عودة إلى مهرجان مراكش الدولي للفيلم
لقد أثار غياب الفيلم المغربي عن لائحة أفلام المسابقة نقاشا واسعا بين المهتمين بشأن الفيلم المغربي. لكن النقاش الدائر الآن يخلط بين أمور كثيرة هي في الحقيقة منفصلة : الخط التنظيمي للمهرجان – أحقية الفيلم المغربي في أن يكون ضمن أفلام المسابقة من عدمها – مستوى الفيلم المغربي – الدعوات والسهرات – حصول المهرجان على الدعم من لجنة دعم المهرجانات السينمائية…
بالنسبة للخط التنظيمي للمهرجان فإنه يبقى علينا إما أن نقبل هذا الخط وإما أن نرفضه. الخط التنظيمي لمهرجان مراكش قائم أساسا على أنه دولي. وتفهم إدارة المهرجان من مصطلح الدولي أن المغرب والسينمائيين المغاربة لم يصلوا بعد إلى مستوى الدولية. وبالتالي يتصرف أصحاب القرار (وهم فرنسيون) مع المنتوج السينمائي المغربي ومع الإنسان السينمائي المغربي على أساس أنه دون الدولية . وقس على ذلك تعاملهم مع المنتوج العربي والإفريقي… منتوج دون مستوى الدولية.
وعلى هذا الأساس يتصرفون معنا بما أننا لسنا دوليين بأسلوب التعالي والدونية. هنا ما العمل؟ إما مقاطعة المهرجان : ونقولها صراحة لا أحد من السينمائيين ولا الصحفيين ولا النقاد قادرون على الإقدام على المقاطعة بحجة أن المهرجان تنظمه الدولة المغربية ويستفيد من المال العام وبالتالي لا داعي لمغادرته. والحالة هذه يزيد المنظمون في كل دورة في شحنة إعطاء الأسبقية المطلقة للعنصر الفرنسي على كل مهام المهرجان بدءا من اختيار الأفلام إلى آخر مضيفة في باب قصر المؤتمرات… كل الضيوف، كل المكرمين عندما صعدوا إلى المنصة شكروا شخصين : ميليتا وبرونو.
إضافة إلى هذا وذاك لا يفهم أحد ما يجري في المهرجان. في حين من تقاليد المهرجانات العريقة أنها تقدم للرأي العام عبر ندوات صحفية كل المعلومات سواء على المستوى التنظيمي أو على المستوى المادي قبل بداية الدورة وعند نهايتها.
في غياب خط تنظيمي واضح للمهرجان يهدف إلى تنمية الفيلم المغربي ودعمه وتشجيعه لا يمكن أن نطرح سؤال “هل من حق الفيلم المغربي أن يكون ضمن أفلام المسابقة أم لا”. بمعنى ما الهدف من تنظيم المهرجان؟ تسويق صورة المغرب؟ تطوير السينما في المغرب؟ منافسة المهرجانات الدولية؟ فتح المجال للسينمائيين الأجانب للقيام بجولات سياحية؟ الحقيقة أن مهرجان مراكش بالكيفية التي ينظم بها مهرجان عشوائي: في كل دورة هو في شأن من حيث اختيار الأفلام بحيث يعتمد أساسا على دور معينة للتوزيع مرتبطة بالسينما الفرنسية. وهذا ما يفسر لنا أن أغلبية الأفلام المعروضة في هذه الدورة هي أفلام فرنسية أو إنتاج مشترك فرنسي. من حيث النقاشات الدائرة داخل المهرجان وهي قليلة جدا فتجري كلها باللغة الفرنسية. الماستر كلاس كذلك.. ما محل الفيلم المغربي هنا؟ لا يوزع في الدور التي يقتني منها المنظمون أفلام المهرجان، ليس هناك لجنة لاختيار الأفلام، أصحاب القرار المغاربة لا يتدخلون في هذا الشأن.
وبالتالي نجد أنه في بعض الدورات تختار أفلام مغربية (الجيد منها والرديء) وفي دورات أخرى لا تختار ، وذلك حسب مزاج المتحكمين في شؤون المهرجان.
وتجنبا لكثير من المزايدات حول الفيلم المغربي أقول بأننا نود صادقين أن يكون الفيلم المغربي حاضرا في كل المهرجانات بقوته الإبداعية لا فقط بقوة انتمائه للبلد. الجميل هو أن تأتي المهرجانات بحثا عن الفيلم المغربي لا أن يذهب الفيلم المغربي بحثا عن المهرجانات. ونقولها صراحة بأن الفيلم المغربي كان من المفروض بعد ستين سنة من الوجود أن يكون في وضعية أفضل مما هو عليه اليوم وإلا لماذا نظمت المناظرة الوطنية للسينما حيث كان هناك شبه إجماع بضرورة البحث عن كل السبل لتطوير الفيلم المغربي على كافة المستويات.
هل قمنا بالمتعين من أجل أن تتطور السينما في المغرب؟ لا أظن. لا أتهم أحدا لكننا جميعا نتحمل المسؤولية. إننا اليوم نجني تبعات السياسة السينمائية التي انتهجت خلال 15 سنة مضت. من هنا علينا ألا نمسح دموعنا خلال مهرجان مراكش وإنما قبل وبعد مراكش.
* رئيس جمعية نقاد السينما في المغرب