“شيخ جاكسون”: لا يجب أن يبدو الكتابُ من عنوانِه
هل يحتاج الإنسانُ إلى فيلمٍ كاملٍ ليُفصِح عن اسمِه؟ يبدو أنّ الأمرَ كذلك بالنسبة لصانعي فيلم “شيخ جاكسون” الذي عُرض تجاريًا في خريف 2017 وتم اختياره ليُمثّل مصر في الـ “أوسكار” للعام الحالي عن فئةِ أفضل فيلم أجنبي ولكن الحظ لم يُحالفه.
الفيلم سيناريو وحوار عمر خالد وعمرو سلامة ومن إخراج الأخير، ويُقدّم قصّة شاب لا نعرف اسمه حتّى المشاهد الختامية في 3 فترات زمنية من حياته، نبدأها من مرحلة الرجولة التي قدّمها أحمد الفيشاوي في دور رجلٍ متديّنٍ يرتدي ثوبًا أبيضًا وبلحيةٍ سلفيّةٍ وشاربٍ محفوفٍ ونراه في جلسة نفسية مع الطبيبة نور(الممثلة بسمة) باحثًا معها عن سبب عدم قدرته على البكاء من خشية الله كالسابق، وعندما تسألُه عن اسمِه يحدّق دونما إجابة لتذهب بنا الكاميرا إلى أحد الأيام في أواخر يونيو/ حزيران 2009حيث الاستيقاظ مبكرًا ثم مَلْء اليوم بالأدعيةِ والأذكارِ وإمامةِ المسجدِ ومحادثةٍ مُحبّةٍ مع زوجته عائشة (الممثلة أمينة خليل) الحلوة واللطيفة التي ترْتدي ملابسًا دون أكمام في البيت (على عكس صورةِ المرأةِ المتدينة في الدراما) واكتشافه أنّ طفلتَه تُشاهد مقاطعًا مصوّرةً لبيونسيه على يوتيوب ثم التقاطه، في مشهدٍ موحٍ، لأغاني مايكل جاكسون في القائمة الجانبية حيث نفهم من السياق أنّ الأمر أكبر مما يبدو، وبعد أن يقوم بتوصيل زوجته وابنته إلى المدرسة يسمع نبأ وفاة مايكل جاكسون من سيارة مجاورة فيُشتته الخبر الصاعقة وترتطم سيّارته بإحدى الأشجار.
تستمر أسئلة الطبيبةِ نور فتُجيبنا مشاهدٌ قديمةُ من طفولة البطل (الممثل عمر أيمن) الذي كان آنذاك بصحبة والده هاني عبد الحيّ (الممثل ماجد الكدواني) وهو يُقلّه من المدرسة ويشيد برجولة وشجاعة الرئيس الراحل صدام حسين بأنّه “هيعلم الأمريكان درس مش هينسووه”، ثم نراهما يُشاهدان برنامجًا غِنائيًا تصدّر سباقه مايكل جاكسون وحينما يسأله الطفل عنه يقول الأب بأنّ هذا مُخنّث فهو ليس رجل ولا امرأة، وبين “رجولة” صدام حسين ومايكل جاكسون كما يقيسها الأب والابن تقع كل القصة.
رجُلٌ و3 رجال
كانت مراهقة البطل التي جسدها الممثل الموهوب أحمد مالك هي المرحلة الأهم التي تتقافز منها الأسئلة والإجابات مُرشدةً المشاهدين لفهم حياة البطل المتدين جدًا الباحث عن سبب عدم بكائِه بين يدي طبيبة نفسية مكشوفة الشعر.
البطل في تلك المرحلة مراهقٌ حزينٌ ومنطوٍ فقد والدته الرقيقة نجاة (الممثلة درّة) التي كانت معجبة بجاكسون دون علم زوجها (كانت تلك مُبالغة من صنّاع الفيلم)، ويعيش مع والده القاسي المختلف معه حول كل شيء، والبهجة الوحيدة في حياته زميلة الدراسة شيرين (سلمى أبو ضيف)، صبية حلوة تبدو حياتُها سلسة بلا متاعب، تُجيد العيش والعزف والأهم أنّها، مثل والدته، تحب مايكل جاكسون.
