طارق الشناوي: أكذوبة خالد النبوي في “المواطن”!
قبل ساعات افتُتح فيلم “المواطن” وسط مظاهرة صحفية وإعلامية أطلقت على الفيلم لقب العالمى وعلى بطل الفيلم لقب النجم العالمى، فهل يعتقد أحدكم أن هناك على خريطة السينما العالمية حقيقة فيلم اسمه “المواطن” وفنان اسمه خالد النبوى.
يبدد خالد طاقته فى صناعة زيف يصاحبه أينما ولَّى وجهه، لست أدرى هل يحسب الأمور فقط بما يُنشر عنه من أخبار وما تسجله له الكاميرات التليفزيونية، هل تتحدد قيمة الفنان بمساحات الوجود على الشاشات، فى هذه الحالة فإن خالد من حقه أن يقول لبراد بيت وجورج كلونى وتوم هانكس “ماتبصليش بعيون رضيّة، بص للى اندفع فيَّا”!
أستطيع أن أؤكد لكم أن عدد مشاهدى هذا الفيلم لا يمكن أن يبلغ أصابع اليد الواحدة، ومن المستحيل أن تحتاج إلى العد بالثانية، الأسباب معروفة، فالنجم بلا جاذبية والفيلم بلا رؤية فنية، شاهدته قبل أكثر من عام فى مهرجان أبوظبى، وسط أيضًا مظاهرة إعلامية شبيهة بما جرى عندنا، ولكن هل يستطيع “الفالصو” مهما حاولتَ تلميعه أن يصبح ذهبًا؟ خرج فيلم «المواطن» من مهرجان أبوظبى كأنه لم يدخل أصلا. مَن شاهد الفيلم كان لديه يقين بأنه لا يمكن أن يحظى بأى جائزة، ما عدا واحدا فقط أعتقد أنه يقدم تُحفة فنية لا قبلها ولا بعدها وأنه سوف يصبح هو المانشيت الرئيسى فى الصحافة العالمية، يروّج خالد للفيلم باعتباره “ماد إن هوليوود” واللى مش عاجبه يورّينا عرض أكتافه.
الفيلم أول إخراج للمخرج السورى الجذور سام كادى، المخرج اسمه الحقيقى سامى القاضى ولكنه حرص أيضًا على إنه “ماد إن هوليوود” فأحدث تلك التغييرات فى اسمه.
وتبقى بعض الأسئلة، هل بطولة فيلم لغته إنجليزية ويجرى تصويره فى أمريكا أو حتى هوليوود تعنى أن بطل الفيلم قد صار بين ليلة وضحاها نجمًا عالميًّا، خالد النبوى يؤرقه هذا الهاجس ويسعى لكى يصدر للجمهور المصرى خاصة والعربى بوجه عام تلك الكذبة، وسَّع وسَّع العالمى جاى، ويبيع للإعلام الترام أكثر من مرة، هذه المرة باع بالإضافة إلى الترام القضبان والسنجة.
يؤدى خالد دور الشاب اللبنانى الذى يجد نفسه فى حالة صراع داخلى ومطاردة من دولة عربية إلى أخرى، حيث إن الحرب الأهلية فى لبنان تبعده عنها ويفقد والديه وبعد ذلك يلقى مصيره فى أتون حرب أخرى بين دولتين شقيقتين فى أثناء الغزو العراقى للكويت، ثم يعانى مثل ملايين المواطنين العرب، ويتقدم للهجرة إلى أمريكا ويحصل على الكارت الأخضر الذى يتيح له السفر بلا تعقيدات إدارية.. شاب لديه طموح ويجيد الإنجليزية ويملك خبرة كمهندس سيارات، وفى المطار لم يأتِ ابن عمه، لخطأ ما غير مقصود يختلط عليه اسم المطار، ويفقد التواصل معه ويذهب إلى فندق متواضع لكى يبيت ليلة تمتد إلى ليالٍ وشهور وسنوات.
أحداث سبتمبر 2001 تلقى بظلال سيئة ويجد نفسه متهما ورهن التحقيق والتوقيف بسبب تشابه اسمه مع إرهابى فتحاصره الشكوك.
الحالة السينمائية التى يقدمها المخرج شديدة التواضع بينما على الصعيد الفكرى يرسخ الفيلم للحلم الأمريكى كأنه الطريق الوحيد للحياة، ويُحيل نضال المواطن العربى لا إلى تأكيد ذاته وأفكاره وتغيير مجتمعه وواقعه للأفضل ولكن ينحو الفيلم إلى تعميق حالة الهوان العربى وخفوت الاعتزاز الوطنى كأنه يهتف فى النهاية “تحيا أمريكا ويعيش العم سام”.
شارك خالد من قبل فى مشاهد قليلة فى أكثر من فيلم أجنبى مثل “مملكة الجنة” لريدلى سكوت، و”لعبة عادلة” لدوج ليمان وكان دورا هامشيا فى الأول وأقل من ثانوى فى الثانى، إلا أنه فى الفيلمين صنع لنفسه دعاية صاخبة فى الصحافة المصرية والعربية، ويكفى أن نتذكر أن الفنان السورى غسان مسعود الذى أدى الدور الرئيسى “صلاح الدين الأيوبى” فى “مملكة الجنة” لم يطلق أبدا على نفسه لقب فنان عالمى.
لماذا يبذل خالد النبوى كل طاقته فى صناعة وهج إعلامى يشبه فقاقيع الصابون تتبدد فى لحظات؟ صار خالد لا يعيش إلا فى الأحلام، يوما ما سيصحو على الحقيقة المُرَّة ليكتشف أنه كان كابوسا، ويظل المأزق الحقيقى ليس فى أن هناك مَن يبيع الترام، ولكن فى الإعلام المصرى الذى يشترى نفس الترام أكثر من مرة!