سمير فريد في “المصري اليوم”: جائزتان للموضوع على حساب الفن!
تعرض كل الأفلام الفائزة بالجوائز فى مهرجان برلين فى اليوم الأخير من أيام المهرجان فى عروض مفتوحة للجمهور بتذاكر، وهو تقليد رائع يعبر عن الاحترام الكبير للجمهور، حيث لا يجب أن يقرأ عن فوز هذا الفيلم أو ذاك ولا تتاح له مشاهدته فى نفس اليوم.
ولأننى لم أتمكن من مشاهدة عروض مسابقة الأفلام القصيرة التى احتفلت هذا العام بدورتها العاشرة، دفعت ٨ يوروهات لمشاهدة عرض الأفلام القصيرة الفائزة، وكانت القاعة ذات الألف مقعد كاملة العدد، فالأفلام قصيرة ولكنها أفلام.
جمهور برلين يصفق إعجاباً، وخاصة لوجود صناع الأفلام فى العروض، لكنه لا يصفر تعبيراً عن الاستياء، وإنما يغادر القاعة واجماً، وقد غادر جمهور ذلك العرض واجماً أشد الوجوم، فالأفلام كلها ليست جديرة بالفوز بأى جائزة.
إذا كانت هذه أفضل أفلام المسابقة تكون مصيبة، وإذا كان هناك أفضل منها ولم تفز، تكون المصيبة أعظم، وبما فى ذلك الفيلم البريطانى «عودة إنسان» إخراج الفلسطينى مهدى فليفل الذى فاز بجائزة لجنة التحكيم «الدب الفضى»، وجائزة الترشح لمسابقة الأكاديمية الأوروبية السنوية للسينما باعتباره من الإنتاج البريطانى.
ولد مهدى فليفل فى دبى عام ١٩٧٩، ونشأ فى مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين فى لبنان، وهاجر إلى الدنمارك فى شبابه ودرس السينما فى «مدرسة لندن للسينما»، وبدأ إخراج الأفلام، وكلها تسجيلية وقصيرة منذ عام ٢٠٠٣، وحقق فيلمه التسجيلى الطويل «عالم ليس لنا» عام ٢٠١٢ عن الحياة فى المخيم الذى نشأ فيه، نجاحاً دولياً لافتاً، ولكنه فى «عودة إنسان» يفشل بقدر نجاحه فى الفيلم المذكور.
يعود فليفل فى فيلمه الجديد إلى مخيم «عين الحلوة» مرة أخرى حيث يعبر عن حياة الشاب رضا الذى هاجر إلى اليونان ولكنه لم يتمكن من الحياة فيها، فعاد إلى المخيم، وقرر الزواج ومقاومة كل ظروف الحياة البائسة. ورضا مدمن مخدرات، ولكنه يعد حبيبته بالكف عنها بعد الزواج، وينتهى الفيلم بإتمام الزواج.
المشكلة أننا لسنا أمام عمل فنى جميل وممتع، فكل عناصر لغة السينما من سيناريو وتصوير ومونتاج رديئة إلى أبعد الحدود، والواضح تماماً أن تقدير الفيلم بجائزتين من جوائز المسابقة الأربع كان تعبيراً عن «التضامن مع اللاجئين» على حساب الفن، ولكن لجنة التحكيم التى اشتركت فيها الشيخة حور القاسمى، رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، والمخرج الإسرائيلى، آف مغربى، من أنصار السلام فى إسرائيل، لم تدرك أن رداءة الشكل تحول دون التضامن مع «القضية».