يريدُ الأبُ من ابنِه أن يتمرّن على الأجهزة الرياضية وأن يجتهد ليُصبح مهندسًا بينما يريد الابنُ حُلمًا أبسط بكثير: دقائق يرقص فيها على أنغام مطربه المفضّل.
فالأب الذي يملك سلطة مطلقة على الأبناء بحكم الشرعِ والقانونِ والعُرف لا يُريد أن يُغلق ابنُه البابَ بالمفتاح ويستعير دور الإله و/أو أمن الدولة (لا فرق!) ويقول له: “عايزك تعيش عارف ومتأكد إننا راقد فوق نافوخك كده وشايف وعارف كل اللي إنت بتعمله”.
يختصر الأب مفهوم الرجولة في جسد معضّل ووظيفة تُجلّها المجتمعات المريضة بالمظاهر بينما يراها الابن في مسامحة الخصم الضعيف مثل مشهده مع حارس النادي الليلي الذي رفض ضربَه رغم أوامر والده لأنّه كان في “موقف ضعف” حسب ما قاله لشيرين التي استفسرت منه عن عدم انتقامه لكرامته رغم الفرصة المواتية.
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تكثيف سلطة المجتمعات الأبوية في شخص الأب بشكلٍ مباشرٍ دون تورية، هناك مثلًا فيلم “بحب السيما” ((2004 للمؤلف هاني فوزي والمخرج أسامة فوزي والذي لاقى، بطبيعة الحال، تهمًا بالتكفير والإساءة إلى الكنيسة كادت أن تؤدي إلى منعه.
حيث الطفل نعيم (يوسف عثمان) مفتونٌ بالسينما مما يجعله في مواجهةٍ غير متكافئة مع والده عدلي (محمود حميدة) الذي يؤكد أنّ النار مصير ممثلي السينما وجمهورها بينما والدته نعمات (ليلى علوي) سيدة جميلة وعاشقة للفن، كانت، مثل والدة البطل هُنا، “فينِس” مُعاصرة أنجبت كيوبِيد المُدعّم بسهمه الخارق مع تغيير ما استلزم تغييره دراميًا.
إنّ الاعتقاد بأنّ الصراع الذي شرخ شخصية البطل في “شيخ جاكسون” كان بسبب الأصوليين غير دقيق على الإطلاق، لقد كانت ذروة التوتر بين الابن ووالده الذكوريّ متعدد العلاقات وغير المتديّن سواء التديّن الروحاني أو الطقوسي، حتى أنّه لم يُبدِ أي انزعاج عندما تم استدعاؤه في المدرسة من أجل الرسالة التي كتبها البطل الطفل مُخاطبًا الذات الإلهية، لقد كان الأب يرفض بتطرفٍ شديدٍ أن يرتدي ابنه سلسال والدته الراحلة وأن يرقص مع نجمه البوب لكنّ لا مشكلة لديه في أن يُقيم، الأب لا الابن، علاقات جنسيّة مع سيداتٍ متزوجاتٍ لأنّ ذلك، من وجهة نظره، يُعزز الرجولة ويغذيها، تمامًا مثلما راقت له رجولة صدام حسين ذات يوم رغم مئات الآلاف من العذابات العالقة في نياشينه العسكريّة.
وفي يومٍ من الأيام تصحو البناية على فضيحة جرّاء اكتشاف زوج عشيقة الأب حقيقة خيانتها، فيقرر الخال السلفيّ الودود (الممثل محمود البزاوي) “انتشال” ابن شقيقته الراحلة ليربيه بعيدًا عن والده الفاسق، ولا نعلم كيف سارت الأمور هناك في الإسكندرية ولكن يُمكننا التخمين أنّه تزوّج مبكّرًا وأنجب طفلته ومن يومها تسيرحياتُه على نغمةٍ واحدةٍ دون نشاز حتى يسمع خبر وفاة جاكسون فتصطدم سيارته المهترئة أصلًا، وتصطدم حياته الآيلة للانهيار بمطبٍ قادمٍ من الماضي يُغيّرها إلى الأبد.
