جيهان نجيم مخرجة فيلم “الميدان”: مصر لم تعد كما كانت!
بعد ثلاث سنوات من خوض المخرجة الأمريكية المصرية جيهان نجيم بين الحشود في ميدان التحرير لتوثيق الأحداث المبكرة للثورة تقول نجيم إن مصر لم تعد كما كانت برغم صعوبة الفترة الانتقالية.
وسيعرض فيلمها “الميدان” الحائز على جوائز على جمهور كبير لأول مرة الاسبوع القادم من خلال شركة نتفليكس التي تعرض الأفلام عن طريق الإنترنت ولها 40 مليون مشترك.
وقالت نجيم لرويترز “يشعر الجميع بأن هذه عملية شديدة الأهمية كان ينبغي أن تحدث ولن نعود أبدا إلى ما كنا عليه قبل ثلاث سنوات.”وأضافت “البلد كله تلقى تثقيفا سياسيا”.
وربما يبدو فيلم “الميدان” بالنسبة للمشاهد دورة دراسية مكثفة في فهم مصر اليوم يقوم بالتدريس فيها المحتجون الذين بدأوا التجمع أول الأمر في ميدان التحرير في يناير كانون الثاني 2011 للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك الذي دام ثلاثة عقود.
أما بالنسبة إلى نجيم (39 عاما) صاحبة الفيلم الوثائقي “غرفة التحكم” الذي يدور حول تغطية قناة الجزيرة الاخبارية ونال إشادة واسعة فقد كان “الميدان” درسا في الصبر وتحديد لحظة انتهاء الفيلم. فعندما حضرت مهرجان صندانس السينمائي لتتسلم جائزة الجمهور عن فيلم “الميدان” قبل نحو عام كانت نجيم قد قررت بالفعل أن عليها العودة إلى مصر لمواصلة التصوير.
وتناول الجزء الذي عرض في مهرجان صندانس سقوط مبارك وانتهى بانتخاب قيادي جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي رئيسا في منتصف 2012. لكن بعد ذلك عاد المحتجون للشوارع في مطلع 2013 وعزل الجيش مرسي في يوليو.
وقالت نجيم “كان مرسي يستخدم أدوات الديمقراطية ليصنع بالأساس دكتاتورية أخرى.. دكتاتورية تعتمد هذه المرة على التلاعب بالناس بواسطة الدين”.
وهي ترى أن التحول في الأحداث جعل القصة التي تريد روايتها أكثر تشويقا
.
وقالت “أصبح الأمر يتعلق بمكافحة الفاشية.. سواء أكان وجهها هو مبارك أم الجيش أم الاخوان المسلمين
.”
وفي هذا الصراع وجدت جيهان سريعا مجموعة من الشخصيات في ميدان التحرير من خلفيات مختلفة مما سمح لها بأن تبني من البداية سردا قائما على الشخصيات.
ويركز الفيلم على ثلاث شخصيات: أحمد حسن وهو رجل من الطبقة العاملة في أواسط العشرينات يتسم بالدهاء لكنه يواجه صعوبة في الحصول على وظيفة وخالد عبد الله وهو ممثل بريطاني مصري في أواسط الثلاثينات ويمثل جسرا بين النشطاء والاعلام الدولي ومجدي عاشور وهو عضو في جماعة الاخوان المسلمين في منتصف الأربعينات تعرض للتعذيب في عهد مبارك ويمر بأزمة ثقة بخصوص الثورة والاخوان.
وقالت نجيم “عندما تصنع مثل هذه الأفلام لا تحصل على تمويل .. نحن نعمل بالأساس بأقل الامكانات .. نحن هناك نتابع الناس لعامين أو ثلاثة أعوام”.
وأضافت “لذا فمن الأفضل أن تشرك العالم في معرفتك بأناس يستحقون المعرفة”.
وجمعت نجيم التي نشأت في مكان يبعد عشر دقائق من ميدان التحرير طاقم العمل معها من الميدان مدركة أنه لا يمكنها الاستعانة بأناس من الخارج وتطلب منهم تحمل مخاطر التصوير في وسط الثورة.
وقالت “كل واحد من فريق فيلمنا إما طاردته الشرطة أو الجيش في الشارع أو قبض عليه أو تعرض لإطلاق النار في مرحلة ما”.
ووصف الناقد السينمائي بصحيفة لوس انجليس تايمز كينيث توران الفيلم بأنه “نظرة ثاقبة من الداخل” وقال إنه “ما كان ليوجد لولا عزيمة المخرجة جيهان نجيم وحماسها”.
ونال “الميدان” جائزة الفيلم الوثائقي بمهرجان تورونتو السينمائي في سبتمبر كما حصل على جائزة أفضل فيلم من الرابطة الدولية للأفلام الوثائقية الشهر الماضي وهو ضمن 15 فيلما وثائقيا تأهلت لقائمة مختصرة للمنافسة على جائزة الأوسكار قبل إعلان الترشيحات في 16 يناير.
وربما كان الأكثر أهمية أنه أول فيلم وثائقي كبير تستحوذ عليه نتفليكس في إطار استراتيجيتها لتكوين مجموعتها من البرامج الأصلية.
وتبدأ نتفليكس عرض الفيلم في جميع المناطق في 17 يناير ووافقت على السماح بعرضه في دور العرض السينمائي فيما يتراوح بين ثماني وعشر مدن أمريكية. وسيتم توزيعه أيضا في البلدان التي لا تعمل فيها نتفليكس.
لكن من ناحية أخرى ثمة مكان واحد مهم لا يمكن فيه عرض الفيلم حتى الآن ألا وهو مصر.
وقدم الفيلم إلى هيئة الرقابة على المصنفات الفنية وتنتظر نجيم التصريح بعرضه منذ ثلاثة أشهر تقريبا.
وهي إذ تدرك دقة الموقف تتحدث بحرص عن الأوضاع الحالية في البلاد حيث قد تجرى الانتخابات الرئاسية في ابريل نيسان على أقرب تقدير.
وقالت “أهم شيء بالنسبة لنا ولكل فريقنا من المخرجين المصريين هو أن يعرض هذا الفيلم في مصر. لذلك سنفعل كل ما بوسعنا من أجل هذا.”