سينما 2017: انجازات وإخفاقات وفضائح

Print Friendly, PDF & Email

كان أكثر ما شغل الرأي العام في 2017، سواء من بين جمهور السينما أو المهتمين بالشأن العام، الفضيحة الكبرى التي انفجرت في هوليوود بخصوص المنتج السينمائي الأمريكي هارفي وينستين مؤسس ومدير شركة “ميراماكس” التي نجحت في أن تصبح إحدى كبرى شركات هوليوود، وأنتجت ووزعت في الولايات المحدة عددا من أهم الأفلام وأكثرها تميزا من الناحية الفنية.

بدأت الفضيحة عندما نشرت صحيفة “نيورويك تايمز” في 5 أكتوبر مقالا يتضمن اتهامات مباشرة للرجل بارتكاب تحرشات جنسية ضد عدد من ممثلات هوليوود خلال ثلاثة عقود، ذكر من بينهن روز ماغواين وأشلي جود، وسرعان ما تداعت الاتهامات من أسماء أشهر ممثلات هوليوود بلغ عددهن نحو 80 ممثلة، وتراوحت الاتهامات من التحرش العابر الى الاغتصاب، مرورا بالتهديد والإهانات والإرغام على ممارسات جنسية مختلفة. وقد جاءت خاتمة هذه الاتهامات بالمقال الذي نشرته النجمة المكسيكية سلمى حايك في “نيويورك تايمز”، اتهمت فيه وينستين بتهديدها ومحاولة إرغامها على معاشرته جنسيا خلال تصوير فيلم “فريدا” عام 2002، وقالت إنه هددها أيضا بالقتل!

ورغم أن وينستين أصدر بيانا يعتذر فيه عما يمكن أن يكون قد سببه من ألم للبعض، الا أنه نفى تماما ارتكاب أي اعتداءات جنسية. ويرى الكثير من المراقبين أن توجيه اتهامات كهذه من طرف عدد كبير من ممثلات هوليوود الشهيرات أمثال ميرا سورفينو وجوينيث بالترو وروزانا أركيت وآسيا أرجنتو، قد يتكفل أخيرا بـ”تطهير هوليوود” من هذا النوع من الممارسات الذكورية التي تسيء للمرأة عموما، وتزدري عمل الممثلات بوجه خاص، خاصة بعد ان امتدت سلسلة الفضائح الى أسماء شهيرة اتهمت بالاعتداء أو التحرش الجنسي، مثل آل باتشينو وداستين هوفمان وروي مور وريتشارد دريفوس وكيفن سبايسي والمخرج أوليفر ستون، بل واتهمت خمس نساء أيضا، الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب بالتحرش الجنسي!

هارفي وينستين: فضيحة العام في هوليوود

في نهاية العام 2017 أعلنت إدارة تليفزيون بي بي سي البريطاني أنها بصدد إنتاج فيلم تسجيلي بعنوان “وينستين” ستخرجه المخرجة أورسولا ماكفرلين (التي أخرجت فيلم “شارلي إبدو: ثلاثة أيام هزت باريس”، وأن الفيلم سيشمل مقابلات  مع عدد من الصحفيين والسينمائيين والمحامين ورجال الشرطة. وتعتزم المخرجة أن تروي من خلال الفيلم قصة هوليوود منذ نشأة شركات الإنتاج الكبرى في الثلاثينات، وصولا إلى انفجار فضيحة وينستين وبتركيز خاص على نشاط الشركة منذ السبعينات.

الأرقام تتحدث

بعيدا عن فضيحة وينسيتين، شهدت هوليوود في 2017 انخفاضا ملحوظا فيما حققته من دخل من توزيع أفلامها، على الرغم مما حققه فيلما “المرأة الخارقة” Wonder Woman لباتي جنكنز، و”دنكرك” لكريستوفر نولان، و”لوغان” لجيمس مانغولد من نجاح تجاري كبير. فقد حقق الفيلم الأول نحو 800 مليون دولار في عروضه الأمريكية والخارجية، وهو رقم قياسي في فترة زمنية قصيرة نسبيا، وحقق الفيلم الثاني  أكثر من نصف مليار دولار في عروضه العالمية والأميركية، بينما حصد الفيلم الثالث 616 مليون دولار .