يستبسل البطل في مغالبة تبعات ذلك اليوم بالمزيد من الصلاة والقرآن والأدعية وقطع النت عن ابنته الصغيرة وإلصاق الشعارات التي تؤكد على أنه ” ينتهي الغلاء عندما تتحجّب النساء” في وسائل المواصلات وإلقاء الخطب التي تؤكد على جُرم الرقص على مزامير الشيطان فيأتيه الردّ بزيارة لطيف الفنان إلى المسجد وتموضعه بين المصلّين بابتسامة جانبية تشي بالعتاب (قام بدور مايكل جاكسون الشاب كارلو رايلي)، ثم تتفاقم الحالة غير المقدور عليها عندما يسمع البطل وهو في المحراب صوت الدبيب خلفه ليُفاجأ بالمصلّين يتقدمهم مايكل جاكسون يرقصون أغنية “ثريلر” بحركاتها المتصلّبة الشهيرة، في مشهدٍ مؤثرٍ وصادمٍ بالمعنى الإيجابي للكلمة، صادم كما يُحب السينفيليون معنى كلمة الصدمة.
وقد عرّض هذان المشهدان الفيلمَ إلى دعوة تتهمه بازدراء الأديان ورد في نصّها أنّ “هذا العمل يسيء إلى مصر، بلد الأزهر الشريف، البلد المتدين بطبعه“.
لماذا مايكل جاكسون تحديدًا
إنّ جانبًا كبيرًا من فهم هذا الفيلم هو معرفة السبب لاختيار مايكل جاكسون دون سواه.
إنّ الأمر شديد الاختلاف عندما تُحب مايكل جاكسون وأنت في الرياض أو دمشق أو تعز وغيرهنّ من المدن المهووسة بتقسيم الأدوار بين الجنسين وما يترتب عليها من مظاهرٍ في الملبس والسلوكيات وما يُكسبه من قيمِ الشرفِ والتمايزِ، خاصةً في التسعينيات حيث تحوّل شكل مايكل جاكسون بشكلٍ استدعى سكب أطنانٍ من الحبرِ في الصحف والمجلات والكتب تعليقًا وتفسيرًا وشجبًا.
مايكل جاكسون كان نجمًا جَبّ ما قبله من معايير النجومية، نموذج مغاير لصورة الرجل الأسود حتى قبل أن يُقشّر لونه بالكامل، كان يضع كُحلًا مع “روج” و”ماسكارا” على وجهه الذي يعلو عنقَه الأفريقي الجميل، يرقص بفرادة، يجتاح المسرح دون لحظة تقهقر، ويبكي دون خجل أمام الكاميرات، ويدعو للسلام ونبذ الحرب والعنصرية (قبل أن يُصبح ذلك موضة بين المشاهير)، ينتظره المعجبون بالساعات، وأحيانًا بالأيام، أمام عتبات الفنادق من أجل لمحة له من هذا الشباك أو ذاك، ويتساقطون مغشيًا عليهم في حفلاتِه، مما جعله “أشهر ذكر في القرن العشرين” حسب توصيف المؤلف إيلِس كاشمور في كتابه: “صناعة الثقافة السوداء”، لكن اللافت أنّ الجماهير أحبّت الجانب الضعيف فيه، وتعاطفت معه، وأحست أنّ مايكل جاكسون “المسكين” يُمثّلها بطريقة أو بأخرى، وكان هذا سببًا إضافيًا بجانب المئة سبب ليعصف بقلوب محبيه الذين يقصدهم رُبّما عمرو سلامة في فيلمِه، أولئك الذين مسّ ملك البوب أرواحهم بغرابتِه، ورسائله، ومظهره الذي لم يكن له فيه ذنب، أو هكذا كان الاعتقاد، فيُصبح الإعجاب بمايكل جاكسون تعبيرًا عن موقفك من الحياة وتفاصيلها، من العنصرية والعدالة والمساواة، مِنك وممّا حولك، فيتوقف مايكل جاكسون عن كونه مغنٍ ليُصبح معنى ومِقياسًا.
