دعوة إلى تأسيس شركة للإنتاج السينمائي العربي المشترك

من مسلسل "افتح ياسمسم" من مسلسل "افتح ياسمسم"

للسينما تاريخ وفِي تطور ونمو متزايد، مثلما للمدن والمجتمعات، وكذا الحال للوعي والثقافة والمعرفة والحضارات، والهوية كذلك، فالمجتمعات والشعوب منذ القدم في تنافس دائم بقدر ما تتمتع به من اختلاف فيما بينهم، فالإنتاج او العطاء او المنجز الابداعي العلمي أو الجمالي يكاد يشكل علامة نابضة في مستويات الفرق والمنافسة بينهم.

وعلى امتداد الزمن اقترن المنجز العظيم (س) بالدولة (ص) وبما يشكل مبعث فخر وتميز لصانع المنجز وانتماءه لمجتمعه ودولته، ولا زلنا عندما نقول الإنكليز او الأميركيين او الألمان او الروس أو الأفارقة او العرب فهناك ثمة توصيف داخلي وخارجي لما تتمتع به هذه الشعوب والمجتمعات من سمات وخصائص وقدرات إبداعية متقدمة مختلفة في الطب والهندسة والاتصال والصناعة والرسم والنحت والكرافيك والعمارة والأدب والشعر والموسيقى والسينما والفضاء والكومبيوتر وغيرها.

 ونحن في هذا المدخل أردنا تأسيس الهدف الذي نسعى إليه في مقالنا الذي يحمل هكذا عنوان، فالعالم يتباهى ويعلن منجزاته الإبداعية الجمالية السينمائية مثلا بمهرجانات سينمائية كبيرة أصبحت علامة عرض راقية ومبهرة للمشاركين والفائزين ان لم تكن شهادة مشاركة إبداعية عالية المستوى.

ومحطة الأوسكار هي نقطة الانطلاق المهمة للعالم في ترويج الافلام التي تحمل الصور المتحركة بأنواع مختلفة من الافلام والأفكار والمفاهيم والرسائل التي تتضمنها، رغم بعض التحفظات على بعض آليات العمل في اختيارات لجان تحكيم الأوسكار التي تذهب الى ما لا تتوقعه احيانا، وتتجاهل ما تتوقع له الفوز احيانا أخرى.

ولكن، نحن نرى ونراقب السعي الحثيث لصناع السينما أفرادا وشركات ودولا ومؤسسات في الوصول إلى الأوسكار ومنهم من غير الناطقين بالإنكليزية وقد وصل العديد من الافلام في مجتمعات مختلفة نالت اعجاب العالم في منجزها السينمائي المتقن.

والاوسكار الأخير صفق للفيلم الكوري “طفيل” ومنحه العديد من الجوائز إضافة إلى بعض الافلام المشاركة من دول مختلفة، فصناعة فيلم لم تكن اعجازا ولا استحالة ابدا، وإنما لابد من توفر الإرادة والتصميم وتنسيق الخبرات المتطورة والتخطيط الدقيق والحرص الشديد على رفع اسم صانع الفيلم والبلد والمجتمع والشعب والهوية وما ينتمي اليه، بما ينال اعجاب العالم واحترامه للقدرات الإبداعية.

ولنا كبير الإعجاب بالتجربة العربية الفريدة في الإنتاج المشترك التي أنتجت العمل الناجح الشهير “افتح يا سمسم” وأعمالا اخرى والذي حقق سمعة إنتاجية فنية وابداعية عالية المستوى ولما توفرت فيها من عناصر التكامل والجمال في إظهاره بهذا النوع من الإنتاج.

ونحن في اشارتنا هذه ننظر بعين الأمل الكبير لمؤسسة المنتجين العرب الموقرة في الانتقال إلى مرحلة أكثر دفقا وإنتاجا، وبما يحقق ما نرجو اليه، ونحن العرب بكل اختلافاتنا وتعدد سياساتنا وطبيعة مستوياتنا المختلفة.

 ولكن انطلاقا من المشتركات المتعددة المتوافقة المنسجمة والمتآلفة بيننا نرى انه ليس من الصعب والمحال أن نسعى إلى سياسة الإنتاج السينمائي العربي المشترك وتفعيل مؤسسة إنتاج عربي قائمة على رأس مال مشترك بين الدول العربية مع تخطيط مبرمج لاستثمار القدرات العربية المختلفة في كتابة النصوص والإخراج والانتاج والتمثيل والعناصر التقنية والفنية المساهمة وباتفاق واع قائم على التفاعل الحقيقي والتعاون المثمر خال من الانانية والتعصب والحرص الكبير على قيادة وإدارة الطاقات السينمائية المختلفة بين دولنا العربية.

وقد يقتصر الانتاج على دولتين أو أكثر او مؤسستين أو أكثر وبحسب ما تتوفر من عناصر اكتمال العملية الإنتاجية برمتها مع ضرورة الاحتكام إلى آراء كبار المستشارين المختصين وخاصة باختيار المواضيع والافكار الداعية إلى الحياة واحترام الانسان والسلام والحرية والمحبة والجمال والانسانية والتسامح بعيدا عن الإرهاب والتعصب والتشدد، وصناعة سينما تظهر الوجه المشرق لأخلاق العرب وعلماء العرب ونعمة العرب ولغة العرب وجمال العرب وحضارة العرب وقصص العرب بما تحمل من قيم روحية وإنسانية وأخلاقية.

 ان مؤسسة الإنتاج السينمائي العربي المشترك، جديرة باستقطاب أرقى واروع التجارب السينمائية المتطورة المعروفة في بعض البلدان العربية ودعمها وتطوير مستوياتها مع العمل على تأهيل التجارب المتواضعة نحو النمو والتطور، وكذلك، وبما يساعد على فتح مركز عربي للتدريب والتأهيل، وبما يشمل كوادر الدول العربية المساهمة في هذه المؤسسة.

بقي أن نقول أن رأس المال الذي ينفق على فيلم ما يعرض في صالات متعددة في الدول المساهمة، وأن شباك التذاكر هو الكفيل في استرجاع أرباح الفيلم وتعزيز الرصيد المرجو للمؤسسة باشتراط كبير ان مستويات صناعة مثل هذه الافلام يجدر بها ان تكون انواعا متقنة ومتقدمة وتحمل سمات الابداع بمواصفات عالية الجودة في المنافسة بحقول متعددة في السيناريو والإخراج والتمثيل والإنتاج والمونتاج والمؤثرات والموسيقى والديكور والمكياج وبقية العناصر.

ولرب أحد يسأل، ان سمة العرب قد تلغي سمة العاملين، ابدا لا تلغى جهود من أبدع باختصاص ما، قد ينال الجائزة الفيلم العربي (ع) مثلا للمخرج العراقي او المصري او السوري أو السعودي.. الخ وكذا الحال في توصيف الكاتب والممثل وغيرها من المشاركات التي ساهمت في صناعة فيلم عربي وصل إلى الأوسكار، وبما يقودنا إلى ما يمكن أن نحلم به وهو هذه السنة الأوسكار للعرب.

Visited 53 times, 1 visit(s) today