, 1 visit(s) today