يقول كاشمور في كتابه آنف الذكر الذي قدّمه للعربية أحمد محمود عن المركز القومي للترجمة:” ..وعقد جاكسون صداقات مع أحد قرود الشمبانزي، واشترى الهيكل العظمي الخاص بالرجل الفيل الشهير، وكان ينام في خيمة من الأوكسجين، ولم يهتزّ حب الجماهير له رغم غرائبه، ربما ما كان له من أسطوانات وأشرطة فيديو هو ما حمله، وربما كانت ذاته الخاصّة التي تتسم بالضعف والعيوب هي التي حببت فيه المعجبين (..) وبغض النظر عن مصدر جاذبيته، فقد كان مايكل جاكسون أيقونة ثقافية كأقوى ما يكون هذا المصطلح ، كما أنّه شخصية جسّدت وكوّنت جزءًا أساسيًا من ثقافة أوائل القرن العشرين، رجلٌ أسودٌ ولد في أسرةٍ أمريكيةٍ أفريقيةٍ، غير أنّ مظهره الجسماني تحدّى أي تقسيم عرقي واضح”.
وقد ذكّرني كل ذلك بطرفةٍ قالها لي زميل عمل أمريكي قبل أكثر من 10 سنواتٍ عن طفلٍ سأل والده هل الإله ذكر أم أنثى؟ فقال له ليس هذا ولا ذاك، فأردف: هل الإله أبيض أم أسود؟ فردّ عليه أن لا هذا ولا ذاك فصمت الطفل لثوانٍ ثم علّق: هل يعني هذا أن مايكل جاكسون إله؟
وبالنظر إلى فداحة طرح هكذا رؤية في الفيلم بجلاء على الجماهير العربية فقد أشار المخرج إليها بطرفٍ خفيٍ ومن زاوية مقلوبة على سبيل أنّ الشيء بالشيء يُذكر في المشهد الذي يسأل فيه الأب إحدى عشيقاته وهما عاريان في حوض الاستحمام بخبثٍ ممزج بثقلِ ظل: إنتِ تفتكري الشيطان دكر (ذكر) ولا نتاية (أنثى)؟
وعلى الرغم من تناقض هذا الثنائي الكليشّيه الإله/ الشيطان إلا أنّهما يتقاسمان التحكّم، والتأثير، والقوة الغيبية الخارقة التي لا يقوى على مقاومتها أحد.
وقد اقتبس جاكسون، في نظرِ جماهيرِه، الكثيرَ من سماتِ هذه الثنائية.
إنّ بطل الفيلم هو نسخة مايكل جاكسونية أخرى، باختلافه، واضطرابه، وتعلقه بوالدته، وصدامه مع والده، تقول الأم للبطل في أحد المشاهد بأنها تحب مايكل جاكسون لأنّه “بيفكرني بيك: رفنطوع، ومجنون ومش شبه حد”.
لقد كان مايكل جاكسون شديد التعلق بوالدته، وشديد الخلاف مع والده، وتفاصيل علاقتهما المشحونة تجاوزت وفاتهما، إذ صرّح كُنراد موراي طبيب جاكسون الابن الشهر الماضي أنّجوزِف جاكسون كان واحدًا من أسوء الآباء في التاريخ وأنّه قام بإخصاء ابنه مايكل كيميائيًا حتى لا يؤثر على نعومة صوته، وسواء صحّت ادّعاءات موراي أم لا فهي دليلًا ناصعًا على اعتلال العلاقة بين جاكسون الأب/ الابن.
والشخصيات المايكل جاكسونية لا بد أن تكون “معيوبة” بشكل أو بآخر، إذ لا يُمكنك أن تكون جاكسونيًا ومثاليًا في آن، بجانب البطل هناك الأم نجاة والصبية شيرين اللتان كانتا تعانيان من مرضٍ رئويٍ ما أودى بحياة الأولى.
لقد أيقظت وفاة مايكل جاكسون روح البطل الحقيقية التي طمرتها أوامر آلهة الدين والمجتمع، أو ما صدّق البطل أنّها كذلك.