 حصد فيلم “المرأة الخارقة- ووندر وومان” 800 مليون دولار

أرقام توزيع الأفلام في فصل الصيف الذي يشهد عادة عرض الأفلام التجارية أشارت الى انخفاض ملحوظ بنسبة توازي نحو 14 في المائة مقارنة بصيف العام الماضي، فعلى الرغم من الآمال الكبيرة التي عقدها منتجو فيلم مثل “البرج الداكن”   The Dark Tower المأخوذ عن رواية ستيفن كنغ والذي قام ببطولته ادريس البا وماتيو ماكونوي، لم يحقق الفيلم أكثر من 111 مليون دولار في حين بلغت تكاليف إنتاجه 60 مليون دولار.

أما فيلم “الجبل بيننا” للمخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد، أول فيلم يخرجه في هوليوود، فلم يحقق في عروضه الأميركية أكثر من 30 مليون دولار ومثلها في عروضه العالمية خارج الولايات المتحدة رغم وجود النجمة الشهيرة كيت وينسليت في بطولته أمام ادريس البا. وربما يرجع السبب الى تكرار الفيلم لتيمة مألوفة سبق اختبارها كثيرا من قبل في السينما.

وانتهى فيلم “المومياء” – من بطولة توم كروز- الى أن وصفه أحد المحللين في أوساط الصناعة السينمائية بأنه “سيكون المسمار الأخير في نعش المومياء”، فالفيلم الذي بلغت تكاليف انتاجه وتوزيعه 345 مليون دولار لم يحقق في السوق الأميركية أكثر من 80 مليون دولار وفي الخارج 329 مليون دولار أي 408 ملايين دولار إجمالا وبالتالي لم تتجاوز أرباحه 60 مليون دولار في حين كان الأمل معقودا عليه لحصد نحو مليار دولار!

قبيل نهاية العام نزل إلى دور العرض الفيلم المنتظر “ستار وورز: الجيدي الأخير” ليحقق في عطلة نهاية الأسبوع فقط 220 مليون دولار، ورغم احتفاء النقاد بالفيلم الا أن الجمهور الذي شاهده لم يتحمس له وهو ما يمكن أن يؤثر على وضعه في السوق بعد تلك الطفرة الأولى.

الأفلام الفنية

من زاوية الأفلام الأمريكية والأوروبية الأكثر طموحا من الناحية الفنية يعتبر فيلم “بيبي درايفر” Baby Driverاحد أفضل الأفلام الأميركية وأكثرها نجاحا تجاريا أيضا. فالفيلم الذي أنتج بميزانية لا تزيد عن 34 مليون دولار حصد أكثر من 200 مليون دولار. أما فنيا فيتمتع الفيلم بنفس جديد وروح شابة، جعلت الاقبال عليه كبيرا. والفيلم يثبت قدمي للمخرج البريطاني ادجار رايت في هوليوود. وهو يصور كيف أدمن شاب منذ حادث سيارة فقد خلاله أمه، الاستماع للموسيقى الصاخبة عن طريق سماعات يضعها في أذنيه، للتغلب على ما أصابه من الحادث من طنين في أذنه اليمنى، ثم يتورط في العمل كسائق بارع في خدمة عصابة للسطو المسلح وما يتعرض له من مفارقات. ومن ناحية الأسلوب يجمع الفيلم بين طابع أفلام الجريمة والإثارة والتشويق والرومانسية والموسيقى، ويحتوي على جرعة كبيرة من العنف، كما لا تغيب الموسيقى وكل أنواع الأغاني (البوب والروك والديسكو والبلوز) عن شريط الصوت.

“بيبي درايفر” أحد أكثر أفلام العام نجاحا

في 2017 عادت المخرجة كاثرين بيغلو الى السينما بفيلم “ديترويت” وهو أول عمل تخرجه منذ “30 دقيقة بعد منتصف الليل” (2013) الذي كان يصور عملية تعقب وقتل أسامة بن لادن. ويستند الفيلم إلى وقائع وأحداث حقيقية وقعت في مدينة ديترويت في يوليو عام 1967 عندما اندلعت أعمال شغب وحرق ونهب في أرجاء المدينة بعد قيام الشرطة بالاعتداء بوحشية على عدد من الشباب السود وقتل اثنين منهم دون مبرر، ثم تبرئة ضباط الشرطة المسؤولين. والفيلم مصور بأسلوب الفيلم التسجيلي، لكنه رغم براعة مخرجته في التنفيد إلا أنها اكتفت بوصف الأحداث كما وقعت، دون النفاذ الى أعماق الموضوع والشخصيات، كما يعاني السيناريو من غياب الحبكة الدرامية والشخصية التي كانت يمكن أن تقبض على الأحداث وتدفعها الى الأمام. تكلف انتاج الفيلم 34 مليون دولار ولم يحصد من التوزيع الداخلي والخارجي أكثر من 33 مليون دولار.