وبعد سلسلة من التخبّطات يُقرر البطل أن يعترف بالحقيقة، فيزور شيرين التي أصبحت مغنية محترفة (الممثلة ياسمين رئيس) ويمنحها قُبلة نفضتها غضبًا، ويزور والده الذي استقبله بالدموع التي تجمّعت طيلة فترة انقطاعهما رغم مبدأه القديم بأنّ “الرجالة ما بتعيطش”، وفي النهاية يستعيد البطل صندوقَه/نفسَه الذي يحوي متعلقات مراهقته الطاحنة وهو يقرأ على الطبيبة النفسية/المشاهدين فحوى الرسالة التي كتبها طفلًا حول اسمه (خالد) وجدواه في العالم الزائل لا محالة في مشهدٍ ختاميّ شديد العذوبة والرمزية، فيلتقم سواكه ويرتدي سلسال والدته الذهبي و قبّعة جاكسون بعد 15 عامًا من شرائها ويرقص على أنغامه، لقد اهتدى أخيرًا للطريقة التي تُشعره بأنّه “خالدٌ” ولو للحظة، في إشارة ضمنية إلى أنّ الفن أحد أوجه الخلود الممكنة، وأن جاكسون أحد أوجه ذلك الخلود.
بين الكتاب وعنوانه
تتركز أهمية فيلم “شيخ جاكسون” في فكرته الجريئة والطازجة والمختلفة، غير أنّ لمعانها توارى خلف عددٍ من المشاكل كان معظمُها في النّص بشكل أساسي، وفي بناء الشخصيات، وخلق دوافعها، وتعميق أدوارها وأطوارها، رغم تقديم الممثلين الأساسيين الثلاثة: الكدواني ومالك والفيشاوي مستوىً جيد جدًا من الأداء حسب المساحة التي أتاحها السيناريو.
كما أنّ نهاية الفيلم جاءت سريعة ونيئة دون تحضير وبكثير من “الكروتة” رسّخت فكرة السيناريو الهش نوعًا وإن كان المشهد النهائي قد خفف من أثر ما سبق.
هناك من اعترض على عدم وجود الأغاني الأصلية لمايكل جاكسون ولكنّي أعتقد أن ذلك متسقًا مع فكرة الفيلم التي كانت عن مايكل جاكسون “الرمز” وليس عن أغانيه.
لقد بدأ الفيلم بإهداءٍ يُقدمه مخرج الفيلم بقوله:” إلى هؤلاء الذين صنعوا معي الذكريات، وأنتم تعرفون أنفسكم”، ومن وجد نفسه ضمن المقصودين فسيروقهم العمل جدًا مهما تاهت الأحداث، وسيرون في مشهده الختاميّ انتصارًا لذواتهم الأصليّة حدّ انخطاف النَفَس.
يُدافع الفيلم عن الجوهر والحرية والإله “الحقيقي” الذي سمح لمايكل جاكسون بالرقص داخل المسجد ولو من باب الهلوسة، ورحّب به للجلوس بين المصلّين بزيّه اللامع الشهير الذي دار مسارح العالم، إنّه عمل يستحق المشاهدة رغم العيوب.
لقد بدأ الفيلم بمشهد تشييع جنازة في فلاة قاحلة، وانتهى بمشهد رجلٍ مُجلببٍ ذي لحية يرقص على أنغام إحدى أغنيات مايكل جاكسون في مدينة تبعد آلاف الأميال عن قبر الفنان/الأعجوبة، فقد زالت هيبة والده وأصبح رجلًا مستكينًا، وصدام حسين أُعدم وسط الشامتين في توقيتٍ جعل الناس يُشبهون إعدامه بـ “خروف العيد”، وبقي البطلُ خالد راقصًا في لحظة حُريّة متوهّجة ومؤجّلة من سِني البدايات كما أراد أن يكون دومًا، لقد تهاوتْ كل آلهة الأرض، وانتصرَ الفن، وفازَ خالد ومطربُه “الخالد”.