الروح والجسد

من أهم أفلام العام الفنية الفيلم المجري “عن الروح والجسد” لإيديكو إنيدي الذي تعود به هذه المخرجة إلى السينما بعد 18 عاما من الغياب، لتدهشنا بموضوعها المبتكر، المثير للفكر والخيال،وهو يصور كيف تنشأ علاقة حب حقيقي بين اثنين لا يربطهما شيء مشترك، رجل وامرأة يعملان داخل سلخانة لذبح الحيوانات واعداد لحومها للتوزيع، بل ان كلاهما يعاني من التردد والتلعثم والخجل وغياب اي وسيلة حقيقية للتواصل.

ويأتي بعده الفيلم الشيلي “امرأة رائعة”A Fantastic Woman للمخرج سباستيان ليلو الذي يصور كيف تصمد امرأة لكل أشكال القمع والانتهاك الجسدي والمعنوي لمجرد التشكك فيما اذا كانت طرفا في جريمة قتل رغم غياب أي دليل على ذلك، وهي تقاوم  وتتسامى بقوة ارادة مذهلة ورغبة دائمة في الاحتفال بالحياة.

وكان الفيلم البريطاني “قتل غزال مقدس” للمخرج اليوناني الشهير يوغوس لانتيموس أحد افضل الأفلام التي عرضت في مهرجان كان، وهو ينتمي أساسا إلى سينما الفكر والفن الرفيع ، ويعبر عن رؤية مدهشة للعالم، تعتبر امتدادا لرؤية مخرجه ومؤلفه وحسه العبثي الساخر،وعنوان الفيلم – وموضوعه- مستمدان من الأسطورة اليونانية التي تتلخص في ضرورة التضحية بأحد أفراد العائلة تفاديا لاصابة أفراد العائلة جميعا بلعنة الآلهة.ورغم طابعه الذي يجعله يبدو كأحد افلام الرعب الا أنه يذكرنا على نحو ما، ببعض افلام المخرج الايطالي الراحل بيير باولو بازوليني، في هجائه للبوجوازية وكشفه نفاقها وكذبها وازاحة الستار الزائف الذي يخفي ضعفها وتشوشها. وهو يجاري في هذا على صعيد آخر، الفيلم الفرنسي البديع “نهاية سعيدة” للمخرج النمساوي مايكل هانيكه الذي عرض بمسابقة مهرجان كان أيضا. وقد سبق أن تناولنا تفصيلا هذه الأفلام كلها على صفحات “العرب”.

في السينما العربية

على صعيد السينما العربية برزت عدة أفلام في 2017 أولها فيلم “القضية 23” اللبناني للمخرج زياد دويري، الذي اثار الكثير من الجدل والخلافات مازالت قائمة خاصة بعد أن دخل الفيلم القائمة الأولية للأفلام المرشحة لأفضل فيلم أجنبي في مسابقة الأوسكار.

من الناحية الفنية يتمتع الفيلم بصورة جيدة ومونتاج محكم وإيقاع متصاعد وكشف تدريجي عن التفاصيل، فزياد دويري مخرج محترف جيد يعرف ما يريد من كل مشهد من مشاهد فيلمه، ويعرف كيف يقوم بتصعيد المواقف والانتقال من تفصيلة إلى أخرى، والتحكم في رسم ملامح الشخصيات.أما من ناحية الموضوع فالفيلم الذي يتناول الوضع الشائك للفلسطينيين في لبنان، والعلاقة بينهم وبين اللبنانيين على خلفية الأحداث السياسية التي وقعت في لبنان زمن الحرب الأهلية، كان يمكن أن تصنع عملا شديد الجاذبية والتأثير، خاصة أنه يحمل بصمات أسلوب دويري الذي يجنح عادة إلى السخرية السوداء، ويميل إلى تصوير عبثية “الحالة السياسية”، لكنه بعد البداية الواعدة سرعان ما  يقع في المباشرة والخطابة والنزعة التوفيقية دون أن ينجح في إخفاء انحياز واضح إلى طرف معين، يجعل من هزيمته نصرا، ومن تعصبه وتعنته نبلا، ومن رفضه المقيت قبول الآخر أمرا مبررا في ضوء ما تعرضت له “قبيلته” في الماضي.

المهرجان الجديد

ولعل أفضل عناصر الفيلم الأداء التمثيلي لبطليه الممثل الفلسطيني كمال الباشا الذي فاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجان فينيسيا، والممثل اللبناني عادل كرم الذي كان يستحق أيضا جائزة موازية. وبعد فينيسيا عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي في أولى دوراته، وهو المهرجان الذي أسسه الملياردير المصري نجيب ساويرس وأصبح أهم أحداث العام السينمائية حيث قيل الكثير عن منافسته لمهرجان القاهرة السينمائي الذي شهد أيضا أزمة انتهت باعلان استقالة رئيسته ماجدة واصف لتصبح الرئيس الرابع للمهرجان الذي يستقيل احتجاجا على تعامل وزارة الثقافة مع المهرجان وتدخلها في عمل المسؤولين عنه.

ووقعت فضيحة في مهرجان حديث اقيم في مصر باسم مهرجان شرم الشيخ الأفرو اسيوي حينما فوجئ الضيوف من اليوم الثاني بطردهم من الفندق بدعوى أن المهرجان لم يسدد قيمة الاقامة، وانتهى المهرجان قبل أن يبدأ!

غاب في 2017 مهرجان مراكش السينمائي الذي تأسس عام 2001 وتردد أنه توقف مؤقتا وأنه سيعود العام القادم، وبرزت في مهرجان دبي أفلام سبق عرضها عروضا أولى في المهرجانات الأوروبية، فقد فاز بجائزة مسابقته العربية الفيلم الفلسطيني “الواجب” للمخرجة آن ماري جاسر، وفاز بجائزة أحسن ممثل بطلا الفيلم نفسه محمد بكري وصالح بكري، وفاز بجائزة أحسن ممثلة المصرية منحة البطرواي عن دورها في الفيلم الطليعي الجديد المدهش بأسلوبه ورؤيته الفنية “زهرة الصبار” للمخرجة-والفنانة البصرية الموهوبة هالة القوصي.

ومن الأفلام المصرية الجديدة التي أثارت اهتماما كبيرا في 2017 فيلم “مولانا” لمجدي أحمد علي، وفيلم “الشيخ جاكسون” لعمرو سلامة، وفيلم “الأصليين” لمروان حامد، و”أخضر جاف” لمحمد حماد التي يعتبر أفضل الأفلام المصرية التي عرضت تجاريا في مصر.

اختيارات الناقد

أفضل الأفلام الأجنبية

1- عن الروح والجسد (المجر)

2- قتل غزال مقدس (بريطانيا)

3- امرأة رائعة (شيلي)

4- دنكيرك (أميركا- بريطانيا- فرنسا- هولندا)

5- فوكستروت (اسرائيل- ألمانيا)

6- من دون حب (روسيا)

7- تدفق بشري (أميركا) تسجيلي

8- لست عبدا لك (أميركا) تسجيلي

9- أرواحنا في الليل (أميركا)

10- الجانب الآخر من الأمل (فنلندا)

11- شكل الماء (أميركا)

12- ثلاث لوحات خارج ايبنغ (أميركا)

13- نهاية سعيدة- فرنسا

14- مدينة زد المفقودة (أميركا)

15- كوبا والمصور (أميركا) تسجيلي

16- سابيربيكون (أميركا)

أفضل الأفلام العربية

1– أخضر جاف (مصر)

2- زهرة الصبار (مصر)

3- على كف عفريت (تونس)

4- يوم من الأيام (مصر)

5- واجب (فلسطين)

6- الشيخ جاكسون (مصر)

7- القضية 23 (لبنان)

8- الرحلة (العراق)

9- تحقيق في الجنة (الجزائر) تسجيلي

10- ربيع (لبنان)

Visited 25 times, 1 visit(s) today